ينتقدون “تجربة الإخوان” ولا يُفضِّـلون “حُكم العسكر”
بعد مرور أكثر من ألف يوم على اندلاع ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بنظام ديكتاتوري امتد لثلاثة عقود، ذاق خلالها الشعب المصري مرارة الفقر والمرض والتخلّف، وتراجعت فيها مكانة مصر الإقليمية والدولية، يتواصل الشد والجذب بين القوى الماسكة بمفاصل السلطة منذ 3 يوليو 2013 والقوى المعارضة لها بشتى أصنافها وتلويناتها.
في محاولة للإقتراب من مُفردات حقيقة المشهد الرّاهن في مصر، وسعيا لتحليل واقع البلد واستطلاع مستقبله، ترصد swissinfo.ch في التقرير التالي رؤى وتحاليل سبعة من أشهر المفكِّرين المصريين المتخصِّصين في السياسة والإقتصاد والقانون والإجتماع، لأبرز المشكلات القائمة وأهَـم الحلول المطروحة، من خلال قراءة مُـكثَّفة لأهم ما ورد في مقالاتهم المنشورة في عدد من الصّحف المصرية خلال الفترة الأخيرة.
الدكتور نادر فرجاني، مفكر
مَـن فوَّض المشير بأن يتّخذ قرارات تُحدِّد مستقبل مصر لستّين عاما قادمة؟
تقييم لرؤية السيسي الإقتصادية
في مقاله المنشور بجريدة الأهرام يوم الاثنين 24 مارس 2014 تحت عنوان: («المشير».. وتوجهات الثورة)، انتقد المفكر الدكتور نادر فرجاني، منطق المشير السيسي في حديثه عن أزمة مصر الإقتصادية، معتبرا أنه “يبدو كأنه رجع الصّدى لمقولات حسني مبارك”، مشيرا إلى أن “أول ملامح التماثل، هي التذمر من زيادة السكان”، واصفا “هذه النظرة” بأنها “تعبِّر عن قصور في تصور التنمية وفي علاقة الحاكم بالشعب”، وذلك لسببيْن، هما: “النظرة القاصرة للسكان، باعتبارهم أفواها ومستهلكين، وليسوا الثروة الأهَـم إمكانا، إن أحسن بناء القدرات البشرية وتوظيفها بفعالية”، و”تصور الحاكِم بأنه صرّاف يقوم على خزينة يمتلكها وينفق منها على الشعب، الذى يُـثقل كاهل الحاكم بطلباته”.
ويرفض فرجاني في مقاله اعتبار المشير، أن “التضحية بجيليْن، أي لمدة ستة عقود تقريبا، أمر مقبول لمصلحة باقي الشعب” بقوله: إنها “ليست إلا مقولة ستالين الطاغية الأقسى في تاريخ روسيا”، متسائلاً: “مَـن فوَّض المشير بأن يتّخذ قرارات تُحدِّد مستقبل مصر لستّين عاما قادمة؟”، مستهجِنا مطالبته للفقراء والضعفاء بـ “شدّ الحزام”، حينما توعدهم برفع الدّعم عن السِّلع الأساسية، فيما لم يتحدّث عن “الحكومة المُبذرة وأغنياء المصريين، ومن بينهم قيادات الجيش”، دون أن يطالبهم بفعل شيء لبلدهم، وهو ما يعني أنه “غير معني بالعدالة الاجتماعية” وأنه “لا يهتم إلا بتدليل الأغنياء وبضمان ولاء العاملين بأجهزة الأمن”، معتبرا أن المشير أو مَن يضعون برنامجه “لا يمتلكون رُؤية متكاملة لمشروع حقيقي للنهضة”، مذكِّرا بأن المصريين عانَـوْا “من خديعة الإيهام بمشروع ضخم للنهضة تحت سطوة اليمين (المتأسلم) بقيادة الإخوان الضالِّين، وأفاقوا منها على تفاقُم الشقاء والتعاسة”.
الدكتور علاء الأسواني، روائي
الذين تولَّوا السلطة بعد الثورة، سواء المجلس العسكري أو الإخوان أو حتى السلطة الحالية، كلهم تعاملوا مع الشعب، وكأن ثورة لم تقُم
وصفة للدولة الديمقراطية
أما المفكر والروائي الدكتور علاء الأسواني، فقد اعتبر في مقاله “من ألبرت أينشتاين إلى المشير السيسي”، الذي نشرته “المصري اليوم” بتاريخ 31 مارس 2014، أن “الذين تولَّوا السلطة بعد الثورة، سواء المجلس العسكري أو الإخوان أو حتى السلطة الحالية، كلهم تعاملوا مع الشعب، وكأن ثورة لم تقُم”، ناصحا السيسي بـ “إلغاء قانون التظاهر” و”الإفراج عن جميع المحبوسين بمُقتضاه” وإلغاء تحصين اللجنة العليا للإنتخابات وإبقاء جهاز الدولة على الحياد أثناء الانتخابات وإخضاعها لمراقبة دولية وتطبيق ضمانات نزاهة الإنتخابات على جميع المُرشّحين، بلا محاباة، وتفعيل العدالة الإنتقالية بتكوين لِجان قضائية مستقلّة تُـعيد التحقيق في كل المذابح التي تعرّض لها المصريون، على أن يتِم تعويض الضحايا وتقديم القَـتَـلة للمحاكمة.
وأضاف الأسواني، وهو عضو في حركه “كفاية” المعارضة أن “تطبيق إجراءات العدالة الإجتماعية، مثل الضرائب التصاعدية على الأفراد والشركات، وتطبيق الحدّيْن، الأدنى والأقصى للأجور، وإلغاء الصناديق الخاصة التي تحتوى على مليارات الجنيهات من مال الشعب وضمّها لخزينة الدولة فورا، وتنفيذ الدستور واحترام حقوق الإنسان ومنع التعذيب والإعتقالات العشوائية”، معتبرا أن “هذه الخطوات التي يجب على المشير السيسي تنفيذها فورا، إذا أراد أن يدفع مصر في الطريق الصحيح، أما إذا استمرّت السلطة الحالية في إعادة إنتاج نظام مبارك، فإن نهايتها ستكون قطعا مثل نهايته، مذكِّرا بمقولة أينشتاين: «لا أفهم أبدا كيف يُعيد شخص نفس التصرف بنفس التفكير في نفس الظروف، ثم يتوقع نتائج مختلفة».
إشارة إلى “عسكرة المستقبل”
وفي مقاله “عسكَـرة المستقبل” والذي نشره يوم الأربعاء 2 أبريل 2014 في “الشروق” المصرية، يتعرّض المفكّر والكاتب الصحفي فهمي هويدي لموضوع “تمدّد القوات المسلحة في النشاط الإقتصادي”، معتبرا أن “له إيجابياته الإقتصادية”، لكونها “أكثر المؤسسات انضِباطًا وكفاءة في التنفيذ”، وهو “الأمر الذي يضمن تحقيق الإنجاز المنشود الذي يسمح بتدوير عجلة الاقتصاد، دون أي تباطُـؤ”، غير أنه في الوقت نفسه، حذّر من أن “أثره السلبي من الناحية السياسية، لا ينكر”.
واعتبر هويدي في مقاله، أن توسّع “الأنشطة الإقتصادية للقوات المسلحة، بشكل ملحوظ خلال العقود الثلاثة الأخيرة”، يثير عددًا من الأسئلة حول “الدور الذي تقوم به بقِية مؤسسات الدولة” و”حدود تفاقم تلك القوّة الإقتصادية ومدى تناسُبها مع تنامي قدراتها الدِّفاعية وكفاءتها العسكرية”، واحتمالات فتح الباب لانخِراط قيادات القوات المسلحة في الشأن السياسي” و”تحويل المؤسسة العسكرية إلى كِيانٍ مُوازٍ له قوته الإقتصادية المُتزايدة”، خاصة “تحصين منصِب وزير الدفاع” و”الاحتمالات المُرجَّحة لتولي المشير عبدالفتاح السيسي رئاسة مصر”، مؤكدا أنها “عوامل تجعل من عسْكَرة المستقبل، خيارا واردا”.
الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة
سانِدوا مَن تريدون في الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية القادِمة
رسالة للأغلبية “بعلم الوصول”
وتحت عنوان “إلى الأغلبية.. بعلم الوصول”، كتب المفكِّر السياسي الدكتور عمرو حمزاوي – أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في جريدة “الشروق” يوم الأربعاء 2 أبريل 2014، مقالاً طالَب فيه الشعب المصري “بالدِّفاع عن آمالكم وحقوقكم وحرياتكم وأهدافكم لمصر، المواطن والمجتمع والدولة”، وقال لهم “سانِدوا مَن تريدون في الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية القادِمة”، مشددا على أهمية “الإختيار بموضوعية”، لأن الإختيار “وثيق الارتِباط” بـ “معايير تقييم أداء مَن ستختارون”، ومذكِّرا بأن “خِبراتنا السابقة مع الحاكم الفَرد، لم تكن إيجابية” وأن “مُجمَل خِبرات الحاكِم الفرد في بلدان قريبة مِنَّـا أو بعيدة عنَّـا، أخفقت”.
وقال حمزاوي، رئيس حزب مصر الحرية: “أعتقد أنكم لا تستسيغون فرض الصوت الواحد والرأي الواحد والموقف الواحد” و”لا تتعاطفون مع تخوين وتشويه المعارضين أو المختلفين معكم، بإعادة إنتاج ذات أدوات نُخب حُكم ما قبل 2011 وبالترويج لذات أكاذيب العَمالة والتبَعية للخارج والتمويل الأجنبي والسعي وراء المصالح الشخصية”، وأضاف “أعتقد أنكم تبحثون عن دولة قادِرة على ضمان الحياة الكريمة وحقوقكم الاقتصادية والإجتماعية والسياسية وحماية حرياتكم، وعن مجتمع عادِل ومتسامِح يُضيّق الفجْوة بين الأغنياء والفقراء ويرفض التمييز ويتيح لكم الترقي المعيشي والمهني، وفقًا لقاعدتي تكافُـؤ الفُـرص والإنجاز”.
رُؤية لسياسة مصر الخارجية
وفي مقاله بجريدة الشروق والمنشور يوم الخميس 20 مارس 2014 تحت عنوان: “لماذا اهتمامي بأوكرانيا؟”، يُقيِّم المفكِّر جميل مطر، المهتم بقضايا الإصلاح والتحوّل الديمقراطي، السياسة الخارجية المصرية في السنوات الثلاث الماضية، مع التركيز على الآثار الواقعة والمُحتملة على مصر وسياستها الخارجية، نتيجة التطورات الأخيرة في أوكرانيا، مشيرا إلى أن “مصر الرّاهنة، تُحاول بجُهد ملموس وتحت ظروف قَسْرية وطوْعية معا، الخروج من كمون طويل تدهْـور في بعض مراحله إلى سنوات انعِزال”.
وقال مطر، الذي يُدير المركز العربي لبحوث التنمية والمستقبل، في مقاله: “بعد سنوات كُمُون وسنوات انعِزال، جاءت سنوات انشغلت فيها مصر بصِراعات ثورة داخلية. انتبهنا إلى صراعات الداخل وأهْـملنا صِراعات الخارج، ولم نُـقدِّر ضخامة الثمن الذي سيتعيّن علينا دفعه، نتيجة أن تجري صراعات الخارج ونحن غائبون عنها. لم نفكر في الثمن إلا متأخرا”، محذرا من أن “استمرار أزمة أوكرانيا، يعني زيادة في أسعار القمح، باعتبار أن أوكرانيا تتصدّر قائمة الدول المصدِّرة إلى مصر”.
مخاوِفُ من “الخديعة”
وتحت عنوان: “هل للديمقراطية مستقبل؟”، كتب المفكِّر جلال أمين – أستاذ الإقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في جريدة “الشروق” يوم الثلاثاء 25 فبراير 2014، متفائلاً بأن مصر ستحقِّق تقدما في تحقيق أهداف ثورة 25 يناير: (عيش، حرية، عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية)، مستدركا بقوله “لكن، هذا لن يكون في رأيي على النحو الذي يظنه غيري من المتفائلين: لا في الدرجة ولا في التوقيت ولا في المضمون”، وأضاف: “ليس لدي أي سبب لتفضيل الحكم العسكري، ولكني لا أجد أيضا أي سبب لاعتبار الحُكم العسكري أسوأ بالضرورة، من حيث الديكتاتورية والديمقراطية، من الحُكم المدني”.
وتابع أمين قائلاً: “إن مخاوفي فيما يتعلق بغياب الديمقراطية، لا تعود في الحقيقة إلى الخوف من مجيء العسكر، بل إلى الخديعة”، و”التي تتمثل في: حجْب المعلومات الضرورية عن الناس ونشر المعلومات الكاذبة واستخدام الصوت والصورة، للترويج لشخص دون آخر، والإعتماد على مجرّد التِّكرار كوسيلة من وسائل الإقناع، والترويج لفضائح لأشخاص قد يكونون نُبلاء في الحقيقة، ولكنهم غير مرغوب فيهم… إلى غيْر ذلك”.
الدكتور سعد الدين إبراهيم
تذكَّر يا سيدي الإمبراطور أنك إنسان.. وكل إنسان فانٍ
خطّة للحكم الرشيد
أما المفكِّر السياسي الدكتور سعد الدين إبراهيم – أستاذ الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، فيوجِّه رسالة إلى السيسي عبر مقال بعنوان: “اسمع يا سيادة المُرشّح الرئاسي المشير عبد الفتاح السيسي”، نشره بجريدة “المصري اليوم”، بتاريخ 28 مارس 2014، طالبه فيها بإعلان ذِمَّته المالية والكشف عن “الفريق الرئاسي المُساعد”، في حال نجاحه، لأن زمَن الزعيم الأوحَد قد ولّى وانتهى، محذرا إياه من أمنيات المصريين بأن يكون “عبد الناصر الجديد”، لأن “التاريخ لا يستنسِخ قياداته وشخوصه، ولا يُكرّر نفسه”.
وكشف إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، في رسالته للسيسي عن أن “ملايين المصريين، تحت خطّ الفقر”، وأنهم يتصوّرون أن “معك عصا سِحرية”، موضحا أن انتِشالهم من الفقر “يحتاج إلى خطّة متوسِّطة المدى (عشر سنوات)، وإلى حزم في تنفيذها”، ودعاه لاتِّخاذ إجراءات سريعة لمُحاربة الفساد وإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية ومصارحة الشعب بحجْم التحديات، ونبَّهه إلى ضرورة الاهتمام بملف دول حوْض النيل، الذي يحتاج عِلاجه إلى حِكمة سُليمان وصبْر أيوب وتواضُع مانديلا، مختتِمًا بقوله “تذكَّر يا سيدي الإمبراطور أنك إنسان.. وكل إنسان فانٍ”.
31 مارس – 20 أبريل (21 يوماً): فتح باب الترشح للرئاسة.
21 إبريل: إعلان القائمة المبدئية بأسماء المتقدمين.
22 و23 أبريل: قبول الطعون على المتقدمين.
24 و25 و26 أبريل: فترة فحص لجنة الإتخابات الرئاسية للطعون المقدمة.
27 أبريل: إخطار المرشحين المستبعدين من الترشح.
28 و29 أبريل: قبول تظلمات المرشحين المستبعدين.
30 أبريل و1 مايو: فصل لجنة الإنتخابات الرئاسية في التظلمات.
2 مايو: إعلان القائمة النهائية للمرشحين.
15 و16 و17 و18 مايو: الإقتراع للمصريين في الخارج.
26 و27 مايو: إجراء عملية الإقتراع داخل مصر.
5 يونيو: إعلان نتيجة الإنتخابات الرئاسية.
6 و7 و8 و9 يونيو: جولة الإعادة للمصريين في الخارج.
16 و17 يونيو: جولة الإعادة داخل مصر.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.