وزيرة حقوق الإنسان العراقية لا تستبعد المزيد من أعمال العنف
بعد أسوإ عمليات تفجير تعرّضت لها بغداد منذ شهر أكتوبر الماضي، تقول وزيرة حقوق الإنسان العراقية، إنه من المحتمل أن تتكثّـف أعمال العنف قبل موعد إجراء الانتخابات العامة في 7 مارس القادم.
وقالت الوزيرة وجدان ميخائيل سليم، التي تزور برن هذه الأيام، “إن الإرهابيين يسعوْن إلى إفشال الديمقراطية في العراق”. مضيفة بأن “عقوبة الإعدام لن تُـلغى في ظل أجواء العنف الحالية”.
وكانت خمسُ هجمات متزامنة استهدفت مباني حكومية في الأغلب يوم الثلاثاء 8 ديسمبر، قد أسفرت عن مقتل حوالي 130 شخصا في بغداد. وفي السابق، اتُّـهِـمت مجموعات سُـنِّـية أصولية، كالقاعدة وأنصار لحزب البعث المحظور بالمسؤولية عن هذه الهجمات.
من جهته، وصف نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي التفجيرات، بأنها محاولة من طرف الأعداء لزعزعة استقرار العراق، بعد أن نجح البرلمان يوم الأحد 6 ديسمبر من تجاوُز الخلاف حول قانون الانتخابات وسمح بذلك بإجراء انتخابات عامة العام القادم.
وفي الوقت الحاضر، يوجد أكثر من مليونَـيْ لاجئ خارج العراق، إضافة إلى 2،8 مليون شخص من المرحّـلين الداخليين. وأشارت الوزيرة وجدان سليم إلى أنه سيكون من الأفضل، بالنسبة للاجئين، العودة إلى البلاد في العام المقبل، وقالت “بعد الانتخابات، سيكون الاستقرار والأمن أفضل”.
وفي لقاء مع وسائل الإعلام عُـقِـد يوم الثلاثاء في برن، كانت الوزيرة العراقية لحقوق الإنسان مرفوقة بالسفير السويسري رودولف كنوبلاوخ والمبعوث الخاص لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى أن الحكومة الفدرالية خصّـصت 21 مليون فرنك سويسري لفائدة النفقات ذات الطابع الإنساني في العراق من 2008 إلى 2010.
وأضاف كنوبلاوخ أنه “في إطار نادي باريس، ألغت سويسرا 280 مليون فرنك من الديون العراقية، وهي نسبة تناهز 80% من إجمالي ديون العراق لدى سويسرا”.
في انتظار الإعدام
المستوى المرتفع جدا من أعمال العنف التي شهِـدها العراق في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، دفع الإدارة العراقية إلى إعادة العمل بعقوبة الإعدام في شهر أغسطس 2004، ومنذ ذلك الحين، حُـكِـم على 1000 شخص على الأقل بالإعدام.
وطِـبقا لمنظمة العفو الدولية، يواجه 900 شخص تنفيذا قريبا لهذه الأحكام في العراق، الذي يتوفّـر حاليا على واحد من أعلى معدّلات تنفيذ أحكام الإعدام في العالم.
الوزيرة وجدان ميخائيل سليم، أشارت إلى أنه من المحتمل أن تُـلغى عقوبة الإعدام في وقت ما، لكن ليس الآن، وقالت “إن مستوى العنف في العراق، مرتفِـع بشكل كبير وأعداد ضحايا الإرهاب ضخمة، ولا يتعلّـق الأمر بي لوقف هذا أم لا. إنني أعتقد أنه لن يتوقّـف حتى إشعار آخر”.
وبالنظر إلى أن مهمّـة وزارة حقوق الإنسان العراقية تشمل تعليم المجتمع حقوق الإنسان والكشف عن الانتهاكات، التي حدثت في ظل نظام صدام حسين، ومراقبة تجاوزات حقوق الإنسان في الوقت الحاضر، فإن هذه الحقيبة تُـعتبر تحديا بكل المقاييس.
لكن هذه السيدة، التي عمِـلت سابقا في تخطيط المدن، تبدو مصمِّـمة تماما على إنجاز مهمّـتها، وتوضِّـح “لقد عِـشنا على مدى أكثر من 30 عاما في ظل الدكتاتورية ولم نسمع أبدا بحقوق الإنسان خلال تلك الفترة. واليوم، وبالنظر إلى كل ما نمُـرّ به، فإننا نعيش في مجتمع عنيف… وكل هذا ينعكِـس على الشعب العراقي”.
الأقليات
في حوارها مع وسائل الإعلام، رحّـبت الوزيرة العراقية بتخصيص القانون الانتخابي الجديد لعدد من المقاعد في البرلمان للأقليات، لكنها أعربت عن مخاوفها بخصوص حمايتهم على المدى الطويل في إطار الديمقراطية العراقية.
وقالت: “إننا نحتاج إلى قانون خاص لحماية الأقليات. إننا نحتاج إلى دعم أكبر وبذل المزيد من الجُـهد في هذه القضية، وخاصة إدارة الحوار بين العراقيين حول كيفية تقبّـل كل منا للآخر”.
وطِـبقا لتقرير نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش الشهر الماضي، فإن أوضاع الأقليات في العراق تزداد هشاشة، في الوقت الذي يحتدِم فيه النزاع بين الحكومة المركزية، التي يُـهيمن عليها العرب وحكومة إقليم كردستان من أجل السيطرة على مناطق متنازع عليها (إقليم كركوك بالخصوص). وقالت جو ستورك، من المنظمة غير الحكومية (مقرها نيويورك): “إن العراقيين المسيحيين واليزديين والصابئة، عانَـوا بشكل كبير منذ عام 2003”.
وتعتقد الوزيرة وجدان ميخائيل سليم أن جميع العراقيين يواجِـهون عدوّا مشتركا، وتقول: “الأقليات في العراق تواجِـه نفس المشكلة التي تتعرّض لها بقية المجتمع، وبالتحديد الإرهابيين الذين تصدّينا لهم كرجل واحد، لكن بعض الإرهابيين استهدفوا الأقليات، لأنهم يروْن أنها مجموعات صغيرة وأن أثر العمليات الموجَّـهة ضدها، سيكون أكبر”.
وتؤكِّـد السيدة سليم أن وزارة حقوق الإنسان تراقِـب أوضاع جميع الأقليات، وتقول: “لدينا أيضا فريق مسؤول عن مراقبة السجون والاعتقالات وفريق معنِـي بقضايا المرأة وفِـرق أخرى مهتمّـة بقضايا الأطفال ومسائل الأشخاص المرحّلين، إضافة إلى ضحايا الإرهابيين”.
مآذن سويسرا
الوزيرة العراقية كانت متحفِّـظة في التعليق عن التصويت الأخير للسويسريين لفائدة حظر بناء المآذن، وهو القرار الذي أثار ردود فعل غاضبة في العديد من البلدان الإسلامية.
وفي الوقت الذي تحتوي فيه بغداد لوحدها على عشرات الكنائس التابعة لمذاهب مسيحية متعدِّدة، حرصت السيدة وجدان ميخائيل سليم على التفريق بين حرية ممارسة الأديان وحرية عرض الرموز الدينية، وقالت: “أعتقد أن من حقِّ الناس أداء الصلاة والذهاب إلى مسجد أو إلى كنيسة، ولا أعتقد أن سويسرا منعت أيا كان من القيام بذلك”.
كلير أودييا – swissinfo.ch
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه كمال الضيف)
عُـيِّـنت السيدة سليم وزيرة لحقوق الإنسان في العراق في مايو 2006. وفي ذلك الوقت، كانت واحدة من أربع نساء تمّ تعيينهنّ في الحكومة العراقية الجديدة غير الطائفية والمسيحية الوحيدة فيها.
اشتغلت سابقا في مجال التخطيط العمراني.
بدأت مسيرتها الحكومية في مايو 2003 كعُـضو في المجلس المحلي لضاحية الوحدة، ثم التحقت بعد فترة وجيزة بالمجلس المحلي لحي الكرادة. وفي فبراير 2004، أصبحت السيدة سليم عضوة في مجلس محافظة بغداد.
في سبتمبر 2004، كانت عضوة في لجنة الشؤون الخارجية التابعة للمجلس الوطني العراقي. وفي مارس 2005، انتُـخبت لعضوية البرلمان العراقي.
في السنوات الأخيرة، تركّـز اهتمام وزارة الخارجية السويسرية على تنظيم دورات تدريبية في مجال حقوق الإنسان للإدارة العراقية.
تعاونَـت الدائرة الرابعة للشؤون السياسية (المعنية بالأمن الإنساني) في وزارة الخارجية السويسرية مع جامعة برن ومعهد جنيف لحقوق الإنسان في تنظيم ورشات عمل لفائدة مسؤولين حكوميين عراقيين من وزارات مختلفة، من بينها وزارة حقوق الإنسان.
تركّـز الاهتمام في ورشات العمل على حقوق الإنسان الأساسية والمعاهدات الدولية وآليات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلخ… كما عقد المشاركون في الورشات اجتماعات مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تُـسيّـر من طرف مواطنين سويسريين.
في تصريحات لـ swissinfo.ch قال سيمون أمّـان، نائب رئيس دائرة سياسات حقوق الإنسان بوزارة الخارجية، “تمثّـل جزء من التدريب في تدريس المسؤولين كيفية إعداد تقرير (حقوق الإنسان) للدولة، وهذه كانت مسألة جديدة تماما للحكومة العراقية. فعلى سبيل المثال، لم يتعيّـن عليهم سابقا (أي المسؤولين الحكوميين) تقديم أجوبة عن أسئلة مقرِّر خاص تابع للأمم المتحدة”.
إضافة إلى ذلك، نظّـم الجانب السويسري دورات دراسية، تركّـز فيها الاهتمام على النظام الفدرالية في وقت سابق من العام الجاري وفي عام 2008 وتمّ تمويلها من طرف البنك الدولي.
سجّـلت أعمال العنف في العراق تراجُـعا ملحوظا على مدى العامين الماضيين.
في شهر نوفمبر الماضي، لم يتجاوز عدد الضحايا المدنيين 88 شخصا، وهو أدنى رقم يُـسجّـل منذ الغزو الأمريكي في ربيع 2003.
يوم الثلاثاء 8 ديسمبر، تعرّضت بغداد إلى أسوإ هجمات إرهابية منذ 25 أكتوبر الماضي، عندما أدّى انفجار شاحنتين مفخّـختين إلى مقتل 155 شخصا في مبنى وزارة العدل ومكاتب محافظة بغداد.
في شهر أغسطس 2009، قُـتِـل 95 شخصا في هجمات أخرى استهدفت وزارتَـي المالية والخارجية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.