ضغوط على نوفارتيس لسحب شكواها ضد الهند
انضمت الرئيسة السويسرية السابقة إلى حملة دولية لمطالبة شركة الأدوية نوفارتيس بسحب شكواها القضائية ضد الحكومة الهندية بخصوص عدم احترام براءة اختراع الدواء المضاد للسرطان "جليفيك" (Glivec).
الجدل المحتدم بين نيودلهي ونوفارتيس يعيد طرح إشكالية التوفيق بين احترام قواعد منظمة التجارة العالمية في مجال الملكية الفكرية وبين السماح لأكبر قدر من البشر بالوصول الى الأدوية الجنيسة.
قبل يوم من استئناف جلسات المحكمة العليا في مقاطعة شوناي الهندية في قضية الدعوى التي رفعتها شركة الأدوية السويسرية نوفارتيس ضد الحكومة الهندية بخصوص عدم احترام حق الملكية الفكرية في تصنيع دواء محاربة السرطان “جليفيك”، عقدت الرئيسة السويسرية السابقة روت درايفوس والتي ترأست لجنة منظمة الصحة العالمية المعنية بحقوق الملكية الفكرية والاختراعات في مجال الصحة العمومية إلى موفى عام 2006، ندوة صحفية طالبت فيها شركة الأدوية بسحب شكواها ضد الهند.
الحملة التي تساندها 50 منظمة غير حكومية وتشارك فيها كل من منظمة إعلان برن ومنظمة أطباء بدون حدود والمنظمة الخيرية أوكسفام، تسعى إلى ممارسة ضغوط دولية لتجنب أن يؤدي أي قرار في غير صالح الهند الى تقويض الجهود المبذولة حتى اليوم لتشجيع الدول النامية على تصنيع أدوية جنيسة، للسماح لأكبر قدر من مواطنيها بالوصول الى أدوية رخيصة الثمن.
وقد بررت الرئيسة السويسرية السابقة روت درايفوس مشاركتها في هذه الحملة بقولها”إن شكوى شركة نوفارتيس ضد الحكومة الهندية هي بمثابة هجوم ضد الليونة التي تم إدخالها على حقوق البراءات والتي تسمح لدول العالم بمجال مناورة لتقديم حلول لمواطنيها في مجال الصحة العمومية”.
تشكيك في نسبة التجديد
القضية تعود الى شهر ديسمبر 2005 عندما رفضت السلطات الهندية، بناءا على إجراءات القانون الهندي الخاص بالبراءات والملكية الفكرية، منح دواء “جليفيك” الذي تصنعه شركة نوفارنيس رخصة باعتباره دواء جديدا.
تعليلات السلطات الهندية هي أن دواء “جليفيك” الذي قدم بصيغة جديدة لم يأت بجديد، ولم يقدم أية تحسينات او تأثيرات علاجية فعالة، وبالتالي لا يمكنه له الحصول على ترخيص جديد كدواء خاضع لبراءة اختراع تتطلب احترام حقوق ملكيته. أي بمعنى آخر أنه يمكن أن يصنع من قبل شركات صناعة الأدوية الجنيسة بدون إكتراث لحقوق الملكية الفكرية.
وقد صرحت السيدة روت درايفوس بهذا الخصوص “إن القوانين الهندية تفرق بين التحويرات التي تجلب جديدا بالنسبة للمرضى المتلقين للعلاج، وبين تلك التي لا تجلب جديدا على مستوى الصحي”.
وكانت الهند قد أدخلت هذا القانون المتعلق بحقوق الملكية الفكرية والبراءات لتتجنب ما يسمى بـ “التجديد المستمر” لحماية حقوق الملكية الفكرية لبعض الأدوية بإدخال تحويرات طفيفة عليها بهدف تمديد فترة حمايتها من القرصنة او الإنتاج غير المرخص من قبل شركات أدوية أخرى.
وتساند الهند في هذا المسعى العديد من المنظمات غير الحكومية العاملة في الميدان الإنساني والتي تناضل من أجل توسيع رقعة استفادة مواطني البلدان النامية والفقيرة من الأدوية الأساسية كما ساندتها مجلة ” لانسيت Lancet” التي تعتبر إحدى أكبر المجلات العلمية في العالم.
طعن في قانونية الإجراء الهندي
أما شركة نوفارتيس صاحبة حقوق ملكية انتاج دواء “جليفيك” الذي يعد من أحسن الأدوية المضادة لمرض السرطان والذي سمح لحد الآن بتخفيض نسبة وفيات المرضى بالسرطان بحوالي 75%، فترى أن الأسس القانونية التي اعتمدت عليها الهند في سن القانون الخاص بالبراءات تتعارض مع قوانين منظمة التجارة العالمية التي وقعت عليها نيودلهي.
وما تعارضه شركة نوفارتيس بالضبط وقدمت بشأنه شكوى ضد الحكومة الهندية، فهو أولا اعتبار أن دواء “جليفيك” دواء أدخلت عليه تحسينات تقضي باعتباره دواء جديدا يحق حصوله على حق احترام حقوق ملكيته.
والطعن الثاني يتعلق باعتبار المادة 3 من قانون البراءات الهندي متعارضة مع قوانين منظمة التجارة العالمية الخاصة بحقوق الملكية الفكرية المعروفة بـ “TRIPS” والتي وقعت عليها الهند في عام 1995.
مخاوف من سابقة في هذا المجال
تعليلات كل طرف في هذه المواجهة أن الحكومة الهندية ومن ورائها العديد من المنظمات الإنسانية تخشى أن يؤدي فوز شركة نوفارتيس، إلى إحداث سابقة قد تحد من إمكانية تصنيع الأدوية الجنيسة وبالتالي الحد من وصول مرضى البلدان النامية والفقيرة الى الأدوية الأساسية بأسعار منخفضة.
وتتضح أبعاد خطوة من هذا القبيل عندما يُعرف بأن علاج مريض بواسطة دواء مصنع من قبل شركة نوفارتيس يكلف 2500 دولار شهريا بينما تقل تكلفة علاج مريض لمدة شهر بفضل دواء جنيس مصنع من قبل شركة هندية عن 157 دولار.
شركة نوفارتيس التي قالت إنها “أُرغِمت على الذهاب الى أبعد مدى في هذه المواجهة القضائية” نظرا لأنه لا يُسمح لها رفع القضية أمام منظمة التجارة العالمية (حيث أن هذا يدخل في صلاحيات الدول الأعضاء فقط)، ترى أن تطبيق هذا القانون الهندي يخل بالتزامات نيودلهي تجاه منظمة التجارة العالمية وقد يخلق سابقة ستزهّـد الشركات في الاستثمار في عمليات البحث العلمي لتحسين وتطوير أدويتها إذا ما وضعت أمامها عراقيل من هذا القبيل للحد من احترام حقوق الملكية.
وتقول شركة نوفارتيس أن برنامجها العالمي لمعالجة المرضى بواسطة دواء “جليفيك” يستفيد منه مجانا أكثر من 20 ألف مريض في أكثر من 83 بلدا. وحتى في داخل الهند -تقول شركة نوفارتيس – فإن الدواء يوزع مجانا على حوالي 99% من المرضى الهنود. وبالتالي فإن إلغاء القرار الهندي واحتفاظ دواء “جليفيك” بحق الملكية الفكرية، سوف لن يمس سوى 1% من المرضى الهنود.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
اعتمدت الحكومة الهندية قانون البراءات الذي يحدد قانونية خضوع دواء من الأدوية الموزعة على التراب الهندي لاحترام حقوق الملكية الفكرية أم لا.
في عام 2005 رفضت الهند تسليم دواء “جليفيك” الذي تنتجه شركة نوفارتيس والمستعمل لعلاج مرضى السرطان، ترخيصا كدواء جديد خاضع لحقوق الملكية الفكرية ، الأمر الذي يسمح للشركات الهندية المنتجة للأدوية الجنيسة بإنتاجه دون مراعاة لحقوق الملكية الفكرية.
تقدمت شركة نوفارتيس بشكوى ضد الحكومة الهندية أمام المحكمة العليا في مقاطعة شوناي الهندية، وهي المحاكمة التي استأنفت يوم الخميس 15 فبراير 2007.
عللت الحكومة الهندية رفض الترخيص لدواء “جليفيك” على أساس أنه دواء خاضع لحقوق الملكية الفكرية، لأن الصيغة الجديدة ليست سوى نسخة من السابقة التي تجاوزت فترة الحماية القانونية لحقوق الملكية الفكرية.
في المقابل، ترى شركة نوفارتيس أن الصيغة الجديدة للدواء أدخلت عليها تحويرات تسمح بتحسين طريقة العلاج وبالتالي تستحق أن ينظر لها على أنها صيغة جديدة خاضعة لحماية حقوق الملكية الفكرية.
تخشى المنظمات غير الحكومية المناصرة للحملة ضد شكوى شركة نوفارتيس، من أن تشكل هذه الشكوى سابقة للحد من إمكانية استفادة الدول النامية من رفع حقوق الملكية الفكرية على أدوية مما يسمح بإنتاجها على شكل أدوية جنيسة قليلة التكاليف وفي متناول سكان البلدان الفقيرة والنامية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.