من هو أيمن نور؟
فيما تتهمه الحكومة بأنه "رجل أمريكا ووجهها الجديد في مصر"، تزعم المعارضة بأنه "عقد صفقة سرية مع الحكومة تسمح له من خلالها بالوجود مقابل استخدامه كمسحوق للتجمل أمام أمريكا".
في المقابل، ينفي نور صلته بأمريكا أو معرفته بالسيدة كوندوليزا رايس، ويرفض أن يطرح حزبه كبديل أو كومبارس أو ديكورا للنظام.
من هو أيمن نور، وما حقيقته؟ ولماذا تعاملت معه الحكومة المصرية بهذه الطريقة، وما مدى صحة الاتهامات التي تُـروِّج لها الحكومة ضده، وما حقيقة صلته بأمريكا، ولماذا كل هذا الاهتمام بموضوعه من وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس؟ أسئلة كثيرة تطرح نفسها وتبحث عن جواب …
اشتهر نور في أوساط المثقفين المصريين بفضل أدائه البرلماني المتميز، غير أن شهرته اتّـسعت بعدما أعلن من داخل السجن اعتزامه الترشح لمنصب الرئاسة في مصر.
وعندما أسس حزبه “الغد”، اتهمته المعارضة بأنه عقد صفقة سرية مع الحكومة تسمح له من خلالها بالوجود، مقابل أن تستغله كمسحوق للتجمل أمام أمريكا. لكن المظاهرات التي قادها أعضاء بحزب الغد، والشعارات التي رفعها أيمن نور، ورفضه الصريح إعادة انتخاب الرئيس مبارك لفترة خامسة، ورفضه فكرة “توريث الحكم”، جعلت المعارضة تراجع نفسها لتُـدرك أنه “ليس دُمية اصطنعتها الحكومة”.
لم يكتف نور بما أعلنه مبارك من تعديلات بالمادة 76 من الدستور، إنما دعا صراحة إلى “ضرورة الحد من صلاحيات رئيس الجمهورية نفسه”، وضمّـن ذلك في الوثيقة الأساسية لبرنامج حزب الغد الذي يرأسه.
وقال صراحة في برنامج الحزب، “يجب إعادة النظر في المادة 85 من الدستور التي تنص على أن رئيس الجمهورية غير مسؤول سياسيا أمام مجلس الشعب، وأنه لا تجوز محاكمته إلا في حالة الخيانة العظمى وارتكاب جريمة جنائية”.
ولعل هذه الدعوة هي التي استفزّت النظام، وربما كانت أحد الدوافع وراء قرار رفع الحصانة عنه، واتهامه بتزوير التوكيلات، واعتقاله، في محاولة لإيصال رسالة له وللمعارضة.. فمن هو أيمن نور؟
سيرته الذاتية
اسمه أيمن عبد العزيز نور، وشُـهرته أيمن نور، والده كان يعمل محاميا، وكان عضوا منتخبا في مجلس الشعب أكثر من مرة منذ بدايات الخمسينيات وحتى نهاية السبعينيات، أما والدته، فهي واحدة من أبرز قيادات العمل الاجتماعي بالمنصورة، وهي حاصلة على درجة الدكتوراه في اللغة الفرنسية، ابنة محمد محمود حسنين الذي كان محافظا للدقهلية في بدايات الستينيات.
ولد نور في 10 أكتوبر 1964 بمحافظة الإسكندرية، وهو متزوج من المذيعة التليفزيونية اللامعة جميلة إسماعيل، ولديه ولدان هما: نور من مواليد عام 1990، وشادي ولد عام 1993.
تلقى تعليمه الأولي بمدرسة كلية النصر بالإسكندرية، ومدرسة الأمريكان بالمنصورة، ثم تلقى تعليمه في المرحلة الإعدادية بمدرسة المنصورة الإعدادية بنين، وكان رئيسا لاتحاد طلاب المدرسة والمحافظة طوال سنوات المرحلة الإعدادية الثلاثة، تم اختياره الطالب المثالي بمحافظة الدقهلية.
تلقى تعليمه الثانوي بمدرسة الملك الكامل الثانوية بالمنصورة، وكان رئيسا لاتحاد طلاب المدرسة وعلى مستوى الإدارة والمحافظة، وتم اختياره رئيسا لاتحاد الطلاب العام للمدارس الثانوية والفنية، ودور ومعاهد المعلمين والمعلمات، وذلك طوال سنوات المرحلة الثانوية.
تخرج نور في كلية الحقوق بجامعة المنصورة، وكان رئيسا لاتحاد الطلاب لمدة عامين، وحصل على دبلوم في القانون الدولي، ثم حصل على الماجستير في فلسفة التاريخ السياسي، ثم نال درجة الدكتوراه من الأكاديمية العليا للعلوم “معهد العالم العربي” قسم التاريخ بدرجة امتياز، وكان موضوع الرسالة حول “الحركة الإسلامية بمصر من 1980 إلى 1990 “.
ظهور مبكر
اتجه للعمل الصحفي مبكرا، فعمل صحفيا هاويا خلال فترات الدراسة، ثم احترف الصحافة مع صدور أول أعداد جريدة الوفد، لسان حال حزب الوفد، وظل يتدرج بالوفد حتى أصبح رئيسا للتحرير عام 1984، وظل يكتب عمودا ثابتا بها بعنوان “يوميات صحفي مشاغب” لأكثر من 16 عاما، ويكتب عدة مقالات أسبوعية في بعض الصحف القومية والمستقلة والحزبية، مثل مجلة أكتوبر، وجريدة الأحرار، وجريدة الميدان، وهو أحد مؤسسي جريدة الحرية، وكان مديرا إقليميا لتحرير عدة صحف عربية ودولية، مثل الحياة “لندن”، والدولية “باريس”، وجريدة المدينة “جدة”، والفجر الجديد “الكويت”، كما عمل مراسلا للإذاعة الفرنسية بالقاهرة.
ثم اتجه إلى ممارسة العمل الحزبي، فتم انتخابه رئيسا للجنة شباب الوفد بالقاهرة، ثم سكرتيرا عاما للوفد بالقاهرة، ثم سكرتيرا للهيئة الوفدية العليا، ثم عضوا بالهيئة العليا للحزب، ثم ترك حزب الوفد في مارس 2001، بعد وفاة زعيم الوفد فؤاد سراج الدين، إثر خلافات سياسية مع رئيس الحزب الجديد الدكتور نعمان جمعة وسط أزمة سياسية كبيرة ليؤسس حزب الغد في أكتوبر 2004، بعدما رفضته لجنة شؤون الأحزاب خمس مرات.
اتجه للعمل البرلماني، فتم انتخابه عضوا بمجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) في انتخابات 1995 عن دائرة باب الشعرية والموسكي بوسط القاهرة، وهي من أكثر الدوائر الشعبية والجماهيرية في مصر ازدحاما، ليُـصبح بذلك أصغر نائب في البرلمان المصري.
وفي المجلس، تم اختياره نائبا لزعيم المعارضة، وقد حصل نور في عام 1999 على جائزة أفضل أداء برلماني لدول شرق البحر الأبيض المتوسط، ثم أعيد انتخابه عضوا في البرلمان في الانتخابات التي تلتها عام 2000، عن نفس الدائرة.
نشاط واسع
أما عن صلته بالعمل الاجتماعي، فقد تم انتخابه أكثر من مرة عضوا بمجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وعضوا باللجنة العربية الشعبية لدعم الانتفاضة، ومقرها دمشق، ورئيسا (مؤسسا) لجمعية نور الخيرية بوسط القاهرة منذ 1994 وحتى الآن، كما تم انتخابه عضوا بالعديد من المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان ومواجهة الفساد، وهو مؤسس اللجنة المصرية البرلمانية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية.
حصل نور على جائزة أفضل أداء برلماني مصري وعربي، وتم اختياره كأفضل نائب في دول البحر الأبيض المتوسط، وحصل على عدة جوائز محلية ودولية في هذا المجال، وقد تلقت مكاتبه الثلاثة عشر أكثر من 27 ألف طلب وخدمة، أنجز منها في بعض القطاعات ما يقترب من 95%.
وقاد حملة لتجميل ميدان باب الشعرية، حيث دائرته الانتخابية، وأقام تمثالا لابن باب الشعرية، مطرب الأجيال محمد عبد الوهاب، بالجهود الذاتية، وساهم بدور كبير وملموس في العمل الشبابي من خلال الأنشطة التي تقوم بها جمعية نور، ونظم عشرات الندوات والحفلات والرحلات مجانا للشباب، كما اهتم خلال وجوده بالبرلمان بمشاكل أبناء دائرته من الباعة الجائلين، والذين يعملون في صناعة الأحذية والجلود في شارع الموسكي (أكبر شارع تجاري بمصر)، حيث تقدم بأكثر من طلب إحاطة للحكومة بشأنهم، وصدرت من أجلها عشرات القوانين منذ عام 1995 وحتى 2001.
تقدم بمشروع “البرلمان العربي للبرلمانيين الشبان”، ووافق عليه الاتحاد البرلماني العربي في دورته عام 2001. حصل على أكثر من ثلث أصوات المجلس، عندما تقدم للترشيح لمنصب وكيل المجلس عام 2000، فحصل على 161 صوتا من إجمالي 454 صوتا، ليُـسجل بذلك سابقة برلمانية لم تحدث من قبل.
ألف نور عدة كتب، أشهرها “الحرية السياسية في الإسلام”، و”الليبرالية هي الحل”، و”العسكري الأسود زكي بدر”، و”يوميات صحفي مشاغب”، و”أزمة الخليج، اغتيال الكويت”، و”من قتل سليمان خاطر”.
اصطدامه مع النظام
اعتقل في 29 يناير 2005 بتهمة تزوير توكيلات ألفي شخص، لتأمين حصول حزبه المعارض على الترخيص، وهي تُـهمة في نظر أنصاره “لها أسباب سياسية”. أثار اعتقاله ردود فعل دولية، أبرزها ما صرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس عندما التقت نظيرها المصري أحمد أبو الغيط في أول زيارة قامت بها للقاهرة، وقالت له إنها تأمل أن ترى “حلا سريعا لمسألة اعتقال د. أيمن نور”.
أفرِج عنه في 12 مارس 2005 بكفالة مالية مع استمرار التحقيقات، بعد ثلاثة أيام فقط على إصدار العدد الأول من صحيفة الغد، لسان حال حزبه الذي يحمل نفس الاسم، وتصدِر صفحتها الأولى خبر إعلان ترشحه في انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في شهر سبتمبر المقبل.
وفيما تتهمه الحكومة، على لسان صحفييها، بأنه”رجل أمريكا ووجهها الجديد في مصر”، وهي تهمة كفيلة بحرق ورقة الرجل الذي تنتظره حياة سياسية حافلة، يقول نور: “ليس عندي أي معلومات عن هذا الموضوع، ولم أطلب من أحد أن يدافع عني، وفيما يتصل بالتأييد أو التعاطف الدولي، فأنا مع التعاطف الدولي، لكنني ضد التدخل الخارجي”.
وحول اهتمام رايس بموضوعه يقول: “أنا شخصياً مندهش، وأشعر بعدم المنطقية وعدم المصداقية لهذا الكلام، فأنا لا أعرف السيدة كوندوليزا ولم يسبق لي أي لقاء بها”!
وينفي نور الاتهامات الموجهة ضده بتلقي أموالاً ودعماً مالياً من الولايات المتحدة، ويقول: “حسبي الله ونعم الوكيل، فنحن لم نقبل ولم يُـعرض علينا، ولم نسمع عن هذا الكلام لا من أمريكا ولا من أي جهة أخرى”، معتبرا أن “هذه القصة خيال مريض أو توجيه حكومي لبعض الصحف نصف الحكومية”، واصفا هذا بأنه “محاولة لاغتياله معنويا وتشويه صورته”.
ويقول: “إذا كنا قد رفضنا الحصول على مخصصاتنا القانونية من لجنة شؤون الأحزاب، وهي لجنة مصرية، فكيف نقبل تمويل دولة أجنبية”؟ ويضيف: “نحن حتى الآن ليس لدينا مقرً رئيسيً للحزب، والمؤتمر العام الذي عقدناه للحزب، جمعنا أمواله من تبرّعات مؤسسي الحزب”.
وحول السبب والدافع وراء إعلانه الترشح للرئاسة، يقول نور: “نحن في حزب الغد، سنواجه مرشح الحزب الوطني، وسنخوض معركة قوية ومتكافئة معه أياً كان من هو، مع احترامي وتقديري الكامل لتاريخ الرئيس مبارك ولنجله السيد جمال مبارك”، مشيرا إلى أن “هذا حق لنا كفله الدستور”، رافضا أن يكون إعلان ترشحه مجرد ديكور، أو مشاركة رمزية”.
فرصة قوية
ويسجل نور اندهاشه من الثقافة السائدة، والتي يُـروَّج لها في مصر من أنه: لا يوجد مرشح يمكن أن يحل مكان مبارك فيقول: “من بين 70 مليون مصري، ألا يوجد هناك مخلص متعلم يُـجيد إدارة شؤون هذا الوطن؟” معتبرا أن الترويج لهذا المفهوم”يُـسيء لسمعة مصر ويهينها دوليا”.
ويستطرد نور قائلا: “ليس مفروضا أن ننتظر إلى أن تأتي إلينا مطالبنا، بل يجب أن نُـصر عليها ونطالب بها، وإذا حصل عدم تكافؤ في فرص الإعلام والدعاية، سنرفع دعاوي وسنذهب إلى القضاء، وسنصرخ في وجه من يخلّ بحقوقنا، وسنخوض المعركة مؤمنين بثقة الشعب المصري، مؤمنين بهذا الحق الذي يجب أن يمارس”.
ويضيف: “أعتقد أن لدينا فرصة قوية. فالشعب المصري راغب في التغيير، وسنطلب من الحزب الوطني الحاكم أن يقدم لنا كشف حساب عن الفترة السابقة، ونحن نطلب مناظرته”.
ويدعو نور الدولة إلى الخروج من المعركة، فيقول “لتكن المعركة بيننا وبين الحزب الوطني، فالخلط بين شخص الرئيس وبين الدولة وبين الحزب الحاكم، يجب أن ينفضّ وسريعاً”.
ويضيف: “أنا كنت مضربا عن الطعام في السجن، وعندما بلغني خبر مبادرة الرئيس مبارك بتعديل المادة 76 من الدستور قطعت الإضراب ابتهاجاً بهذه المبادرة، لكني الآن أنا نفسي مسدودة نتيجة محاولات البعض إفراغ المبادرة من مضمونها”، ويقول: “هي ليست مبادرة، ولكنها حق أصيل للشعب المصري، ونحن نصرّ عليها لأنها حق لا يجب التفريط فيه”.
ويعلن نور اندهاشه لإعلان معظم الأحزاب أنها لن تخوض الانتخابات (!)، ولإعلان بعضها تأييده للحزب الوطني، فيقول: “لماذا لم ينضمّوا إذن للحزب الوطني”؟!
وعن حزبه (الغد)، يقول نور: “أعطونا فرصة، فنحن حزب مختلف، حزب يمثل جيل مختلف، له آليات مختلفة، ولديه طموحات مختلفة، لديه رؤية مختلفة”، ويضيف: “نحن نطرح أنفسنا كبديل، ولا نقدّم أنفسنا ككومبارس أو كديكور”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.