مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ضوء أوروبي أخضر للمتحورات وراثيا

أحد المزارعين يتناقش مع واحد من خبراء شركة سينغنتا حول الذرة المحورة وراثيا Keystone

حصلت شركة سينغنتا السويسرية العالمية على الضوء الأخضر من الإتحاد الأوروبي، لطرح منتجاتها من الذرة المحورة وراثيا في الأسواق.

وتأتي هذه الموافقة بعد رفع الاتحاد الحظر المفروض على بيع المنتجات الزراعية المحورة وراثيا.

الموافقة الأوروبية بطرح منتجات زراعية محورة وراثيا للبيع للجمهور جاءت مشروطة بفترة زمنية لا تزيد عن عشر سنوات، وبموجب تلك الموافقة ستبدأ شركة سينغنتا السويسرية المتخصصة في الكيماويات الغذائية ببيع منتجاتها من بذور الذرة المحورة وراثيا والمعروفة تجاريا باسم Bt-11، بعد مفاوضات متواصلة بين الشركة والسلطات في كل من سويسرا والاتحاد الأوربي.

وفي أول رد فعل على تلك الخطوة، قال ماركوس باير المتحدث باسم سيتغنتا في اتصال هاتفي مع سويس انفو، بأنها بداية التطور في هذا الملف، ويضيف بأن التوصل إلى تلك الخطوة كان من خلال الحوار المكثف على الصعيد السياسي في داخل الاتحاد الأوروبي، ومن خلال الإدارات المتخصصة، ويبقى الدور الآن على الأسواق وإقبال المستهلكين على تلك المنتجات، حسب رأيه.

ويأتي هذه القرار بمثابة الصفعة لمنظمات وجمعيات حماية البيئة السويسرية والأوربية على حد سواء، بعدما وقفت بشدة ضد طرح تلك المنتجات المحورة وراثيا للاستهلاك، إلا أن القرار الأوربي لا يسمح ببيع الذرة المحورة وراثيا إلا تلك الجاهزة على الفور للاستخدام، وليس لزراعتها من قبل الفلاحين، حيث تحذر جمعيات حماية البيئة من احتمال ظهور آثار سلبية متعددة، أخطرها تلوث التربة بشكل يمكن أن يتحول إلى كارثة، حسب قولهم.

” 3% من إجمالي أنشطتنا”

ويضع قرار الاتحاد الأوربي الأخير نقطة النهاية في مفاوضات استغرقت 5 سنوات كاملة بين سينغنتا والسلطات المعنية، إلا أن آخر استطلاعات للرأي في صفوف المستهلكين في سويسرا ودول الاتحاد الأوروبي أظهرت أن نسبة كبيرة تنظر بنوع من الريبة والقلق إلى تلك المنتجات، وتتركز أكثر المخاوف على آثارها البيئية السلبية وانعكاساتها المحتملة على صحة المستهلكين.

يجدر التذكير بأن هذا القرار لن يتخذ الصبغة النهائية إلا بعد مراجعته من طرف لجنة الاتحاد الأوروبي المختصة بالشؤون الزراعية، حيث يُفترض أن تتأكد أولا من مطابقة المنتجات المحورة وراثيا للمعايير المتعارف عليها سواء على صعيد القواعد المتبعة في الصناعات الغذائية أو الأخرى المتبعة في مجال حماية البيئة، وهي قواعد طورتها السلطات أو استحدثت فيها تقييدات جديدة، من أجل طمأنة المستهلكين والتخفيف من وساوسهم.

في المقابل يعتقد الخبراء أن قرار الاتحاد الأوروبي رمزي أكثر منه عملي، فطبقا لقوانين البيع يجب على جميع الشركات أو معامل المنتجات الغذائية كتابة جميع المكونات الداخلة في تصنيع المأكولات، وبالتالي سيكون واضحا للمستهلك إن كانت مشترياته تحتوى على مكونات محورة وراثيا أم لا.

ويدافع المتحدث باسم سينغنتا عن سياسة الشركة في مجال المبيعات مشيرا إلى أنها “لا تركز على بيع الذرة المحورة وراثيا لهدف ربحي، فما تمثله هذه المنتجات لا يتجاوز 3% من إجمالي أنشطة المؤسسة” على حد قوله.

الصراع سـيـحـتـدم !

ومن المؤكد أن الفرصة التي تمثلها موافقة الاتحاد الأوربي، تفتح أسواقا جديدة بوجه الشركة السويسرية، وتضع منافستها الأمريكية “مون سانتو” تحت ضغط كبير، حيث تتسابق الشركتان في إنتاج المواد المحورة وراثيا وفي كسب الأسواق لصالحها.

ولم يتوقف التنافس بين “سينغنتا” السويسرية و”مون سانتو” الأمريكية على مجالات الأبحاث أو التنافس من أجل احتكار الأسواق، بل اتسع ليشمل ساحات المحاكم، حيث تتهم الشركة الثانية الأولى بأنها لم تحافظ على القواعد القانونية المتبعة في التعامل مع براءات الاختراعات، وهي تسعى حاليا من خلال الطرق القضائية إلى وقف تصنيع مادة محورة وراثيا تحت اسم غلايفوسات Glyphosate، بعد ادعاء الشركة الأمريكية بأنها صاحبة الحق في تصنيعها وتسويقها بموجب قوانين حماية براءات الاختراعات.

وتعود أهمية تلك المادة إلى أنها تقضي على الحشائش البرية والطفيلية دون أن تصيب المحصول الرئيس بأية أضرار جانبية، ومن المتوقع أن يشتعل الصراع بين الشركتين في الوقت الراهن، لا سيما بعد حصول سينغنتا على حق بيع الذرة المحورة وراثيا في السوق الأوربية والسويسرية.

وبغض النظر عن الأهمية والقيمة العلمية التي أدت إلى التوصل إلى إنتاج النباتات المحورة وراثيا، تظل مخاوف المستهلكين مرتبطة بعدم الثقة في سلامة تلك المنتجات وإمكانية إلحاقها أضرار متفاوتة بالإنسان والبيئة.

وإذا كانت الشركات لم تتمكن حتى الآن من طمأنة الرأي العام وإزالة مخاوفه، فسيظل انتشار المواد الجديدة مرهونا بشيئين هامين، أولهما عدم ظهور أية أعراض جانبية على المستهلكين، والثاني عدم تلوث البيئة بمواد غريبة تنعكس على بقية النباتات وتنتقل منها إلى الإنسان والحيوان، وهما أمران يبقيان في علم الغيب.

سويس انفو

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية