وزير المـُهـَجرين: “فتحنا حوارا لعودة جميع العراقيين ولا نستثني البعثيين”!
أكد عبد الصمد رحمن، وزير المهجّـرين والمهاجرين العراقيين، أن وزارته تبذل جهودا كبيرة من أجل ضمان عودة جميع العراقيين إلى بلادهم، من دون أي تمييز بين عراقي وآخر.
وقد حاورت سويس انفو السيد عبد الصمد رحمن في لقاء أجري معه مؤخرا بمكتبه ببغداد.
سويس انفو: ما هي الفئات الاجتماعية التي ترعاها وزارتكم؟
عبد الصمد رحمن: هناك عدة فئات:
النازحون، وهي العوائل التي نزحت من أماكن سُـكناها بسبب العنف الطائفي والإرهاب.
المرحَّـلون، أي المهجّـرين قسرا، بسبب سياسات النظام السابق داخل العراق.
اللاجئون إلى داخل العراق من فلسطين، وهم نحو 12500، منتشرون حاليا في الشّـقق السكنية في منطقة شارع حَـيفا والبلديات، حيث تدفع الوزارة أجورَ السّـكن والخدمات الأخرى.
وأكراد تركيا، متواجدون في مخيم مخمور في أربيل، التابعة اداريا للموصل، وهم نحو 1000 لاجئ.
وأكراد إيران، المتواجدون في مخيم طاش بالأنبار ومخيم كاوه في السليميانية، وهم نحو 4000لاجئ.
واللاجئون السودانيون والسوريون من حزب الإخوان المسلمين، منتشرون في كل العراق، وعديمو الجنسية من “البدون”.
اللاجئون وطالبو اللجوء إلى الخارج.
العائدون من دول الجِـوار بسبب النّـزوح القسري.
العائدون من المسفّـرين إلى إيران بشكل خاص، بسبب القرار 666 الذي أصدره النظام السابق.
سويس انفو: هل قمتم أثناء جولاتكم الأخيرة بلقاءات مع البعثيين، وهل دعوتهم للعودة إلى العراق؟
عبد الصمد رحمن: نحن ندعو جميع العراقيين في الخارج إلى العودة، ولا نميِّـز هنا بين البعثيين وغيرهم، وما يهمّـنا هو أن نوفِّـر لجميع المهجّـرين أسباب العودة.
نعم، لا نعارض عودة البعثي المهجَّـر أو المهاجِـر إلى وطنه، ما لم يكن مطلوبا للسّلطات الأمنية، وهنا فإن القضاء هو الفيصل.
سويس انفو: إذن، هناك مفاوضات جرت بينكم وبين البعثيين. ألا يغيظ هذا الأمر أسَـر الشهداء وأسرتك بالتّحديد، فأنت شقيق أحد أعضاء حزب الدعوة الإسلامية محمد، الذي تمّ إعدامه من قِـبَـل البعثيين؟
عبد الصمد رحمن: أنا أفصل بين كوني وزيرا في حكومة تعمل من أجل العراقيين جميعهم دون استثناء، وبين كوني من العوائل المتضرِّرة من النظام البعثي السابق.
قمت بجولات عدّة في سوريا مثلا التي تأوي الكثير من البعثيين، والتقيت بالمهجَّـرين ، لكنني لم ألتق حزب البعث بصفته الرسمية المعروفة.
إن حزب البعث محظور، بحسب قانون اجتثاث البعث، ولكن هذا لا يعني أنني ضدّ عودة البعثيين إلى العراق، إذا كانوا راغبين في ذلك، ووزارتي مستعدّة لتقديم كل العون اللاّزم لتشجيع الهِـجرة العكسية.
سويس انفو: وزارتكم متهمّـة بالتقصير في توفير أسباب عودة المهجّـرين، خصوصا مَـن هُـم في الخارج.. ماذا تقول؟
عبد الصمد رحمن: شخصيا، لا أدّعي العِـصمة وسبحان من لا يخطئ. نعم، إذا شعر أيّ مواطن أننا مقصّرون، فأنا أعتذر من خلال موقع سويس انفو، وأعلن أن مكتبي مفتوح للجميع لكي يزوروني أو يتصلوا بي ويعرضوا مشاكلهم، وأنا بنفسي سأتابع ذلك.
طبعا هناك بعض الصعوبات والإجراءات الإدارية المعقّـدة أو الروتينية، ونحن بصدد تذليلها، مثل حصول العائدين على الوثائق القانونية، هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية والجواز. نحن على اتصال بالوزارات والدوائر المعنية لحل هذه المشاكل وتذليل الصعوبات.
سويس انفو: لكن على أرض الواقع، فان بعض المؤسسات الحكومية لا تعترف برسائل التعريف التي تصدرونها، ولدي شواهد كثيرة على ذلك لأنني شاهدت ذلك بنفسي.
عبد الصمد رحمن: إنا لله وإنا إليه راجعون! سأتصل بالجهة التي ذكرتها، وتأكّـد أنني لن أسكُـت حين يحاول شخص أو مؤسسة وضع عراقيل أمام عودة المهجَّـرين.
سويس انفو: شكا البعض من المراجِـعين لوزارتكم أن وزارة المهجّـرين تهجّر العراقيين من جديد!
عبد الصمد رحمن: هذا كلام عام، ولابدّ من ذكر الموضوع المحدّد وستجدني إن شاء الله من الصّـالحين.
سويس انفو: هناك عدّة حالات لمراجعين شكوا كثيرا من الرُّوتين ومن التأجيل المستمِـر للنّـظر في طلباتهم ما يضطرهم للهِـجرة مجدّدا.
عبد الصمد رحمن: أنت أفضل من يعرف الحقيقة، وأعدك مرّة أخرى أنه في حال تزويدي بتفاصيل أي قصّة عن أعزائنا المهجّرين، فسأحاسِـب وبشدّة كل من يُـعرقل عودتهم أو يضع العصيّ في عجلة التّـمهيد لعودتهم. أنا هنا في الوزارة أصبحت وزيرا بفضل هذا الشعب الغيور، ولن أقف مكتوف اليدين عندما يتعلّق الأمر بحقوقهم.
سويس انفو: بخصوص الحصول على الجنسية وشهادة الجنسية أو استردادها، فإن العائدين يصطدمون بعراقيل، منها القوانين القديمة والتي لم تتغيّـر ولا تزال سارية المفعول أو بسبب الفسـاد الإداري من طلب رشـوة أو عرقلة متعمّدة لغرض في نفس عدد من الموظفين من فلول النظام السابق الباقين في مواقعهم.
عبد الصمد رحمن: هذا لا أنكره، وعلينا أن نكافِـح بقوة لفضح هؤلاء، أيّا كانوا، ونحن نستمِـد العوْن من الصحافة والإعلام، ونطلب أن تزوّدنا بكل التفاصيل..
بالنسبة لي، فإنني أرجو من المراجعين أن يكتبوا لي، ولو عن طريقك، عن أي شخص يطلب رشوة، وسأحاسبه بشدّة ودون أي رحمة أو شفقة.
سويس انفو: يقال أن وزير المهجّرين – يعني حضرتكم – في واد والكرد الفيليون، الذين تنحدر منهم، في وادٍ آخر، فأنت لا تولي اهتماما لمشاكلهم ولكونهم الأكثر تضرّرا من النظام السابق!
عبد الصمد رحمن: هذا غير صحيح، حين يكون الأمر مرتبِـطا بوزارتي، فأنا حريص على أن يحصلوا على حقوقهم، كما أنني أطالب كل يوم بحقوقهم، حتى أنني أشارك في المظاهرات وآخرها قبل أيام حين طالبت هيئة نزاعات الملكية بتعويض الكرد الفيلية عن أملاكهم التي صادرها النظام السابق.
تظاهرنا مؤخرا من ساحة الكيلاني حتى منطقة الصدرية وسط بغداد، إحياءً للذكرى الـ 30 لتهجيرهم من قِـبل النظام السابق، وأقِـرّ أن الكرد الفيلية تمكّـنوا في الفترة الماضية من الحصول على بعض حقوقهم، المتمثلة بالجنسية العراقية التي طالما حُـرموا منها، غير أن المطلوب هو تفعيل القرارات التي تتعلّـق بهم، كونهم يشكِّـلون مكونا أساسيا من مكوِّنات الشعب العراقي.
المهجّـرون الكرد الفيليون لهم حقوق مسلوبة يجب إعادتها، ولهم أبناء شهداء يجب أن تثبت حقوقهم كاملة أسوة بشهداء العراق الخالدين. فهم لا يقلّـون مواطنة عن غيرهم من فئات الشعب العراقي، التي عانت من الظّـلم والجُـور كثيرا.
سويس انفو: يقال أيضا، أنك مهتَـمّ بمهجّـرين ومهاجرين من طائفة ما. ودعني أنقل لك أن السُـنّة يعتبرونك مُـنحازا للمهجّـرين الشيعة.
عبد الصمد رحمن: هذا الكلام ينقضه الواقع تماما، لأن وزارة المهجّرين مهتمّـة بكل من ينطبِـق عليه الوصف، كما أوضحنا في الإجابة على السؤال الأول، ولك أن تقارِن لتعرف أننا لجميع العراقيين بكل طوائفهم ومكوّناتهم ولا فرق بين عراقي وآخر على الإطلاق.
سويس انفو: ما هو حجم تعاوُنكم مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين؟
عبد الصمد رحمن: بيننا تعاوُن مستمِـر، لكنه ليس بمستوى الطموح، ويجب قبل كل شيء زيادة التخصيصات، التي وُضِـعت لمعالجة أزمة النزوح والعمل على مساعدة الأسَـر في ترميم دُورهم المهدّمة أو المتضرّرة. ناقشنا مع المفوضية قبل أيام فقط موضوع الإستراتيجية العامة لفئات عناية الوزارة وبحث السبل العملية في توفير الخدمات والمساعدات المقدّمة لهم، كما تمت أيضا مناقشة قضية اللاجئين الأجانب في العراق..
فسكان مخيّم مخمور يطالبون سكانه بدعم كامل، رغم وجودهم في إقليم كردستان، وهم تابعون إداريا إلى الموصل، إلا أن الوزارة تُـتابع احتياجاتهم، عِـلماً أن مفوضية اللاجئين شملتهم بالمعونات والمساعدات. كما تمّ بالتنسيق مع وزارة الداخلية والمفوضية إعداد جرد للفلسطينيين الموجودين في العراق، لكن الوزارة لم تحصُـل على نتائج الجَـرد التي بقِـيت عند وزارة الداخلية، مما سبّـب مشكلة كبيرة، لأن وزارة المهجَّـرين والمهاجِـرين لا تستطيع بدون الإحصائيات أن توفِّـر لهم الجانب الإنساني، إلا أن العمل جارٍ على حلّ جميع مشاكل اللاجئين، ومنهم مخيّـم مخمور، بعد الانفتاح الكبير الذي شهدته البلاد مع تركيا وتحديدا لحركة حزب العمّـال من قِـبل إقليم كردستان.
سويس انفو: ماذا عن انضمام العراق لاتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين؟
عبد الصمد رحمن: العراق بحاجة لفتح هذا الملف، مع توفير الدّعم من قِـبل مفوضية اللاجئين، علماً أن الوزارة شكّـلت لجنة لدراسة الجدوى من هذا الانضمام لتكون على عِـلم أوسع من مبرّرات ونتائج الدخول للاتفاقية، التي سيوافق عليها مجلس الوزراء بعد رفعها من قِـبل الوزارة، كما أن المفوضية تعامَـلت لفترة طويلة مع قضية عودة اللاجئين بعدم المُـزايدة والابتعاد عن تسييس الموضوع، لأن عودة اللاجئين مطلوبة حتى تدعم أسُـس الاستقرار بشكل كامل في العراق.
أما بشأن النّـازحين ورغبتهم في العودة أو التفكير بالعودة أو الذين يعودون يومياً ويواجِـهون بعض المشاكل (كالتسجيل) مثلاً، فتأمل الوزارة في زيادة أعداد تسجيل العائدين وتعطي وسائل وإمكانيات أكثر لحل المشاكل القانونية والحصول على الوثائق الرسمية، التي تمكِّـن أبناء الأسَـر في دخول المدارس والحصول على البطاقة التموينية والاهتمام أكثر بالأرامل والعوائل، التي ليس لها مسكَـن.
عموما، خرجنا مع المفوضية العليا بعدّة توصيات تضمنت وضع دراسة لتفعيل عملية التنسيق مع مفوضية اللاجئين، وتشجيع المحافظات للتنمية، وتفعيل قانون التعويضات، وتوفير مواد إنشائية للدُّور المهدّمة للإسهام في عملية البناء، وتخصيص مِـنح دولية لإعادة جُـزء من إعادة الإعمار للنّـازحين والعائدين، وبناء منازل منخفضة الكُـلفة للعائدين، وخاصة الأرامل والأيتام، وعقد مؤتمر لمراجعة السياسة الوطنية للنزوح، إضافة إلى مساعدة الوزارة في مراجعة قاعدة بيانات النازحين، لتلافي تكرار الأسماء، وعمل مشروع يربِـط فروع الوزارة مع مركز الوزارة، إلكترونياً، وفتح وتطوير مراكز تسجيل العائدين في العراق ووضع برامج تأهيل لفئات عناية الوزارة، وخاصة الأرامل وأرباب الأسَـر العاطلين عن العمل، وتفعيل المشاريع الخدمية في مناطق العودة في مختلف الجوانب الصحية والتعليمية وغيرها، وإيجاد آلية مشتركة مع مفوضية اللاجئين، لحل مشاكل اللاجئين الأجانب في العراق، فضلا عن تشكيل لجنة تنسيقية عُـليا بين الوزارات والمنظمات الدولية، وإيجاد لِـجان متابعة مع المنظمات الإنسانية للاستفادة من قُـدراتها بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
سويس انفو: بالنسبة للعراقيين في لبنان، هل توصّـلتم إلى حلول خلال زيارتكم الأخيرة؟
عبد الصمد رحمن: نعم، تابعنا أوضاع اللاجئين العراقيين في لبنان وبحثنا سلة حلول مشتركة مع السلطات اللبنانية لإيجاد أطر تنظم وجود هؤلاء في الأراضي اللبنانية أو تساعد في عودتهم إلى العراق.
سويس انفو: أوضاع المهجَّـرين في إيران ما تزال سيِّـئة والعائدون منهم ضائعون بين فقدان الهوية والبحث عن لُـقمة العيش.
عبد الصمد رحمن: ناقشنا تسهيل عودة العراقيين من إيران وعدم امتلاكهم المستمسكات الرسمية أثناء التهجير أو مصادرتها من قِـبل النظام السابق، واتفقنا على إصدار الجنسية العراقية للمولودين في إيران من أبَـويْـن عراقييْـن هُـجِّـروا قسراً، كما ناقشنا مشكلة الأملاك المُـصادرة وسُـبل معالجتها من قِـبل الطرفين (الدولة والمواطن المهجَّـر) والعودة إلى الوطن والحصول على الحقوق الأدبية والتّـعويضات المادية والمعنوية، إضافة إلى ذلك، مسألة شهداء أبناء النّـازحين في إيران..
وهناك مشاكل تعترض حلّ هذه القضية، منها أيضا صعوبة دخول العراقيين إلى العراق لمتابعة قضاياهم العالِـقة منذ زمن النظام السابق، وهذا يشكِّـل عائقاً، لأن بعض الأطراف تستغِـل هذا الموضوع لأغراض سياسية.
سويس انفو: ماذا عن العرب المُـقيمين في العراق والرّاغبين في الحصول على الجنسية العراقية؟
عبد الصمد رحمن: ليس الجنسية وحسب، بل تمّ منح (2474) شهادة الجنسية العراقية لطالبي التجنّس لأول مرّة لهم، بعد أن قضوا مدّة التجنّس في العراق، وكذلك المسحوب عنهم الجنسية العراقية في فترة النظام السابق وأيضا إصدار بدل شهادة جنسية لـ (274) طالب تجنس. وتمّ أيضا منح شهادة الجنسية العراقية لـ (166) لطالبي التجنّـس من العرب لأول مرّة لهم وبدل ضائع لـ (24) شخص عربي..
نحن نتولّـى مهمّـة تقديم أسماء الرّاغبين من المهاجرين العرب إلى وزارة الداخلية لمنحهم الجنسية، وكما تلاحظ فإن القائمة طويلة.
سويس انفو: لماذا تطلُـبون من الدول الغربية عدم منح العراقيين اللجوء؟
عبد الصمد رحمن: الحكومة من مسؤولياتها توفير فُـرص العودة للمهاجرين والمهجَّـرين قسرا، ومن حقِّـنا أن نبحث ظروف تقديم طلبات اللجوء وما إذا كانت تضُـر بسُـمعة العراق، ولكن في المُـجمل، نحن نُـقر بحرية الفرد العراقي في السّـفر ولن نقِـف أمامه.
أجرى الحديث في بغداد – نجاح محمد علي
بغداد (رويترز) – يتقاطر الاكاديميون العراقيون الذين فروا الى الخارج هربا من أعمال العنف والقمع عائدين إلى الوطن، استجابة لنداءات من حكومتهم، لكنهم لم يجدوا الا وظائف قليلة واستقبالا فاترا. وانتظر كثيرون سنوات حتى يسقط صدام حسين وفترة اطول لتتوقف اعمال العنف الطائفية، التي أشعلها الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
ومع الانخفاض الحاد في معدلات العنف الآن، عاد نحو 700 اكاديمي عراقي، وهم جزء بسيط ممن رحلوا عن العراق عودة مؤقتة، لكنهم وجدوا أنفسهم محاصرين بالروتين وفي مواجهة مستويات غريبة من الرواتب، حيث يخفض العراق ميزانية التعليم الخاصة به.
وقال طيف حسن، الحاصل على درجة الدكتوراه في علوم الكمبيوتر “حقيقة أنا صدمت صدمة كبيرة، لانني كنت اتوقع ان الوضع افضل من هذا واننا نستطيع التحرك بحرية اكبر في وطننا”. وكان يعمل في سوريا حين شجعه المسؤولون العراقيون على العودة، ليجد نفسه عاطلا عن العمل بسبب التأخير في تخصيص درجة وظيفية له. ويشعر باحراج شديد من اخبار أصدقائه في سوريا بأنه ليس لديه وظيفة بعد وتساءل “هل من المعقول انني استطعت الحصول على عمل في سوريا ولا استطيع ان اجد عملا في بلدي”؟
واستهدف المقاتلون الاكاديميين والمهنيين العراقيين في السنوات التي أعقبت الغزو الامريكي، مما دفع الكثيرين الى الفرار تاركين الجامعات والمستشفيات تعاني نقصا حادا في العاملين. ورحل البعض في وقت سابق هربا من صدام.
وانخفض سعر النفط الذي يحصل منه العراق على معظم عائداته بمقدار نحو الثلثين بعد أن وصل اعلى سعر له، حيث بلغ سعر البرميل 147 دولارا الصيف الماضي، مما أعاق خطط الانفاق العراقية وخفض ميزانيته للتعليم لعام 2009 الى النصف لتبلغ 200 مليون دولار مقابل العام الماضي.
وقال خليل الجنابي، وهو طبيب متخصص في تقويم الاسنان، انه ترك العراق منذ 39 عاما هربا من حزب البعث الذي تولى صدام قيادته فيما بعد، لكن لدى عودته الى العراق اكتشف أن سنه (68 عاما) اكبر من أن يحصل على وظيفة دائمة في مجال التدريس. وسن التقاعد في العراق 63 عاما. وفي ظل الاحتياج الى الخبرات، عينت المؤسسات العراقية اكاديميين اكبر سنا بعقود قصيرة الاجل، لكن التمويل جف، وأضاف “لقد خاب ظني لانني اردت ان اخدم وطني”.
وتباهي العراق لعقود بأنه واحد من افضل المجتمعات تعليما في الشرق الاوسط وأنفقت الدولة الغنية بالنفط مبالغ طائلة على تدريب ألمع مواطنيها، بل وأرسلتهم الى الخارج للدراسة في جامعات مرموقة.
وقال وزير التعليم العالي العراقي عبد ذياب العجيلي، انه متعاطف مع الاكاديميين العائدين، لكنه لا يستطيع ان يفعل شيئا، واضاف “الازمة المالية أثرت على الوضع المالي في الوزارة، بحيث أن ايدينا مكتوفة وفق القوانين لانه ليس لدينا باب من الابواب حتى نستطيع التعاقد معهم. حتى العقود غير موجودة الآن. تم ايقاف العقود”.
اما بالنسبة لهؤلاء الذين يملكون عروض عمل، فبانتظارهم دورة شاقة من البيروقراطية. ويجب معادلة الدرجات التي حصلوا عليها في الخارج وفقا للمعايير العراقية وتحديد درجات وظيفية لهم، اما هؤلاء الذين ابتعدوا عن العراق لفترة طويلة، فيجب ان يحصلوا على اوراق متنوعة خاصة بالمواطنة.
ولا تقتصر البيروقراطية الخانقة على الاكاديميين. فمن الشائع في أنحاء العراق رؤية الناس يحملون حزما من الورق وينتطرون في طوابير طويلة في مكاتب حكومية تسودها الفوضى.
ويقول صادق قنبر، استاذ الكيمياء العضوية البيئية الذي عاد الى العراق بعد 18 عاما في نيوزيلندا، انه فاض به الكيل، ولديه عرض عمل، لكنه تعب من انتظار قبول المسؤولين العراقيين رسميا لدرجة الدكتوراه، التي حصل عليها من الخارج. وأضاف “لحد الآن، انا عالق في دائرة مغلقة. حتى عائلتي رجعت الى نيوزيلندا. لم تعجبهم الاوضاع”، وتابع أنه يريد تحذير العراقيين في الخارج، وقال “افكر بالرجوع الى المكان الذي جئت منه (نيوزيلندا)”.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 26 مارس 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.