“منظمة جامعة للمسلمين في سويسرا.. قد لا تكون أولوية”
أكّـد خبير سويسري في شؤون الجاليات الإسلامية، أنه من المُـفترض أن تُـمنح الأولوية إلى إقامة علاقات أفضل بين المسلمين والسكان السويسريين، وليس لإنشاء منظمة ممثلة للمسلمين على المستوى الوطني.
وتُـعتبر فِـكرة إنشاء هيكل موحّـد ممثِّـلٍ لمختلَـف الجاليات المسلمة المقيمة في سويسرا، واحدةً من محاوِر النِّـقاش المحتدِم في البلاد منذ أسبوعين في أعقاب التصويت المفاجئ المؤيِّـد لحظر المآذن.
ويرى ستيفان لاتيون، الذي يترأس مجموعة أبحاث حول الإسلام في سويسرا في جامعة لوزان، أن تركيز الاهتمام على منظمة جامعة للمسلمين على المستوى الوطني في هذا التوقيت بالذات، سيكون أشبَـه بـ “وضع العربة أمام الحصان”.
وفي تصريحات لـ swissinfo.ch قال لاتيون: “إن الأولوية تتمثّـل في بناء علاقات على أسُـس يومية بين الجمعيات المسلمة والسكان السويسريين على المستوى المحلّـي، وعدم الاقتصار على مناسبات الأبواب المفتوحة السنوية أو لقاءات الحِـوار بين الأديان، بل توفير فُـرصٍ لمزيد من الحوار بين الناس وحثّ الجمعيات على اتِّـخاذ مواقف حول قضايا خاصة بالمسلمين ومسائل اجتماعية تهُـمّ المجتمع بأكمله، على حد السواء”.
هذا الشعور عبّـر عنه أيضا عبد الحفيظ الورديري، مدير مؤسسة التعارف، التي تتّـخذ من جنيف مقرا لها وتنشُـط في مجال الحوار بين الأديان والثقافات. ويرى المتحدِّث السابق باسم المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف، أن منظمة جامعة للمسلمين في سويسرا “كان حُـلما يشترك فيه كثيرون”، لكنه أضاف “ليس بإمكانِـك إقامة منظمة جامعة، دون العمل على إقامة علاقات ميدانية وعلى المستوى البلدي لاكتساب المصداقية”.
وكان هشام أبو مَـيْـزر، رئيس فدرالية المنظمات الإسلامية في سويسرا، التي تُـعتبر من أهمّ المجموعات القائمة (تمثل أكثر من 130 منظمة ومؤسسة واتحادا في معظم الكانتونات)، قد دعا في حديث أدلى به يوم الأحد 13 ديسمبر إلى صحيفة لوماتان ديمانشLe Matin Dimanche، إلى إنشاء منظمة جامعة وحيدة، وقال: “إننا سنستفيد جميعا من خلال توحُّـدنا على المستوى الوطني”، لكنه اعترف بأن العملية القائمة “بطيئة وعسيرة”.
وتُـؤوي سويسرا، التي يزيد عدد سكانها عن 7 ملايين نسمة، ما بين 350 و400 ألف مسلم، يقدُم معظمهم من منطقة البلقان (ألبانيا وكوسوفو والبوسنة ومقدونيا وجمهوريات يوغسلافيا سابقا) ومن تركيا ومن بعض البلدان العربية والإفريقية والآسيوية.
وتضُـمّ هذه الجاليات في صفوفها العديد من المنظمات والجمعيات والهيئات المُـختلفة المشارب والتوجّـهات والاهتمامات، من الدينية إلى المحافِـظة إلى العِـلمانية مرورا بالثقافية والرياضية والخيرية. وفيما تتواجد أغلبها على مستوى الكانتونات، يُـشير ستيفان لاتيون إلى “وجود بعض القلق بخصوص نشاطاتها، سواء تعلّـق الأمر بتقديم دروس في اللغة العربية أو القرآن أو أشياء أخرى”.
محادثات بعدَ التصويت
وفي ظِـلّ الافتقار إلى هيئة وطنية ممثِّـلة فعلا، سيكون الورديري ومَـيْـزر ضِـمن مجموعة محدودة من الممثلين عن الجالية الإسلامية، المدعوِّين للمشاركة في محادثات مع وزيرة العدل والشرطة إيفلين فيدمر – شلومبف يوم 22 ديسمبر. وسبق لنفس الشخصيات أن تباحثت مع الوزيرة في شهر سبتمبر الماضي حول ملف الإندماج.
في هذا السياق، يرى عبد الحفيظ الورديري أن كلاًّ من السلطات السويسرية والجالية الإسلامية، يواجهان الآن “مهمّـة هائلة” في أعقاب حظر بناء المآذن، ويقول المتحدث السابق باسم المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف: “السلطات واعيةٌ بالتأخيرات التي حصُـلت. لقد لفَـتْـنا اهتمامها باستمرار إلى مشاكل الاندماج، لكننا أجبِـرنا على تركيز الإهتمام على قضايا الأمن”.
ويضيف الورديري أن الطرفين يواجهان الآن – أحبّـا أم كَـرِها – وضعية طوارئٍ يُـمكن أن تستمرّ لفترة من الوقت، ومن المُـحتمل أن تتعسّـر إدارتها. ويقول: “يجب علينا أن نُـعيد السيطرة على النقاش وإعادة الثِّـقة إلى الناس والتحرّك إلى الأمام. يجب علينا أن نعيش مع بعضنا البعض”.
تظاهرة سِـلمية
وكانت العاصمة الفدرالية شهِـدت يوم السبت 12 ديسمبر تجمّـعا سِـلميا قبالة البرلمان في وسط مدينة برن، للاحتجاج على “الفهْـم الخاطئ للإسلام في سويسرا”، اجتذب أكثر من 700 شخص ولم يحصُـل على تأييد كُـبرى المنظمات الإسلامية في سويسرا.
وفي تصريحات للتلفزيون السويسري، قال تانر خطيب أوغلو، رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في كانتون زيورخ: “إنها ليست الوسيلة المُـثلى للوصول إلى أولئك الذين يفكِّـرون بشكل مُـغايِـر أو تقليص مخاوفهم وأفكارهم المُـسبقة”، لكن ميلاني مهاجري، رئيسة “منظمة النساء المسلمات في سويسرا”، التي شاركت في التجمّـع، لا تُـوافق على هذا الرأي وتقول في تصريحات لـ swissinfo.ch: “باعتباري مسلمةً، أعتزم الوقوف من أجل الدفاع عن حقوقي”، وتضيف “في البداية، هناك المآذن ثم بدأ الحديث عن البرقع، ثم ماذا بعد؟ إنني مواطنة مسلمة، وهذا هو وطني، لذلك، أريدُ التمتُّـع بنفس الحريات الدينية الممنوحة للمسيحيين واليهود والبوذيين”.
وتعتقِـد مُـهاجري أن فـكرة إنشاء منظمة جامعة للمسلمين في سويسرا، حسّـاسة، لكنها عسيرة التحقيق، وتقول: “لقد تحدّثوا عنها طويلا، لكن لم يتمكّـن أحدٌ من الاتفاق عليها”.
ومن وجهة نظر ستيفان لاتيون، رئيس مجموعة البحث حول الإسلام في سويسرا GRIS، فإن الخُـطوات المُـقبلة واضحة، ويقول: “المسلمون بحاجة إلى مواصلة عملِـهم التوضيحي ومحاولة الشرح للسكان، بأن مخاوِفهم لا أساس لها وبأنهم مواطنون سويسريون ولا يُـمثِّـلون خطرا”، إضافة إلى ذلك، “يحتاج الساسة السويسريون إلى الاعتراف بخطئهم علَـناً وبأنهم لم يقوموا بعملهم كما ينبغي”، لكنه يبدو منشغِـلا، لأن هذا لم يحدُث في الأسبوعين الماضيين، ويقول: “كُـنت أظنّ أن الشعب السويسري سيستيقظ بعد التصويت المفيد (أو الصحي) وسنُـجري أخيرا نِـقاشا حقيقيا حول القضية، لكننا نشاهِـد في الواقع خطابا شعبويا شديد الخطورة من طرف أحزاب تزعَـم أنها من الوسط”.
سايمون برادلي – swissinfo.ch
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه كمال الضيف)
منذ تصويت 29 نوفمبر الماضي، الذي وافق من خلاله الناخبون السويسريون على إضافة فصل في الدستور الفدرالي يحظُـر بناء المآذن في الكنفدرالية، أعلنت مجموعات وهيئات مسلمة عن تأسيس منظمات جديدة.
يوم 9 ديسمبر، تداولت وسائل الإعلام السويسرية نداءً وجّـهته منظمة غير معروفة من قبل، تحمل اسم “الشورى الإسلامية المركزية في سويسرا”، دعت فيه المسلمين إلى المشاركة يوم السبت 12 ديسمبر في تجمّـع سِـلمي أمام مقر البرلمان الفدرالي في العاصمة برن، للاحتجاج على نتيجة الاستفتاء ولتبديد الأفكار الخاطئة عن الإسلام والمسلمين. واتّـضح فيما بعد، أن هذه المنظمة تأسست في شهر أكتوبر 2009، ويترأسها نيكولا بلانشو، وهو شاب سويسري مُـسلم.
يوم 12 ديسمبر، تحدّثت في التجمّـع السيدة ميلاني مُـهاجري باعتبارها رئيسة لما يُـسمى بـ “منظمة النساء المسلمات في سويسرا”، وهي منظمة لم تكن معروفة من قبل.
يوم 14 ديسمبر، أعلِـن في لوزان عن تأسيس “تجمّـع المسلمات والمسلمين في سويسرا”، بهدف توضيح البُـعد الحضاري للإسلام والدعوة إلى الحوار والانفتاح والتشاوُر وأعلن أنه يلتزم بمكافحة جميع أشكال التطرّف والانغلاق الطائفي، وتُـمثَّـلُ 5 منظمات ومؤسسات في مكتب التجمّـع، وهي “مسجد لوزان” و”التجمّـع المُـسلِـم من أجل الاندماج في سويسرا” و”شرق – غرب” و”جمعية السويسريات المسلمات” و”الائتلاف من أجل الصداقة والتجمّـع بين الشعبين الإفريقي والسويسري”.
سويسرا هي أول بلد أوروبي يحظُـر بناء المآذن.
يوم 29 نوفمبر 2009، أيّـد 57،5% من الناخبين مبادرة شعبية تدعو إلى حظر مزيد من المآذن في سويسرا.
حفّـزت بعضُ مشاريع بناء مآذن في الأنحاء المتحدِّثة بالألمانية من سويسرا على إطلاق المبادرة، في الوقت نفسه، قام سكان محليون بجمع التوقيعات لمعارضة المآذن المُـبرمجة.
هذه التحرّكات حصلت على تأييد حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) والاتحاد الديمقراطي الفدرالي (يمين مسيحي)، اللذان نسّـقا جهودهما لوقف بناء المآذن.
يُـقدّر عدد المسلمين في الكنفدرالية بحوالي 4،5% من إجمالي السكان في سويسرا.
توجدُ في سويسرا حوالي 200 مسجد ومكان مخصّـص للصلاة، لكن أربعة منها فقط تتوفّـر على مآذن.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.