نيكولا ميشيل.. سويسري آخر يـُغادر الأمم المتحدة
بعد أربع سنوات على رأس مكتب الشؤون القانونية في الأمم المتحدة، وبعد أن كان السويسري الأول الذي جلس في أحد المقاعد الخمسة المُخصصة لفريق مساعدي الأمين العام للمنظمة، سيغادر الخبير نيكولا ميشيل منصبه في نهاية أغسطس القادم.
وقد أعرب مَن لقّبته إحدى الصحف السويسرية بـ “الضمير القانوني” للأمين العام للأمم المتحدة، عن أسفه لعدم بقاء أي مُمثل سويسري على أرفع مستوى داخل المنظومة الأممية.
“إن مغادرتي للأمم المتحدة ستثير أسفي بالتأكيد. ولئن كان الشعور بالإحباط يتملكني دائما بسبب عدم تناسب ما ينبغي فعله وما يُمكنني فعله، فيمكن أن أقول إنني تمكنت من المساهمة في نشر ثقافة جديدة، ثقافة نهاية الإفلات من العقاب”. هكذا علق الخبير القانوني السويسري نيكولا ميشيل على النهاية القريبة لمهمته الأممية، في لقاء مع وكالة الأنباء السويسرية يوم 14 مارس 2008.
لا سلام بدون عدالة
ولا يوجد عدم توافق بين المصالحة والعدالة في نظر أستاذ القانون الدولي والمدير السابق لدائرة القانون الدولي في وزارة الخارجية السويسرية الذي يضيف: “من الخطأ القول أن العدالة تمنع إحلال السلام”.
وينوه في هذا الصدد إلى أن “التحدي يتمثل في توضيح العنصرين بشكل صحيح في كل سياق، لكنني على قناعة بأنه لا يمكن إحلال سلام دائم دون تحقيق العدالة” نظرا لأن “غياب العدالة يطفو إلى السطح حتى بعد مرور عدة سنوات”.
المحكمة الخاصة حول لبنان
ويشيد نيكولا ميشيل، المسؤول في الأمم المتحدة عن إقامة محكمة خاصة حول لبنان بالسرعة التي تم بها تنفيذ إنشاء هياكل المحكمة؛ فقد تـم توقيع اتفاق مع هولندا لتنصيب المحكمة المكلفة بمحاكمة مرتكبي اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، كما عُين القضاة وكتاب الضبط.
وأوضح الخبير القانوني السويسري أن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، سيتخذ قرارا بشأن تاريخ بدء عمل المحكمة، وذلك بالتشاور مع حكومة لبنان فور ضمان تمويلها، وبناءً على تقدم أعمال لجنة التحقيق.
وردّا على سؤال حول رفض للتعاون من قبل بيروت، أكد نيكولا ميشيل أنه “يجب إفهام اللبنانيين أن الإفلات من العقاب أمرٌ غير مقبول، وأن المحكمة ستكون جهازا قضائيا مستقلا ومحايدا، وليس أداة سياسية في يد طرف ما”.
وشدد ميشيل، للمرة الأولى، على أن المحكمة الخاصة حول لبنان توفر إمكانية إصدار الحكم الغيابي، وأن الإجراء يمكن بالتالي أن يتم في غياب المتهمين.
شعور بالأسف إزاء سويسرا
على صعيد آخر، أشار نيكولا ميشيل إلى أنه سيعود إلى التدريس في جنيف اعتبارا من الخريف القادم. وبرّر مغادرته بـ “أسباب عائلية وإدارية”، بعدما تم تمديد انتدابه في الأمم المتحدة في فبراير 2007.
وقد لخّص العوامل التي دفعته إلى عدم طلب تمديد لمهمته لسنة إضافية في نظام التقاعد المعمول به في الأمم المتحدة الذي يـغرّم أصحاب الانتدابات القصيرة المدى، وتكاليف الحياة في نيويورك، وتمدرُس أبنائه.
وفي توضيح استبعد من خلاله شائعات حدوث شقاق بينه وخلف الأمين العام السابق كوفي أنان، أضاف الخبير السويسري “إن الأمين العام للأمم المتحدة يعتقد أن الوظائف من هذا النوع لا يمكن أن تتواصل لمدة تزيد عن خمس سنوات”.وعبر نيكولا ميشيل عن استيائه من عدم بقاء أي ممثل سويسري على أعلى مستوى في منظومة الأمم المتحدة، بعد مغادرة كارلا ديل بونتي وأدولف أوغي في نهاية العام الماضي.
وقال في هذا السياق: “يؤسفني ذلك أكثر لأن مساهمة سويسرا تحظى بالتقدير في الأمم المتحدة، وتتناسب مع قيم القانون الدولي. ثم إن الدبلوماسية متعددة الأطراف هي اليوم وبامتياز مكان التأكيد والدفاع على المصالح”.
سويس انفو مع وكالة الأنباء السويسرية
بعد مغادرة نيكولا ميشيل، ستفقد سويسرا أحد آخر ممثليها في الأمم المتحدة.
وكانت المدعية العامة السابقة كارلا ديل بونتي، قد غادرت في موفى شهر ديسمبر الماضي المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا سابقا بعدما ترأستها لمدة ثمان سنوات.
أما المستشار الفدرالي السابق، أدولف أوغي، فقد أنهى في موفى عام 2007 مهامه كمستشار خاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الرياضة والتنمية من أجل السلام.
كما أنهى جون زيغلر في مارس الماضي مهمة المقرر الأممي الخاص حول الحق في الغذاء وتولى مهمة خبير في اللجنة الإستشارية في مجلس حقوق الإنسان (مقره جنيف) بعد انتخابه بغالبية الأصوات يوم 26 مارس الماضي.
في المقابل، مدد مجلس حقوق الإنسان انتداب فالتر كالين، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان للنازحين داخليا.
وُلد أستاذ القانون الدولي والأوروبي في فريبورغ في 7 نوفمبر 1949، وتابع دراسته الإعدادية في ثانوية سانت ميشيل في فريبورغ.
حصل على الإجازة ثم الدكتوراه في القانون في جامعة فريبورغ أيضا، كما نال درجة الأستاذية في العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون بالولايات المتحدة، وعلى شهادة محاماة في كانتون فريبورغ.
عمل ضمن إدارة كانتون فريبورغ قبل تعيينه أستاذا في جامعة فريبورغ حيث درس من 1987 إلى 1998.
ترأس إدارة القانون الدولي العام في وزارة الخارجية السويسرية.
منذ 2004، عُين نائبا للأمين العام للأمم المتحدة مكلفا بالشؤون القانونية للمنظمة. وهي مهمة سيغادرها في أغسطس 2008 للعودة إلى التدريس في جنيف.
قام نيكولا ميشيل بدور نشط لإقامة المحكمة المكلفة بالتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في عام 2005.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.