مصر 2010.. تحدياتُ مُرَحّـلَةُ من 2009
"الفَـقر والبطالة وارتِـفاع أسْـعار السِّـلع الأساسية.. بُـعبُـع أنفلونزا الخنازير والجدل حول النقاب.. حـالة الاحتقان الديني.. الصراع بين الحكومة والإخوان.. الاستعداد للانتخابات التشريعية المُـقرّرة في أكتوبر 2010 وسجالات الترشح للانتخابات الرئاسية المقرّرة في 2011.. الدّور الإقليمي لمصر والجدار الفولاذي العلاقات المصرية العربية".
تلك هي أهم التحدِّيات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدِّينية، المُرَحّـلَة من عام 2009 والتي ستُـواجهها مصر في عام 2010 الجاري.
وفي محاولة منها للوُقوف على هذه التحديات وإلقاء الضوء على الجدل الدَّائر حوْلها، التقت swissinfo.ch عددًا من الخُـبراء المصريين المتخصِّصين في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدِّينية وهم: الباحث والمفكر القبطي الدكتور رفيق حبيب، والخبير الاقتصادي ممدوح الولي، نائب مدير تحرير القسم الاقتصادي بصحيفة الأهرام المصرية، ونجلاء محفوظ، الخبيرة الاجتماعية، وضياء رشوان، الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام والخبير في شؤون الحركات الإسلامية، والسفير الدكتور عبد الله الأشعل، المساعد الأسبق لوزير الخارجية.
حالة الاحتِـقان الدِّيني
فتحت أحداث نجع حمادي، جنوب مصر، والتي وقعت في نهاية عام 2009، مجّددا ملف الاحتِـقان الدِّيني بين المسلمين والمسيحيين. ويرى الدكتور رفيق حبيب أن “حالة الاحتقان الدِّيني مُـستمرة منذ سنوات وأنها ستستمِـر لسنوات قادمة، ما لم تظهر بوادِر لتغيير الموْقف وتهدئة الأمور بشكل إيجابي”، مُـعتبرًا أنه “ليست هناك مؤشِّـرات إيجابية لتراجُـع الاحتِـقان الدِّيني، التي زادت بشدّة عقِـب حادث نجع حمادي”، متوقِّـعا “تِـكرار أحداث العُـنف الطائفي وبُـروزها، كأحد أهم التحدِّيات التي ستُـواجهها مصر في 2010”.
وأوضح حبيب أن ما حدث في نجع حمادي يُـعمِّـق حالة الاحتقان الدِّيني ويوصل حالة العُـنف الدِّيني لمرحلة يُـمكن تسميتها بـ “العنف العَـشوائي”، وهو ما يعني أن العنف سيتكرّر ويزيد ويتّـسع بشكل عشوائي، مِـمّا يؤدّي لاحتمالات قد تصِـل بالمجتمع إلى مرحلة لا نهائية من العُـنف، وهو ما يُـساهم في نقل “حوادث” العُـنف الدِّيني إلى حدِّ “الظاهرة”.
ويرى حبيب أن “هناك ثلاثة مؤسسات تتحمّـل مسؤولية وقْـف العُـنف الدِّيني، أولها، الدولة التي لابُـد وأن تطبِّـق القانون على الجميع، وهو ما لا يحدث، ثم عليها أن تعبِّـر عن المجتمع ووحدته وتنتمي إليه، وهذا أيضًا لا يحدُث، لأن هناك انفِـصال شديد بين الدولة والمجتمع، وهو سبب عجْـزها عن القِـيام بمهامِّـها.
وثاني المؤسسات، هم رجال الدِّين، مسلمون أو مسيحيون، وهؤلاء دوْرهم أكبر وأهَـم لأنهم ينشرون الخِـطاب الدِّيني بين المواطنين وقد يقدِّموا خطاباً يحمِـل ألوانًا شتّـى من التعصُّـب أو خطاباً يحمِـل معاني الالتِـفاف والوِحدة بين المصريين، وليس على أساس طائفي أو دِيني، مُـعتبرا أن “مِـنهم مَـن يُـساهم في إشعال العُـنف ومنهم مَـن له دور كبير في الاحتقان الدِّيني، وهؤلاء عليهم تهدِئة الموقِـف، حتى لا نصِـل إلى مرحلة يصعُـب فيها الحلّ.
وثالث المؤسسات، هي قِـوى المجتمع المدني، وهي مُـغيَّـبة بفعل الاستِـبداد السياسي الذي تشهده البلاد حاليا، وبالتالي، لا توجد رموز أو حُـكماء من طوائف المجتمع يُـمكنها قيادة المجتمع للوِحدة عبْـر توحيد الخِـطاب أو يكونوا قادرين على توجيه المجتمع إلى استعادة وّحدته مرّة أخرى.
ويرى الدكتور حبيب أن “المجتمع المصري لن يستعيد وِحدته إلا باستعادة حرية العمل السياسي وتكوين قوى معبِّـرة عنه، تكون قادرة على مواجهة أي تعصّـب تشهده البلاد في المستقبل ومواجهة حالة الاحتِـقان الدِّيني واستعادة الوِحدة الوطنية، كما كانت أيام ثورة 1919، وغيرها من التحدِّيات التي واجهها الشعب المصري يدا واحدة.
وردّا على ما يُـقال من أن ما حدَث لا يعْـدو أن يكون فرديا وطارئا وأن المجتمع المصري لا يزال متماسِـكا؛ قال حبيب: “التعايُـش ما زال موجودا بالفعل ولا نستطيع إنْـكاره، لكن الاحتقان الدِّيني أدّى إلى جرْح غائِـر، مسّ المصريين وأثّـر على حالة التعايُـش ورسب صورة سلبية لدى كلّ طرف عن الآخر”، معتبرا أن “ما يحدُث في مصر من عُـنف دِيني هو “ظاهرة” وليس أحداثًا فردية، كما أنه يؤثِّـر بشكل قوي على التعايش بين المسلمين والمسيحيين”.
التحديات الاقتصادية
وحول التحدِّيات الاقتصادية التي تُـواجهها مصر في عام 2010، أوضح ممدوح الولي أن “الفقْـر والبطالة في مقدِّمة التحديات المؤجّـلة في خُـطط الحكومة لعام 2010، حيث اكتفت الحكومة برفْـع قيمة معاشات الضَّـمان الاجتماعي بنِـسبة 25% مع بداية 2010 ليُـصبح الحدّ الأقصى لمَـعاش للأسْـرة (4 أفراد) 160 جنيه شهريا (ما يعادل 29 دولارًا)، وهو مبلغ لا يتناسب مع نِـسب التضخُّـم الهائلة في أسعار السِّـلع الغذائية التي زادت بنسبة 20% خلال شهر ديسمبر 2009. أما المساعدات التي تقدِّمها الحكومة للفقراء؛ مثل معاش السادات ومساعدات وزارة الأوقاف ومعاشات الضّـمان الاجتماعي، فلم تزِد رغم انخِـفاض قيمتها وارتفاع الأسعار.
وحول انخفاض أسعار بعض السِّـلع في نهاية 2009 وإمكانية استمرار الانخفاض في 2010، قال الولي: “اتَّـجهت غالبية أسعار السِّـلع الأساسية للانخِـفاض بنهاية العام، عدا السمك والدواجن والسكر والبُـن والكاكاو والشاي، إلا أن المتوسطات السّـعرية خلال العام الماضي والتي تمثل انخفاضا بالمقارنة لمتوسّطات أسعار العام السابق، لم تستمر في الهُـبوط خلال الربع الأخير من العام، حيث اتّـجهت أسعار غالبية تلك السِّـلع للصعود مرة أخرى”، متوقّـعا “استمرار مسيرتها الصعودية خلال العام الحالي”.
وعن البطالة، ذكَـر الولي أن “الحكومة تحلّ المشكلة بطريقتها الخاصة بالتلاعب في نسب البطالة وإصدار أرقام غير حقيقية، من خلال احتساب فُـرص عمَـل وهمية، كالتالي تُـحتَـسب ضِـمن المشروعات الجديدة أو التي تنقلها وزارة القِـوى العاملة من خلال رصْـدها لإعلانات التوظيف في الصحف أو باحتساب عدد المتدرِّبين بمراكز التدريب التابعة لها، ضمن أعداد المشتغِـلين، وهو أمر غير حقيقي”.
وقال الولي: “لا يوجد لدينا مشروع قومي للتصدّي لمشكلة البطالة، وكل ما نراه لا يعدو أن يكون مجرّد مُـسكِّـنات محدودة الأثر تتمثل في بعض المشروعات التي يقوم بها القِـطاع الخاص، رغم محدوديتها، في ظلّ المشكلات التي تواجه الاستثمار من جرّاء مشاكل الأزمة المالية العالمية وتراجع نشاط الإقراض في البنوك واستمرار حالة البيروقراطية والفساد في المحليات”، متوقعًا “ارتفاع معدّلات البطالة”، بينما تحتكِـر الحكومة الأرقام الحقيقية ولا تعلن إلا عمّـا تريده فقط!
ويُـشير الولي إلى أن تحسُّـن معدّلات البطالة بمصر أمر مشكُـوك فيه، حتى لو حدث نمُـو اقتصادي بسبب تزايد العجْـز في الموازنة، ممّـا لا يُـتيح موارد كافية توجَّـه للاستثمار، خاصة مع تراجُـع معدّلات السياحة بسبب مخاوف “إنفلوانزا الخنازير”، رابطًا “حدوث تحسُّـن في الاقتصاد المصري في 2010، بتحقق توقعات البنك الدولي بتحسُّـن الوضع الاقتصادي العالمي وانتهاء الأزمة وزيادة معدّلات النمُـو”، مذكِّـرا بأن الأزمة المالية زادت البطالة العربية بمعدّل من 2.5 إلى 3 ملايين أضيفوا إلى 17 مليون عربي عاطل، وفقًا لتقرير منظمة العمل العربية.
التحديات الاجتماعية
وحول توقّـعاتها للتحدِّيات الاجتماعية التي ستُـواجه مصر في 2010 وما أثير من جدل حول “أنفلونزا الخنازير” و”النقاب”، قالت نجلاء محفوظ: “هذا الكلام ينكَـأ الجِـراح ويجدِّد الآلام، لكنه في الوقت نفسه، يُـنمِّـي الأمل في طرد كل “غباوات” العام الماضي وعدم السّـماح لتكرارها مرة أخرى. وتضييع أوقاتنا في جِـدال سخيف، لا طائل من ورائه، سوى إشاعة روح الفُـرقة، وإضاعة أوقاتنا التي يمكن أن نحقِّـق فيها كل ما يُـفيد أوطاننا التي تئِـن ممّـا نفعله بها”.
وأضافت محفوظ في تصريحاتها لـ swissinfo.ch: “الفزَع الرّهيب من أنفلونزا الخنازير ليس له ما يبرِّره ولا يمكن لأي إنسان يَـغِـير على إنسانيته أن يقبله ويبدّد حياته بمثل هذه المخاوف الهِـستيرية. ففي المكسيك، وهي البلد التي بدأ ظهور المرض فيها، يتعامل الناس فيها بصورة طبيعية”، مطالبة بـ “مقاطعة وسائل الإعلام التي تعمَـل على تغييب العقْـل العربي والإسلامي واستنزافه”.
ونفس الأمر ينطبِـق على المعارك السّخيفة التي تستهدف النِّـقاب والمُـتنقِّـبات، فمن “حق المسلمة أن ترتدي النِّـقاب، كما يحِـق لغيرها أن ترتدي الحِـجاب أو أن تسير متبرِّجة، وليس من حق أيّ أحد أن يجبرها على ارتِـداء ما لا تريد، بل ومِـن المخجِـل هذا التصعيد البشِـع ممّـن يدّعون أنفسهم بـ “الليبراليين” للهجوم على النقاب والمتنقبات والحجاب أيضا من آن لآخر، رغم أنهم يدّعون الحرية وحقوق الإنسان، وهو ما يكشِـف عن حقيقتهم وأنهم يحترمون حرية الإنسان فقط إذا كانت تتماشى مع أفكارهم”، معتبرة أنهم “يريدوننا مجرّد (ببغاوات)، دون عقول”.
وتوقّـعت محفوظ أن تتصاعد الحرب على النِّـقاب خلال 2010، وقالت: “ستتصاعد الحرب ضدّ النقاب وسيحاولون توجيه أنظارنا إلى أزمة أخرى مفتعِـلة، يسرقون بها ما تبقّـى من وعْـيِـنا، ولهذا، فإنني أنبِّـه إلى مسؤولية كل مواطِـن في التنبُّـه إلى وعيِـه، فكما نحافظ على أموالنا ونرفُـض أن يستولي عليها أحد ونقاتل من أجل الحِـفاظ عليها، فمن باب أولى أن نحافظ على عُـقولنا ضدّ من يريد العبَـث بها”.
التحديات السياسية الداخلية
وحول التحدِّيات الدّاخلية بمصر في 2010، اعتبر ضياء رشوان أن “نتائج انتخابات الإخوان التي أجريت بنهاية 2009 وبداية 2010 وما انتهت إليه، تؤشِّـر على وجود أزمة داخل صفوفها قد تؤدّي إلى تراجُـع النشاط السياسي للجماعة في الفترة القادمة”، متوقعًا أن “يركِّـز مكتب الإرشاد الجديد على العمل الاجتماعي والدِّيني، مع تجنّـب الدخول في مواجهة صريحة مع النظام”.
وقال رشوان في تصريحاته لـ swissinfo.ch: “لولا جيل التيار الإصلاحي، الذي قاد التأسيس الثاني للجماعة، لظلّـت الجماعة بين أحفاد الإخوان فقط ولم تصل إلى الشارع بهذا الحجْـم، ولهذا، لابدّ أن يستمر التأسيس الثاني، لأن جيل الإصلاحيين كانت لديه حرية في التحرّك مع القِـوى السياسية المختلفة، وهو ما يعني نجاح الجماعة في الوصول إلى عموم الناس، غير أن الأزمة الأخيرة أطاحت بالمعاني القيِّـمة لتخلِّـي المرشد عن منصبه طواعِـية، كما أطاحت بجيل الإصلاحيين”.
وأضاف: “لقد أفرزت الأزمة الأخيرة للجماعة سؤالا حول: من الذي يُـمثل مرجعية الإخوان؟ هل هو حسن البنّـا، مؤسس الجماعة، أم سيد قُـطب، أحد مفكِّـريها؟ التيار المحافظ يرى أن كِـتابات قُـطب الأخيرة هي جزء من تراث الإخوان، وهي رؤية يعارضها التيار الإصلاحي الذي يتزعّـمه القياديان عبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان، وأتوقّـع أن تطيح نتائج الانتخابات البرلمانية القادمة بالإنجازات التي حقّـقها الإصلاحيون، مثل: المواطنة والانفتاح على العالم”.
ويواصل رشوان قائلا: “وأعتقد أن يشهد عام 2010 استمرار سيْـطرة التيار المُـحافظ، على حِـساب التيار الإصلاحي، وهو ما يدفعُـني إلى مطالبة الجماعة بطرح تأسيس “ثالث” للجماعة، يتّـسم مع المتغيِّـرات الكبرى التي شهدها العالم مؤخرا، والتي كشفت عن أن جماعة الإخوان خارج مصر أصبحت أكثر تطورا عن الفرْع الأم بمصر، سواء عن طريق الفصْـل بين ما هو دعوي وسياسي أو عن طريق ضخّ أفكار متجدِّدة”، مشيرًا إلى أن “الجماعة الأم بمصر كانت دوما أكثر مُـحافَـظة، وهو ما يحتاج إلى تفسير، خاصة وأنها بحاجة ماسّـة للخروج من الأزمة، ولن يكون ذلك إلا بالفصل بين الدّعوي والسياسي”.
واقترح رشوان أن يتم الفصل على مرحلتيْـن، الأولى: أن تتقدّم بطلب تكوين جمعية أهلية باسم الإخوان، على غرار الجمعية الشرعية، تؤدّي مهام الدعوة والتربية. والمرحلة الثانية: أن تتقدّم إلى لجنة شؤون الأحزاب بطلب تأسيس حزب سياسي مدني، على أن يكون هناك فصل بين ما هو سياسي وما هو أهلي، وهو المقصود بالفصل بين الدّعوي والسياسي، متوقّـعا “وضْـع الحكومة العراقيل أمام تنفيذ أيٍّ من المشروعيْـن”، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر 2010.
وحول سِـجالات الترشح للانتخابات الرئاسية، قال رشوان: “هناك سيناريوهان محتملان لنقل السلطة لمبارك الابن، الأول: أن الرئيس مبارك لن يكمِّـل دورته (بالتنحّـي أو الوفاة) ويقوم الحزب بترشيح جمال. والثاني: أن يكمِّـل الرئيس دورته ولا يرشح نفسه في 2011، فيقوم الحِـزب بترشيح أحد أعضاء الهيئة العليا للحزب، والذي سيتصادف أن يكون جمال مبارك!
التحديات السياسية الخارجية
وعن التحديات الخارجية التي تواجه مصر في 2010، اعتبر الدكتور عبد الله الأشعل، المساعد الأسبق لوزير الخارجية، أن “الدّور الإقليمي لمصر يتراجَـع بشدّة ويمكن ملاحظة ذلك من زاويتيْـن، أولهما: عدم لعِـب أي دور إقليمي ملحوظ والانكفاء على الذّات، والأخرى: تزايُـد العداوات التي يضمرها العالم العربي لمصر بسبب سوء الإدارة وعدم قُـدرة النظام على تقدير مكانة مصر كدولة”، متوقعًا أن “يزداد العداء العربي لمصر في عام 2010”.
وتوقّـع الأشعل “حدوث صِـدام بين مصر وتركيا على خلفية ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، وأن “تزداد العلاقة سوءً بين مصر وحركة حماس وأن يستمر توتُّـر العلاقة بين مصر وسوريا، رغم ما يبدو من محاولات للتقارب”، وأن “تتسبّـب السودان في إحراج مصر، لأنها تعهّـدت بإقامة انتخابات نزيهة، وبالتالي، فإن النظام المصري مُـطالَـب بإقامة انتخابات نزيهة أيضًا خلال الانتخابات التشريعية المقرّرة في أكتوبر 2010”.
وتحدّى الأشعل من وصفَـهم بـ “المرتزقة” في الإعلام الحكومي، الذين يتحدّثون عن أن الجِـدار الفولاذي والمُـشاركة في حِـصار غزّة دافعها الأمن القومي المصري، ودعاهم إلى “مناظرة علَـنية، لنرى أين الحقيقة، ولنَـعرف حقيقة الدّور المصري في قتْـل الفلسطينيين بغزّة، مساعدة لإسرائيل”، مُـعتبرا أن ما يقوله هؤلاء “مجرّد أكاذيب لا أساس لها من الصحّـة”، على حد تعبيره.
وتوقّـع الأشعل أن “تزداد المُـعارضة ضدّ بناء الجدار الفولاذي في عام 2010، ومع هذا سيستمِـر النظام في بنائه، دون إحساس بالخَـجل”، كما توقّـع “أن لا يقِـف أهل غزة مكتوفي الأيْـدي وربما يخرجون في جماعات لكسْـر الحصار ويحدث صِـدام مع القوات المصرية على معبَـر رفح، وهو ما تريده إسرائيل بالطبع”.
ولم يستبعد الأشعل أن “يكون هناك تفاهُـم مصري إسرائيلي على عملية جديدة ضدّ قطاع غزة، تقوم بها إسرائيل، لكنها ستكون عملية سريعة ومحدّدة الأهداف”، مذكِّـرا بما “نقلته جريدة “لوموند” الفرنسية عن مبارك خلال لقائه بساركوزي، عندما قال له خلال الحرب الأولى، “الرّصاص المصبوب”: “قُـوموا بعملية سريعة ضدّ القطاع، لكن لا تُـحرجونا”.
واختتم الأشعل تصريحاته، متوقعا أن تزداد طهران توحّـشا بالمنطقة، يقابله تراجُـع كبير للدّور المصري، حتى تحصل على لقب “الرجل المريض” بالمنطقة، وأن يكون عام 2010 أسوأ ممّـا سبقه، ولا يمكن الخروج من هذه الدوائر المظلمة إلا بمعجزة من الله، والانتخابات البرلمانية المقبلة يُـتوقّـع لها أن تكون صورية.
همام سرحان – القاهرة – swissinfo.ch
نجع حمادي (مصر) (رويترز) – تعلو أبراج الكنائس على مقرُبة من مآذن المساجد في مصر، على نحو يعكس تآخيا طائفيا، لكن أحداث العُـنف التي شهدتها مدينة نجع حمادي بالجنوب هذا الشهر، كشفت عن توترات ربّـما كانت كامِـنة بين الأقباط والمسلمين. فعشية احتفال أقباط مصر بعيد الميلاد يوم 7 يناير الجاري، قتل مسلّأحون سِـتة مسيحيين بالرّصاص في حادثة وصفتها الحكومة بأنها فردية.
ومثل هذه الوقائع نادرة، ولكن كثيرا من المسيحيين الذين يمثِّـلون نحْـو 10% من عدد سكان مصر، البالغ 78 مليون نسمة، يشعرون بتفرقة في المعاملة ويشكُـون من أن الحكومة لا تبذُل جُـهدا أكبر لقمع الطائفية، خِـشية اندلاع أعمال انتقامية من جانب مسلمين.
وقال قبطي يمتلك مخبزة في المدينة، التي لا تزال في حالة حِـداد بعد مقتل المسيحيين الستة، “تتعبنا الحكومة حتى نبني كنيسة.. وبمجرّد بنائها، يبنون مسجدا بجوارها”. ومثل غيره من الأقباط في نجع حمادي، طلب عدم ذكر اسمه خشية مناقشة حادثة القتل علَـنا والتي أنحي باللائمة فيها على مزاعم باغتصاب مسيحي لطفلة مسلمة. لكن صاحب المخبزة، البالغ من العمر 40 عاما، قال إن الأمر ليس له علاقة بواقعة الاغتِصاب، مضيفا “وراء هذه الحادثة أحاسيس كراهية خفِـية ضدّنا من مسلمين متزمِّـتين وغير متعلِّـمين، لأنهم يروننا كُـفّـارا”.
ويتحدث رجال دين، مسيحيون ومسلمون في مصر، عن الوحدة الوطنية، ولكن التوترات بين الطائفتين يُـمكن أن تتطوّر إلى أعمال عُـنف، تُـثيرها في أغلب الأحوال خِـلافات حول الأراضي أو علاقات عاطفية بين أفراد من الديانتيْـن. ويتوقع محلِّـلون أن تشيع مثل هذه الحوادث بصورة أكبر، إذا لم تتعامل الحكومة بشكل واضح مع شكاوى المسيحيين من القوانين التي تجعل بناء المساجد أسهل من إقامة الكنائس ومن المناهج الدراسية ذات الطابع الإسلامي وغير ذلك.
وقال حافظ أبو سعدة، النشط في مجال حقوق الإنسان “70% من المُـصادمات التي وقعت بين المسلمين والمسيحيين في مصر منذ عام 1971، كانت نتيجة عدم المُـساواة في اللوائح التي تنظِّـم بناء الكنائس وتلك الخاصة ببناء المساجد”. ويقول محللون إن تصاعُـد مثل هذه الحوادث تزامَـن مع زيادة في الحركات الإسلامية منذ السبعينات. وسحقت الحكومة تمرّدا إسلاميا في التسعينات ولا تزال قلِـقة من أي جماعة ذات اتِّـجاه إسلامي. وقال أبو سعدة “ثمة مخاوف من استِـغلال تيارات دينية متطرِّفة، الوضْـع والزّج بدول أجنبية، ولهذا السبب، تتردد الحكومة في أخذ خطوات بشأن قوانين تُـساوي بين المسلمين والمسيحيين”.
ويتطلّـب بناء كنيسة تصريحا من المحافظ، بينما لا يحتاج بناء المسجد مثل هذا الإجراء الرسمي. كما يشكو المسيحيون من النظام التعليمي بالمدارس.
وقال نبيل عبد الفتاح، المحلل في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية “جرت أسلَـمة التعليم، توضع جميع المناهج الدراسية من منطلق إسلامي”. ويرفض مسؤولون حكوميون وأعضاء في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم فكرة وجود تفرقة أو انحياز.
وقال محمد خليل قويطة، عضو مجلس الشعب عن الحزب الحاكم “ليس لحادثة نجع حمادي دوافع دينية وهي جريمة رهيبة ارتكبها مجرم”، وأضاف أن جميع المصريين مُـتساوون أمام القانون ويلقون معاملة عادلة. ويدافع رجال دين أقباط بارزون عن موقف الحكومة، ويحضر ممثلون عن الحكومة من بينهم جمال، نجل الرئيس المصري حسني مبارك، قدّاس عيد الميلاد في القاهرة بشكل منتظم، ولكن حادثة نجع حمادي ألقت بظلالها على احتفالات عيد الميلاد، وظلت متاجر مسيحيين في المدينة مُـغلقة لأيام بعد الحادث.
وقادت الحادثة لاحتجاجات في المدينة وأضرم مسلمون ومسيحيون النار في منازل بعضهما البعض وامتد الغضب إلى القاهرة، حيث تجمّـع نحو ألفي قُـبطي في كاتدرائية الأسبوع الماضي وهتفوا “يا مبارك ساكِـت ليه .. إنت معاهم ولا إيه..”
ورفض سائق سيارة أجرة مسلم في نجع حمادي ما يتردّد عن توتر بين الطائفتين، وقال “كلنا نعرف بعضنا البعض بالاسم”، ولكنه لم يرغب أيضا في نشر اسمه. ويتحدث بعض أفراد الكنيسة القبطية بصراحة أكبر، حيث قال الأب انجلوس من منتجع مارينا بالساحل الشمالي، “هناك أفراد في الحكومة قادرون على نشر مفاهيم ثقافية صحيحة وتعليم الشعب مبدأ قبول الآخر، ولكن الحكومة لا تسمح لهم بذلك”.
وفي عام 2007، احتجّ مئات المسيحيين واشتبكوا مع الشرطة في مارينا واعتقل 11 مسيحيا حين أرادت الحكومة سحْـب ترخيص إقامة الكنيسة الوحيدة في المُـنتجع الصيفي. وحل مبارك المشكلة بمنح ترخيص إقامة الكنيسة.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 18 يناير 2010)
القاهرة (رويترز) – قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط يوم الاثنين 11 يناير، إن قيام إسرائيل ببناء جِـدار على جانبها من الحدود الإسرائيلية المصرية، أمر يخصّـها وحدها ولا يعني مصر في شيء. ووافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يوم الأحد على خُـطط بناء جِـدار على طول بعض أجزاء من الحدود وتركيب أجهزة مراقبة ورصد متقدّمة، لإبعاد النشطين والمهاجرين غير الشرعيين.
وقال أبو الغيط في تصريح صحفي يوم الاثنين، “هذا الجدار تُـقيمه إسرائيل على أراضيها ولا رابط بينه والإنشاءات المصرية على حدودنا”، مضيفا أن “هذا أمر يتعلّـق بإسرائيل وحدها، ومن يَـسعى لربط شيء بآخر “واهِـم” ولن يجِـد قضية يتحدّث بها”.
وتقوم مصر ببناء جِـدار تحت الأرض لمنع تهريب الأسلحة للفلسطينيين في غزة، لكنها قللت من أهمية الحفْـر على الحدود التي تمتد 14 كيلومترا.
وقال حسام زكي، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن إسرائيل أبلغت مصر بخطّـتها لبناء الجدار الجديد خلال الشهر الماضي. وقالت مصادر أمنية في شمال سيناء في وقت متأخر يوم الأحد، إن إسرائيل لم تبلغ السلطات المصرية بعد. وتعتبر حدود سيناء طريقا رئيسيا لمرور المهاجرين الأفارقة غير المسلّـحين عادة، واللاجئين الباحثين عن العمل أو اللجوء في إسرائيل. وتقول الشرطة المصرية إن المهرِّبين الذين ينقلون المهاجرين إلى منطقة الحدود، يطلقون النار أحيانا على قوات الأمن.
وصعّـدت الشرطة المصرية من جُـهودها للسَّـيطرة على الحدود في أعقاب تزايد نشاط تهريب البشر. وقُـتل 17 مهاجرا على الأقل على أيدي الشرطة المصرية منذ شهر مايو. وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت مصر ستزيد من أعداد حرَس الحدود لتحسين الأمن، قال إنه لم يتم اتِّـخاذ أي قرار بذلك بعدُ. وتمتدّ الحدود بين مصر وإسرائيل لنحو 255 كيلومترا، تبدأ عند مركز الحدود الدولي رقم 8، جنوب حدود رفح، إلى المركز رقم 91 عند طابا، ممّـا يجعل من الصّـعب على الدوريات الأمنية تأمينها بشكل كامل.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 11 يناير 2010)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.