مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في السودان مثار جدل في جنيف
عرضت المقررة الخاصة حول أوضاع حقوق الإنسان في السودان السيدة سيما سمر يوم الثلاثاء 16 يونيو تقريرها أمام الدورة الحادية عشر لمجلس حقوق الإنسان في جنيف مستعرضة أوجه التحسن والتعاون الذي أبدته الحكومة السودانية في بعض المجالات ولكنها شددت على النقائص في بعض المجالات والتراجع المسجل في مجالات أخرى مثل حرية العمل الإنساني وحرية الصحافة والتعبير.
وقد كان النقاش التفاعلي الذي تلا عرض التقرير فرصة بالنسبة للمجموعات المتواجدة في المجلس لإعادة توضيح مواقفها من موضوع كثيرا ما أثار الجدل ويتعلق بمدى ضرورة استمرار مهمة المقرر الخاص أو مواصلة مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في هذا البلد العربي والإفريقي بشكل من الأشكال.
ومن المحتمل أن يتم الحسم في هذا الموضوع من خلال التصويت لاحقا على مشروعي قرارين قُدّم الأول باسم الاتحاد الأوروبي وعُرض الثاني باسم المجموعة الإفريقية.
تحسن ولكن…
في كلمتها المختصرة أمام المجلس شددت المقررة الخاصة على التذكير بالتطورات الإيجابية التي حصلت في السودان منذ زيارتها السابقة، مثل توقيع الخرطوم على معاهدة الأمم المتحدة للأشخاص ذوي الإعاقات في أبريل 2009. كما أشارت الى بعض التحسن المحقق في مجال إصلاح القوانين وبالأخص اعتماد قانون لجنة حقوق الإنسان، وأشادت بدخول قانون حقوق الإنسان في المناطق الجنوبية حيز التطبيق بالإضافة إلى قوانين ملكية الأرض.
واعتبرت المقررة الخاصة أن الحكومة السودانية اتخذت خطوات إيجابية هامة شملت تنظيم عدد من الملتقيات حول حقوق الإنسان بالتعاون مع المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان والمؤسسات الأممية العاملة في السودان. ونوهت المقررة الخاصة إلى وجود محاولات – حتى في دارفور – من طرف لجان مناهضة العنف القائم على أساس الجنس في شمال وجنوب الإقليم، تحاول معالجة بعض المعضلات القائمة مثل المشاكل الجنسية أو أعمال العنف القائم على أساس الجنس، وهذا بمساعدة مؤسسات نظام الأمم المتحدة.
لكن المقررة الخاصة ترى في المقابل أن “السودان يواجه تحديات ميدانية في مجال حقوق الإنسان، خصوصا في مجال الحق في الحياة، وأمن الأشخاص، وتحكيم العدالة عند ارتكاب انتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان في البلاد”، وأشارت السيدة سيما سمر إلى “الإستمرار في التوصل بتقارير عن اعتقالات تعسفية، وإدعاءات بممارسة التعذيب والمعاملة غير اللائقة في حق المدافعين عن حقوق الإنسان وعمال الإغاثة، تقوم بها قوات الأمن وبالأخص جهاز المخابرات”. كما لفتت إلى أن هذه العمليات امتدت في الآونة الأخيرة لكي تستهدف “حتى موظفين محليين يعملون مع بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في السودان”.
وطالبت المقررة الخاصة في مداخلتها أمام مجلس حقوق الإنسان السلطات السودانية “بتحسين وصول مسؤولي حقوق الإنسان ببعثتي الأمم المتحدة في السودان “يوناميس” و”يوناميد” لكل أماكن الاعتقال”، كما عبرت عن “القلق تجاه الرقابة المفروضة على الجرائد والعراقيل التي يتعرض لها الصحفيون والمدافعون عن حقوق الإنسان وأعضاء الأحزاب المعارضة في التعبير عن آرائهم بحرية”.
أما في إقليم دارفور، فترى المقررة الخاصة أنه “رغم جهود الحكومة الرامية لحماية المدنيين، هناك مواصلة لهجمات مباشرة وغير مباشرة من قبل قوات الأمن والميليشيات المدعومة من قبل الحكومة، والمجموعات المسلحة”، مشيرة إلى وفاة ثلاثة افراد من قوات حفظ السلام منذ الزيارة الأخيرة لها للبلاد.
وذكرت السيدة سيما سمر أيضا بالتوصيات التي قدمتها للحكومة من أجل “فتح تحقيق ونشر نتائج التحقيقات وتقديم الجناة للمحاسبة في قضايا أبيي وجريدة وكجبر وبورتسودان وتوريت”.
تقرير “غير متوازن”
رغم محاولات إبراز بعض التقدم التي أوردتها المقررة الخاصة على الأقل في تدخلها أمام المجلس، اعتبر السيد عبد الدايم زمراوي، رئيس وفد السودان إلى جلسات مجلس حقوق الإنسان في جنيف أن التقرير “أخفق في تقديم صورة حقيقية لأوضاع حقوق الإنسان في السودان”.
وبعد أن عدّد المندوب السوداني الجهود المبذولة على المستوى السياسي لحل الصراعات في جنوب وشرق وغرب البلاد والإصلاحات القضائية والإنتخابية مثل تخصيص حوالي 25% من المقاعد للمرأة، لفت إلى أن “هناك قانون الصحافة الصادر في عام 2009 الذي يؤكد حرية الصحافة وحماية الصحفيين ومنع الإيقاف الإداري للصحف وإحالة النزاع معها للقضاء”.
وفيما يتعلق بإصلاح القضاء، أفاد السيد عبد الدايم زمراوي بأن “القانون السوداني عُدّل لكي يشمل جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية بتعريفاتها وأقسامها المعترف بها دوليا”.
أخيرا، وفي انتقاد مباشر للمقررة الأممية، أوضح رئيس الوفد السوداني أن “المقررة الخاصة ظلت تهمل في تقاريرها الإهتمام بالجهود السلمية المتكررة في دارفور وكذلك تجاهل الحركات المسلحة للتفاوض..”.
محمد شريف – جنيف -swissinfo.ch
تميز النقاش التفاعلي الذي تلا عرض تقرير المفوضة السامية بانقسام الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان بين مؤيد لتمديد مهمة المقرر الخاص بشكل من الأشكال ومعارض لها.
السيد عبد الدائم زمراوي، رئيس الوفد السوداني اعتبر أن “استمرار تفويض المقرر الخاص يعني عدم اعتراف المجتمع الدولي بالتقدم المستمر في مجال حقوق الإنسان في السودان خاصة في مجال التشريع وإنشاء الآليات الوطنية والدولية لمراقبة حقوق الإنسان..”، وأضاف المسؤول السوداني أن “تواجد بعثتي الأمم المتحدة يوناميد ويوناميس وأكثر من سبعين مراقبا يعملون على الأرض لإعداد تقارير عن وضع حقوق الإنسان، يعني أن هذه هي الآليات الحقيقية على الأرض وذات الصلة المباشرة والمستمر بالمواطنين”.
هذا التوجه تؤيده الدول الإفريقية التي تقدمت بمشروع قرار يكتفي بتعداد أوجه التعاون التي تقوم بها الحكومة السودانية مع آليات حقوق الإنسان وحث هذه الأخيرة على تقديم الدعم التقني لحكومة الخرطوم.
في مقابل هذا المشروع، تقدم الإتحاد الأوروبي بمشروع قرار يدعو إلى تخصيص خبير لمتابعة تطبيق القرارات والتوصيات الصادرة عن الأمم المتحدة وآلياتها بخصوص أوضاع حقوق الإنسان في السودان.
وسيعرض المشروعان قريبا على تصويت الدول الأعضاء في المجلس في حال عدم التوصل إلى حل وسط يُوفق بينهما.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.