ضغط مـُتواصل على تـُونس في جنـيف
"يجب على الحكومة التونسية أن توفر ضمانات في مجال احترام الحقوق العامة وتفرج عن الصحفيين ومتصفحي الإنترنت المسجونين".
هذه هي أبرز الشروط التي وضعتها المنظمات غير الحكومية السويسرية للمشاركة في المرحلة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات المقررة في تونس هذا العام، وإلا فستقاطعها على غرار مثيلاتها الدولية.
“نحن نريد أن نساهم في ألاّ تكون قمة المعلومات القادمة مجرد خـُدعة”. هذا الرأي، عبر عنه بصراحة جريئة لا لُبس فيها، النقابي السويسري وولف لودفيغ.
وخلال ندوة انعقدت في جنيف يوم الثلاثاء 15 فبراير الجاري بمشاركة ممثلين عن منظمات غير حكومية سويسرية وتونسية ودولية، طرح السيد لودفيغ جملة من الشروط لمشاركة المجتمع المدني الدولي في المرحلة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات المقرر تنظيمها في تونس في منتصف شهر نوفمبر القادم.
وأثناء عرضه لتلك الشروط، قال لودفيغ: “يتعين على الحكومة التونسية أن تحترم حقوق الإنسان وحرية التعبير. لا يجب عليها أن تعيق عمل وتحركات المجتمع المدني المستقل. يجب أيضا إطلاق سراح الصحفيين ومتصفحي الانترنيت المسجونين”.
من جهته، يطالب بالاستجابة لتلك الشروط أيضا “تحالفُ المنظمات غير الحكومية السويسرية لمجتمع المعلومات”، وهو ائتلاف لجمعيات ونقابات تشكل بمناسبة انعقاد المرحلة الأولى من القمة العالمية لمجتمع المعلومات، التي نظمتها سويسرا في ديسمبر من عام 2003 في جنيف.
لكن إلى حد الآن، مازال نظام الرئيس زين العابدين بن علي، يكبح حرية الرأي ويضايق الصحفيين المستقلين والمدافعين عن حقوق الإنسان في تونس. هذا على الأقل، هو الاستنتاج الذي عبرت عنه منظمات مثل العفو الدولية، والرابطة الدولية للصحافيين وصحافيون بلا حدود.
“شرطة معلومات”
من جانبها، تحدثت الصحفية التونسية سهام بن سدرين المتواجدة حاليا في جنيف، عن التراجع الذي عرفه مجال حقوق الإنسان في بلادها قائلة: “توجد شرطة إعلام داخل وزارة الاتصال التونسية. ليس لهذا الجهاز وجود رسمي، لكنه يتحرك بشكل ملموس على الميدان”.
وأضافت مديرة مجلة “كلمة تونس” الإلكترونية الممنوعة حاليا في تونس، أن حوالي 500 سجين رأي مازالوا يقبعون في السجون التونسية، وأن تحركات عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان تتعرض لعراقيل عدة.
وتهدد هذه الممارسات القمعية بعدم انعقاد المرحلة الثانية من القمة العالمية لقمة مجتمع المعلومات في ظروف جيدة في تونس، إذ تحذر بن سدرين من أن “الرئيس بن علي يريد إدارة هذه القمة مثل مركز للشرطة” حسب قولها.
تهديد بالمقاطعة
هذه الأسباب جعلت المجتمع المدني الدولي -أحد الأعمدة الثلاثة إلى جانب حكومات وشركات القمة الأممية التي أُطلقت في جنيف في ديسمبر عام 2003- تضع شروطا للمشاركة في قمة تونس.
وقد أشارت مريم مرزوقي، التي تحمل الجنسيتين التونسية والفرنسية، والمسؤولة عن “مجموعة عمل المنظمات غير الحكومية حول حقوق الإنسان في القمة العالمية لمجتمع المعلومات”، إلى أن المجتمع المدني المُعتمد في الأمم المتحدة سيـُقيم في سبتمبر القادم التـقدم الذي تم إحرازه من قبل الحكومة التونسية في مجال حقوق الحريات العامة.
وإذا ما لم يستجب نظام الرئيس بن علي للشروط الموضوعة من قبل المنظمات غير الحكومية السويسرية والدولية، يهدد ممثلو المجتمع المدني الدولي بـ “عدم المشاركة في قمة تونس”.
النقابي السويسري لودفيغ أوضح في سياق متصل أن “تحالف المنظمات غير الحكومية السويسرية من أجل مجتمع المعلومات” سيقيم شراكة مع منظمات غير حكومية تونسية مستقلة بالفعل، مثل “المجلس الوطني من أجل الحريات في تونس”، بهدف مساعدتها في كفاحها، وإدانة أي تحرك يهدف إلى قمعها، في حال حدوثه.
وقال السيد لودفيغ بهذا الشأن: “إننا نعتمد على الحكومة السويسرية كي تدعم تحركنا ومطالبنا”.
دعم سويسرا
من الناحية المبدئية، يبدو أن الدعم السويسري مضمون بعد. فسويسرا الرسمية، التي نظمت المرحلة الأولى من القمة العالمية لمجتمع المعلومات، كررت في مناسبات عديدة أن “حرية التعبير واحترام حقوق الإنسان من بين المحاور الجوهرية في القمة ومجتمع المعلومات التي تسعى إلى تأطيره”.
من جانبه، قال رئيس اللجنة الفدرالية للاتصالات مارك فورر في تصريح لـ “سويس انفو”: “إن الأمم المتحدة هي التي أوكلت إلى تونس تنظيم المرحلة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات. وهو تفويض يتضمن عددا من المتطلبات في مجال احترام الحريات وحقوق الإنسان”.
وأضاف السيد فورر، وهو أيضا رئيس الوفد السويسري إلى القمة، “في نوفمبر، ستتوجه أنظار العالم بأسره إلى تونس”.
ويشاطر هذا الرأي غيوم شونوفيير، العضو في “تحالف المنظمات غير الحكومية السويسرية من أجل مجتمع المعلومات”، والمدير السابق لتلفزيون سويسرا الروماندية (المتحدثة بالفرنسية)، كما شدد السيد شونوفيير أيضا على القيمة النموذجية لقمة تونس.
في المقابل، نوه شونوفيير إلى أن “تونس ليست، ومن بعيد، البلد الوحيد الذي لا يحترم حرية التعبير. فمن المهم للغاية إذن الحصول من حكومته على تحسين فعلي لاحترام الحقوق العامة”، وحذر من العواقب قائلا: “إن لم يتم ذلك، سوف تستنتج الأنظمة الاستبدادية الأخرى أن المجتمع الدولي لا يتهم بقضية حقوق الإنسان”.
كما لفت شونوفيير الانتباه إلى أن “تكنولوجيا المعلومات والاتصال تتحول إلى أدوات مراقبة وقمع” وأن “العالم الصناعي يخوض منافسة شرسة لتوفير أنظمة مراقبة أكثر فعالية باستمرار”.
فريديريك بورنون – سويس انفو – جنيف (نقلته إلى العربية إصلاح بخات)
تهدف قمة مجتمع المعلومات إلى جسر الهوة الرقمية بين الأغنياء والفقراء والترويج لمجتمع معلومات مفتوح.
تم تنظيم المرحلة الأولى من القمة العالمية لمجتمع المعلومات في جنيف من قبل الكنفدرالية السويسرية في ديسمبر 2003.
تونس تتولى تنظيم المرحلة الثانية من القمة المقررة من 16 إلى 18 نوفمبر 2005 في تونس العاصمة.
ينعقد هذا الأسبوع في جنيف المؤتمر التحضيري الثاني للقمة.
تقول منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية السويسرية إنه يتعين على سويسرا القيام بدور نشط لضمان احترام حقوق الإنسان في تونس.
المنظمات غير الحكومية السويسرية والدولية تشدد على ضرورة ممارسة الحكومة السويسرية لضغوط على الحكومة التونسية لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان قبل انعقاد القمة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.