وزيرة العدل تشدد على ضرورة انتهاج سياسة لجوء عادلة
في الوقت الذي احتفلت فيه سويسرا باليوم الوطني للاجئ يوم 18 يونيو بالتركيز على ما يُـمكن أن يُـقدِّمه اللاجئون للمجتمع، تخشى الدول الأوروبية من التعرض لموجة جديدة من طالبي اللجوء.
في حديث خاص، أبلغت سيمونيتا سومّـاروغا، وزيرة العدل والشرطة السويسرية swissinfo.ch أنها تريد تبسيط وتسريع عملية اللجوء، مع ضمان بقائها نزيهة وعادلة.
وفي الواقع، توجد مُـعضلة حقيقية. ففي العالم أجمع، يفِـرّ عشرات الملايين من الأشخاص من الإضطهاد والعنف والنزاعات والكوارث الطبيعية، ولكن لا أحد يرغب في استقبالهم، وخاصة في البلدان الغنية في الغرب.
swissinfo.ch: في هذه المُـعضلة، إلى أي طرف تنحازين، عندما يفِـر مثل هذا العدد من الأشخاص ولا يوجد أحد مستعِـد لاستقبالهم؟
سيمونيتا سومّـاروغا: أنا أقف إلى جانب سياسة لجوء، ذات مصداقية.. تلك التي تحتاج إلى التأكُّـد من أن الأشخاص المهدَّدين في بلدانهم، سيتِـم قبولهم. إن هدفي يتمثل في توفير إجراءات عادلة، تمنح الحماية للأشخاص الذين لديهم أسباب حقيقية للفِـرار من أوطانهم الأصلية، حسب التعريف الوارد في معاهدة (الأمم المتحدة) للاجئين لعام 1951. وكل شخصٍ ليس لديه سبب مُـعترف به للحصول على اللجوء، يجب أن يعود من حيث أتى.
لا يوجد شخصٌ يفِـرّ (من بلاده) بدون أي سبب..
سيمونيتا سومّـاروغا: حيثما تكون هناك أسباب للفِـرار، يجب علينا تقديم المساعدة في الإعمار والتنمية، لإيجاد نظام سياسي فعّال وسياسة اقتصادية، بحيث يُـمكن للبلدان الفقيرة على وجه الخصوص، الإستفادة من فرصة لتطوير اقتصاد مستقل.
من النتائج التي أسفر عنها الربيع العربي، ازدياد أعداد الأشخاص الساعين على الحصول على اللجوء في العالم. أليس من النفاق الترحيب بالتطورات الديمقراطية هناك ومحاولة التصدّي لموجة مُـحتملة من اللاجئين في الوقت نفسه؟
سيمونيتا سومّـاروغا: سويسرا لم تكتف بالتصفيق، بل قدّمت المساعدة. فقد تعهّـدت الحكومة بسرعة بتوفير 12 مليون فرنك وكانت سويسرا من أول البلدان التي جمّـدت أموال الطغاة.
معظم القادمين من تونس، هُـم مهاجرون اقتصاديون وشبان يبحثون عن شغل هنا. بإمكاني تفهُّـم سبب قدومهم إلى هنا، لكنهم لن يحصلوا على اللجوء ويجب عليهم العودة. إنه من المُـهم أن نتعامل بجدّية مع انشغالات السكان في سويسرا. كما يجب علينا أن نكون مهيّـئين في صورة تقدّم عدد كبير من الأشخاص بطلب اللجوء بشكل مفاجئ. هذا الأمر لا علاقة له بالتخلّـص منهم، بل يتعلق الأمر بالتصرّف بشكل مسؤول تجاه مواطنينا.
يُـقيم نصف اللاجئين الفارّين من ليبيا (يبلغ عددهم الإجمالي حوالي 900000 شخص) في مخيمات أقيمت في تونس، كما طالبت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بلدان أوروبا الغنية باستقبال البعض منهم. لماذا لم تقدِّم سويسرا، باعتبارها بلد التقاليد الإنسانية، مثالا جيدا في هذه الحالة؟
سيمونيتا سومّـاروغا: بل العكس هو الصحيح. لا يجب أن تنسى أن سويسرا استقبلت منذ فترة، عددا كبيرا من اللاجئين الإريتريين. وفي هذه السنة، استقبلنا المزيد من الإريتريين الذين فرّوا من ليبيا. توجد لدينا أكبر جالية إريترية في كامل أوروبا. إنه من الطبيعي، بالنسبة للعديد من الإريتريين أن يتوجّـهوا إلى سويسرا، لأنهم يعرفون أشخاصا هنا. لا أريد أن أستبدِل هؤلاء اللاجئين بأولئك الموجودين في المخيمات في تونس، بل أسعى إلى الإبقاء على التقاليد الإنسانية لسويسرا.
أعلَـنتِ مؤخرا، أنه سيتم تسريع الإجراءات لأولئك الذين سيدقّـون على أبوابنا. هل سيعني هذا التقليص من إمكانية استخدام طالبي اللجوء لوسائل الاعتراض القانونية؟
سيمونيتا سومّـاروغا: حتى الآن، كانت فترة الإجراءات تزيد أحيانا عن 1000 يوم، وهذا أمرٌ يعسُـر تحمُّـله من طرف المتقدِّمين بالطلب. لدينا الكثير من الأسباب التي تدفعنا لتقليص فترة الإجراءات، لكن ذلك لن يحدُث عبْـر التفريط في الجودة. ما نريد القيام به، يتمثل في إدماج العديد من الخطوات التي كانت تتم سابقا في أماكن مختلفة وعلى مدى عدة أشهُـر في إجراء لجوء واحد. وفي الوقت نفسه، سيتحصّـل الطالبون على حماية قانونية مجانية وشاملة، إذ لابد من أن تتسم الإجراءات بالعدالة، ولهذا السبب، يجب أن تُـنجز بسرعة وبطريقة احترافية.
طِـبقا لمعاهدة دبلن، يُـمكن لسويسرا أن تُـعيد لاجئين إلى أول بلد طلبوا فيه اللجوء. هل أنت على استعداد للقبول بإعادة لاجئين تقدَّموا بطلبهم هنا، إلى إيطاليا مثلا، حيث تحدثت وسائل الإعلام مرارا عن تدهور الأوضاع في مراكز اللجوء..
سيمونيتا سومّـاروغا: أعلم بأن عددا كبيرا من الأشخاص – حوالي 40000 – وصلوا إلى إيطاليا قادمين إليها من ليبيا. ففي لامبيدوزا لوحدها، وصل العدد إلى 5000 لاجئ شكّـلوا ضغطا لا يُـحتمل على منشآت الجزيرة، وقد نقلت إيطاليا الآن هؤلاء الأشخاص إلى داخل البلاد ووزّعتهم على عدة مراكز.
وفي صورة قدوم المزيد من الأشخاص، هل ستكون سويسرا ضِـمن البلدان التي ستساعد على تخفيف الحمل عن إيطاليا؟
سيمونيتا سومّـاروغا: في اجتماع ضمّ الدول الأعضاء في معاهدتي شنغن ودبلن، توصّـلنا إلى أن الوضع في بلد مثل مالطا، لا يُـمكن أن يستمر. ففي غضون أربعة أشهر، استقبل البلد 2700 لاجئ، مُـعظمهم من النساء والأطفال، وهو ما يوازي – إذا ما قمنا بمقارنة نسبية – قدوم 40000 شخص إلى سويسرا. إثر ذلك، أرسلت المفوضية الأوروبية خبراء وأموالا لدعم مالطا وأعلَـنَـت بلدان الاتحاد الأوروبي عن استعدادها لاستقبال لاجئين من مالطا.
وهل أعربت سويسرا عن استعدادها أيضا؟
سيمونيتا سومّـاروغا: عرضت سويسرا أيضا استقبال مجموعة صغيرة من اللاجئين من مالطا، لكنني قلت في بروكسل أيضا، إننا نتلقى حاليا العديد من طلبات اللجوء من إريتريا. يجب على كل بلد أوروبي أن يقدِّم مساهمته.. طوعيا، لكن إذا غاب التضامن، فإن منظومة دبلن بأكملها ستنهار، وهذا لا يخدِم مصلحة أي كان.
يتزايد عدد اللاجئين من نازحين وطالبي لجوء في العالم ووصل عام 2010 إلى حوالى 44 مليون شخص ثمانين بالمائة (80%) منهم موجودون في الدول النامية خلافا للتصور السائد.
“43,7 مليون شخص تشردوا في العالم، أي ما يكاد يوازي مجموع سكان كولومبيا أو الجمهورية الكورية”. هذا الرقم يشير إلى زيادة عن عام 2009 (43,3 مليونا) ويُعتبر الأكثر ارتفاعا منذ 15 عاما.
يضم هذا العدد 15,6 مليون لاجئ و27,5 مليون نازح داخل بلادهم، ما يمثل رقما قياسيا منذ عشر سنوات، وحوالى 850 الف طالب لجوء.
لا يزال الأفغان يشكلون القسم الأكبر من اللاجئين في العالم (ثلاثة ملايين)، يليهم العراقيون (1,6 مليون) والصوماليون (770200) ومواطنو جمهورية الكونغو الديموقراطية (476700) وبورما (415700).
تبقى الدول الفقيرة والنامية الوجهة الأولى للاجئين وهي تستقبل 80% منهم “في وقت يزداد العداء حيالهم في العديد من الدول الصناعية”.
تؤوي باكستان وايران وسوريا “أكبر مجموعات من اللاجئين يبلغ عددهم على التوالي 1,9 مليون و1,07 مليون و1,005 مليون” وتتحمل بالتالي العبء الاقتصادي الاكبر الناجم عن اللاجئين.
وعلى سبيل المقارنة، تؤوي ألمانيا، الدولة الصناعية التي تستقبل أكبر أعداد من اللاجئين، 594 الفا منهم، ما يمثل فارقا هائلا في الأعداد.
بالنسبة لطالبي اللجوء، تبقى جنوب افريقيا وجهتهم الأولى حيث سجل هذا البلد 180600 طلب عام 2010، ما يمثل خُمُس طلبات اللجوء في العالم وثلاثة أضعاف العدد المسجل في الولايات المتحدة (54300) وفرنسا (48100)
عبر انطونيو غوتيريس، المفوض السامي لشؤون اللاجئين عن الأسف لانتشار العديد من “الافكار الخاطئة حول حركات اللجوء”، وقال في بيان نشر في جنيف يوم 20 يونيو 2011: “إن المخاوف من تدفق مفترض للاجئين في الدول الصناعية مبالغ فيها كثيرا أو انها تقترن من باب الخطإ بمشكلات مرتبطة بالهجرة”.
تغتنم منظمات الإغاثة وتقديم العون، مناسبة اليوم العالمي للاجئ (20 يونيو)، للَـفت الأنظار إلى أن نقص الغذاء والرعاية الصحية، يعني مواجهة أعداد متزايدة من اللاجئين، لخطر الموت.
أقِـرّ اليوم العالمي للاجئ، من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويُـحتفل به منذ عام 2001.
(المصدر: المفوضية السامية لشؤون اللاجئين – جنيف)
يتوفّـر اللاجئون على مهارات ومعارف وقدرات، وبإمكانهم تقديم مساهمة كبيرة لفائدة المجتمع الذي يستقبلهم.
اختارت المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين، استعادة قِـصص هروب (من الأوطان) وبدايات حياة جديدة (في سويسرا) لحملتها السنوية، التي أطلقتها يوم 18 يونيو.
للإحتفال بمرور 75 عاما على إنشائها، قامت المنظمة بإحصاء وتقديم 75 مسيرة حياة للاجئين يُـقيمون حاليا في سويسرا.
تُـظهر القصص الحقيقية، كيف يساعد الإندماج الاجتماعي الأشخاص الوافدين، على دخول سوق الشغل.
تحظى هذه الحملة بدعم المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين والمكتب السويسري للمفوضية السويسرية لشؤون اللاجئين والمكتب الفدرالي للهجرة.
(نقله إلى العربية وعالجه كمال الضيف)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.