نواب الإخوان في برلمان 2005: “أقلية ناشطة” قدمت أداء “دون المستوى”
تبايَـنت آراء عدد من الخبراء المصريين المتخصصين في الإعلام والشؤون السياسية والدراسات البرلمانية، حول تقييم الأداء البرلماني لأعضاء الكُـتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين في برلمان (2005- 2010) ومدى تأثيرهم على إصدار أو منْـع تمرير القوانين والتشريعات بمجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان)، خلال الفترة المنقضية.
وإن اتفقوا على أن الأداء إجمالا، كان “دون المستوى” وأنه لم يتناسَـب مع عددهم (88 نائبًا، يمثلون 20% من إجمالي المقاعد البالغة 454 مقعدًا)، مقارنة ببرلمان 1987، الذي كان نصيبهم فيه أقل (36 نائبًا)، لكن تأثيرهم كان “أوضح”.
وفي تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch، أخذ الخبراء على أغلب نواب الإخوان في برلمان 2005، أنهم كانوا: “بِـلا أجَـندة واضحة” وليست لديهم “قدرة على المناورة السياسية”، فضلا عن كونهم يفكِّـرون “بعقلية الفصيل” ويقدمون “مصلحة الجماعة” على “المصلحة العامة” ويفتقدون “للخِـبرة السياسية الكافية”، إضافة لـ “ضعف الوعْـي السياسي والمعرفي”، معتبِـرين أن “حجْـم التمثيل الإخواني في البرلمان (الخُمْس)، كان دون النِّـصاب الذي يمكنهم من عرقلة إصدار أي تشريع (الثلث) أو النصاب الذي يمكنهم من إصدار تمرير تشريع بعيْـنه (النصف + 1)”.
وفي الوقت الذي تتراوح فيه التقييمات للأداء البرلماني لنواب الإخوان في برلمان (2005 – 2010) بين ما تردِّده الجماعة من أن نوابَـها “قاموا بدورهم على أكمَـل وجه” وأنهم “أزعجوا الحكومة”، وبين ما تروجه الحكومة من أنهم “لم يقدِّموا شيئا يُـذكر” وأنهم “كأن لم يكُـن”، طرحت swissinfo.ch السؤال على كل من الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والمشرف السابق على دبلوم الدراسات البرلمانية بالكلية، والدكتور عمرو هاشم ربيع، خبير الشؤون البرلمانية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام والمتخصِّـص في النظام السياسي المصري، والكاتب الصحفي الدكتور عمار علي حسن، رئيس قسم الأبحاث بوكالة أنباء الشرق الأوسط والباحث المتخصّص في شؤون الحركات الإسلامية.
في 87.. كانوا أكثر تأثيرا رغْـم قلة عددهم!
في البداية، كشف الدكتور عمرو هاشم ربيع، أنه “على الرّغم من أنهم (عدديا) مثَّـلوا أكبر كُـتلة معارِضة في برلمان 2005 بحصولهم على 88 مقعد، وهو ما يعادل 20% من مقاعد البرلمان، إلا أن “تأثير نواب الإخوان كان ضعيفا للغاية ولا يتناسَـب مع هذا العدد الكبير، مقارنة ببرلمان 1987، الذي لم يتجاوز نصيب الإخوان فيه 36 عضوا، لكنهم كانوا أكثر حضورا وتأثيرا وإزعاجا للحكومة”، مرجِّـعا هذا إلى “وجود عناصِـر تمتاز بالخِـبرة والوعْـي السياسي والمكانة التنظيمية المرموقة، وفي مقدِّمتهم: مأمون الهضيبي (المرشد العام السادس) ومهدي عاكف (المرشد العام السابع) ومختار نوح (القيادي بمكتب الإرشاد سابقا) وعصام العريان (العضو الأبرز إعلاميا)”.
وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع، خبير الشؤون البرلمانية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: “رغم العدد الكبير الذي مثَّـل الجماعة بالفصل التشريعي للبرلمان، إلا أنه كان غير قادِر على تحقيق إنجاز كبير وملموس، لأن هذا الإنجاز لا يتحقّـق بالكمّ فقط، وإنما بالكيْـف أيضا. فقد افتقرت كُـتلة الإخوان للعديد من الكفاءات، فلم يبرز منهم سوى عدد لا يتجاوز 20 نائبا، ولهذا، فقدْ عجَـزوا عن إحداث حالة من الإرباك المُـتوالي للحكومة”، مشيرا إلى أن “الجماعة لم تستفِـد من كُـتلتها البرلمانية الكبيرة في تحقيق نتائج ملموسة، برلمانيا أو سياسيا أو تنظيميا”.
متَّـفقا مع هاشم، يؤكد الكتور عمار علي حسن أن “أداء نواب الإخوان في 2005، كان أقل بكثير من أدائهم في 1987، رغم تفوّقهم العدَدي”، وعزا ذلك إلى “نقْـص عوامل الخبرة والإدراك السياسي والوعي التنظيمي والكاريزما الشخصية وامتلاك الخصائص والمواصفات العِـلمية، فضلا عن القُـدرة على التأثير في الآخرين، وهو ما جعلهم في برلمان 1987 يقدِّمون عددا من النجوم البرلمانية اللاّمعة، كان في مقدمتهم المستشار الهضيبي والدكتور العريان”.
هذا التحليل يؤيِّـده الدكتور إكرام بدر الدين، مضيفا بأن “نسبة الـ 20% التي حقّـقها الإخوان في 2005، فاقت توقّـعات الجميع، من مراقين ومحللين ومنافسين، بل إنها تعدّت ما كانت تحلُـم به الجماعة نفسها”، معتبرًا أن “هذا الفوز التاريخي للجماعة، لم يكن بسبب قوّتها ولا شعبيتها، كما يحْـلو للبعض أن يصوّره، وإنما بسبب ما يمكن تسميته بـ “التصويت الإحتجاجي” لبعض أعضاء الحزب الحاكم، إضافة إلى “عدم الإلتزام الحزبي”، ممّـا ساهم في “تفتيت الأصوات” وحصول الحزب الحاكم على 32% فقط من مقاعد البرلمان!
تشريعيا.. نسمع ضجيجا ولا نرى طحينًا!
وفي إطار رصْـد تأثير نواب الإخوان من الناحية التشريعية، قال بدر الدين: “لا يمكن القول بأن نواب الإخوان قد حقّـقوا أية نتائج إيجابية فيما يخُـصّ الوظيفة التشريعية، وذلك لأن لوائح المجلس تشترط الأغلبية البسيطة (النصف زائد 1) لصدور أية قوانين أو تشريعات، وهو ما لم يكن في مقدور الأقلية الإخوانية، في ظل تمتُّـع الحزب الوطني بالأغلبية، وهو ما يؤيِّـده عمار، مضيفا أن “المنطِـق والواقِـع يوضِّـحان أن حجْـم التمثيل الإخواني في البرلمان (الخُمْس)، كان دون النصاب الذي يُـمكِّـنهم من عرقلة إصدار أي تشريع (الثلث) أو النصاب الذي يمكِّـنهم من تمرير تشريع بعيْـنه (النصف زائد 1)”.
مختلفا بعض الشيء معهما، يرى هاشم أنه “ربما كانت لهم محاولات لتعديل بعض القوانين أو رفض تمرير أخرى مثل تعديل قانون السلطة القضائية ورفض تمديد قانون الطوارئ، لكنها تبقى مجرّد محاولات محكوم عليها بالفشل مقدّما، لكونها نابعة من أقلية”، معتبرا أن “تعبِـئة الأغلبية ضدّ مقترحات الأقلية الإخوانية، كان سلوكا واضحا للمراقبين والمحللين، ممّـا ساهم في إحباط محاولاتهم لترْك بصمة تشريعية واضحة، كما حملت درجة محدودة من الإيجابية في مواجهة حملة الأغلبية لتسفيهها والحطّ من قيمتها وأهميتها”.
ويأخذ عمار، على نواب الإخوان أن “أغلبهم كان بلا أجندة واضحة وبلا قدرة على المناورة السياسية”، ويذهب إلى أنهم “ركَّـزوا على القضايا الفرعية، المُـتمثلة في الثقافة والإعلام، وتجاهلوا القضايا الكلية، التي تهمّ الشعب”، كما “استخدمو الدِّين لتحقيق بعض النجاحات المعنوِية داخل أروِقة البرلمان، مما ترك شعورا لدى غير المتخصِّـصين، بأن نواب الإخوان حقّـقوا إنجازات كبيرة”، ضاربا المثال بموقِـفهم من أزمة تصريحات وزير الثقافة الفنان فاروق حسني حول الحجاب”، معلِّـقا بأنهم “لعِـبوا كثيرًا على هذا الوَتَـر، من خلال إثارتهم للعديد من قضايا الفنّ والإعلام”.
كما يأخذ عمار عليهم “افتقادهم للخِـبرة السياسية الكافية وغياب الكاريزما. فمن بين 88 نائبا، لم يلفت انتباهنا في الفعاليات البرلمانية سوى 4 نواب، هم: محمد سعد الكتاتني وحمدي حسن ومحمد البلتاجي وحسين إبراهيم، فيما تحلى 9 منهم بالحدّ الأدنى الذي يجب توافره في النائب البرلماني، في الوقت الذي بدا فيه أكثر من 75 نائبا منهم، دون المستوى المطلوب، ولا يعني هذا أن نواب الوطني (صاحب الأغلبية)، كانوا الأفضل أو أنهم كانوا نجوما لامعة!”.
رقابيا.. وسائل “كثيرة” ونتائج “قليلة”!
وحول مدى نجاح أو إخفاق نواب الإخوان في استخدام “الوظيفة الرقابية”، التي منحها لهم الدستور ونظمتها لوائح المجلس، قسم الدكتور إكرام بدر الدّين الملف الرقابي لقسميْـن هما: الأداء والنتائج. فيرى أن “أداء نواب الإخوان كان شكليا واستعراضيا”، وفيما لم ينكر أنهم “حاولوا إثارة بعض القضايا المهمة”، فإنه ينفي تفردهم في ذلك. فقد “شاركهم، بل وسبقهم إلى ذلك، نواب مستقلون مثل مصطفى بكري وسعد عبود وكمال أحمد وجمال زهران وحمدين صباحي وعلاء عبد المنعم، فضلا عن نواب من الحزب الحاكم أمثال حمدي السيد وخليل قويطة وحمدي الطحان وآخرون”، أما من حيث النتائج، فيرى أنهم “لم يحقِّـقوا شيئا يُـذكر”!.
وفي تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch، اعتبَـر الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والمشرف السابق على دبلوم الدراسات البرلمانية بالكلية، أن “هناك فارِق بين الأداء البرلماني الشَّـكلي أو الاستعراضي، وهو ما يمكن قياسه بكثرة (الاستجوابات/ طلبات الإحاطة/ المقترحات/ الأسئلة/ البيانات العاجلة/….) وبين النتائج الإيجابية والفعلية الملموسة (ماذا تم بخصوص هذه الأدوات الرقابية والتشريعية المستخدمة؟)”، مشيرا إلى أن “ما يعني المواطن العادي، هو تحقّـق نتائج ملموسة وفوائد مباشرة، لا مجرّد استخدام وسائل وأدوات رقابية”.
متفقا مع بدر الدين، يرى عمار أن “العِـبرة ليست بكمّ الأساليب والأدوات البرلمانية التي استخدمها نواب الإخوان، وإنما بكوْن القضية المُـثارة، جديرة بالمناقشة أم لا؟ كما يجب أن يكون لدى مقدّم الاستجواب الأدلّـة الكاملة لإدانة الوزير (عضو الحكومة)، ولو أمام الرأي العام في أضيَـق الظروف”، كاشفا عن أن “الأدوات الرقابية التي استخدموها كانت ضعيفة، بل وهزيلة، وكانت تنتهي في مُـجملها إلى تحقيق نصْـر (مجاني) للحكومة، بينما لم نَـرَ استجوابات في القضايا الكُـبرى مثل: الفساد أو في قضايا تمسّ الشريحة العُـظمى من المواطنين”.
وفيما يرى هاشم أنه “كان هناك اتجاها لدى نواب الإخوان لتقديم استجوابات في عدد من قضايا الفساد وحقوق الإنسان، لكن بالتعبئة العكسية التي أشرنا إليها، استطاعت أغلبية حزب الحكومة أن تقمَـع أي محاولة إخوانية، للنَّـيل من حكومة الحزب أو إحراجها”، وهو ما أرجعه عمار إلى أن “نواب الإخوان خُـطباء مساجد على أعلى مستوى، لكنهم ليسو خُـطباء برلمانيين ويفتقدون للقدرة على التأثير في نواب المجلس”، ولعل هذا يفسِّـر “إصرار أجهزة الأمن على رفْـض ترشح أشخاص بعيْـنهم أمثال: الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أو الدكتور عبد الحميد الغزالي أو الدكتور عصام العريان”.
خدميًا.. ناجح، لكن بدرجة “مقبول”!
وعلى المستوى الخدَمي، يعتقد هاشم أنه “لكون الملف الخدَمي مُـرتبط بالعمل الاجتماعي والتطوّعي لدى الجماعة، فقد استطاعت مؤسسات الجماعة أن تعوِّض القُـصور في الملف الخدمي للنواب، من خلال مشاريعها الخيْـرية المُـنتشرة في رُبوع القطر، مثل: العيادات والقوافل الطبية المجانية أو الرمزية وكفالة الأطفال الأيتام ورعاية الأسَـر الفقيرة وتكريم المتفوّقين و…. إلخ”، منتهيا إلى القول بأن “نواب الإخوان نجحوا بدرجة معقولة في الملف الخدمي لأبناء الدوائر التي انتخبتهم”.
مختلفا مع هاشم، يرى بدر الدين “أنهم لم يتمكَّـنوا من تقديم شيء يُـذكر في هذا الملف الجماهيري، ربما لكوْنهم أقلية وربما لعدم استجابة وزراء الحكومة لطلباتهم، لكونهم ينتمون إلى جماعة محظورة تعمَـل خارج المشروعية القانونية”، معتبرا أنه “في دوائر متعدّدة، لم يقدِّم نواب الإخوان أية خدمات تُـذكر طوال السنوات الخمس الماضية، وهي عمر الدّورة البرلمانية المنقضِـية من برلمان (2005- 2010)”.
ويمضي بدر الدين قائلا: “بعد الإجراءات التي اتّـخذها الحزب الحاكم هذه المرّة، فمن المتوقّـع أن يكون هناك التِـزام حِـزبي كامل وأن لا يكون هناك تصويت احتجاجي أو تفتِـيت أصوات، ومن ثَـمَّ، فإنني أتوقَّـع أن تتراجَـع كثيرا نِـسبة الإخوان في برلمان 2010 المُـنتظر”.
غير أن عمار يوضِّـح أنه “سواء كان أداء نوابهم لافتا أو باهتا، فإن الإخوان كجماعة وفصيل سياسي، معنيون بخوْض الانتخابات، لأن لديهم قرار استراتيجي بخوْض كل الإنتخابات التي تُـجرى في البلاد، بدءًا من الاتحادت الطلابية في المدارس الثانوية وانتهاءا بالانتخابات التشريعية، مرورا بانتخابات النقابات والجامعات ونوادي أعضاء هيئة التدريس، بالطبع دون الانتخابات الرئاسية!”.
تقييم “إجمالي” واستِـشراف “مُـستقبلي”
وإجمالا، يوضح هاشم أن “أهمّ ما يُـمكن أن يُـؤخذ في تقييم تجرِبة الإخوان في العمل السياسي، عموما، والعمل البرلماني على وجه الخصوص، أن هذا الأداء كشَـف الفارق الكبير بين تأثيرهم الواضح في العمل الاجتماعي والدّعوي والتربوي، وبين القصور الشديد في العمل السياسي والبرلماني”، منتقدًا “عدم توظيفهم الجيِّـد للوسائل والإمكانيات الإعلامية، التي تمتلكها الجماعة”.
ويضيف هاشم أن “العائد البرلماني لنواب الإخوان من برلمان 2005، كان ضعيفا ولا يتناسب مع عددهم ولا نِـسبتهم، لكنهم في كل الأحوال مثَّـلوا إضافة، ربما ليس للعمل البرلماني، وإنما لجماعتهم وكِـيانهم السياسي”، متوقعا أن يتِـم “توزيع ترِكة الإخوان على أحزاب المعارضة في برلمان 2010، لأنهم استغلُّـوا وجودهم في البرلمان، لإثارة قضايا الجماعة، واستثمروا الحصانة البرلمانية لزيادة سُـمعتهم ونفوذهم وشُـهرتهم الإعلامية، كرفض تمديد قانون الطوارئ أو المطالبة بالإفراج عن المعتقلين أو رفض محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية أو…إلخ”.
متفقا مع هاشم، يرى الدكتور عمار علي حسن، أن “مشكلة الإخوان، أنهم يفكِّـرون بعقلية الفصيل، وأولوياتهم، حماية الجماعة قبْـل الشعب، فضلا عن الهاجِـس التاريخي لديْـهم، والمتمثل في قضايا الفنون والإعلام”، آخذا على الأجَـندة الإخوانية “غياب القضايا الاجتماعية وافتقادها للتنظير في الملف الاجتماعي وغياب المرونة السياسية، التي كان يمتلِـكها مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا”، معتبرا أن هذا هو “ما جعل الكوادر المثقَّـفة، واسعة الاطِّـلاع، التي تمتلك خِـبرة واسعة ورُؤية شاملة تخرج من الصفّ”.
وفي تصريحات لـ swissinfo.ch، أشار الدكتور عمار علي حسن، الباحث المتخصّص في شؤون الحركات الإسلامية، إلى أن “الإخوان حريصون على الترشّـح للبرلمان، لإيجاد فرصة سانِـحة لعرض قضيتهم على الرأي العام، وليُـثبتوا للدّاخل والخارج، أنهم طلَّـقوا العُـنف بالثلاثة وأنهم يقبلون بالممارسة الديمقراطية والمشاركة السياسية، فضلا عن “استثمار حملة الاعتقالات التي ستُـطلَـق بحقّ أعضائهم في تصويرهم في صورة الضحية وتوظيفها، داخليا وخارجيًا، وقد نجحوا في ذلك بدرجة كبيرة”.
وفي الختام، يؤكد عمار: “لقد تحوّلت مقار الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان إلى منابِـر للرأي، يعقدون بها الاجتماعات والمؤتمرات والندوات والوِرَش والصالونات، الثقافية والفكرية، مستفيدين من الحصانة التي يمنحُـها القانون للنواب”، كما “استطاع نوابهم لعِـب دور همْـزة الوصْـل بين الجماعة والسلطة (التي تحرِص على الإبقاء على شعرة معاوية معهم) من خلال ما تتاح لهم من فرص لمقابلة أعضاء بالحكومة وقيادات بالحزب الحاكم وأعضاء بالهيئة البرلمانية للحزب الوطني”، على حد قوله.
البرلمان عقد 148 جلسة، استغرَقت جميعها حوالي 700 ساعة، تحدّث فيها 400 نائب بنسبة 25% للمعارضة والمستقلِّـين، وجاءت أكبر نِـسب المتحدِّثين، حسب كل كتلة سياسية، على النحو التالي:
(الحزب الحاكم تَـليه كتلة الإخوان ويليه بفارق كبير نُـواب الوفد، ثم التجمّـع ثم الغد ثم الدستوري الحر”، وأن هناك 24 نائبًا من نواب المجلس لم يتحدّثوا مُـطلقًا طوال الدورة البرلمانية، وهم ما يُـطلَـق على أحدهم إعلاميًا، “أبو الهول“.
ناقش مجلس الشعب 145 استجوابًا و6 آلاف طلب إحاطة و8736 بياناً عاجلاً و938 سؤالاً، كما تمّ خلاله تشكيل 3 لِـجان تقصِّي حقائق، وعلى مستوى 200 مشروع قانون و502 اقتراح بمشروع قانون و3 قرارات بقوانين و6 قرارات جمهورية و201 اتفاقية، وعقد المجلس خلال الخمس دورات، 689 جلسةً استغرقت 980 ساعة.
نواب الإخوان يقولون إنهم تقدّموا وحدهم بـ “17490 طلب إحاطة وسؤالاً و320 بياناً عاجلاً و4865 اقتراحاً برغْـبة و120 استجواباً، و975 مقترحاً بمشروع قانون”، وأن هذه الطلبات والأسئلة والاقتراحات، قد شملت مختلف لِـجان المجلس.
المشاركة الأولى، كانت عام 1938، وترشح فيها حسن البنا، مرشد الجماعة فقط في دائرة الإسماعيلية، وشهدت ضغط الإنجليز على حكومة النحاس باشا، لمنع البنَّا من خوْض الانتخابات، وهو ما حدث بالفعل، غير أن الإخوان حقَّـقوا بعض المكاسب، كان أبرزها حسب رأيهم: “اعتراف حزب الأغلبية وزعيمه بالإخوان وإغلاق بيوت الدَّعارة الرسمية والسماح بوجود جريدة يومية للإخوان”.
المشاركة الثانية، كانت عام 1942، حيث خاض حسن البنَّا الانتخابات عن دائرة الإسماعيلية ومعه عدد من رموز وقيادات الإخوان، الذين ترشَّـحوا في عدد آخر من الدوائر على مستوى القطر، وفشلت الضغوط لإثناء الجماعة عن خوْض الانتخابات، وانتهت الانتخابات بخسارة البنَّا ومَـن معه من الإخوان وسط اتهامات بتزويرها.
المشاركة الثالثة، كانت عام 1976، ولكن بشكل فرْدي، ونجح فيها العالِـم الأزهري الشيخ صلاح أبو إسماعيل.
المشاركة الرابعة، كانت عام 1979، وكانت أيضًا بشكل فرْدي، وفاز فيها الشيخ صلاح أبو إسماعيل والحاج حسن الجمل، ويُنسب لهما “أهم إنجاز سياسي ودستوري للحركة الإسلامية في هذا العصر” تمثل في جعل الشريعة الإسلامية “المصدر الرئيسي للتشريع” في مصر عام 1979.
المشاركة الخامسة، كانت عام 1984، وتُـعتبر أول مشاركة رسمية للجماعة في الانتخابات البرلمانية بعد ثورة يوليو، حيث تحالف الإخوان مع حزب الوفد وفاز فيها 6 من الإخوان هم: حسن الجمل ومحفوظ حلمي ومحمد المراغي ومحمد الشيشتاني وحسني عبد الباقي وعبد الغفار عزيز، حيث خاضت الجماعة الانتخابات بالتَّـحالف مع الوفد الجديد بقائمة موحَّـدة، بعد اشتراط السلطة إجراء الانتخابات بالقائمة المُـطلَـقة للأحزاب الرسمية وحصولها على نسبة 8% على مستوى القطر، للفوز بمقاعدها بالبرلمان، وهي النسبة التي حقَّـقها تحالف الإخوان والوفد، ولم تتحقَّـق لأحزاب التجمّـع أو العمل.
المشاركة السادسة، كانت عام 1987، ومثَّـلت الإعلان الأوْضَـح لوجود الإخوان في الساحة السياسية، وشهدت أول ظهور لشعار “الإسلام هو الحلّ“، الذي رفعه التحالف الإسلامي والذي ضمَّ – بجانب الإخوان – حزبَـيْ العمل والأحرار والذي فاز بـ 56 مقعدًا، حصد منها الإخوان 37 مقعدًا، وهو العدد الذي منَـحهم المرتبة الأولى في صفوف المعارضة، وكانت مناسبة لظهور من وصفوا بـ “نجوم برلمانيين” مثل: المستشار محمد المأمون الهضيبي والأستاذ محمد مهدي عاكف وأحمد سيف الإسلام حسن البنَّا (نجل حسن البنا) والدكتور “محمد السيد حبيب والدكتور عصام العريان (أصغر نواب برلمان 87)، إضافةً إلى نجوم البرلمان السابق. كما شهِـدت فوز النائب القبطي جمال أسعد عبد الملاك، ليكون أول قبطي يدخل البرلمان بالانتخاب منذ عوْدة التعدّدية في مصر، ويكون ذلك على قائمة الإخوان.
المشاركة السابعة، كانت عام 1995، بعد مقاطعة الجماعة لانتخابات 1990، وأُجريت بالنظام الفردي وخاضتها الجماعة بمائة وخمسين مرشحًا، في ظلّ تحويل 82 من قيادات الإخوان للقضاء العسكري وحملة اعتقالات دامت عدة أشهر، ولم ينجح من مرشَّـحي الإخوان سوى نائب واحد، وهو النائب علي فتح الباب، الذي استمرّ بالمجلس خمسة عشر عامًا مُـتواصلة (3 دورات)، آخرها المجلس الحالي.
المشاركة الثامنة، كانت عام 2000، وفاز فيها الإخوان بـ 17 مقعدًا من إجمالي 70 مرشحًا خاضوا الانتخابات تحت شعار (الإسلام هو الحلّ).
المشاركة التاسعة، كانت عام 2005، وفاز فيها الإخوان بـخُـمس المقاعد وحققوا نسبة 20%، بإجمالي 88 مقعدًا من بين 160 مرشحًا خاضوا الانتخابات كمستقلين تحت شعار (الإسلام هو الحل)، وهو أكبر عدد من المقاعد تحصل عليه الجماعة طوال تاريخ مشاركاتها البرلمانية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.