مُهلة الجيش للرئيس المصري.. “هل هو انقلاب؟”
طرح تدخل الجيش المفاجئ في الصراع المحتدم بين الرئيس المصري محمد مرسي ومعارضيه عدة تساؤلات في الصحف السويسرية عن النوايا الحقيقية للمؤسسة العسكرية التي حكمت البلاد لنحو ستين عاما بدون انقطاع.
وإذا كان من السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت المُهلة التي أعلنها الجيش بمثابة محاولة للإنقلاب، فإن بعض الصحف لم تتردد في إجراء المقارنة مع الموقف الذي اتخذه أثناء ثورة الشعب في يناير 2011 ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك.
الصحف السويسرية الصادرة يوم الثلاثاء 2 يوليو 2013 أجمعت في تعاليقها وافتتاحياتها – وعلى اختلاف ميولاتها ولغاتها – على التساؤل عن الموقف الحقيقي للجيش المصري بعد إمهاله للرئيس مرسي وللساحة السياسية المصرية 48 ساعة لتلبية مطالب الشعب. وفيما أشارت غالبيتها إلى ترحيب المعارضين بالخطوة التي أقدم عليها الجيش، نوه بعضها إلى تخوف جزء من المصريين من احتمال عودة الجيش إلى تسيير أمور البلاد.
محاولة انقلابية؟
فصحيفة “بليك” الشعبية الصادرة بالألمانية في زيورخ نشرت تحت عنوان “بعد غضب الجماهير، الجيش يُعرب عن معارضته لمرسي”، مقالا تساءل فيه ميخائيل شبيلمان: “هل يرغب الجيش في القيام بانقلاب بعد عام من تولي مرسي السلطة؟”، ومع أن الكاتب استشهد بالجواب الذي قدمه الفريق أول عبد الفتاح السيسي، من أن الجيش “لا يرغب في التدخل بأي حال من الأحوال في السياسة وفي أمور الحكومة”، إلا أنه يرى أن تجنب ذلك “لم يعد مُمكنا الآن”.
نفس التساؤل طرحته صحيفة “لوتون” الصادرة بالفرنسية في جنيف في مقال تحت عنوان “عندما يُطالب الشارع المصري الجيش بالتدخل”، حيث كتب فريدريك كوللر أنه “من الصعب تحديد ما إذا كان الأمر يتعلق بتحول للمرة المائة في مسار الثورة، أم أنه تحرك ضد الثورة، أم هو بكل بساطة عبارة عن محاولة انقلاب؟”. ويرى كاتب المقال أن التأويلات تختلف باختلاف المصادر، لكنه يضيف أن “ما هو مؤكد على كل حال هو أنه بعد عام من تولي رئيس منتخب ديمقراطيا، ها هو الجيش يعود لكي يقوم بدور الحكم في معركة سياسية تهدد بالتحول إلى حرب أهلية”.
“ثورة أم انقلاب؟” عنوان مقال صحيفة سانت غالن تاغبلات (تصدر بالألمانية في سانت غالن) بقلم ماركوس سيمانك الذي يرى “أنها مرحلة دراماتيكية”، مضيفا أن “هذه المهلة تعمل على القضاء على الدور الرئاسي لمحمد مرسي حتى وإن لم تُصنّف بعدُ على أنها عبارة عن انقلاب”.
في السياق نفسه، تساءلت صحيفة “لونوفيليست” (تصدر بالفرنسية في نوشاتيل): “هل يمكن النظر إلى ما يجري على أنها بوادر انقلاب عسكري؟”، وفي مراسلة من القاهرة، كتبت ديلفين مينوي استنادا إلى آراء ُمراقبين أن “هذه المهلة التي حددتها حركة تمرد لبعد ظهر اليوم (الثلاثاء 2 يوليو) لاستقالة الرئيس مرسي، إذا لم يتم الإستجابة لها فإن ذلك قد يقود إلى حركة عصيان مدني مصحوبة ببعض الآمال ولكن أيضا ببعض القلق”.
“صحوة جماهيرية فاجأت الجميع”
على صعيد آخر، تناول عدد من المعلقين ظاهرة تلاحم فئات كبرى من الشعب المصري مع مطالب حركة تمرد وخروجهم للشوارع. إذ أشارت ديلفين مينوي في صحيفة لوتون إلى أن “العديد من المراقبين عبروا عن تفاجئهم بالصحوة التي أبداها الشعب المصري والتي جندت حوالي 14 مليون (في كافة أنحاء مصر)، حسب مصادر عسكرية”.
الجريدة أشارت أيضا إلى أن محيط القصر الرئاسي في الإتحادية شهد تجمع “ثوريين سابقين، وأنصار للنظام السابق، ومدافعين عن المؤسسة العسكرية، هتفوا بصوت واحد، رغم قناعاتهم السياسية المتضاربة، بعبارة (إرحل)”.
صحيفة بازلر تسايتونغ (تصدر بالألمانية في بازل) أعربت عن إعجابها بموقف الشعب المصري في سياق مقال كتبه بيار هويمان تحت عنوان “فرصة مرسي”، اعتبر فيه أن “المصريين لا يقبلون أي شيء، ويقاومون قيام إسلامي مثل مرسي بسرقة ثورتهم”.
وفي سياق تساؤل طرحته حول الفرصة المتبقية أمام الرئيس مرسي، أجابت الصحيفة أنها “ليست بالكثيرة، إذ بإمكان الرئيس مرسي أن يحفظ ماء الوجه بتنظيم استفتاء بخصوص رئاسته، أو تنظيم انتخابات سابقة لأوانها، وإعادة ترشيح نفسه، وكلا الحلين هما بمثابة استقالة، ولكن سوف لن يتم وصفها كذلك”.
أوضاع مصر.. تغيرت!
معظم الصحف السويسرية أشارت الى ترحيب معارضي مرسي بالخطوة التي أقدم عليها الجيش، لكن صحيفتي “24 ساعة” (تصدر بالفرنسية في لوزان) و”لوتون” أوردتا في مقال مشترك حرره فريد عمير، أصوات متظاهرين يعبّرون عن تحفظات بخصوص تدخل الجيش المصري من جديد في الأمور السياسية. ونقلت موقف أحد المتظاهرين الذي أوضح في تضارب مع باقي زملائه أن “القوات المسلحة أشرفت على إدارة المرحلة الانتقالية وكانت بمثابة كارثة”، مضيفا “يجب أن الا يتعدى دورها دور الحكم، وعلى رئيس المحكمة الدستورية أن يتولى دور الرئاسة الشاغر”.
صحيفة أولتنر تاغبلات (تصدر بالألمانية في أولتن) أجرت مقارنة مع رحيل مبارك، ولاحظت في مقال كتبه داغمار هويبيرغر بعنوان “هل سيكون مصير مرسي مثل مبارك؟” أنه “يبدو أن التاريخ يعيد نفسه هذه المرة… وأن الجيش مثلما حصل في عام 2011 طالب الرئاسة بحل مشاكلها مع الشعب… وأن المتظاهرين رددوا عبارة “الشعب والجيش يد واحدة”، وبعد أن تساءل كاتب المقال: “هل سيقدم جنرالات الجيش على مطالبة مرسي بالتنحي مثلما طلبوا ذلك من مبارك؟ وهل ينوون تنصيب حكومة انتقالية، أم تولي السلطة بأنفسهم من جديد مثلما حاولوا القيام به في فبراير 2011؟”، أشار في الختام إلى أن “أوضاع مصر اليوم ليست نفسها، مقارنة مع ما كانت عليه في فبراير 2011، وأن بلد النيل يعرف اليوم آفاقا غير مُشجعة. ومن هذا المنظور يمكن القول بأن (التاريخ لا يُعيد نفسه)”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.