شبح يقلق الشركات السويسرية
اصدر مكتب متخصص في الاستشارات الاقتصادية هذا الأسبوع نتيجة استطلاع للرأي، قالت فيه إن 75% من الشركات السويسرية تعاني من تبعات الجريمة الاقتصادية.
وشملت الدراسة جميع القطاعات، التي أجمعت على أنها تتكبد سنويا من وراء تلك المشكلة خسائر مالية فادحة للغاية.
طبقا لنتيجة الدراسة التي أصدرها مكتب KPMG للاستشارات يوم الأربعاء 8 أغسطس الجاري، فإن الجريمة الاقتصادية تدور في جميع القطاعات التجارية والصناعية السويسرية على حد سواء، ولا تنجو منها شركة، صغيرة كانت أو كبيرة.
ويمثل النصب والاحتيال 42% من الجرائم التي تقع فيها الشركات المشاركة في استطلاع الرأي، والتي بلغ عددها 250، بينما شكلت جرائم الرشوة 12%، وسرقة المعلومات والبيانات وعدم احترام حقوق الشركات في الملكية الأدبية والفكرية 10%.
أما كيفية التعرف على تلك الجريمة فيعود في 20% من الحالات إلى عمليات المراقبة التي تقوم بها شركات المحاسبة، سواء في داخل الشركة نفسها أو من الخارج، بينما تشكل الصدفة البحتة 20% من بقية الحالات، و14% منها يتم الكشف عنها من خلال إبلاغ العاملين بالشركة عن تلك المخالفات، إلى جانب نسبة ضئيلة تصل إلى 6% تقول الشركات إن أشخاص مجهولين قاموا بتحذيرها من عمليات نصب ستقع أو إبلاغها بما حدث بالفعل، طبقا لبيانات الدراسة.
ليست مرة واحدة .. بل مرات متعددة
وكانت مؤسسة KPMG تتوقع وفقا لدراسات سابقة أن نسبة لا تتجاوز 30% من الشركات السويسرية وقعت مرة واحدة على الأقل كضحية لعملية نصب، إلا أن نتيجة الاستطلاع الأخير أظهرت أن 73% من الشركات قد تعرضت لعمليات احتيال سواء من أحد العاملين فيها، أو من طرف ثالث خارجي، إضافة إلى عمليات النصب والسرقة والرشوة.
ويتصدر التزوير في الميزانيات وفي حسابات المصاريف الخارجية، والوعود الكاذبة للمستثمرين والتحايل في رواتب العمال، رأس قائمة عمليات النصب التي تحدث في العديد من القطاعات.
وتقول الدراسة إن من يقوم بمثل تلك الجرائم، يسعى في المقام الأول إلى الحصول على مكاسب بشكل غير مشروع، وأن الدرجة الوظيفية والعمر والمؤهل الدراسي، كلها عوامل تلعب دورا كبيرا في وقوع تلك الجرائم.
فأغلبية الضالعين في تلك الجرائم، حسب الدراسة، من الرجال ممن تتراوح أعمارهم ما بين 30 و 45 عاما، ومن الحاصلين على مستوى تعليمي جيد ويتمتعون بوضع اجتماعي مقبول، ودخل فوق المتوسط، ولكنهم يعيشون في مستوى أكبر من هذا الدخل.
حاميها حراميها!
أما المفاجأة التي كشفت عنها تلك الدراسة فكانت أن 84% من حالات النصب والتحايل تحدث من بين الأفراد العاملين داخل المؤسسة أو الشركة نفسها، حيث تجد الدراسة أن السبب في ذلك هو عدم إدراك خطورة الجريمة الاقتصادية بشكل كاف.
وعلى الرغم من الخسائر التي تتسبب فيها الجريمة الاقتصادية، إلا أن نسبة لا تتجاوز 26% من الشركات هي التي استخلصت دروساً مفيدة من وقوعها كضحية لهذا النوع من الجرائم، وسعت لمواجهة تلك الجرائم من خلال تعزيز أنظمة المراقبة المالية الداخلية. وقد أظهرت الدراسة أن 21% من الشركات تعتقد بأن ضعف المراقبة الداخلية هو السبب في وقوع تلك الخسائر، بينما ترى 18% من المؤسسات أن توعية العاملين فيها إلى خطورة ممارسة تلك الجرائم واجب ضروري، وهي النسبة التي تتلاقي مع حقيقة أن 17% من الجرائم تقع بسبب علاقة أحد العاملين بأشخاص من خارج المؤسسات نفسها.
76% من المؤسسات أعلنت وفق تلك الدراسة أنها ستعمل على زيادة سبل مكافحة الجريمة الاقتصادية لديها، إلا أن 57% رأت بأن هذا النوع من الخسائر يرتبط بشكل أو بآخر بطبيعة النشاط التجاري، وتضع احتمالات حدوثها في جميع برامجها ومشاريعها، وهو ما قد يوحي بأنه من الصعب تلافيه أو أنه أمر وارد الحدوث مهما كانت الاحتياطات، وهذا ما يفسر اعتراف 31% من الشركات بأنها تسجل وقوع هذه الحالات، ولكنها لا تتابع بجدية عمليات مكافحة الجريمة الاقتصادية، على عكس 12% فقط هي التي رأت بأن هذه الجرائم موضوع هام، ويجب أخذه في الإعتبار.
أين العقاب؟
وفيما أجمعت الشركات على وضع ميزانية خاصة لاتخاذ إجراءات وقائية ضد الجريمة الاقتصادية، تفاوتت المبالغ المحددة لذلك، فاتفقت 80% من الشركات على أن تكون بحد أقصى 50 ألف فرنك سنويا، على حين رأت 5% أنها يجب أن تكون أكثر من نصف مليون فرنك سنويا، ويمكن تفسير هذا الاختلاف في التقدير بنوعية نشاط الشركة وأهمية الخسائر بالنسبة لها.
وقد أظهرت الدراسة تعدداً كبيرا في نوعية المخاوف التي ترى الشركات ضرورة الانتباه إليها واتخاذ إجراءات وقائية ضدها؛ فنسبة 16% من الشركات التي شاركت في الدراسة تخشى من الوقوع مستقبلا ضحية عمليات نصب واحتيال، و15% تتوقع حدوث عمليات رشوة في أروقتها، ونفس النسبة تترقب تلاعبا في ميزانياتها السنوية ومصروفاتها الخارجية، و10% تتخوف من الجرائم الاقتصادية عبر الإنترنت بما في ذلك التجسس وسرقة معلومات وبيانات صناعية أو تقنية هامة، وهي النسبة التي تتخوف أيضا من حدوث تزوير لمنتجاتها.
لكن اللافت للنظر في تلك الدراسة هو اعتراف الجميع بأن الجريمة الاقتصادية تترصد بكل الشركات والمؤسسات على اختلاف أنشطتها، ورغم أنها ناقشت الدوافع والأسباب، وطرحت أساليب الوقاية المختلفة، إلا أنها لم تتطرق إلى العقوبات، وهل هي رادعة بشكل كاف أم يجب إعادة النظر فيها، وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة تفتح الباب أمام العديد من التكهنات، فهل ترغب الشركات في الوقاية حفاظا على نفسها، ولا ترغب في التعرض للعقاب إن هي قامت بالتحايل على الآخرين
تامر أبو العينين – سويس انفو
تقدر الشرطة الفدرالية أن خسائر الشركات السويسرية من الجرائم الاقتصادية تصل إلى حدود 8 مليارات فرنك سنويا
الجرائم الاقتصادية الأكثر شيوعا في سويسرا:
42% نصب واحتيال
12% رشوة
10% سرقة بيانات ومعلومات هامة
7% استخدام غير مشروع للبنية التحتية للمؤسسات التجارية
7% جرائم عبر شبكة الإنترنت مثل اختراق المواقع وتخريبها.
5% تزوير في الحسابات الرئيسية والميزانيات.
أعدت إحدى المجموعات الاستشارية المتخصصة دراسة ميدانية بين 250 شركة سويسرية تعمل في مجالات مختلفة، حول تأثير الجريمة الاقتصادية عليها.
اعترفت 73% من الشركات بأنها كانت ضحية عمليات نصب واحتيال، وتعرضت للوقوع في فخ الرشاوى مرة واحدة على الأقل، بينما أجمعت على ضرورة تخصيص ميزانية لاتخاذ إجراءات وقائية لتفادي ذلك مستقبلا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.