مهمة خاصة “على المقاس” لعقيد سويسري في كوسوفو
يُعتَـبر العقيد أدولف كونراد، أوَّل رجل سويسري يقود وِحدة تابعة لِحِلف شمال الأطلسي "الناتو".
فمنذ مَطلَع شهر يناير 2012 وهو يترأس فِرَق المراقبة والإتصال في شمال كوسوفو. وفي لقاء له مع swissinfo.ch، يَصِف العقيد كونراد نفسه بـ “الدبلوماسي، الذي يَعرف كيف يُفكر ويَتَصَرَّف مع أفراد القوات العسكرية”.
ومنذ إعلان كوسوفو عن إستقلالها في 17 فبراير عام 2008، تفاقَـمت الأوضاع في شمال كوسوفو، الذي تُهيمن عليه الأغلبية الصربية في جمهورية صربيا سابقا. وتبقى مشكلة الأقلية الصربية – المُمْتَدّة على كامل كوسوفو – والتي تَرغب غالبيتها بالبقاء مع صربيا، غيْـر محلولة، كما لا يلوح هناك حلٌّ سياسي في الأفق.
هذه المشكلة المزمنة تؤدي عادة إلى ظهور مُناوشات بشكل مُنتظم. وخلال صيف 2011، حدثت إضطرابات في المنطقة بسبب وَضع ضوابط حدودية، قامت عِـصابات صربية محلية بتعطيلها بنجاح، من خلال إقامة حواجز حديدية وطُـرُق إلتفافية.
وكما يقول العقيد كونراد، وهو يجلس في مكتبه البسيط في معسكر نوفو سيلو، الواقع قرب بلدة ميتروفيتشا المُقَسَّمة إلى جزء يسكنه الصِّـرب في الشمال والألبان في الجنوب: “نحن نُمَـثَّل عيون وآذان قوات حفظ السلام الدولية في أقيلم كوسوفو KFOR. ويتخذ قائِد هذه القوات قراراته، استنادا للمُعطيات التي نَمُدّه بها”.
swissinfo.ch: ما هو عملكم بالضبط؟ ضابط في الجيش أم دبلوماسي؟
أدولف كونراد: إذا كنتَ تسألني عن عملي هنا، فأنا دبلوماسي. وبكلمات أكثر دقّة، فأنا أعمل كوسيط. وهذا العمل، ليست له علاقة تُـذكر بالجيش. ولكن، تكليفي يتـمّ من قِبَل قائد قوات حِـفظ السلام الدولية في كوسوفو، لذا، يجب أن أعرف كيف تجري العمليات العسكرية وكيف تفكر القوات العسكرية وكيف تعمل.
هنا في الشمال، لا تعترف العاصمة بريشتينا برؤساء البلديات الصِّـرب. ومن وجهة نظر حكومة كوسوفو، فإن هؤلاء الأشخاص غيْـر شرعيين (من الناحية القانونية). لِذا، فإن على قائد قوات حِفظ السلام الدولية في كوسوفو KFORأن لا يتحدّث إليهم بشكل مباشر، فهذا ليس جزءا ممّا هو مُوكل للقيام به، وستكون هناك متاعِـب جمّة، لو التقى بهم بصورة مباشرة.
لذا، فأنا أُنيب كوسيط باسم قائد قوات حفظ السلام في الإجتماعات الأسبوعية، التي تجري مع رؤساء البلديات والتي تحضرها أيضاً جهات دولية فاعلة أخرى. وأنا ألتقي برؤساء البلديات على حِـدة أيضاً ما بين هذه اللقاءات الأسبوعية.
والمسائل التي يتم الحديث عنها هنا، ليست سياسية. فهي ترتبط بِحِفظ السلام. وفي هذا السياق، يُعتَبَر مُصطلح “النِّـقاش” أو “التفاوض”، التعبير الخاطِـئ. فالموضوع يتعلّق بالوساطة أكثر. فحينما أقول للناس بأنه قد يكون ربما من الأفضل لو أنهم أزالوا الحواجز التي وضعوها بأنفسهم، لأنهم إن لم يفعلوا ذلك، فسيتحتَّـم على قوة الحلف الأطلسي (KFOR) القيام بذلك، فيمكنني في هذه الحالة أن ألعب دور الوسيط. وسوف يتفهّم الطرف المُقابل الوضع بدقّة، وبالتأكيد تدخل مهارات التفاوض هنا أيضاً بعين الاعتبار.
بالإضافة إلى الحواجز ونقاط التفتيش، هناك شبكة كاملة من الطرق الإلتفافية التي أنِشِئت فقط لغرض التهرب من دفع الجمارك. من أين يأتي المال من أجل هذه الطرق؟
أدولف كونراد: لِحَدّ الآن، لا أستطيع أن أحكُـم بِدِقّة إن كان وراء هذا المدى من الجهود التي تبذلها الأقلية الصربية في شمال كوسوفو لمواصلة محاولاتها للإنتماء إلى صربيا، طبيعة وطنية فقط، أو إن كانت وراء ذلك مصالح شخصية أيضاً.
إنَّ الجريمة المنظَّـمة تشكِّـل مشكلة في جميع أنحاء كوسوفو، وليس هنا في الشمال فقط. ولكن، لاسيما في الشمال، هناك العديد من الناس الذين يعيشون بشكلٍ جيِّد للغاية من خلال هذا الوضع. فالأشخاص الذين يملِكون المال، لديهم القُـدرة على الدفع. وفي الوقت نفسه، فإن معدّلات البطالة مرتفعة جداً بين الشباب. ومن المهِـم أن يكون لهؤلاء الصبية المُعدَمين، بضعة يوروات في جيوبهم عند حلول المساء. ونحن نعلم جيداً بأن هناك أشخاصاً يتلقَّـون مبالغ مالية، لقاء وقوفهم على حواجز الطرقات وقيامهم بحراستها.
إلى متى يجب على قوات حفظ السلام الدولية (كفور) البقاء هنا؟
أدولف كونراد: إنَّ مستقبل كوسوفو يعتمد إعتماداً كلياً على إمكانية إعطاء مستقبل لهذا البلد. لو استطعنا أن نوفِّـر لكل شخص فرصة الذهاب إلى المدرسة، ومن بعدها أن نضمن لكل شاب وشابة إمكانية الحصول على تدريب مِهني لتكون لديهم لاحقا إحتمالات حقيقية للحصول على فُرَص عملٍ لائقة، يتلقّـون عنها أجورا مُجزية، لكان الأمر أسهل بكثير.
لكن مع الوضع الإقتصادي العالمي الحالي، فإن توفير فرصة تدريب مِهني أو وظيفة للجميع، هو أمر صعب، حتى في سويسرا أو ألمانيا. ولكن لا مناص من إيجاد وسيلة كي يجد الشباب مستقبلاً لهم هنا.
كنتم تعملون في السابق كمُلحَق عسكري في العاصمة الإسبانية مدريد، وبالتالي، كان عملكم أكثر هدوءً. لِـمَ أنتم هنا الآن؟
أدولف كونراد: قد لا يفهم الكثيرون ذلك، ولكن “مدريد” كانت بالنسبة لي عبارة عن عمل إداري وورقي أكثر من اللازم. أما هنا، فهذا هو التحدّي الحقيقي. أنا هنا أتواجد كثيرا في الميدان وأملك إتصالات مع الجهات الفاعلة المحلّية. ولَدَيّ من حولي فريق دولي من الضباط، الذين يدعموني بِنَشاط بشكلٍ يومي. والأهم من ذلك كلّه، فقد كان لدي الإنطباع منذ البداية بأن هذه المهمّة، مُفَصَّلة خصّيصاً لسويسرا. ومع جيش الميليشيات الذي نملكه، يمكن للكنفدرالية أن تقدّم شيئاً للمجتمع الدولي. وهذا مُنْتَج فريد تمّ تفصيله خصيصا لنا نحن السويسريين.
يعمل العسكري المحترف القادم من مدينة زيورخ والذي يبلغ 55 عاماً من العمر، منذ 10 سنوات خارج سويسرا.
بعد أن شارك في خمس بعثات للأمم المتحدة، عمل كونراد ملحقا عسكريا في العاصمة الإسبانية مدريد مدة 3 سنوات. ومنذ 1 يناير 2012، يعمل كقائد في “الكتيبة الإقليمية الشمالية المشتركة” أو ما يسمّى بـ JRD Nord لقوة الحلف الأطلسي في كوسوفو (KFOR).
في الوقت الحالي، يعمل تحت قيادة العقيد كونراد خمس فِرق لمراقبة الإتصالات LMT ينتمي إلى كل منها ما بين 6-8 جندي وضابط. وقامت كتيبة Swisscoy (وهي كتيبة شارك بها الجيش السويسري استنادا إلى القرار 1244 الصادر عن الأمم المتحدة في عام 1999 في قوة متعدّدة لحفظ السلام في كوسوفو، تم تمديد مهمّتها من قِبَل البرلمان الفدرالي حتى نهاية عام 2014)، بتشكيل فرقتين من هذه الفِرق الخمس، بينما تُشَكَّل الفرق الثلاث الأخرى من قِبل القوات السلوفينية، التابعة أيضا إلى قوة الحلف الأطلسي في كوسوفو.
وِفقاً للمسح السكاني الذي أجري في عام 2011، بلغ عدد سكان جمهورية كوسوفو، أكثر من 1.7 مليون نسمة.
يسكن في كوسوفو اليوم، غالبية كبيرة من الألبان.
حسب تقديرات البنك الدولي لعام 2000، (التي يعتمدها المكتب الإحصائي في كوسوفو حتى اليوم)، هناك نسبة تقدّر بنحو 88% من الألبان و7% من الصرب، في حين تبلغ نسبة المجموعات المتبقية نحو 5%.
تقيم الغالبية العظمى من الصرب في شمال كوسوفو، حيث يشكِّلون الأغلبية هناك.
تشارك سويسرا منذ عام 1999 في قوة متعددة لحفظ السلام في كوسوفو “KFOR” بقيادة حلف شمال الأطلسي. وقد حملت الكتيبة السويسرية المشاركة تسمية “سويس كوي” Swisscoy.
في كل عام، يتمركز نحو 220 جندي سويسري من كتيبة سويس كوي Swisscoy في كوسوفو.
منحت سويسرا اعترافها إلى كوسوفو كدولة مستقلة جديدة بعد 10 أيام فقط من إعلانها لإستقلالها يوم 17 فبراير 2008. وكانت سويسرا إحدى أوائل الدول الداعية الى إستقلال كوسوفو منذ عام 2005.
ساهم تواجد عدد كبير من ألبان كوسوفو في سويسرا، بالإعتراف السريع من طرف الكنفدرالية باستقلال كوسوفو.
ويقيم في سويسرا نحو 170000 شخص من كوسوفو، وهي نسبة تمثل حوالي 10% من مجموع سكان هذه الجمهورية الفتية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.