مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مراقب سويسري لانتخابات تونس يعبّر عن ثقته في كفاءات القائمين عليها

انطلقت الحملة الانتخابية في تونس يوم 1 أكتوبر 2011 بمشاركة 81 حزبا في بلد كانت فيه 90% من الأصوات تُحصد في عهد الرئيس المخلوع بن علي من قبل حزبه الحاكم Keystone

عـيــّن مجلس أوروبا النائب الاشتراكي السويسري أندرياس غروس رئيسا لوفده البرلماني المكلف بمراقبة سير انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي ستجري في تونس يوم 23 أكتوبر 2011.

وقد استضافت تونس العاصمة يومي 28 و29 سبتمبر الماضي أول اجتماع لفريق العمل “الاتحاد الأوروبي-تونس”. وأعلنت المفوضية الأوروبية في اليوم الموالي في بروكسل أن الاجتماع توصل إلى سلسلة من التدابير الملموسة الهادفة إلى مساعدة تونس على إنعاش اقتصادها ودعم تحولها نحو مستقبل ديمقراطي.

وأضاف البيان الصادر عن المفوضية الأوروبية أن فريق العمل – الذي ترأسه كل من الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي كاثرين آشتون ورئيس الوزراء التونسي الباجي قائد السبسي – تأسس بهدف تنسيق الدعم الأوروبي والدولي كي تكون المساعدة لتونس أكثر سرعة وأكثر نجاعة. ويتوقع أن تقارب قيمة المساعدة المالية التي سيخصصها الاتحاد الأوروبي لتونس 4 مليار يورو في الفترة 2011-2013.

ومع أن سويسرا ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، شاركت في الاجتماع الأول لفريق العمل “الاتحاد الأوروبي-تونس” – مــُمــَثلة برئيسة الكنفدرالية ووزيرة خارجيتها ميشلين كالمي ري التي ألقت يوم 28 سبتمبر خطابا قالت فيه: “لقد قرر بلدي أن يدعم بطريقة ملموسة وهادفــة مسار التحول التاريخي الجاري حاليا في تونس، من خلال شراكة وثيقة مع السلطات المحلية. وتهدف جهودنا المشتركة إلى تعزيز الهياكل الديمقراطية لدولة القانون وإلى ظهور قطاع خاص مستدام”.

ومع اقتراب موعد انتخابات المجلس التأسيسي، يشتد الاهتمام الغربي، والاوروبي خصوصا، بسير العملية الديمقراطية في تونس، حيث أرسل الاتحاد الأوروبي بعثة لمتابعة الانتخابات تتكون من 130 مراقبا من 26 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي من بينهم 54 مراقبا على المدى الطويل يتابعون مرحلة ما قبل وأثناء الانتخابات وما بعدها. وينتظر أن يبدأ 66 مراقبا على المدى القصير عملهم في منتصف شهر أكتوبر الجاري، علـما أن مهمة بعثة الاتحاد الأوروبي تتلخص في مجرد الملاحظة “دون أدنى تدخل” حسب تصريحات أدلى بها ميكاييل غلير، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمتابعة الانتخابات التونسية يوم 21 سبتمبر الماضي في تونس.

وبالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، تتابع دول مثل النرويج وكندا والولايات المتحدة سير العملية الانتخابية، إضافة إلى ممثلين عن الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا. وفي حديث خص به swissinfo.ch، أكد النائب الاشتراكي السويسري أندرياس غروس، رئيس وفد مراقبي مجلس أوروبا لانتخابات تونس المقبلة أن “الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا أقامت منذ نجاح الثورة التونسية في منتصف شهر يناير الماضي اتصالات وثيقة بهياكل الثورة والمسؤولين عنها وعن المرحلة الانتقالية”، منوها إلى أن “عملية مراقبة فترة ما قبل الانتخابات وما بعدها والاتصالات الشخصية بيننا تعبر عن دعم الجمعية القوي لتونس الجديدة”.

وفيما يلي نص الحوار المكتوب الذي أجرته معه swissinfo.ch بهذه المناسبة. 

swissinfo.ch: ما هي المهام الرئيسية المناطة ببعثة وفد المراقبين البرلمانيين الأوروبيين للانتخابات التونسية؟

أندرياس غروس: إن شرعية المجلس التأسيسي الذي سيُنتخب يوم 23 أكتوبر 2011 أمر أساسي للغاية بالنسبة لمستقبل وديمقراطية تونس الجديدة. ونحن نود، من خلال عمل البعثة الذي انطلق قُبيل الانتخابات، في منتصف شهر سبتمبر الماضي، ومن خلال مراقبتنا لسير الانتخابات، المساهمة في مسار صحيح وشامل ومتوازن على النحو المطلوب، وفقا للمعايير المحددة من قبل مجلس أوروبا، لـكي لا تكون شرعية المجلس التأسيسي موضع شك أو تساءل من أي طرف كان. هذا المسار هو الأمر الحاسم.

 

يوم 23 سبتمبر الماضي، انتقلت سبع فرق مراقبين على المدى الطويل من العاصمة تونس إلى دوائر انتخابية واقعة في أكثر المناطق عزلة في البلاد. هل تعتبر الإمكانيات التي وضعت رهن إشارتها كافية؟

أندرياس غروس: إن فرق المفوضية الأوروبية هي التي تعوض فرق “مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان” (ODHIR) التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) عندما يتعلق الأمر بمراقبة الانتخابات في بلدان خارج عضوية المنظمة السالفة الذكر.

وإنه لأمر جيد التوفر على سبع فرق في الجهات لمدة شهر كامل لإجراء عمل مراقبة على المدى الطويل، لاسيما أن الحملة الانتخابية لا تستغرق سوى ثلاثة أسابيع (من 1 إلى 21 أكتوبر) في تونس. بطبيعة الحال، يــمكن دائما القيام بجهد أكبر وبطريقة أفضل، ولكنني فعلا ممتن جدا للاتحاد الأوروبي على مشاركته وعلى استعداده لـتقاسم تحاليــله معنا (علما أننا نعتمد دائما على المراقبين على المدى البعيد).

شاركتم في عدة بعثات مماثلة في منطقتي البلقان والقوقاز. ما هي أوجه التشابه والاختلاف بين تلك الحالتين ومرحلة التحول الديمقراطي التي يعيشها التونسيون حاليا؟

أندرياس غروس: هذا السؤال وجيه جدا ومثير للاهتمام. إن العديد من بعثات المراقبة الـ 57 التي شاركت فيها منذ عام 1995 جرت في بلدان كانت تعيش مرحلة ما بعد الشيوعية والاستبدادية حيث تمت مصادرة الساحة السياسية الجديدة من قبل مجموعات أوليغاركية (حكم القلة) حاولت التلاعب بالانتخابات وغشها وتقويضها بغرض الحصول على مناصب في البرلمان.

وفي تونس، أشعر بقوة وقدرة الثوريين والمجتمع المدني وخاصة اللجان الثلاث التي تم تشكيلها للحفاظ على مكتسبات الثورة والتي لم تكتفي بالإعداد للانتخابات، بل جهزت أيضا قوانين خاصة بالأحزاب وبالتمويل، وهذا ما أحدث فرقا هائلا.

إن الإطار الذي تتم داخله الانتخابات – وهي أولى انتخابات حرة بالفعل منذ استقلال تونس عام 1956 – هو إطار متين بشــكل خاص. فالمنافسة متوازنــة ومحترمة، والعملية الانتخابية ستكون أكـثر جدية وستحظى بقدر أكبر من الاحترام مقارنة مع عدد كبير من بلدان الكتلة الشيوعية السابقة حيث كانت التحولات بمثابة تصفية حسابات بين مجموعات مختلفة من النخب أكثر مما كانت ثورات حقيقية تهدف إلى تقاسم السلطة مع الشعب (وليس حصرها فقط بين النخب).

ما هو تقييمكم للاستعدادات التي تخوضها منذ أشهر الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات في تونس، أول هيئة مكلفة بالإشراف على الانتخابات منذ استقلال البلاد عن فرنسا عام 1956؟

أندرياس غروس: إن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هي وليدة هذه اللجان للحفاظ على المكاسب الثورية. لقد التقينا بمسؤولين من هذه الهيئة وانبهرنا بطريقة عملهم، وبانفتاحهم، وبسهولة الوصول إليهم، وبحساسيتهم في التعامل مع الصعوبات. إن عمل الهيئة ليس سهلا، ولكن أعضاءها يقومون بعمل رائع من شأنه أن يخدم الديمقراطية والقضية المشتركة في تونس.

إذا ما لاحظتم أية تجاوزات أو محاولات غش أو أوجه فشل أخرى… وإذا ما لم تقم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات و/أو الحكومة بأي شيء، كيف سيكون رد فعلكم؟

أندرياس غروس: إن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هي المسؤولة عن العملية الانتخابية وهي مستعدة للاستماع إلينا وللرد على كافة ملاحظاتنا واعتباراتنا. لقد سبق أن تصرفوا على هذا النحو وأنا متأكد من أنهم سوف يستمرون في فعل ذلك خلال الأسابيع التي تسبق الانتخابات والأسابيع التي ستليها أيضا. إن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات – شأنها شأن معظم الهيئات والشخصيات الثورية الأخرى – فخورة جدا وتتمتع بثقة صحية بالنفس، ولكنها في الآن نفسه منفتحة على النصائح الجيدة والانتقادات البناءة، والتي لن يتم تجاهلها.

هل سيكون التقييم النهائي للدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (والبلدان الشريكة في المهمة مثل سويسرا والنرويج) لصحة نتائج أولى انتخابات حرة في تونس بعد إسقاط نظام بن علي مرتبطا بالتقارير التي ستعدونها؟

نحن نمثل المنظمة (أي مجلس أوروبا) التي تضم في عضويتها 47 دولة تشمل بلدان الاتحاد الأوروبي ودولا خارج هذا الاتحاد. وعمليات تقييم الانتخابات، سواء تلك التي تقوم بها كافة المنظمات الدولية، أو تلك التي تنجزها بلدان بشكل منفرد لا تتجاهل أبدا تقاريرنا التي تقوم على أساس العمل المتواصل والدائم، ولا تقتصر على بضعة أيام من الحضور الميداني!

يشغل الاشتراكي اندرياس غروس (59 عاما) مقعد نائب في مجلس النواب السويسري منذ عام 1991.


يظل معروفا في سويسرا بأنه “أب” أول مبادرة شعبية طالبت بإلغاء الجيش عام 1989. لكن اهتمامه يتركّـز الآن على حماية وتوسيع مجال الحقوق الشعبية.


التحق اندرياس غروس بالمجلس البرلماني لمجلس أوروبا في يناير 1995، وهو يناضل من خلاله من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان واحترام الديموقراطية.

أتاحت له هذه العضوية المشاركة في مراقبة سير الانتخابات في عدة بلدان، وخاصة الرئاسيات الأخيرة في فرنسا والولايات المتحدة، إضافة إلى اقتراعات أخرى في بلدان أوروبا الشرقية ومنطقتي البلقان والقوقاز.

يترأس مجموعة المراقبين التابعين لمجلس أوروبا لمتابعة سير أول انتخابات ديمقراطية لاختيار مجلس تأسيسي يوم 23 أكتوبر 2011 في تونس بعد إسقاط نظام زين العابدين بن علي.

تبرعت سويسرا بـ 12000 صندوق اقتراع لتونس لمساعدة هذا البلد المغاربي على إجراء انتخابات المجلس التأسيسي في وقت لاحق من هذا الشهر.

وسوف تتزامن الانتخابات التونسية مع إجراء الانتخابات البرلمانية السويسرية يوم 23 أكتوبر الجاري، وستكون أولى انتخابات حرة تشهدها تونس منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وفي تصريحات نشرتها نسخة يوم الأحد 2 أكتوبر 2011 من صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” الرصينة (تصدر بالألمانية في زيورخ)، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية السويسرية أدريان سولبيرغر: “يمكن أن تساعد المواد الانتخابية عالية الجودة على تعزيز ثقة الجمهور في دقة العملية الانتخابية”.
 
وبالإضافة إلى صناديق الاقتراع التي تم إنتاجها في تركيا والدنمرك، أرسلت سويسرا لتونس أيضا أختاما وطوابع وغيرها من اللوازم  للمساعدة في العملية الانتخابية.
 
وقررت السلطات السويسرية التبرع بتلك اللوازم التي تناهز تكلفتها نصف مليون فرنك سويسرا، كجزء من إسهاماتها في مشاريع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
 
ويذكر أن الحكومة السويسرية كانت قد قررت في شهر مارس الماضي دعم البلدان التي حل بها الربيع العربي في مسيرة انتقالها من الديكتاتورية إلى الديمقراطية.

(ترجمته من الفرنسية وعالجته: إصلاح بخات)

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية