مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نستله السويسرية والسكّر المضاف في طعام ضعاف الحال

نستله
أطعمة للأطفال والطفلات الرضع معروضة في متجر نستله بمدينة أورب، في كانتون فو KEYSTONE/© KEYSTONE / GAETAN BALLY

تفتخر شركة نستله، الرائدة على مستوى العالم في صناعة الأغذية للأطفال والطفلات، بعدم إضافة السكر إلى تركيبات الطعام الموزّعة في أوروبا. في المقابل، تحتوي منتجاتها، الموزّعة في العديد من البلدان الفقيرة، على سكّر مضاف بكميات كبيرة.

في جنوب إفريقيا، يحتوي منتج سيريلاك المكوّن من الحبوب للأطفال والطفلات الرضع، ابتداء من عمر ستة أشهر، والذي تنتجه شركة نستله، على ستّ غرامات من السكر في الوجبة الغذائية، أي ما يعادل مكعّبًا ونصف من السكر لكل وجبة. في حين، نرى على مقدمة غلاف نفس المنتج في سويسرا عبارة “دون سكر مضاف”.

وقد ندّدت منظمة “بابلك آي” (Public Eye) بالأمر، واصفة إياه بسياسة الكيل بمكيالين، وذلك في تقرير كشف عنه برنامج “لمن يهمّه الأمر” (A Bon Entendeur) لأول مرة، منتصف شهر أبريل الماضي، على قناة الإذاعة والتلفزيون العمومية السويسرية الناطقة بالفرنسية (RTS).

رابط التقرير في برنامج “لمن يهمّه الأمر” (بالفرنسية):

محتويات خارجية

البلدان الفقيرة مُستهدفة

وقد حللت المنظمة والشبكة الدولية للعمل من أجل غذاء الأطفال تركيبة حوالي 100 من أطعمة الأطفال والطفلات، التي تبيعها نستله في جميع أنحاء العالم.

وجاءت نتائج هذه الدراسة لتثبت أنه، في حين تخلت الشركة متعددة الجنسيات، والتي مقرها مدينة فيفي، عمليًّا عن السكر المضاف في أوروبا، فإنها ما تزال تستخدمه على نطاق واسع جدا في المنتجات المخصصة للبلدان ذات الدخل المنخفض. وذلك في الوقت الذي توصي فيه منظمة الصحة العالمية بالحد بشكل كبير من كميات السكر في أغذية الأطفال والطفلات صغار السنّ، بهدف مكافحة السمنة بشكل خاص.

وتعليقاً على ذلك، يقول لوران غابريل، المؤلف المشارك في دراسة “بابلك آي” إنه “من خلال إضافة السكر إلى هذه المنتجات، فإن الهدف الوحيد لنستله، والشركات الغذائية الأخرى أيضاً ، هو تعويد الأطفال والطفلات على المذاق المحلّى أو تحقيق إدمانهم.نّ عليه، كونهم.نّ يحبّونه.نه. وبالتالي، إذا كانت المنتجات حلوة للغاية، فإنّهم.نّ سيطلبون.ن المزيد منها في المستقبل”.

ويحتوي 75 من أصل 78 منتجاً من منتجات سيريلاك، التي تُباع في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، على سكّر مضاف بمعدل 4 غرام، أي مكعب سكر للوجبة الواحدة. وفي الفلبين، يرتفع هذا المستوى إلى 7,3 غرام، لكل وجبة في إحدى العينات المقرّر إعطاؤها للأطفال والطفلات مرتين في اليوم، ابتداء من عمر 6 أشهر.

استخدام السكروز والعسل

كما أنَّ المنتجات من ماركة نيدو، الموزعة في العديد من البلدان، معنية بالأمر أيضاً. حيث كتبت منظمة بابلك آي: “لا تتردد نستله في الإشارة إلى أن هذه المنتجات ‘خالية من السكروز‘، على الرغم من أنها تحتوي على سكر مضاف على هيئة عسل. مع أنَّ منظمة الصحة العالمية تعتبر كلاً من العسل والسكروز سكريات لا ينبغي إضافتها إلى أغذية الرضع”.

وأضافت المنظمة قائلة انه ” وبالمناسبة، تُفسر نستله هذا الأمر جيداً في اختبار تعليمي حيث تقول إنَّ استبدال السكروز بالعسل ‘ليس له أي فائدة علمية للصحة‘، لأنَّ كليهما يمكن أن يساهما ‘في زيادة الوزن، لا بل حتى السمنة‘”.

ولدى سؤالها عن هذه الممارسات، أجابت نستله أنّ” جميع منتجاتنا تتوافق مع القوانين الدولية والمحلية، بما في ذلك الشروط المتعلقة بوضع الملصقات على المنتج”. وتابعت الشركة متعددة الجنسيات أنّ ” الاختلافات البسيطة في الوصفات تعتمد على عدّة عوامل بحسب البلد، لا سيما القوانين، وذلك دون المساس بجودة منتجاتنا”.

استراتيجية تسويقية

كما تشير الدراسة أيضاً، إلى سياسة تسويق عملاق الصناعات الغذائية، التي تلعب على وتيرة التصريحات المتعلقة بالصحة. فقد كتب على علبة “موسيلكون” (Mucilon) (أي ما يعادل سيريلاك) التي تُباع في البرازيل، أنها “تساهم في تعزيز المناعة وتطور الدماغ”.

ووفقاً للوران غابريل، فإنّ الاستراتيجية لا تتوقّف عند هذا الحد. إذ يقول، موضحاً إنّ ” أحد الجوانب الرئيسية لاستراتيجية نستله التسويقية، هو ما يسمّى بالتسويق الطبي. وهو عبارة عن إشراك مهنيين.ات في القطاع الصحي في الترويج المباشر أو غير المباشر لمنتجاتها. وقد رأينا، على سبيل المثال، حالة أخصائية تغذية في بنما توصي، على القنوات الإلكترونية، بـمنتج ‘نيدو 1+’ (Nido +1)، هذا المنتج نفسه الذي يحتوي على حوالي مكعبي سكر في الوجبة الواحدة”.

وهنا أيضاً، تدّعي نستله أنها تحترم الإطار القانوني لمختلف الأسواق التي توزع فيها منتجاتها. وتدافع الشركة متعددة الجنسيات عن نفسها بالقول: “نحن نمتثل لجميع الضوابط المطبقة في جميع البلدان التي نعمل فيها، وقد وضعنا إجراءات صارمة لضمان اتصالاتنا”.

مختبرات متحفّظة أحياناً

في 17 أبريل، استضاف برنامج “نتحدث عن ذلك” (On en parle) أيضا لوران غابريل، الخبير في مجال الأغذية والزراعة في منظمة “بابلك آي” وكاتب التقرير. حيث روى هذا الأخير كيف رفضت بعض المختبرات السويسرية، أثناء إجراء الدراسة، تحليل منتجات نستله. وقال غابريل: ” كنا شفافين بخصوص مشروعنا ومستعدين للدفع، لكننا واجهنا الرفض عدة مرات. وأخبرنا أحد المختبرات على وجه الخصوص بعدم قدرته على التعاون معنا لأن ‘ذلك من شأنه أن يُعرّض مصالح عملائه وعميلاته الحاليين.ات للخطر‘، وهذه الإجابات إن دلت على شيء فإنما تدل على القوة والحماية التي تتمتع بها نستله في بلدنا”.

كما طلب البرنامج من نستله توضيحاً بشأن تفاوت كمية السكر المضاف من بلد إلى آخر، فأجابت الشركة متعددة الجنسيات عن ذلك بقولها: “تعتمد الاختلافات البسيطة في المقادير على عدة عوامل بحسب البلد، بما في ذلك القواعد المتبعة وتوفر المكونات على المستوى المحلي، ولا تمس بجودة منتجاتنا في أي حال من الأحوال”.

ورداً على ذلك، يقول لوران غابريل: “لنقل الحقيقة، نستله لم تسحب السكر من منتجات الأطفال في سويسرا بسبب الضوابط أو عدم توفر السكر في السوق. الشركة فعلت ذلك تلبية لرغبة المستهلكين والمستهلكات، الذين واللواتي يعرفون.ن أن هذه الممارسة لم تعد مقبولة في بلدنا. بالإضافة إلى ذلك، هذه ليست ‘اختلافات طفيفة‘. ففي سويسرا، قامت نستله بإزالة السكر تماماً من منتجاتها المخصصة للرضع، في حين تواصل إضافة السكر بكميات هائلة في البلدان الأخرى”.

وأضافت نستله “نحن نصرّح دائماً عن جميع كميات السكر المضاف إلى منتجاتنا، بما في ذلك السكر الموجود في العسل، على سبيل المثال”. فهل سيكون لدى المستهلكين والمستهلكات معلومات عن كمية السكر المضاف للمنتجات الموجودة؟ ليس تماماً، بحسب ما ذكر لوران غابريل. حيث “تضطرّ الجهة المصنّعة للإشارة إلى وجود الكربوهيدرات في قائمة المكونات. ولكن في معظم البلدان، لا يُطلبُ منها الإشارة إلى مقدار السكر المضاف إلى المنتجات”، وفق تعبيره.

ترجمة: ميساء قطيفاني- خبية

مراجعة: أمل المكي

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية