موريتس لوينبرغر يغادر الحكومة الفدرالية في موفى 2010
أعلن موريتس لوينبرغر، الذي انتُـخب في عام 1995 وزيرا في الحكومة الفدرالية، ممثلا للحزب الاشتراكي، عن استقالته بعد أن قضى 15 عاما متواصلة على رأس وزارة البيئة والنقل والطاقة والاتصالات.
ومن المقرر أن يغادر لوينبرغر الحكومة في موفى العام الجاري، بعد أن كان من المفترض أن يتقلد للمرة الثالثة منصب رئيس الكنفدرالية لعام 2011، حسبما الدورية التي جرى بها العمل منذ عقود. وفي الندوة الصحفية المفاجئة التي دعا وسائل الإعلام إليها صباح الجمعة 9 يوليو في برن، برر الوزير الاشتراكي الإعلان عن قراره منذ الآن، بضرورة ترك الوقت الكافي لإعداد رئاسة العام المقبل.
لوينبرغر الذي ولِـد عام 1946 في بيل/بيين، صاحب مسيرة سياسية طويلة، تقلّـب خلالها في العديد من المهام، وشملت عضوية مجلس النواب (الغرفة السفلى من البرلمان السويسري)، نائبا عن زيورخ وتقلُّـد حقيبة وزارية في الحكومة المحلية لنفس الكانتون.
يُـعتبر الوزير الاشتراكي حاليا عميد القصر الفدرالي، بالنظر إلى سنوات الأقدمية التي يتمتع بها في برن وقد ترأس الكنفدرالية في مناسبتين (2001 و2006)، كما أنه خطيب مفوّه لفت الأنظار إليه قبل 7 أعوام، عندما أدار باقتدار سلسلة من الكوارث التي ضربت البلد في وقت وجيز، ومزج بين الصرامة والتعاطُـف الإنساني.
البداية كانت مع مذبحة تسوغ، عندما فتح شخص مختلّ المدارك النار في قاعة البرلمان المحلي وقتل 14 شخصا، ثم جاءت الأزمة التي أطاحت بالناقل الجوي الوطني (سويس إير)، والحادث المروّع في نفق سان غوتهارد، الذي تسبب في هلاك 11 شخصا، كل هذا دون احتساب النتائج التي ترتبت على المستوى الدولي عن هجوم الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة.
دفاع مستميت عن القطاع العمومي
في السنوات الأولى، التي تلت التحاقه بالحكومة الفدرالية في أعقاب استقالة الوزير الأسبق أوتو شتيخ، عمِـل الرجل الذي كان محاميا في زيورخ، على إعادة النظر في الإستراتيجية المنتهجة من طرف وزارته وأدمج ضِـمن صلاحياتها المرتبطة عموما بالهياكل ذات الطابع التقني، القطاع البيئي أيضا.
إجمالا، قضى لويْـنبرغر 15 عاما على رأس وزارة تتسم بقدر كبير من التعقيد وتتميّـز بمعالجة ملفات مثيرة للجدل، على غرار النقل والطيران المدني وتخصيص القطاع العمومي وحماية المناخ والطاقة النووية.
هذه المهمة أنجزها الوزير المستقيل بتصميم واستمرارية، لكن النتائج لم تكن دائما في مستوى الجهود المبذولة. فقد اضطُـر الوزير الاشتراكي لمواجهة الضغوط الصادرة عن الأوساط الإقتصادية، المؤيِّـدة لتحرير بنسق أسرع في قطاع الطاقة والبريد والإتصالات والسكك الحديدية، واكتفى في نهاية المطاف بلعِـب دور المكافح من أجل أن يتّسم التغيير في القطاع العمومي بقدر أكبر من التدرج.
في هذا السياق، يترك لوينبرغر وراءه، ميراث انفتاح تدريجي للمؤسسات الكبرى التي كانت تابعة (بشكل كامل أو جزئي) للكنفدرالية (كالسكك الحديدية والبريد..)، لكنه انفتاح غير كافٍ من وجهة نظر الأغلبية البورجوازية في البرلمان، فيما يُـنظر إليه من طرف حزبه باعتباره خطرا وغير مدروس.
ومن بين الملفات الأكثر إثارة للجدل، يجدر التذكير بالمشروع المتعلِّـق بتحويل مسار النقل الثقيل من الطرقات إلى السكك الحديدية. فعلى الرغم من النجاح الذي رافق تدشين نفق لوتشبرغ (الرابط بين شمال وجنوب القارة الأوروبية) في ديسمبر 2009، إلا أن الإرتفاع الكبير في تكاليف الأنفاق الحديدية العابرة لجبال الألب (NTFA) والتأجيل المستمر في مواعيد إنجازها، ألقيا بظلال قاتمة على هذه النتيجة الإيجابية.
صوت بين نارين
كان التحاق شخصية شاركت في أحداث 1968 الطلابية بالحكومة الفدرالية، فرصة لهبوب رياح جديدة وضخّ دماء شابة في الفريق الحكومي، باعتبار أن لوينبرغر يأتي ممثلا لسويسرا حضرية ومنفتحة وحيوية وأكثر تيقُّـظا لدعوات مراعاة البيئة.
إضافة إلى ذلك، يُـعتبر لوينبرغر من الشخصيات المميزة للحزب الإشتراكي السويسري ، خصوصا بعد ذهاب الوزيرة روت درايفوس، لكنه اضطُـر في السنوات الأخيرة إلى تحمّـل المزيد من الهجمات القاسية، الصادرة عن قوى اليمين عموما وزملائه الإشتراكيين أيضا.
ومن الملفت أن الطرفين اشتركا في توجيه اللوم إليه بسبب بعض التباطؤ الذي أبداه في معالجة الملفات، واعتبرا أنه يميل إلى الإكتفاء بردّ الفعل بدلا من أخذ زمام المبادرة. وبمرور السنوات، ترسّـخت صورته كرجل السياسة المُـتعب، الذي لا يقدِر على الدفاع باستماتة عن المشاريع التي لا زال إنجازها مستمرا ولا يتمكّـن من طرح أفكار جديدة في قطاعات من مشمولاته، مثل الطاقات البديلة والمتجددة.
وبغض النظر عن النجاحات التي تم تحقيقها في المجال البيئي، مثل اعتماد الضريبة على ثاني أكسيد الكربون، يُـتّـهم لوينبرغر من الجبهة، التي تضم في صفوفها تيارات اليسار والخُـضر، بالإفتقار إلى الإرادة السياسية الضرورية للتصدّي للتغيرات المناخية وللوقوف بوجه اللوبيات العديدة في هذا القطاع.
خطيب مُـميَّـز
تبدو الحصيلة رمادية اللون لموريتس لوينبرغر، رغم إقرار المراقبين بأن جزءً من خيباته يعود إلى معارضة برلمان أبدى في معظم الأحيان تحفّـظا على القبول بالمقترحات التي تقدم بها، وخاصة في قطاعيْ الطاقة والبيئة.
ورغم التحفُّـظ الذي يبدو عليه، يتمتع لوينبرغر بقدر لا بأس به من القدرة على السخرية والفكاهة، كما حاول في السنوات الأخيرة تعزيز الإتصال مع الجمهور وبادر بافتتاح مدوِّنة شخصية على الإنترنت. وفيما اتسمت علاقته مع الطبقة السياسية والوسط الإعلامي، في معظم الأحيان بالمجادلة والسجال، إلا أن الوزير الاشتراكي نجح في اكتساب تعاطُـف شعبي واضح.
وباعتبار أن “لا نبي في قومه” مثلما يقول المثل، يُـمكن للوينبرغر أن يجد العزاء في التكريم الذي حصُـل عليه في الخارج. ففي عام 2001، تحصّـل على الدكتوراه الفخرية من جامعة Udine الإيطالية، لمساهماته القيمة لفائدة سياسة تجديدية للنقل في أوروبا. وفي عام 2003، أصبح أول سويسري يُـقلَّـد الجائزة التي تُـمنحُ لأفضل خطاب سياسي يُـلقى في البلدان المتحدثة باللغة الألمانية.
ستيفانيا سومرماتّـر – swissinfo.ch مع الوكالات
ولد في عام 1946. أثناء دراسته للقانون في جامعة زيورخ، تعرف على السياسة في مناسبة أحداث مايو 1968.
في سن الـ 26، أصبح رئيسا لفرع الحزب الاشتراكي السويسري في مدينة زيورخ.
من 1974 إلى 1983، كان عضوا في برلمان مدينة زيورخ.
في 1979، انتُـخب عضوا في مجلس النواب.
من 1991 إلى 1995، شغل منصب وزير في الحكومة المحلية لكانتون زيورخ.
منذ عام 1995، يشغل منصب وزير في الحكومة الفدرالية.
يبلغ اليوم 64 عاما من العمر ويشرف على وزارة البيئة والنقل والطاقة والاتصالات.
9 يوليو 2010: أعلن عن اعتزامه مغادرة منصبه في الحكومة الفدرالية يوم 31 ديسمبر القادم.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.