مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“صحوة منظمات المجتمع المدني العربية”؟

swissinfo.ch

ساهمت 31 منظمة غير حكومية عربية في المظاهرة التي نظمتم في جنيف بمناسبة تأسيس مجلس حقوق الإنسان من أجل "جلب الانتباه لواقع الانتهاكات في العالم العربي".

هذا التحرك قد يشكل “بداية عمل مشترك وانطلاقة استراتيجية جديدة تتعدى الوصف والتنديد لتطالب بالمحاسبة والمحاكمة”، حسب الناشط الحقوقي هيثم مناع.

بمناسبة انعقاد اول اجتماع تأسيسي لمجلس حقوق الإنسان في جنيف الذي عوض لجنة حقوق الإنسان، جمعت ساحة الأمم بجنيف عينة من منظمات المجتمع المدني العربية يوم الاثنين 19 يونيو لجلب الانتباه الى واقع انتهاكات حقوق الإنسان في البلدان العربية.

ويقول السيد هيثم مناع من اللجنة العربية لحقوق الإنسان وأحد المشاركين في هذه المظاهرة “أن 31 منظمة غير حكومية عربية وقعت على البيان الصادر عن هذه المظاهرة، البعض استطاع الحضور والبعض الآخر لم يستطع فشارك إما بإرسال خطاب او قرص مدمج للتعبير عن الانتهاكات الواقعة في بلده”.

رسالة للحكام العرب …

إذا كانت ساحة الأمم قد سبق لها ان عرفت مظاهرات قامت بها منظمة او منظمات تدين ما يحدث في بلد بحاله، فإن مظاهرة يوم الإنطلاق الرسمي لمجلس حقوق الإنسان تتميز بكونها جمعت العديد من المنظمات العربية لإدانة ما يحدث في شتى أرجاء العالم العربي من انتهاكات.

ويرى الحقوقي العربي هيثم مناع أن رسالة المتظاهرين للحكام العرب “مفادها أنه كفى أن عندنا اليوم اكثر من 26 الف معتقل بسبب الإستبداد العربي، وحوالي 25 الف وستمائة بسبب الاحتلال الأمريكي البريطاني في العرق والاحتلال الإسرائيلي”.

وعن الأوضاع في بعض البلدان أشار السيد هيثم مناع الى ما يجري في سوريا حيث يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان للمضايقات والاعتقال. او تونس التي قال عنها ” أن بها اعرق رابطة لحقوق الإنسان في إفريقيا والتي لا يحق لها اليوم ان تعقد مؤتمرها، والتي اصبح فيها اليوم الإضراب عن الطعام من وسائل الدفاع عن الحقوق وقد فاق طول الإضراب عن الطعام فيها ما عرفت به إيرلندا”.

ويرى السيد مناع ان اكثر بلد سجل به سجناء بلا حدود هو العراق ثم سوريا فالسعودية التي بها اليوم اكثر من 600 معتقل سياسي مصرح بهم من بينهم 50 يمنيا واكثر من 350 عراقيا. وتساءل السيد مناع كيف أن بلدا لا يقر بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان ولا يعترف بالعهد الدولي حول الحقوق السياسية والمدنية ولا بالعهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يسمح بانتخابه لمدة ثلاث سنوات داخل مجلس حقوق الإنسان؟”.

وقد أدان السيد هيثم مناع سجون الترحيل التي تعرفها بلدان الخليج التي قال عنها ” إنها أصبحت أمرا عاديا”، مثل سجن الأندلس في الكويت الذي تجد به جنسيات مختلفة والذي قد يجد المرء نفسه فيه لمجرد خلاف مع الكفيل وهو حال السجين بهاء الفلسطيني والحامل لأوراق مصرية القابع في هذا السجن منذ عام ونصف والذي لم تقبل لا السلطة الفلسطينية ولا مصر استقباله كما لم يقبل الكويت عودته لأراضيها حيث يعيش اهله في الشارع.

رسالة خاصة للقذافي..

إذا كانت الجمعية المعارضة التونسية “الحقيقة والعمل” بتركيزها على مضايقات النظام التونسي وطمسه للحريات السياسية والنقابية والصحفية، أو الجزائرية ” الكرامة لحقوق الإنسان” بتذكيرها بواقع أكثر من 15 الف مفقود، قد سجلت مشاركتها الفعلية في هذه المظاهرة لمنظمات المجتمع المدني العربية ، فإن المعارضة الليبية المتمثلة في “جمعية الحقيقة والعدالة”، اختارت كما يقول سكرتيرها فتحي صالح “تخليد الذكرى العاشرة لمجزرة سجن أبو سليم التي ارتكبها النظام الليبي بقيادة القذافي والتي ذهب ضحيتها أكثر من 1200 من السجناء”، حسب قوله.

وقد ردد المتظاهرون الذين كانوا يحملون علم ليبيا في مرحلة ما قبل قيام ثورة القذافي، شعارات مثل “ليبيا لنا لا للظالمين”.

ويقول السيد فتحي صالح “إننا سنوجه رسالة الى مجلس حقوق الإنسان للالتفات الى واقع ليبيا وعدم تصديق الدعاية التي يروج لها النظام”. ويذهب الى أبعد من ذلك حيث عبر عن “السعي لرفع قضية امام محكمة الجنايات الدولية لبحث محاكمة الجناة في هذه القضية”.

.. وأخرى للغرب

إذا كانت تحركات منظمات المجتمع المدني المنددة بانتهاكات حقوق الإنسان في العالم العربي، كثيرا ما توجه لها أصابع الاتهام بأنها موجهة من الغرب وفقا لأجندة خفية، وتحقيقا لأهداف معينة، فإن السيد هيثم مناع يقول: “إننا كمنظمات لحقوق الإنسان لا نقبل لعب هذا الدور الذي يحدده لنا مخطط قد نسميه تآمريا او منظما او فلنسمه ما شئنا، والذي يهدف الى خلق مجتمع مدني لطيف ومهذب في العالم العربي، يتم الشد على أذنه عندما يتجاوز الحدود فيسكت”.

ويرى السيد مناع ان النموذج المقترح اليوم على العالم العربي يتميز بـ”تحجيم وضرب النقابات العمالية، ومنع الأحزاب السياسية”. وهذا ما يعني إبقاء العالم العربي في أوضاع “استبداد بدون تعددية حقيقية وبدون تداول على السلطة وبدون تغيير”، حسب تعبيره.

وثالثة للأمم المتحدة…

أما فيما هو موجه لآليات حقوق الإنسان فيرى السيد هيثم مناع ” إن لدينا اليوم قوائم حصرية بأسماء الأسرى في فلسطين، وقوائم شبه حصرية بأسماء المعتقلين في السجون المعروفة في العراق ما عدى سجون الداخلية والسجون الأمريكية السرية”.

ويقول السيد هيثم مناع ” أن كل هذه القوائم سنقدمها لمجلس حقوق الإنسان لنسأله ما الذي يمكنه القيام به وهل يجب انتظار التطرق وفقا لآليات النظام القديم لهذه الأوضاع حالة بعد حالة في وقت لدينا قائمة بأسماء 6680 معتقل في بلد واحد؟”.

ويتساءل الحقوقي العربي عما إذا كان مجلس حقوق الإنسان سيجرؤ على “توجيه كلمة لمصر تتلاءم مع جسامة ما يقوم به نظام اعتقل في غضون 50 يوما أكثر من 480 شخصا؟”.

وتساءل الناشط في اللجنة العربية لحقوق الإنسان عما إذا كان الإجراء 1503 الذي كانت ترهبه الدول في عمل لجنة حقوق الإنسان سيستبدل بإجراء غير شفاف وهو ما عرف بالمراجعة الدورية الشاملة لأوضاع حقوق الإنسان في كل دول العالم والذي لم تتحدد شروطه ولا مكوناته لحد الآن.

صحوة وتضامن

هذه الطريقة الجديدة التي ترغب منظمات المجتمع المدني العربية العمل بها من الآن فصاعدا للتنديد بالانتهاكات المرتكبة من قبل الأنظمة العربية، ولرفض المخططات التي ترسمها القوى الغربية “لدمقرطة” العالم العربي، ولمطالبة مؤسسات حقوق الإنسان بعدم تجاهل قضايا المنطقة العربية، يرى فيها السيد هيثم مناع “صحوة تدفعنا لكي نختار من الآن فصاعدا التضامن عربيا عندما يحتاجنا الليبي او التونسي او غيره”. ويضيف: “يجب ان نعزز التضامن الأفقي لجمع أكبر عدد من البلدان ولكي نكسر تضامن وزراء الداخلية العرب الذي يهدف الى ضربنا كحركة مدنية وكحركة ديمقراطية”.

ولا يكتفي تحرك منظمات المجتمع المدني، حسب أقوال السيد هيثم مناع، بما كان متبعا لحد الآن ” أي وصف الانتهاكات وإصدار البيانات العاجلة بأن فلانا مريض وان فلانا يجب نجدته قبل أن يموت، بل علينا ان نقول بأن الذي قام بالتعذيب يجب أن يحاكم ويحاسب. كما يجب توسيع الاختصاص الجنائي العالمي، بعد اعتماد معاهدة مناهضة التعذيب، لكي يشعر كل شخص بأن ليس له أمان في هذا العالم إذا قام بجريمة التعذيب”.

وإذا ما نجحت منظمات المجتمع المدني العربية في اعتماد هذه الإستراتيجية الجديدة وكررتها في مناسبات أخرى عندها يمكن الحديث عن “صحوة” أو ” نقلة نوعية” في أساليب عملها و “تحولا من الوصف والشجب للانتهاكات الى المطالبة بالمحاكمة والمحاسبة”. وهو ما يرى السيد هيثم مناع “أنه إستراتيجية جديدة كفيلة بوضع حد للانتهاكات في العالم العربي”.

محمد شريف – جنيف – سويس إنفو

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية