شهادات المنشأ يجب أن تكون أكثر دقـة
وقعت دول الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر في 15 يونيو الجاري اتفاقا مع إسرائيل، يلزمها بتقديم شهادة توضح منشأ بضائعها المتجهة إلى دولها بشكل دقيق، وذلك اعتبارا من أول يوليو 2005.
ويهدف هذا الاتفاق إلى التعرف بسهولة على مصدر البضائع الإسرائيلية وإن كانت واردة من مناطق تابعة للاحتلال أو المستوطنات أم لا.
ستمنح دول الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر EFTA (ومن بينها سويسرا) تسهيلات جمركية على البضائع الإسرائيلية إذا كانت شهادة المنشأ المرفقة بها دقيقة وواضحة، وتثبت بأنها ليست من المناطق الواقعة تحت الاحتلال، أما البضائع الواردة من مناطق تقع تحت الاحتلال أو غير المعترف بها دوليا كجزء من الدولة العبرية، فإنها ستعامل من خلال شريحة جمركية عالية، وذلك حسب بيان كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية السويسرية الصادر في 15 يونيو الجاري.
ويجب على المصدرين الإسرائيليين إعتبارا من بداية الشهر المقبل، كتابة المكان الذي تمت فيه زراعة المحاصيل أو المنطقة الصناعية التي تمت بها مراحل عملية الإنتاج، وأسماء المدن أو القرى التي تنقلت بينها، بداية من حقل الإنتاج إلى مكان التصدير.
وتقول مصادر إدارة الجمارك الفدرالية لسويس انفو، بأن التعامل مع الواردات الإسرائيلية سيكون على حسب شهادة المنشأ، حيث ستتم معاملة البضائع الواردة من المناطق الإسرائيلية طبقا لنصوص اتفاق التبادل التجاري الحر بين إسرائيل وسويسرا المبرمة في إطار اتفاقيات الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر مع الدولة العبرية، أي أنها ستحصل على تخفيضات جمركية كبيرة تصل إلى الإعفاء الجمركي الكامل أو نسبة بسيطة للغاية لا تتراوح ما بين 2 و 4 % من القيمة الإجمالية، على حسب السلعة والشريحة الجمركية التابعة لها؛ إن كانت منتجا زراعيا أو صناعيا.
أما السلع القادمة من المناطق غير المعترف بها كجزء من الدولة العبرية، فسيتم تحصيل جمارك عالية للغاية عليها قد تصل إلى 50% من قيمة السلعة نفسها، وترجح بعض الدوائر أن قيمة منتجات المستوطنات أو المناطق المحتلة تقع في حدود 40 مليون فرنك سنويا من إجمالي الصادرات الإسرائيلية إلى سويسرا، وأغلبها من المحاصيل الزراعية مثل الخيار والطماطم والتمور والموالح والزهور إلى جانب بعض المنتجات البلاستيكية البسيطة.
سويسرا على نهج الإتحاد الأوروبي
وتقول كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية بأن التوصل إلى هذا الاتفاق كان من خلال توضيحات مشتركة قدمتها وزارتا المالية والاقتصاد السويسريتان، واعتمدته الحكومة الفدرالية في 23 مارس الماضي.
ويتوقع كريستيان ايتر الوزير السويسري المسئول عن المفاوضات في دول الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر، أن تتأثر حجم الصادرات الإسرائيلية إلى سويسرا بشكل ايجابي تدريجيا، ولكن على المدى البعيد، حيث يعتقد أن المصدرين سيسعون للاستفادة من تلك الامتيازات الجمركية الكبيرة، وهو ما سيصب أيضا في صالح المستهلك السويسري، لأن المنتجات ستكون أرخص سعرا، وذلك حسب تصريحه إلى سويس انفو.
ويؤكد الوزير السويسري على أن من حق سلطات الجمارك الفدرالية رفض التعامل مع البضائع المشتبه في مصدرها بسبب عدم وضوح المنشأ أو الشك فيه، وفي مثل تلك الحالات سيتعين على المـُصدِّر إما إحضار شهادة أكثر وضوحا أو أن يتم التعامل مع البضاعة على أنها من المناطق الواقعة تحت الاحتلال أو من المستوطنات وبالتالي يتم تحصيل رسم جمركي كبير عليها، أو رفضها تماما.
وأكد السيد إيتر على أن سويسرا وقعت أيضا اتفاقا للتجارة الحرة مع السلطة الفلسطينية يمنح الكثير من المنتجات الفلسطينية إعفاءا كاملا من الجمارك، وهو ما قامت به بقية الدول الأوروبية أيضا، وبالتالي فإن سويسرا تتبع نفس الأسلوب والنمط الذي يعتمده الإتحاد الأوروبي مع الشرق الأوسط ودول حوض المتوسط، حسب قوله إلى سويس انفو.
وتسعى كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية السويسرية أن تكون كافة التعاقدات والاتفاقيات الخاصة بالتبادل التجاري مع دول حوض البحر المتوسط في نفس المستوى الذي وقعته دول الإتحاد الأوروبي مع المنطقة، وبالتالي تتمكن سويسرا ومعها بالطبع بقية دول EFTA من الدخول إلى المنطقة التجارية الحرة، التي يسعى الإتحاد الأوروبي أن تبدأ مع حلول عام 2010 مع دول البحر المتوسط.
إلا أن الفرق هو أن دول EFTA لم توقع اتفاقيات التبادل التجاري الحر إلا مع المغرب وتونس وتركيا ولبنان واسرائيل والأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية فقط، بينما يشمل اتفاق الإتحاد الأوروبي عددا أكبر من الدول.
4 سنوات من التفكير
وكانت بعض منظمات حقوق الإنسان قد نددت من قبل بما وصفته باستغلال المستوطنات الإسرائيلية والمناطق الفلسطينية المحتلة اقتصاديا من خلال بيع منتجات يتم تصنيعها أو زراعتها فيها، مما يعد خرقا واضحا للقانون الإنساني الدولي واتفاقيات التبادل التجاري.
وقد أوضحت العديد من المنظمات غير الحكومية المعنية بالشأن الفلسطيني وحقوق الإنسان، بأن تلك المنتجات إما أنها محاصيل زراعية أو منتجات صيدلانية بسيطة التركيب أو أدوات صناعية استهلاكية لا تحتاج إلى بينة تحتية كبيرة في الإنتاج.
وقد تنبهت سويسرا إلى خطورة تلك الظاهرة وتأكدت من أنها خرقا لاتفاقية جنيف الرابعة، ودعمت في نهاية عام 2001 مؤتمرا حضرا فيه الدول الموقعة على اتفاقية جنيف والتي طالبت الدولة العبرية بتطبيق بنودها على المناطق المحتلة والمستوطنات، وذلك في غياب إسرائيل والولايات المتحدة.
ومع زيادة سوء حالة الاقتصاد الفلسطيني، قررت وزارتا الاقتصاد والمالية في ربيع 2002 تحديد الخروقات التي تقوم بها إسرائيل في إطار اتفاقياتها مع دول الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر، بعدما رأى الخبراء بأن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب قد لا تكون مؤثرة لصالح الفلسطينيين.
ويعتقد الخبراء أن التعامل مع المنتجات الإسرائيلية من خلال شريحتين جمركيتين مختلفتين، هو أفضل “عقاب” على استغلال المستوطنات والمناطق الواقعة تحت الاحتلال، إلا أن آخرين يعتقدون أنه من الصعب التمييز بين البضائع الإسرائيلية أو غير الإسرائيلية لاسيما في المنتجات الزراعية، لكن وجود مثل تلك الإجراءات التشجيعية قد تكون رادعا يظهر مفعوله مع مرور الوقت.
تامر أبوالعينين – سويس انفو
تعود اتفاقية التبادل التجاري الحر بين إسرائيل وسويسرا إلى عام 1993.
بلغت الصادرات السويسرية إلى اسرائيل 660 مليون فرنك في عام 2004 بزايدة 5.3% عن عام 2003، في المنتجات الصيدلانية والماكينات والساعات.
استوردت سويسرا من إسرائيل في نفس السنة بحوالي 410 مليون فرنك، من المعادن الثمينة والحلي والمركبات الصيدلانية والماكينات والمنتجات الزراعية.
وقعت سويسرا واسرائيل اتفاقا يقضي بأن تلتزم الأخيرة بتقديم شهادة منشأ دقيقة وتفصيلية للسلع الإسرائيلية.
سيتم فرض جمارك باهظة على البضائع التي يثبت أنها واردة من المستوطنات أو مناطق تحت الإحتلال.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.