سويسرا – إسرائيل: 50 عاما من العلاقات المُضطربة
في خطابها بمناسبة إحياء الذكرى الخمسين لتأسيس الجمعية السويسرية الإسرائيلية، أوضحت الرئيسة السويسرية ميشلين كالمي ري يوم الأحد 9 ديسمبر بأن توجيه انتقادات لإسرائيل لا يعني المعاداة للسامية.
ومن جهته، كرر السفير الإسرائيلي في سويسرا إيلان إيلغار انتقاداته للدور الذي لعبته سويسرا في الملف النووي الإيراني ولدورها في الأزمة اللبنانية.
في حديث أدلى به يوم الأحد 9 ديسمبر 2007 لأسبوعية “زونتاغ” الناطقة بالألمانية الصادرة في آرغاو،أوضح السفير الإسرائيلي في برن بأن “إيران تعتبر في نظر إسرائيل البلد الأكثر خطورة في الشرق الأوسط وأن على سويسرا أن تبقى خارج هذه التوترات”، وذلك في الوقت الذي كانت تشارك فيه رئيسة الكنفدرالية السويسرية في الاحتفال بمرور 50 عاما على تأسيس الجمعية السويسرية الإسرائيلية.
فقد انتقد السفير الإسرائيلي إيلان إيلغار دور سويسرا في الملف النووي الإيراني قائلا: “إن تدخلاتها في هذا الملف كانت غير مفيدة”، مضيفا بأن برن ابتعدت عن حيادها الصارم.
فسويسرا، وعلى نقيض بعض البلدان الأوروبية المجاورة (مثل فرنسا التي تطالب بتشديد العقوبات ضد طهران)، ترغب من خلال مصالح دبلوماسيتها التمسك بـ “حل دبلوماسي” في معالجة الملف النووي للجمهورية الإسلامية.
وجدير بالذكر أن سويسرا ترعى منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران في فبراير 1979 المصالح القنصلية والدبلوماسية للولايات المتحدة الأمريكية في إيران. كما أن إيران تعتبر من أهم الشركاء التجاريين لسويسرا في منطقة الشرق الأوسط.
إرهابيو حماس وحزب الله
كما أن إسرائيل منزعجة من قبول سويسرا بكل من حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني كشركاء مفاوضات في الأزمة اللبنانية. إذ يرى إيلان إيلغار أن هاتين المنظمتين تسعيان إلى تدمير إسرائيل ولا تقبلان بالاتفاقيات المبرمة بين الفلسطينيين والدولة العبرية.
ويرى السفير الإسرائيلي، أنه ما دام موقف المنظمتين على ما هو عليه “لا يمكن الحديث معهما، وهذا هو الموقف الذي اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي”. ويضيف بأن سويسرا – بانتهاجها هذا الموقف المنفرد – تُضعف موقف المجموعة الدولية.
وذهب الدبلوماسي الإسرائيلي أن التفسير الذي تلتزم به سويسرا فيما يتعلق بـالحياد النشط، “حساس”. كما اعتبر أن سويسرا تصرفت نوعا ما بشكل منفرد، وأن الحياد حسب تصوره “يعني أن لا يتخذ بلد موقفا من جانب واحد”.
“استغراب” الرئيسة السويسرية
وقد عبرت الرئيسة السويسرية عن “استغرابها” لهذه الانتقادات أثناء لقاء جمعها إسحاق هيرتسوغ، الوزير الإسرائيلي للشؤون الاجتماعية الذي كان حاضرا يوم الأحد 9 ديسمبر في زيورخ، مثلما أوضح الناطق باسمها جون فيليب جانرا.
فقد أشادت السيدة ميشلين كالمي ري أثناء الاحتفال بالذكرى الخمسين، بنشاط الجمعية السويسرية الإسرائيلية التي وصفتها بأنها “عامل هام للتفاهم بين الشعوب”. مذكّرة بأن هذا التواجد للجمعية هام جدا خصوصا وأن مظاهر الإحساس المعادي للسامية ما زالت متواصلة حتى في سويسرا حيث لا يتعدى عدد أفراد الجالية اليهودية 0،25% من مجموع السكان.
وإثر ذلك تطرقت وزيرة الخارجية إلى العلاقة التي تربطها بصفة شخصية بالجالية اليهودية، حيث أن زوجها أندري كالمي، وهو من المنفيين الذي قدموا من رومانيا في الخمسينات من القرن الماضي، من أصل يهودي.
معاهدات جنيف
من جهة أخرى، ذكرت رئيسة الكنفدرالية السويسرية، التي تشغل في نفس الوقت منصب وزيرة الخارجية في الحكومة الفدرالية، بأن من واجب سويسرا – بوصفها راعية معاهدات جنيف – التذكير بضرورة احترام القانون الإنساني الدولي. وشددت السيدة كالمي ري على “أننا نرفع أصواتنا عندما يتم انتهاك هذا القانون حتى ولو أدى ذلك الى انتقاد أصدقائنا”.
الانتقادات الإسرائيلية تثير جدلا في البرلمان
أثارت انتقادات السفير الإسرائيلي وردود فعل الرئيسة السويسرية جدلا يوم الاثنين في جلسة البرلمان السويسري، بحيث وصفت السيدة ميشلين كالمي ري السفير الإسرائيلي ” بمن يتحدث عن ملف لا يعرفه جديا عند انتقاده لسياسة سويسرا في منطقة الشرق الأوسط”.
وفي ردها على انتقادات زعيم جمعية سويسرا مستقلة ومحايدة هانس فير دافعت الوزيرة عن سياسة الحياد النشط قائلة أنها ” لا تضر بأحد”.
وقد أوضحت الرئيسة ووزيرة الخارجية أمام البرلمان ” بأن وزير الشئون الاجتماعية الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ كذب ما جاء على لسان السفير الإسرائيلي وهنأ سويسرا علانية على التزامها في منطقة الشرق الأوسط”.
ولكن وزير الخارجية الإسرائيلي وحسب تصريح الناطق باسمه آريال ميركل “وقف الى جانب سفيره”.
أما عن استفسارات ممثل جمعية سويسرا مستقلة ومحايدة هانس فير بخصوص أسباب غياب سويسرا عن اجتماع آنابوليس حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والذي قال أن وزيرة الخارجية الأمريكية تكون قد قالت” بأنها لا ترغب في مقابلة هذه السيدة( والمقصود وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي ري)”، فقد ردت الوزيرة بقولها ” أن قائمة المدعوين أعدتها الولايات المتحدة وفقا لمعاييرها، و أن غياب سويسرا ليست له دوافع سياسية”.
ندّدت سفارة دولة إسرائيل في برن بالعريضة، التي وجّـهتها جمعية سويسرا – فلسطين يوم 29 نوفمبر 2007، وطالبت فيها الحكومة الفدرالية باتخاذ عقوبات ضد الدولة العبرية.
وأدانت السفارة في بيان رسمي، وزّعته يوم الاثنين 3 ديسمبر ما جاء في العريضة، باعتباره “ظلما ونفاقا لن يخدم الفلسطينيين بأي حال”.
واعتبرت السفارة في بيانها أن هدف الموقعين على العريضة، يتمثل في “معاقبة إسرائيل، مهما كان الثمن” وأنها (أي العريضة) تندرج “في سياق الخطاب الراديكالي المعادي لإسرائيل” وليس في إطار دعم الفلسطينيين أو الترويج لعملية سلام.
كما ندّدت السفارة بما أسمتها “أخلاقية منافقة”، حيث أن الموقعين على العريضة، لا يقترحون مقاطعة السلطة الفلسطينية وحماس في أعقاب أعمال العنف، التي تسبب فيها هذان الطرفان في قطاع غزة في النصف الأول من عام 2007.
وتطالب العريضة، التي أرفِـقت بـ 11000 توقيعا صادرا عن الأوساط السياسية والثقافية والعلمية والكنائس، سويسرا بالعمل على اتخاذ “عقوبات تجاه دولة إسرائيل إلى أن تحترم هذه الأخيرة القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة”.
(المصدر: برقية لوكالة الأنباء السويسرية بتاريخ 3 ديسمبر 2007)
أسست هذه الجمعية العلمانية المستقلة في 15 ديسمبر 1957 في زيورخ.
كان مؤسسوها يعتقدون بأن أزمة السويس التي تحولت إلى نزاع مسلح في عام 1956 قد تهدد وجود إسرائيل.
تهدف الجمعية لتعميق أواصر الصداقة بين سويسرا وإسرائيل من خلال تعزيز العلاقات الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بين الأعضاء والرأي العام من جهة، وبين إسرائيل من جهة أخرى.
يعيش في سويسرا حوالي 18000 شخص من معتنقي الديانة اليهودية.
هذا الرقم يشكل حوالي 0،25% من مجموع سكان الكنفدرالية.
26،5% من مجموع الأحكام الصادرة عن القضاء السويسري بموجب انتهاك القوانين المناهضة للعنصرية لها علاقة بمظاهر معادية للسامية.
الروابط
وزارة الخارجية السويسريةرابط خارجي
السفارة الإسرائيلية في برنرابط خارجي
جمعية سويسرا – إسرائيلرابط خارجي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.