مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

شرخ فلسطيني كبير

رجل فلسطيني يحمل العلم المصري ورايات الفصائل الفلسطينية المختلفة في مظاهرة نظمت يوم 7 يوليو 2007 في غزة تطالب بإعادة فتح المعبر الحدودي بين قطاع غزة ومصر Keystone

ثمة ما هو أكثر من دليل وأقوى من قرينة، ويقول إن الفلسطينيين يعيشون شرخا كبيرا غير مسبوق في تاريخهم الحديث.

ووجود سلطتين، واحدة إسلامية في غزة، وأخرى عِـلمانية في الضفة الغربية، كفيل بالولوج إلى ماهية هذا الانقسام الصعب، بل أن قوة هذا الشرخ قد أطاحت بالفعل بالجهود المادية والمعنوية المتعلقة بأولوية الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي، أساس مُـعاناة وقهر الشعب الفلسطيني على مدى عقود.

لم تعد مسألة الحقوق السياسية واستعادة الأرض المسلوبة على رأس أجندة أقوى حركتين على الساحة الفلسطينية، حركة حماس وحركة فتح، وبالتالي، لم يعد ذلك ما يُـؤرق ويشغل بال المواطن الفلسطيني العادي.

لكن هناك ما يشغل البال والفكر، إنه الانخراط في ما تفعله الحكومة المُـقالة بقيادة حركة حماس في قطاع غزة، وما تُـرتِّـبه وتُـعدّه سلطة الرئيس محمود عباس، ومعه حكومة سلام فياض في الضفة الغربية.

بيد أن الأمر لا يقتصر على من يُـحوِّل الراتب الشهري للموظفين، ولا حول الخلاف على يومي العطلة الأسبوعية، الخميس والجمعة في غزة أو الجمعة والسبت للضفة الغربية وحسب، بل يتعدّاه إلى ما هو في صميم الفِـكر السياسي والاجتماعي الفلسطيني.

في غزة، تقوم سلطة أمر واقع يُـديرها قياديون في حركة حماس الإسلامية، التي تعتقد أن خلاص الأمة يكون في العودة إلى تعاليم الإسلام في مختلف مناحي الحياة، التعليمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

ومع هؤلاء، جمهور فلسطيني في الشّـتات والغُـربة، يقول إن حماس أحسنت صُـنعا، إذ خلّـصت الفلسطينيين من “طغمة فاسدة”، في إشارة إلى قيادة حركة فتح في قطاع غزة، بزعامة محمد دحلان، التي فرّت من غزة إلى رام الله في أعقاب سيطرة حماس في منتصف شهر يونيو الماضي.

وفي المقابل، يُـصر الرئيس عباس ورئيس وزرائه في الضفة الغربية على إعادة الحياة لمنظمة التحرير الفلسطينية على حِـساب مؤسسات الحُـكم الذاتي، لاسيما المجلس التشريعي، وإقامة نظام إداري فاعل وشفاف.

انهيار نظام

ويقول قدّورة فارس، القيادي في حركة فتح والوزير والنائب السابق، “نحن نعيش حالة انهيار كاملة لنظام سياسي كان قائما لأكثر من عشر سنوات، ولا ندري إلى أي درب سيأخذنا هذا التّـكريس للانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة”.

وعمليا، فقد تعطّـلت مُـختلف مؤسسات الحكم الذاتي، التي أنتجها اتفاق أوسلو. المجلس التشريعي، أهم هذه المؤسسات، بات مشلولا، وسلطة الحكم الذاتي، الرئاسة والحكومة، لم تعد قائمة في قطاع غزة، حيث يعيش نحو مليون ونصف مليون فلسطيني.

حماس، سيطرت على جميع الأجهزة في غزة وتعمل حاليا على إقامة أجهزة مُـختلفة تماما لا علاقة لها بسلطة الحكم الذاتي. كل ذلك، يجرى في منطقة مُـحاصرة من كل الجهات لا يملك الفلسطينيون، لا حماس ولا الرئاسة، أي سلطة عليها.

وفي غضون ذلك، يعُـد الرئيس عباس لتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية في مواجهة حماس. ومن المنتظر أن يلتئِـم المجلس المركزي، الهيئة الوسيطة بين اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني خلال أيام في رام الله بالضفة الغربية.

ومن المتوقع أن يقرر المجلس المركزي تفويض الرئيس، بصفته رئيس منظمة التحرير، اتخاذ قرارات، لها صفة القانون، الأمر الذي يعني حلّ المجلس التشريعي نهائيا.

كذلك، ومع تأكيد حضور نايف حواتمة، أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، لاجتماع المجلس المركزي في رام الله ومعه مسؤولون آخرون، فإن الخطوة التالية ستكون بتعزيز اللجنة التنفيذية بقياديين وطنيين، مناهضين لحماس.

وتشير مصادر، أنه ستجري على الأغلب، انتخابات جديدة داخل مؤسسات منظمة التحرير بهدف منح الفرصة لتنظيمات وطنية عِـلمانية أخرى، للانضمام للّـجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، في خطوة أخرى لإضعاف حماس.

مستقبل مجهول

لا يبدو حتى اللحظة، أن ثمّـة احتمالا بدخول الطرفين، حماس والرئاسة في حوار، وحتى تحقيق ذلك، سيكون قد ضاع وقت كثير وتكرّست أمور وواقع جديد، ولن يكون بإمكان مصالحات متوقّـعة، التعويض عنه.

“لا رجعة عن الواقع”، هكذا ردّد القيادي العنيد في حماس محمود الزهار ومعه مسؤولون آخرون. لا يبدو أن حماس تفكِّـر في التراجع، بل إنها ماضية قُـدما في تطبيق سياستها وإقامة مؤسساتها وأجهزتها في غزة.

ويقول مصدر مطّـلع مُـقرّب من قيادة حماس، “فليأت الرئيس عباس بالدولة والتحرير ومشروع الاستقلال، حتى يتغلب على حماس ويثنيها عما قامت من أجله. حماس باقية، وهي تعرف أن عباس سياسيا، بائسا ليتحاور معها”.

وفي هذا إشارة قوية إلى أن عباس، ربما يتمكّـن من إقامة نظام فعّـال وشفّـاف في الضفة الغربية، لكنه لن يكون قادرا على إجبار إسرائيل ومعها الإدارة الأمريكية على تقديم ضمانات بمنح الفلسطينيين حقوقهم السياسية.

لقد أصبحت غزة الآن عائقا أمام احتمال قبول إسرائيل بمنح الفلسطينيين دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ناهيك عن وجود رأسين فلسطينيين، يُـقرر كل منهما في مكان تواجُـدِه.

تبدو أمور الفلسطينيين، أكثر قساوة وتعقيدا في ظل هذا الشرخ غير المسبوق، وينخرط كل رأس فلسطيني في إثبات جدارته، أمام جمهور مُـتعب منهك، واحتلال لا يبدو عليه القلق أبدا.

هشام عبدالله – رام الله

رام الله (الضفة الغربية) (رويترز) – قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الاربعاء 18 يوليو 2007 إن ادارته ستدعو لانتخابات مبكرة رغم رفض حركة المقاومة الاسلامية (حماس) لهذه الخطة.

وقال عباس لمجلس تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية “سندعو المجلس المركزي من أجل أن يصدر مراسيم بشأن الانتخابات التشريعية والرئاسية المبكرة… ولن ننتظر طويلا حتى يقبل القابعون هناك من أجل ان تفعل منظمة التحرير أو من أجل أن تفعل سلطتنا وهم ليسوا معننيين بشيء سوى بأهداف أوهام في أذهانهم يريدون أن يعيشوها الى الابد ولا أدري الى متى.”

ومن المقرر أن يوافق المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية على خطوة عباس يوم الخميس.

وقال عباس للمجلس المركزي إن حماس “حفروا قبرهم بظفرهم” بما اقترفته أياديهم في غزة. وتابع قائلا “إنهم خسروا شرعيتهم”.

وكان عباس أبلغ الصحفيين في مدينة رام الله بالضفة الغربية في وقت سابق أنه ينوي اصدار مرسوم لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية لكنه لم يكشف عن موعد لاجراء أي من الانتخابين اللذين كان من المقرر أن يجريا في عام 2010.

وأقال عباس الذي يتزعم حركة فتح العلمانية الحكومة التي تقودها حركة حماس الاسلامية بعد الازمة في غزة الشهر الماضي. ورفضت حماس التي حققت فوزا ساحقا على فتح في العام الماضي اجراء انتخابات مبكرة. ورفضت أيضا الاعتراف بحكومة عباس الجديدة.

وحاولت حماس الدخول في محادثات للتفاهم مع عباس لكنه رفض.

واتهم عباس حماس بنقض الاتفاقات السابقة وقال “حاولوا ان ينفوا في البداية أنهم بدأوا. ثم قالوا اضطررنا الى هذا. اذن هم يعرفون. الاساليب والشواهد تدل على أنهم كانوا يضربون مكة بعرض الحائط ولا يريدون الا الوصول الى هذا الهدف وقد وصلوا اليه واعتقد انهم (حماس) حفروا قبرهم بظفرهم.”

واستطرد قائلا “قد يقول قائل هناك اتفاق القاهرة واقول لقد قضوا بفعلتهم هذه على اتفاق القاهرة. هم ارتكبوا هذه الجريمة ليقضوا على اتفاق القاهرة. الحوار الآن بين المنظمات الفلسطينية المنضوية تحت لواء منظمة التحرير والمجلس المركزي تجسيد لهذا. والمجلس الوطني تجسيد لهذا. لذلك نحن لن نلتفت ولن ننتظر التعليمات من خالد مشعل حتى يوافق او لا يوافق حتى يقبل او لا يقبل حتى يرضى او لا يرضى. لا.. لقد انهى اتفاق القاهرة ونحن غير مستعدين ان نلهث وراء هذا النوع من البشر.”

ودافع عباس عن الاجراءات التي اتخذها وقال “الاجراءات التي اتخذت منسجمة مع القانون الاساسي.. ولا ادري ان كان المجلس سينعقد ام لا ولكننا نحن لن ننتظر.. مسيرتنا ستستمر وعملنا سيستمر وحكومتنا ستستمر ولا يمكن ان نخذل شعبنا ونتركه يعيش في فراغ سلطوي او قانوني او دستوري.”

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 18 يوليو 2007)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية