صندوق لدعم العمال الفلسطينيين؟
زار وزير العمل الفلسطيني الجديد، غسان الخطيب، جنيف حيث ناقش مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية إمكانية الشروع في تأسيس صندوق دعم العمال الفلسطينيين الذي اقره مؤتمر العمل في دورته الأخيرة.
يعلق الدكتور غسان الخطيب، الذي تولى وزارةالعمل الفلسطينية منذ شهر، آمالا كبيرة على مساهمة الدول العربية في هذا الصندوق لاقتناعه “بأن دعم العمال الفلسطينيين، هو دعم للانتفاضة”.
وقد ورث الخطيب ملفا من اكثر الملفات تعقيدا على الساحة الفلسطينية، نظرا للوضع العصيب الذي يعيشه الشعب الفلسطيني من جراء إعادة احتلال القوات الإسرائيلية للعديد من المدن والقرى، ونتيجة لما تعاني منه الطبقة الشغيلة في فلسطين من جراء تدمير البنية التحتية وانهيار النظام الاقتصادي بسبب الحصار.
ويقدر الوزير الفلسطيني عدد العاطلين عن العمل او الذين لا يستطيعون الوصول إلى أماكن عملهم بحوالي 78% من مجموع اليد العاملة، البالغ حوالي 811 ألف عامل وعاملة.
ونظرا لخطورة المرحلة، تم تشكيل هيئة طوارئ وطنية تحاول فيها كافة الأطراف من حكومة السلطة وأرباب العمل والنقابات العمالية، التحرك لإيجاد مخرج لهذه المعضلة الاقتصادية والاجتماعية.
ويقول الدكتور الخطيب، إن زيارته إلى جنيف يومي الخميس والجمعة، هدفها “الاتصال بمختلف هذه الأطراف من دول مانحة ومنظمات دولية للحصول على المساعدات لتشغيل وإغاثة العاطلين عن العمل”.
صندوق وعدت منظمة العمل بتأسيسه
تمخضت زيارة الدكتور الخطيب الى منظمة العمل ومقابلته مع المدير العام خوان صومافيا، عن الإعلان عن الشروع في تطبيق ما أقره مؤتمر العمل الدولي في دورته الأخيرة، أي تأسيس صندوق لتشغيل ومساعدة العمال الفلسطينيين على التخفيف من تأثيرات الإغلاق والحصار وتوفير الحماية الاجتماعية لهم.
وكما أعلن مستشار المدير العام لمنظمة العمل الدولية لمنطقة الشرق الأوسط، الدكتور سمير رضوان “أقرت منظمة العمل الدولية تحمل نفقات تأسيس الصندوق” التي قد تبلغ حوالي اربعة ملايين دولار، في حين يتم التوجه في خطوة مشتركة مع الفلسطينيين إلى الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية للمساهمة في تمويل الصندوق. وإذا كانت أشغال دراسة إقامة الصندوق ستستمر حتى شهر أكتوبر القادم، فإن من المتوقع تنظيم الاجتماع الأول للدول المانحة عقب ذلك مباشرة.
بشــاعة الفقر
بدأت بعض المنظمات الدولية في نشر تقارير ونتائج دراسات عن الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية المحتلة والخاضعة للسلطة ومن بينها ما أورده برنامج الغذاء العالمي في دراسة ساهمت فيها جامعة جنيف، من أن نصف الفلسطينيين يعيشون تحت مستوى الفقر.
لكن وزير العمل الفلسطيني يرى أن هذه الدراسات أجريت قبل التطورات الأخيرة. وقد أوضح الخطيب أن دراسة قامت بها هيئة الإحصاء الفلسطينية ولم تنشر بعد “توصلت إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يخسر كل شهر ما معدله 181 مليون دولار”.
وفي تشخيص الوزير لواقع الفقر في فلسطين، أورد غسان الخطيب مثالين يعبران عن عمق المأساة التي يعيشها أرباب الأسر من جراء الحصار والإغلاق وإعادة الاحتلال.
تتعلق الحالة الأولى بوجهاء المخيمات الوسطى في قطاع غزة الذين توسطوا لدى مجلس بلدية غزة لمنع باعة الفواكه المتجولين من دخول مخيمات المنطقة الوسطى، لتجنب أن يرى أبناؤهم هذه الفواكه، في حين لا يستطيعون شراءها. ونظرا لجدية الوضع، يقول الدكتور الخطيب، تفهمت البلدية المطلب ومنعت دخول الباعة المتجولين الى المخيمات.
الحالة الثانية، يقول الدكتور غسان الخطيب، إنه عاينها بنفسه وتتعلق بضبط الشرطة الفلسطينية شخصا يسرق الخضار في السوق المركزي، بدعوى عدم وجود غذاء في بيته يقدمه لأطفاله الخمسة. وهذا بالفعل ما أكدته شرطية ذهبت الى البيت للوقوف على الحقيقة.
لكن هذا الشخص خرج في اليوم التالي ضمن الصفوف الأولى في مظاهرة احتجاج، تلقى خلالها ثلاث رصاصات في الصدر مما أدى إلى وفاته. وما يستخلصه الدكتور غسان الخطيب هو أن هذا المواطن الذي عرض نفسه بشكل انتحاري، اختار هذا الطريق الأريح والأسهل، أي طريق الاستشهاد لأنه لم يستطع أن يلبي حاجيات أبنائه وهي المهمة الأصعب….
نداء الى العرب بالدرجة الأولى
يقول وزير العمل الفلسطيني، “إذا ما تم توفير المساعدات في قطاع تشغيل العمال الفلسطينيين، فإن ذلك سينعش الاقتصاد إجمالا بطريقة تسمى طريقة التأثير المضاعف، مما يعمل على إنقاذ الاقتصاد من الانهيار”.
ويتوجه الوزير الفلسطيني بالخصوص إلى الدول العربية التي كثيرا ما عبرت عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، لكي تكون في مقدمة المساهمين في تمويل هذا الصندوق لتشغيل اليد العاملة الفلسطينية.
ويقول الدكتور الخطيب، “هذه مناسبة نتوجه من خلالها إلى المانحين العرب، الحكومات والمنظمات العربية، مثل البنك الإسلامي وجامعة الدول العربية والنقابات العمالية والأثرياء العرب وجميع من يعتقد أن عليه واجبا إنسانيا ووطنيا وقوميا في دعم الانتفاضة الفلسطينية. هذا هو المدخل المباشر والآني والصحيح لدعم الانتفاضة الفلسطينية لأن وقودهاهم العمال”.
وجدير بالذكر أن عددا من قادة دول الخليج ساهموا، إما بشكل رسمي او شخصي، في تمويل بعض المشاريع التي كانت تسهر منظمة العمل الدولية على تطبيقها في الاراضي الفلسطينية. فقد ساهم حاكم الشارقة بمليون دولار ونائب حاكم إمارة دبي بمليون وسبعمائة ألف دولار والشيخ زايد بمليوني دولار وزوجته الشيخة فاطمة بمليون دولار. وهناك مشاورات حول مساهمة الكويت بمليون دولار، بينما قدمت السعودية 500 ألف فرنك. لكن مهما كثرت هذه المساهمات، فإنها تبقى مجرد قطرة في محيط المآسي الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني بمختلف شرائحه.
محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.