شـهـر اللّـــــظــــــى…
سجّّّـلت سويسرا أعلى درجات حرارة في تاريخها خلال شهر يونيو منذ أن بدأ العمل بتسجيل حرارة الجو عام 1753
ولا تثير الحرارة القياسية قلق عموم الناس وخبراء المناخ فحسب، بل أيضا المزارعين والفلاحين
بلغت شدة الحر والقيظ في سويسرا خلال شهر يونيو شأوا لم يعرفه كائن حي،ّ حتى وإن ناهز المائة عام. فلم تقِـل حرارة الجو طيلة الشهر في جنيف على سبيل المثال، عن 25 درجة مئوية وتجاوزت 36 درجة في بعض الأحيان.
وقد رافق هذه الموجة التي لم يسبق لها مثيل من الحر والقيظ موجة من الجفاف وانقطاع الأمطار أثارت قلق الأوساط الفلاحية والزراعية، وقلق سلطات المياه التي دعت في بعض أنحاء سويسرا للتوفير في استهلاك الماء.
وقد أكد عالم المناخ السويسري ستيفان بادِر ما أشارت إليه المنظمة العالمية لرصد الأحوال الجوية في أواخر 2002، وهو أن متوسط الحرارة في سويسرا يتصاعد صيف شتاء باستمرار منذ أواسط الثمانينات، مما يدل على بداية حقبة مناخية جديدة في سويسرا وفي أوروبا.
وتنسب الأغلبية الساحقة من العلماء هذه التطورات لظاهرة الدفيئة الناجمة عن النشاطات الإنسانية، أي عن تراكم غازات الدفيئة الصناعية في الجو وعن الدمار المتواصل في غشاء الأوزون الكائن في الطبقات العليا من الغلاف الجوي للكرة الأرضية.
وحسب تكهنات البروفيسور مارتِن بينِستون M. Beniston أستاذ علوم الأرض بجامعة فريبورغ، فإن المناخ المعتدل في سويسرا حاليا يتّـجه نحو التحول إلى مناخ استوائي يتميّز بالجفاف وارتفاع الحرارة في غضون 100 عام من الآن.
ويبني الباحث السويسري هذه النظرية على سلسلة من الدراسات للعلاقة بين المناخ وغازات الدفيئة، بمساعدة الحاسبات الإلكترونية المتطورة التي تأتيه بالنماذج المناخية المحتملة في سويسرا، تبعا لنسب وكثافات مختلفة لغازات الدفيئة في الجو.
تغييرات مناخية لا رجعة فيها؟
ومما يبعث على القلق الفِعلي، هو أن الحاسب الإلكتروني يتكهن بمناخ استوائي حار وجاف لسويسرا بعد 100 عام، على الرغم من جميع المحاولات والإجراءات التي يتم اتخاذها للتقليل من غازات الدفيئة الصناعية.
ولا يجهل أحد اليوم أن مثل هذه التطورات ستكون بمثابة الكارثة للنشاطات الإنسانية في مرتفعات الألب التي تعاني منذ سنوات من تقلص الكتل الجليدية الأبدية وتقلص كميات الثلوج التي تغطي سفوح المنتجعات الشتوية الشهيرة في تلك المرتفعات التي تمثل العمود الفقري للنشاطات السياحية الشتوية في سويسرا.
لكن عالم الأرض ستيفان بادِر يقول، إن مرتفعات الألب قد تفتقر أيضا للمياه، نظرا للجفاف وانحسار الأمطار التي لم يتساقط منها على سويسرا خلال النصف الأول من العام أكثر من خمُس ما كان مألوفا خلال السنوات القليلة الماضية.
وفي حين تخشى الأوساط البيئية والفلاحية والزراعية ويخشى سكان الألب المضاعفات المستقبلية لهذا القيظ والجفاف، تهلل الأوساط السياحية في السهول فرحا لسطوع الشمس بشكل منقطع النظير في سماء سويسرا، لأنه عامل أساسيّ من عوامل إقناع الناس بقضاء العطل في الداخل، إضافة للعامل الاقتصادي الذي لا يشجع كثيرا على قضاء العطل في الخارج.
سويس إنفو
عرفت سويسرا موجة من الحرّ والجفاف خلال شهر يونيو 2003 لم تعرفها منذ 250 عاما، أي منذ شرع مؤرخو المناخ بتسجيل حرارة الجو في عام 1753. والأهم من ذلك، حسب خبراء المناخ، هو أن ارتفاع الحرارة كان متواصلا ومرفوقا بالجفاف منذ أواخر مايو.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.