هل يُـصلح تعاوُن العرب واليهود الأمريكيين ما أفسَـده اللّـوبي الإسرائيلي؟
لِـعشرات السِّـنين، ظلّ اللوبي الإسرائيلي، المعروف بـ "الإيباك"، يُساند أعضاء الكونغرس المُـناصِـرين لإسرائيل ويُـحارب القلّـة القليلة من الأعضاء الذين يصوِّتون لصالِـح العرب أو يتجاسَـرون على قولِ الحقيقة.
ولم يصمُـد كلّ مَـن حاول الوقُـوف في وجه ذلك التيار، سواء مَـن حاول من أعضاء الكونغرس من ذوي الإرادة المستقلّـة أو من العرب الأمريكيين النّـشطين أو غيرهم، بحجّـة أن أي خروج على نصّ “الإيباك” سيُـلحِـق الضّـرر بإسرائيل الحليفة المُـقرّبة للولايات المتحدة.
وقبل عام ونِـصف، خرجت إلى مسرح العمل السياسي منظمة لليهود الأمريكيين الدّاعين إلى مساندة إسرائيل من خلال السلام، وليس باستخدام القوة العسكرية والاحتلال، وبدأت ترفع شِـعار تغيير السياسة الأمريكية باتِّـجاه السلام في الشرق الأوسط تُـسمى J Street، ترَأَّسَـها جيريمي بن عامي، الذي شغَـل من قبل منصِـب المدير السياسي لحملة ترشيح هاورد دين لانتخابات الرئاسة الأمريكية وكان مستشارا للرئيس كلينتون للشؤون الداخلية، وله باع طويل كذلك في السياسة داخل إسرائيل.
ودخلت المنظمة الجديدة في تجرِبة فريدة مع المعهَـد العربي الأمريكي، الذي يُـعدّ الذِّراع السياسية الأساسية للعرب الأمريكيين، حيث اتّـفق الجانِـبان على عقْـد جلسة مُـشتركة خلال المؤتمر السنوي لزُعماء المنظّـمات العربية الأمريكية، شاركت فيها حوالي 15 منظمة يهودية لمناقشة أجَـندة السلام وإظهار تأييد العرب واليهود الأمريكيين لحلّ الدّولتين، الذي يسعى الرئيس أوباما لتطبيقه.
Swissinfo.ch حضرت الجلسة والتقَـت بالسيد جيريمي بن عامي، وسألناه في البداية عن أهمية j Street كصوت لليهود الأمريكيين يخرج عن المألوف ويُـنادي بضرورة التحرّك الأمريكي للتوصّـل إلى السلام في الشرق الأوسط فقال:
“لعشرات السنين، ظل اللوبي الإسرائيلي يروِّج في الكونغرس الأمريكي لفِـكرة أنّ أمْـن إسرائيل مرتبِـط بمساندتها عسكريا ومواصلة احتلالها للأراضي العربية، من هنا نشأت منظمتنا لتغيِّـر هذا المنطِـق المغلوط. فنحن مُـوالون لإسرائيل وحرِيصون على مستقبَـلها، ولكننا نؤمن بأنه لن يكون هناك مستقبل لإسرائيل، طالما لا توجد بجوارها دولة فلسطينية، وشعارنا هو مساندة إسرائيل من خلال السلام، وليس الحرب والقوة والاحتلال، ولذلك، نسعى جاهِـدين إلى نشْـر هذا الفِـكر الجديد بين اليهود الأمريكيين وبين أعضاء الكونغرس، ونجعل منه مجالا للتّـطبيق في السياسة الأمريكية”.
وقال المدير التنفيذي لمنظمةJ Street “إن التعاون الجديد مع زُعماء المنظمات العربية الأمريكية يخدِم هذا التوجه، حيث يظهر للحكومة الأمريكية ولأعضاء الكونغرس أن هناك مساندة قوية متنامِـية في الولايات المتحدة بين اليهود الأمريكيين والعرب الأمريكيين، بل وبين كل الأمريكيين لتحرّك الرئيس أوباما نحو بذْل جهود أمريكية حقيقية للمساعدة في إنهاء الصِّـراع، عن طريق إقامة دولة فلسطينية تعيش في سلام بجوار إسرائيل، وبالتالي، يمكن التوصّـل إلى تسوية شامِـلة في الشرق الأوسط”.
لماذا تعاون العرب الأمريكيون؟
ردّ الدكتور جيمس زغبي، مدير المعهد العربي الأمريكي على سؤال swissinfo.ch بالقول:
“أصبح من الأهمية بمكان أن تتكاتَـف جهود العرب الأمريكيين مع اليهود الأمريكيين المُـساندين للسلام، لأن أعضاء الكونغرس ظلّـوا لعشرات السنين يتصرّفون في تصويتهم إزاء الصِّـراع العربي الإسرائيلي، بمنطِـق روّج له اللّـوبي الموالي لإسرائيل، وهو أن مَـن يُـناصر إسرائيل يجب أن يقِـف ضد العرب، ولكن بعد أن غيّـر الرئيس أوباما المُـعادلة بالتأكيد على أن تسوية الصِّـراع عن طريق حلّ الدولتين، هو في صميم المصالِـح القومية الأمريكية، تعيّـن على مجتمع العرب الأمريكيين ومجتمع اليهود الأمريكيين المناصِـران للسلام، أن يُـثبتا بتعاون قادتهما أن مساندة أعضاء الكونغرس للسلام، لن يفقِـدهم أصوات اليهود الأمريكيين وأن من مصلحة إسرائيل كما هي مصلحة الفلسطينيين، التوصل إلى تسوية عادِلة وشاملة تُـنهي الصِّـراع، وهو إثبات لخطإ اللّـوبي الإسرائيلي، الذي طالما ربط مصلحة إسرائيل بمواصلة استِـخدام القوة العسكرية مع جيرانها، وهو ما لم يجلب لها الأمن ولم يخدِم المصالح القومية الأمريكية”.
وقال الدكتور زغبي، إن جلسة الحِـوار المشتركة التي ضمّـت ممثلي عشرات من المنظمات العربية واليهودية الأمريكية، ترسل رسالة قوية إلى الرئيس أوباما وإلى الكونغرس الأمريكي، مفادُها أن الجانبيْـن اتّـفقا، رغم خلافاتهما التاريخية، على أن حلّ الدولتيْـن هو الطريق الوحيد لإنهاء الصِّـراع وإقرار السلام وتحقيق المصالح القومية الأمريكية، وترسل رسالة قوية إلى مَـن يتبنّـون موقِـف حركة حماس ومَـن يتصوّرون في الجانب الإسرائيلي المتعنِّـت، أنه لا توجد إمكانية لتحقيق السلام مفادُها أنه، في نهاية المطاف ومهْـما بلغت الصِّـعاب، يظلّ الطريق الوحيد للتسوية هو السلام العادل، الذي يجب أن يتعاون من أجله الجميع.
أمل في توقيع اتِّـفاق سلام
وكان من بين الحاضِـرين، عضو الكونغرس الديمقراطي المخضرم نك رحال اللبناني الأصل، الذي أشاد بالتّـعاون بين قيادات العرب الأمريكيين وزُعماء المنظمات اليهودية الأمريكية المؤيِّـدة للسلام، والذي أكّـد مساندة عدد من أعضاء الكونغرس لهذا التوجّـه، حيث يظهر هذا التعاون مساندة العرب الأمريكيين وغالبية من اليهود الأمريكيين لحلّ الدولتيْـن وقال لـ swissinfo.ch:
“لقد طالب الرئيس أوباما كافة الأطراف بالخروج على المألوف وتجربة طُـرق جديدة لدفع مسيرة السلام، وهذا التعاون يجسِّـد خروج العرب الأمريكيين واليهود الأمريكيين على نمَـط التنافُـر التقليدي، الذي اتّـسمت به علاقاتهما لحشْـد التأييد في الكونغرس، لفِـكرة أن العمل الأمريكي من أجل حلّ الدولتين، هو في صالح الجانبيْـن وفي صالح المِـنطقة وفي صالح الولايات المتحدة، ورغم المصاعِـب التي تمُـر بها جهود الوساطة الأمريكية في الشرق الأوسط، فأنا متفائِـل باحتمال أن يتمكّـن الرئيس أوباما قبل انتهاء فترته الرئاسية، من استضافة الزعماء الفلسطينيين والإسرائيليين في حديقة البيت الأبيض لتوقيع اتفاق السلام المنشود”.
وخلّـص النائب نك رحال إلى أن التعاون التاريخي الذي أظهرته جلسة الحِـوار المشترك بين العرب الأمريكيين واليهود الأمريكيين، سيشجِّـع أعضاء الكونغرس على التفكير بشكل مُـختلف عمّـا اعتادوا عليه في التّـعامل مع قضية السلام في الشرق الأوسط.
وكان من المُـلفت للنّـظر أن الرئيس أوباما أرسل مستشاره لشؤون الأمن القومي الجنرال جيمس جونز إلى مؤتمر زُعماء المنظمات العربية الأمريكية ليشرح لهم بحضور تسعة من السفراء العرب في واشنطن، تصوّر الرئيس لكيفِـية التوصل إلى سلام دائم وعادِل في الشرق الأوسط. كما أرسل الرئيس أوباما السيدة كريستينا تشن، مديرة مكتب التواصل مع الجاليات التابع للبيت الأبيض، مندوبة عنه لجلسة الحوار المشترك، حيث أشادت بتعاون العرب الأمريكيين واليهود الأمريكيين من أجْـل تحقيق حلّ الدولتيْـن.
وردّا على سؤال لـ swissinfo.ch عما يوفِّـره ذلك التعاون لتوجّـه الرئيس أوباما الخاص بحل الدولتين قالت: “نحن بحاجة إلى ترجيح كفّـة ذلك التوجه بمساندة شعبية من العرب الأمريكيين واليهود الأمريكيين والمسلمين الأمريكيين، وبالتالي، حشْـد المزيد من التأييد في أوساط أخرى في المجتمع الأمريكي، لأننا لا نحتاج فقط إلى تغيير العقول والقلوب في الشرق الأوسط، بل في الولايات المتحدة كذلك”، وفسّـر بعض الحاضرين تلك الإشارة من مندوبة الرئيس أوباما، إلى أنها تعني أعضاء الكونغرس الذين اعتادوا على مساندة إسرائيل على طول الخط.
وأضافت السيدة تشن قولها أن “مهمّـة تطبيق حلّ الدولتيْـن مهمّـة شاقة وستحتاج مساندة شعبية من الأمريكيين، لأنه ليس بوِسع الرئيس أوباما أن يفعل ذلك بمفرده”.
قوة الدفع من J Street
ويعلِّـق اليهود الأمريكيون المسانِـدون للسلام في الشرق الأوسط، آمالا كبيرة على المؤتمر السنوي الأول لمنظمة “جيه ستريت” المُـنعقد في واشنطن، خاصة وأنه يضُـم أكثر من ألف وخمس مائة من زُعماء اليهود في الولايات المتحدة، بل ومن إسرائيل، للدّفع باتِّـجاه أجَـندة السلام.
وعن هذه الآمال، يقول المدير التنفيذي للمنظمة جيريمي بن عامي: “استمرار الصِّـراع وبقاء الاحتلال الإسرائيلي، يؤجِّـج مشاعِـر الغضب في الشرق الأوسط، بل وفي العالم الإسلامي، ويُـهدِّد المصالِـح القومية الأمريكية بالخطر، لذلك، يتعيّـن إنهاء الاحتلال، ولذلك ستكون رسالة المؤتمر إلى الرئيس أوباما وإلى المجتمع الدولي، هي ضرورة التحرّك لإنهاء الصِّـراع بالدّعوة العاجِـلة للدخول في مفاوضات الحلِّ النِّـهائي وتقديم مُـقترحات أمريكية ودولية، لسَـدِّ الفَـجوات في مواقِـف الطرفيْـن، اللذيْـن عجَـزا بمفردِهما منذ اتفاقات أوسلو عام 1993 عن التوصّـل إلى حلول لقضايا الوضع النهائي، مما يتعيّـن معه مساعدة من طرف ثالث، وربما يكون الطّـرف الأمريكي في عهد الرئيس أوباما هو الأقدَر على طرح الحلول”.
ومع تزايُـد شعبية ونفُـوذ منظمة “جيه ستريت” بين اليهود المسانِدين للسلام وتذمُّـر اللُّـوبي الإسرائيلي من الضّـغط السياسي للمنظمة الجديدة في أروقة الكونغرس، ومن أول تعاوُن بين قادة المنظمات اليهودية الأمريكية وزعماء العرب الأمريكيين، يثور تساؤُل في أوساط مُـعسكر السلام: هل يُـمكن أن يصلح هذا التعاون ما أفسده اللوبي الإسرائيلي؟ ستكون الإجابة بنعَـم في حالة واحدة: إذا انعكست أصداء ذلك التعاون داخل الكونغرس.
swissinfo.ch – محمد ماضي- واشنطن
القدس (رويترز) – قال روبرت سيري، مبعوث الامم المتحدة الى الشرق الاوسط يوم الجمعة 23 أكتوبر، ان اسرائيل يجب أن تظهر بصيرة وتقتنص الفرصة السانحة حاليا لاستئناف مفاوضات السلام الرامية الى التوصل الى اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين قبل أن تضيع هذه الفرصة.
وقال سيري، ان الرئيس الامريكي باراك أوباما تولى منصبه في يناير و”منذ اليوم الاول”، جعل التوصل الى اتفاق سلام في الشرق الأوسط أولوية.
وعلى الرغم من الصعوبات، فلم يستسلم الرئيس الأمريكي حتى الآن ويحظى في ذلك بالدعم الكامل للاتحاد الاوروبي وروسيا والأمم المتحدة.
وأضاف منسق الأمم المتحدة الخاص لعمية السلام في الشرق الأوسط لرويترز في مقابلة “أنا متشائم إزاء احتمال تكرار هذه الفرصة مرة أخرى في القريب… النافذة تغلق الآن… يجب أن لا نتصور أن الوقت في جانبنا”.
ومضى المبعوث قائلا “الأطراف تعرف في داخلها ما يتطلبه الأمر، وهي تحتاج الى الارادة السياسية… وبصراحة لا أرى إلحاحا لدى الجانب الاسرائيلي. وأريد أن أرى مزيدا من الالتزام”. وقال سيري “اذا كانت اسرائيل تشعر بالحاجة المُلحة والحسم، ستفي بالتزاماتها”. وقال للاسرائيليين الذين يعتقدون أن الواضع الراهن مقبول، “انا لا أتفق معكم”. وأضاف سيري، أنه من الواضح أن لا جدوى من “المحادثات من أجل المحادثات”. فالمحادثات يجب أن يكون لها “أفق سياسي له مصداقية”، في نهايته حل إقامة دولتين.
وقال ان الطرفين يجب ان يستأنفا المفاوضات من حيث توقفت مع الحكومة الاسرائيلية السابقة عام 2008، لا أن تبدأ من نقطة الصفر، بينما تواصل الحكومة الاسرائيلية الحالية السماح ببناء المستوطنات على أراضي الضفة الغربية المحتلة.
وأضاف أن السماح لاسرائيل بالتفاوض “بينما تغير أيضا الأهداف على الأرض”، سيؤدي الى الفشل. وفي السياق العربي الاسرائيلي، ومع افتراض وجود المزيد من الوقت للتوقف، يعني ببساطة المخاطرة بأحداث قد تخرج عملية السلام عن مسارها.
وأشار الدبلوماسي سيري (59 عاما) الى أنه في غزة يتواصل صراع على مستوى منخفض بين اسرائيل والمتشددين الاسلاميين بعد الحرب بينهما، التي استمرت ثلاثة أسابيع في يناير الماضي والتي خلفت كثيرا من القتلى والدمار.
وقال سيري، ان المحادثات يجب أن تستأنف بما يجعلها “لا يمكن ان تفشل مرة أخرى” وهذا هو السبب الذي حدا بجورج ميتشل، المبعوث الخاص لاوباما الى الاصرار على أهداف واضحة ورغم أن التقرير الاخير عن مهمته لم يكن ورديا الا ان “ميتشل سيعود”. وأضاف سيري “يجب أن تكون لدى اسرائيل البصيرة لترى أن حل الدولتين هو الطريقة الوحيدة للسلام والامن”. وقال لديهم “شريك تقدمي” في الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض”.
“من الصعب القول، كم من أسابيع أخرى” قد يستغرقها ميتشل كي يعد استئنافا يتسم بالمصداقية لعملية السلام. واضاف “نحن لم نصل الى هذه النقطة بعد، لكننا لن نفقد الثقة في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة”.
أما بالنسبة للفلسطينيين، فانهم “في وقت ما سيتعين عليهم الذهاب الى صناديق الاقتراع”، لانهاء الانقسام بين حماس التي ترفض السلام مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب والمستعدة لعقد معاهدة سلام تنهي الصراع. وقال ان حماس، التي تحكم قطاع غزة، لديها القدرة على تغيير المناخ السياسي، اذا ما أطلقت سراح الجندي المحتجز لديها جلعاد شليط في تبادل للسجناء.
واضاف ان على الحكومة الاسرائيلية أن تعيد التفكير في السياسة “الخاطئة سياسيا وأخلاقيا” والتي تعرقل استكمال الأمم المتحدة لإعادة بناء مدارس ومستشفيات قطاع غزة المحاصر قبل حلول الشتاء. وقال سيري “بعض المشروعات انتهت بنسبة 70%، وهي تحتاج الى الزجاج والأبواب ودورات المياه… وهذا استغرق بالفعل شهورا”.
وخابت آمال الأمم المتحدة، لان اسرائيل حتى الآن لم تقبل فكرة أنها قادرة على منع “تحويل” مواد البناء الى متشددي حماس.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 23 أكتوبر 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.