مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سِـباق عالمي للظّـفر بموقع على قائمة اليونسكو

الشعاب المرجانية "آبو ريف Apo Reef" في الفلبين من بين المواقع المرشّـحة لقائمة اليونسكو. Keystone

صنَـعت منظمة اليونسكو قصّـة نجاح لم يسبَـق لها مثيل، فاشتدّت المنافسة في السنوات الأخيرة من أجْـل إحراز السّـبق في الانضِـمام إلى قائمة التّـراث العالمي التابعة لها، ولكن هنالك معايِـير لابُـد من توفّـرها، فيَـا تُـرى: ما هي هذه المعايير؟ وماذا يعني الظّـفر بهذا اللّـقب؟

تعكس المواقِـع المُـدرجة على قائمة اليونسكو ثَراءَ وتنوُّعَ التّـراث الثقافي والطبيعي لكوكَـب الأرض، وهي ذات قيمة إنسانية تستلزِم حمايتها والحِـفاظ عليها، ولا ضير إن كانت تُـحفة جادت بها عبقرية هذا الإنسان أو معلما حضاريا متفرّدا أو مشهدا طبيعيا، ذو قيمة متميِّـزة.

نحن هنا نتحدّث عن تراث، إنه إرْث من الماضي ما زال قائِـما يجُـود علينا بروْعته. فنحن مدعوُّون للحِـفاظ على سلامته وسلامة نقْـله إلى الأجيال القادمة، ولذلك، تداعَـت الأصوات من أجْـل النُّـهوض بهذه المسؤولية الجماعية، وصَـدر مرسوم رسمي عالمي في عام 1972 في باريس، يقضي باعتماد اتفاقية حماية التراث الإنساني والعالمي، وبعد ستِّ سنوات، تمّ تتْـويج الاتفاقية بقائمة أُدرِجَ فيها 12 موقعا.

وجدير بالذِّكر، أن نجاح هذه المُـبادرة لم يأت على الفوْر ولم ينطلِـق السِّـباق الحقيقي على قائمة اليونسكو إلا في العقد الأخير، لأسباب غيْـر مباشرة تتعلّـق بتراجُـع الأوضاع السياحة والاقتصادية المحلية.

وتضمّ القائمة حاليا نحو 900 موقع تمّ الاعتراف بها كتُـراث عالمي، مُـعظمها في أوروبا. ففي إيطاليا وحدها، هناك حوالي 40 موقعا وحوالي 30 موقعا في كل من ألمانيا وفرنسا، في حين لا يزال هنالك نقْـص كبير على مُـستوى القارة الإفريقية بأسرها.

البحث عن توازُن جديد

المُـلاحظ، أن أغلب المواقِـع المسجَّـلة في القائمة، هي عِـبارة عن معالِـم دينِـية ومسيحية بشكل رئيسي، كالكاتدرائيات القُـوطية أو الأدْيِـرة الرومانية، والسبب واضح، بحسب أوليفر مارتن من المكتب الفدرالي للثقافة، حيث أرجعه إلى أن: “المقاييس المُـتَّـبعة في تقييم الجمال والتفرّد، وُضعت وِفْـق معايير الثقافية الغربية”، وأردف قائلا: “لا عجَـب إذن لكون مواقِـع أخرى، كالمعالم المعمارية والصناعية الحديثة والمشاهد الطبيعية، لم تحْـظَ بالاهتمام ولم تُدرَج في القائمة إلا مؤخّـرا، في محاولة لردْم الهُـوّة”.

وعلى كل حال، مأتى القلق ليس الخلَـل الجغرافي والموضوعي فحسب، بل إن الإفْـراط في منح الصِّـفة، أعني التوسّـع في ضمّ المواقع، هو الذي قد يؤثِّـر أو يُـدخِـل الشكّ على مبدإ التفرّد بالنسبة لهذا التّـراث العالمي أو ذاك، لهذا السّـبب، تمّ تقييد عدد المواقِـع الجديدة التي تتم إضافتها إلى القائمة سنويا، بحيث لا تزيد عن 45 ولا يحِـقّ للدولة العُـضو أن ترشِّـح أكثر من 3 مواقع.

وخلال العقد الماضي، تمّ الاعتراف أيضا بالمواقع المتفرِّدة العابِـرة للحدود أو المُـتسلسلة، ذات الموضوع الواحد، والتي تتألّـف من عناصر مُـترابطة، كما هي على سبيل المثال الأعمال التي تخُـص المعماري الفرنسي السويسري لوكوربوازيي، والتي تمّ تقديم الملف الخاص بها رسميا في شهر يناير الماضي، وتشتمِـل على مباني موزّعة في سبع دول هي: فرنسا وسويسرا وألمانيا وبلجيكا والأرجنتين والهند واليابان.

مهمّـة مشتركة

قامت الاتِّـفاقية في الأساس، على مبدأ إيجاد نصًٍّ موحَّـد ومُـلزم لصالح حماية الثقافة والطبيعة، وجعل هذا المقصد في إطارٍ جماعي تتحمّـل مسؤولية الإنسانية جمعاء، فكان لِـزاما على الدول الـ 186 الموقِّـعة على الاتفاقية أن تتعهّـد بحماية التُّـراث العالمي ولها الحقّ دون غيرها في ترشيح المواقِـع التي تقع ضِـمن حدود بلدانها.

وفي حال وقَـع اختيار الهيْـئات المختصّـة في بلد ما على أحد المواقع لديهم، فإنه يلزم أن يتِـم رفع المشروع لليونسكو عبْـر القنوات الرسمية. وفي سويسرا، تتقاسَـم هذه المسؤولية ثلاث جهات هي: المكتب الفدرالي للبيئة والثقافة واللجنة السويسرية لليونسكو ومكتب شؤون التنسيق مع اليونسكو، التابع لوزارة الخارجية.

التِـزام دائم مدى الحياة

ومن جهة أخرى، فإن عملية الحِـفاظ على التراث العالمي تبقى مُـستمرة وليس من المُـستساغ أن تتوقّـف بمجرّد دخول القائمة. ليس هذا فحسب، بل لابد كذلك من العمل على زيادة الوعْـي العام وِفقا لِـما يقتضيه الالتزام بالاتفاقية.

ويُـسلِّـط أوليفر مارتن الضوء قائلا: “إن معنى دخول قائمة اليونسكو هو القُـدرة في واقع الحال على تسويق الموقِـع، سواء أكان دِيرا أو جبلا أو خطّ سكّـة حديدية، باعتباره قيمة من قِـيَـم التّـراث العالمي أو مَعلَـما من معالِـم الإنسانية”، الأمر الذي يشكِّـل نقطة ارتِـكاز حقيقية بالنسبة للمواقِـع السويسرية التي – على حدِّ قول أوليفر مارتن – استطاعت أن تُـتَـرجم هذا المبدأ وتكون “قيمة سياحية واقتصادية”.

أما بالنسبة للبلدان النامية، فإن من بين المزايا الرئيسية التي تحصُـل عليها من خلال وُلُـوج قائمة اليونسكو، هو الولوج أيضا إلى صندوق التراث العالمي، بحيث تستفيد من التّـضامن الدولي في توفير الدّعم المالي اللاّزم للأبحاث والدِّراسات العِـلمية والتِّـقنية الخاصة بمسألة الحماية وتوفير المُـعدّات وتدريب المختصِّـين.

وفي هذا الصدد، فإن الأولوية تُـعطى للحالات الأكثر إلحاحا، وللمواقع المُـعرّضة للخطر من بين تلك المُـدرجة في القائمة.

ستيفانيا سومّرماتر – swissinfo.ch

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية