عندما استقبل السويسريون إمبراطور اليابان المُرتقب
في خطاب تلفزيوني نادر موجّه للعموم بُث يوم الإثنين 8 أغسطس 2016، أعطى إمبراطور اليابان إشارات قوية بأنه يُريد التخلي عن العرش. ومن شأن قرار من هذا القبيل أن يُسلط الأضواء على ولي العهد الأمير ناروهيتو، الذي سبق أن تعرّف عليه السويسريون في عام 2014 عندما قام بزيارة إلى برن.
حينها، قدم نجل الإمبراطور أكيهيتو إلى سويسرا للإحتفال بمرور 150 عاما على إقامة علاقات دبلوماسية بين سويسرا واليابان. وفي تلك المناسبة، رافقه ألكسندر تشابات، عُمدة العاصمة برن في رحلة حول المدينة. آنذاك، لاحظت الصحافة السويسرية أن الحدث يُمثل استثناء مُحبّذا للأمير ناروهيتو، الذي تخضع مناسبات ظهوره العامة إلى رقابة شديدة ومن ضمنها تفاعل قليل جدا مع الناس العاديين.
الدور الذي يلعبه الإمبراطور في اليابان رمزي لكن التخلي عن العرش سيكون تغييرا دراماتيكيا بالنسبة للمجتمع الياباني. الإمبراطور أكيهيتو لم يقل بوضوح إنه سيتنازل عن منصبه لكنه صرح حرفيا “أشعر بالقلق من الصعوبة في أداء وظائفي كرمز للدولة مع كامل كياني كما فعلت ذلك حتى الآن”. وكما هو معلوم، فقد سبق أن عُولج بسبب مشاكل في القلب ومن السرطان.
تغيير في القانون؟
في اليابان، ينص التشريع الحالي على أن الإمبراطور يظل في العرش حتى الوفاة، لكن إذا غيّر البرلمان القانون، فمن المحتمل أن يعتلي العرش ولي العهد ناروهيتو البالغ من العمر ستة وخمسين عاما، الذي يُشاطر قناعة والده بضرورة الإبقاء على دور غير سياسي للإمبراطور ولعائلة المالكة.
هذه القضية كانت محور نقاش في وسائل الإعلام اليابانية خلال الأشهر القليلة الماضية. ففي يوليو الماضي، كشف سبر للآراء أجرته صحيفة “نيهون كيزاي” أن 77% من المستجوبين قالوا إنه يجب أن يكون باستطاعته التخلي عن المنصب قبل الوفاة وأنه يتعيّن تغيير النظام المعمول به كي يتسنى القيام بذلك.
وفي الخطاب الذي ألقاه يوم الإثنين، قال الإمبراطور أكيهيتو إن صحته وسنه يمثلان أهم عوامل انشغاله الحالي بشأن ضرورة استمراره في دوره. وفي لقطة الفيديو التي استمرت 11 دقيقة، وهي الثانية من نوعها التي قام بها الإمبراطور على الإطلاق (كانت الأولى سنة 2011 على إثر حدوث الزلزال والتسونامي)، أكد أكيهيتو، الذي يبلغ اثنين وثمانين عاما من العمر أنه يُعبّر عن أفكاره لأنه من المستحيل ان “يُدلي بتعليقات محددة على النظام الامبراطوري”. لذلك لم يلفظ الامبراطور عبارة “تنازل عن العرش” لان الدستور يمنعه من ذلك. وكان ذلك سيُعدّ عملا سياسيا محظورا في القانون الأساسي للبلاد.
وانتقد ضمنا نظام الملكية القائم حاليا، وقال: “أعتقد انه ليس من المُمكن الإستمرار في تخفيف أعباء الإمبراطور باستمرار”، لأن ذلك سيُفضي في نهاية المطاف إلى بقاء إمبراطور أفرغ دوره من مضمونه، مؤكدا أنه يريد تجنّب ذلك.
وبالطريقة نفسها، قال اكيهيتو إنه يحدث “من حين لآخر أن يتساءل ما إذا كان يُمكنه تجنب مثل هذا الوضع” الذي تواجه البلاد فيه وفاة إمبراطورها لأن الحداد وكل الأحداث المرتبطة بالوفاة قاسية جدا.
وبذلك عبّر الامبراطور الذي يعتلي العرش منذ 27 عاما باسم “انجاز السلام”، عن رغبته في ادخال تعديلات على النظام الإمبراطوري كي يُصبح بمقدوره أن ينقل “في حياته” مسؤولياته إلى ابنه البكر ولي العهد ناروهيتو.
ويأتي هذا الاعلان الإستثنائي بينما تحيي اليابان ذكرى القصف النووي لمدينتي هيروشيما وناغازاكي وقبل أسبوع واحد من حلول الذكرى الحادية والسبعين لانتهاء الحرب بإعلان والد اكيهيتو الإمبراطور هيروهيتو استسلام اليابان بلا شروط. وكان هيروهيتو الذي اعتلى عرش اليابان في عام 1925 جُرّد من صفة “نصف الإله” التي كان يتمتع بها بعد هزيمة بلاده في الحرب العالمية الثانية، لكنه بقي إمبراطورا حتى مطلع 1989.
(الصور: كريستوف بالسيغر، swissinfo.ch، النص: جو فاهي مع الوكالات)
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.