مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حصري- وزير خارجية العراق: “سويسرا ستعيد فتح سفارتها في بغداد خلال أشهر” 

في 24 مايو 2024، أعادت سويسرا إلى العراق ثلاث قطع أثرية ثقافية مهمة من بلاد ما بين النهرين. وقد سلمت وزيرة الداخلية السويسرية إليزابيث باوم شنايدر منحوتتين وتمثالاً لوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين. أجرت سويس إنفو مقابلة حصرية مع حسين حول القطع الأثرية المسترجعة وتطور العلاقات الثنائية بين البلدين.
في 24 مايو 2024، أعادت سويسرا إلى العراق ثلاث قطع أثرية مهمة من بلاد ما بين النهرين. وقد سلمت وزيرة الداخلية السويسرية إليزابيث باوم شنايدر منحوتتين وتمثالاً لوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين. أجرت سويس إنفو مقابلة حصرية مع حسين حول القطع الأثرية المسترجعة وتطور العلاقات الثنائية بين البلدين. SWI swissinfo

أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقابلة حصرية مع سويس إنفو، أن سويسرا ستعيد فتح سفارتها في بغداد في غضون أشهر، منهيةً بذلك عقوداً من إغلاق السفارة.   

يوم الجمعة 24 مايو، أعادت سويسرا رسمياً إلى العراق ثلاث قطع أثرية مهمة من بلاد ما بين النهرين، كان قد تم استيرادها بشكل غير قانوني إلى سويسرا، وذلك خلال حفل أقيم في المكتب الفدرالي للثقافة في برن. وقدمت وزيرة الداخلية السويسرية إليزابيث باوم-شنايدر المنحوتتين والتمثال الآشوريين إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين.   وقد تضمنت زيارة حسين، التي استمرت ثلاثة أيام، لقاءً مع بيات يانس وزير العدل والشرطة السويسري.  

تحدّثت سويس إنفو إلى الوزير العراقي عن النجاح في استعادة القطع الأثرية المنهوبة، وإعادة فتح السفارة السويسرية في بغداد، ومجالات التعاون الأوسع نطاقاً مثل التنمية الاقتصادية والهجرة والتبادل الثقافي.  

 سويس إنفو: نجح العراق في استعادة العديد من القطع الأثرية المسروقة من مختلف البلدان، بما في ذلك سويسرا. هل يمكنكم تقديم المزيد من التفاصيل حول إعادة القطع الأثرية الآشورية مؤخراً؟  

فؤاد حسين: نحن في وزارة الخارحية العراقية كنا قد تبنّينا، بالإضافة إلى سياستنا الخارجية العامة، سياسة أسميناها ديبلوماسية الاسترداد، والتي تعني استعادة الآثار المنهوبة من العراق. وقد بدأ نهب الآثار العراقية منذ الحصار على العراق في 1991، ثم بعد 2003، سرقت مئات القطع وتم بيعها في الأسواق العالمية. لكن أكبر حملة لسرقة الآثار حدثت مع تنظيم الدولة الإسلامية (المعروف سابقًا بداعش). فعندما سيطر التنظيم على عدة مناطق، بما في ذلك محافظة نينوى، قام بسرقة آلاف القطع الأثرية وبيعها في الأسواق الغربية بشكل خاص.

بفضل سياستنا الجديدة، استطعنا إعادة آلاف القطع، فقد استرجعنا على سبيل المثال، 17 ألف قطعة أثرية من الولايات المتحدة، وذلك في حملة واحدة. والعملية ما تزال مستمرة. بالنسبة لسويسرا، هذه القطع الثلاثة التي تم استردادها اليوم تساوي ملايين الدولارات، بالإضافة إلى قيمتها الأثرية والحضارية الكبيرة. نحن بصدد استعادة آثارنا التي تمثل الحضارة العراقية، حضارة بلاد الرافدين. اليوم كان يوما مهما في هذا المجال. 

سويسرا تعيد للعراق ثلاث قطع أثرية ثقافية قيّمة.
سويسرا تعيد للعراق ثلاث قطع أثرية ثقافية قيّمة. SWI swissinfo

تعتبر سويسرا إحدى دول العبور الرئيسية للقطع الأثرية المسروقة، بما في ذلك من العراق. كيف تقيّمون دورها في استعادة آثاركم المنهوبة؟ 

دور سويسرا كان إيجابيا بالفعل ونحن نشكر الحكومة الفدرالية على ذلك. وهناك قطع أخرى نعمل على استردادها من هنا بالفعل، وهي عشرون قطعة نقدية من العصر العباسي، وقطعتان من فترة ما قبل الميلاد. 

القطعة الأثرية الأولى التي أًعيدت إلى العراق هي تمثال جزئي، يعود تاريخه إلى ما بين 1700 إلى 2800 سنة، وكان قد تم اكتشافه خلال عمليات التنقيب الرسمية في العراق، وأُخرج من البلاد في تاريخ غير معروف.  

أما المجموعة الثانية من القطع الأثرية فهي عبارة عن تمثالين آشوريين كبيرين يعودان إلى القرن الثامن قبل الميلاد، تم اكتشافهما في موقع نمرود/ كالهو الأثري البارز.  

وأخيراً، قامت سويسرا بإعادة جزء من تمثال نصفي ملكي إلى العراق. ويرتدي التمثال النصفي سترة مطوية وعباءة ملكية مزينة بالمعلقات. ويعود أصله إلى مدينة الحضر القديمة، ويرجع تاريخه إلى القرنين الثاني والثالث الميلاديين.   

وقد تم مصادرة القطع الأثرية الثلاث خلال إجراء جنائي في كانتون جنيف العام الماضي. وقد حُكم على المتهم الرئيسي في القضية بالسجن بتهمة تزوير الوثائق وانتهاك قانون نقل الممتلكات الثقافية، الذي يحظر نقل الممتلكات الثقافية المسروقة أو المنهوبة. 

في عام 2021، قامت سويسرا بأول زيارة رسمية لها إلى العراق منذ أكثر من 40 عاماً، وجرت خلالها مناقشات حول إمكانية إعادة فتح سفارة سويسرية في العراق. ما هي الآفاق والآثار المحتملة لإعادة إنشاء بعثة دبلوماسية كاملة في بغداد؟  

لقد جمعتني عدة لقاءات مع مسؤولين سويسريين، من بينها في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، خلال دورات 2021 و2022 و2023 على التوالي، وبمناسبة مؤتمرات أوروبية أخرى.  كما أن زيارة وزير الخارجية السويسري إلى بغداد، ساعدت في إقناع الجانب السويسري بإعادة فتح سفارة سويسرية في بغداد. ونحن سعداء بهذه الخطوة المهمّة ونتطلع إلى افتتاحها رسميا وتطوير علاقاتنا الثنائية.  

هل تمّ تحديد تاريخ في هذا الصدد؟  

إنها مسألة أشهر، حيث نتوقع أن يتم إعادة افتتاح السفارة في شهر سبتمبر المقبل. 

المستشارة الفدرالية إليزابيث بوم-شنايدر وفؤاد حسين، وزير خارجية جمهورية العراق.
وزيرة الداخلية السويسرية إليزابيث باوم-شنايدر وفؤاد حسين، وزير خارجية جمهورية العراق. SWI swissinfo

بالإضافة إلى استرداد الآثار، ما هي أولوياتكم الحالية في إطار العلاقات الثنائية؟  

زيارتي تأتي بالأساس في إطار تطوير العلاقات الثنائية. فبالإضافة إلى التسلّم الرسمي للآثار المنهوبة، كانت هناك عدّة ملفات على أجندتي بالفعل، وعلى رأسها مسألة الهجرة، والأموال العراقية المنهوبة والتي تحتجزها السلطات السويسرية. أولوياتنا، في الحقيقة، ذات صبغة اقتصادية، حيث نؤمن بأن الشركات السويسرية يمكن لها أن تلعب دورا مهمّا في إعادة بناء الاقتصاد العراقي ونتطلّع إلى ذلك، على غرار مجال الأدوية. وفي هذا الإطار، جمعتنا لقاءات مع شركة نوفارتيس من بين شركات أخرى. 

تعطي سويسرا الأولوية للسلام والأمن وحقوق الإنسان في استراتيجيتها للشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هل يمكنكم مشاركة بعض الأفكار حول الجهود التعاونية الحالية بين العراق وسويسرا في هذه المجالات، وما هي المبادرات المستقبلية المخطّط لها؟  

هناك منظمات سويسرية غير حكومية تنشط في العراق، ونحن بدورنا نرصد السياسة السويسرية تجاه القضايا المهمة في الشرق الأوسط. في لقائي مع ممثلة وزارة الخارجية، مايا تيسافي، وهي رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ناقشنا هذه القضايا، ولا سيّما موضوع غزة والقضية الفلسطينية. ونحن نتطلع إلى موقف متقدّم أكثر من الجانب السويسري بخصوص هذه القضية.  

فسويسرا دولة مهمة، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن أيضًا من حيث قدرتها على جلب الأطراف المتنازعة إلى طاولة المفاوضات. لدى سويسرا والعراق نظامان سياسيان فدراليان، ونحن حريصون على الاستفادة من تجربة سويسرا في هذا المجال. 

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، ووزيرة الداخلية السويسرية إليزابيث بوم-شنايدر، مع مجموعة من الدبلوماسيين والديبلوماسيات، بعد عملية الإعادة الرسمية للقطع الأثرية المنهوبة، وذلك في المكتب الفدرالي للثقافة، في برن. 24 مايو 2024.
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، ووزيرة الداخلية السويسرية إليزابيث بوم-شنايدر، مع مجموعة من الدبلوماسيين والديبلوماسيات، بعد عملية الإعادة الرسمية للقطع الأثرية المنهوبة، وذلك في المكتب الفدرالي للثقافة، في برن. 24 مايو 2024. SWI swissinfo

تحدثتم عن موضوع الهجرة، كيف يعمل العراق مع سويسرا فيما يتعلق بهذه القضية؟ 

في لقائي مع وزير العدل والشرطة، ناقشنا وضع مجموعة صغيرة من العراقيين في سويسرا الذين يعيشون هنا دون تصريح إقامة. وتحدثنا عن إتاحة الإمكانية لأولئك الذين يرغبون في العودة طوعًا إلى العراق، مع عرض سويسرا تقديم الدعم والمساعدة المالية في عودتهم. ونحن على استعداد للتعاون والعمل معًا في هذا الشأن. 

هل نتحدث هنا عن إعادة، أم عودة طوعية بالتنسيق مثلا مع المنظمة الدولية للهجرة؟  

إنه في الأساس، تنسيق بين الحكومتين، وينعكس ذلك في إعلان النوايا المشترك بين جمهورية العراق والفدرالية السويسرية بشأن التعاون في مجال الهجرة الذي وقّعناه سابقًا. 

يمكن للباحثين.ات والفنانين.ات العراقيين.ات التقدم بطلب للحصول على منح التميّز الدراسية من الحكومة السويسرية (Swiss Government Excellence Scholarships). ما مدى أهمية هذا البرنامج بالنسبة للتطور التعليمي والثقافي في العراق، وما الذي يمكن فعله أكثر من ذلك لتعزيز التبادل الأكاديمي والثقافي بين البلدين؟  

لقد ناقشنا هذا الأمر مع وزيرة الداخلية السويسرية بوم شنايدر. ونحن نهدف إلى ما هو أبعد من مجرد تقديم الدعم والمنح للطلاب العراقيين. لقد وجّهنا أيضاً دعوة إلى خبراء في القطع الأثرية من سويسرا للقدوم إلى العراق والمساهمة بخبراتهم في إعادة إعمار المواقع الأثرية. وهناك مناقشات مستمرة حول الأدوات والآليات اللازمة لتسهيل هذا التعاون الثقافي بين البلدين.  

منذ عام مضى، تعرضت السفارة العراقية في برن لهجوم من قبل مجهولين. هل يمكنكم إطلاعنا على التحقيقات والتدابير التي اتخذتها السلطات العراقية والسويسرية لتعزيز أمن البعثة الدبلوماسية العراقية؟ 

نحن نأسف لذلك الهجوم بالفعل وكنا قلقين على موظفي السفارة والقائمين عليها، ولكن والحمد لله لم يكن هناك خسائر.  وقد كانت السلطات السويسرية قد فتحت تحقيقًا في الغرض، ولكن لم يتم إبلاغنا بالنتائج بعد. ونحن نأمل أن تطلعنا السلطات على نتائج التحقيق قريباً. 

تحرير: فيرجيني مانجين

ترجمة: أمل المكي

مراجعة: مي المهدي

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية