طريق الإصلاحات الفلسطينية (1 من 2)
لم ينجح مؤتمر لندن حول الإصلاحات في السلطة الفلسطينية سوى في توفير فرصة للوفد الذي لم يتمكن من السفر بتوجيه اتهامات جديدة لإسرائيل، ووصفها أنها العقبة الرئيسية في طريق الإصلاح الفلسطيني.
وعلى الرغم من أن لهذا الاتهام ما يبرره، إلا أن ثمة عناصر أخرى داخلية وسياسية لازالت تعيق هذه العملية أيضا.
في حين تركزت الأنظار حول منع إسرائيل الوفد الفلسطيني من المشاركة في المؤتمر، فقد ظلت عملية الإصلاح ذاتها رهنا بمجوعة خطوات خاصة بإعداد دستور جديد، وتطبيق خطة إدارية تتعلق بالشفافية والمساءلة وتسمح بالكشف عن أموال تديرها القيادة الفلسطينية لوضعها بين يدي إدارة عامة.
ولا يبدو أن جهود لندن قادرة على دفع عجلة الإصلاح الفلسطيني إلى الأمام، فالطريق اكثر وعورة مما هو واضح. والقرار بضخ الحياة في هذا الجسد الضعيف يتطلب مشاركة أوسع، على غرار اللجنة الرباعية الدولية المكلفة إدارة مسالة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
ولهذا السبب، ولارتباط حكاية الإصلاح الفلسطيني بالتطورات السياسية ولغياب الدور المدني على الساحة المحلية – لأسباب شتى – فان مسار هذه العملية التي باتت عنوان المرحلة الفلسطينية، سيظل يؤشر باتجاه مبنى المقاطعة المدمر في مدينة رام الله حيث مقر الرئيس ياسر عرفات.
هناك، وعلى مكتب الزعيم الفلسطيني تدار المسالة بشكل لا يقبل القسمة سوى على عامل واحد يعتمد المراوغة والتكتيك، ويتطلع إلى التداعيات المرتبطة بالنتائج النهائية المتعلقة بمستقبل الدولة الفلسطينية.
حرب عرفات
نجح الضغط الأميركي والدولي على مدار الأشهر الأخيرة في دفع عرفات إلى تعيين وزير مالية من خارج دائرته التقليدية، في خطوة اعتبرت وأنها سابقة في رضوخ الزعيم الفلسطيني لمطلب يتعلق بالمال.
هذه السابقة، ارتبطت في سياقها العام بعملية الإصلاح، وشكلت في حقيقتها تنازلا من عرفات في مسالة المال الذي ظل الزعيم الفلسطيني يستخدمه كأحد أهم أسلحته الخاصة بالسيطرة والقيادة.
على الجهة الأخرى، حيث الإدارة الأميركية وإسرائيل، والتي اعتبرت الخطوة وأنها – الى جانب إعداد دستور يضمن تعيين رئيس وزراء ذو صلاحيات – المقدمة الضرورية لإطلاق عملية الإصلاح المرجوة وبالتالي الإطاحة بعرفات وقيادته.
وعلى ذلك، تأسست عناصر المعركة حيث يملك عرفات القرار والأداوت اللازمة لإنجاح عملية الإصلاح، لكنه يدرك في ذات الوقت أن الأمر برمته وعلى نحو ما تريده الإدارة الأميركية وإسرائيل، يعني مقتله.
وفي خضم الضغوطات الميدانية والسياسة، سمح الزعيم الفلسطيني بتحرك حذر ومحدود نحو الإصلاح، محتجا بأن الاحتلال الإسرائيلي يبقى العقبة الرئيسية أمام التنفيذ، لاسيما في مسالة الانتخابات التي أعلن تأجيلها إلى اجل غير مسمى، أو في حال سمح زوال الاحتلال بذلك.
الخطوة وبالرغم من محدوديتها، أتاحت إعادة تأهيل في المصروفات الرئيسية والإذن بالبدء بتطبيق قانون الخدمة المدنية وإنشاء صندوق الاستثمار الفلسطيني بإدارة جديدة حيث انتقل الإشراف على أموال ما كان يعرف بشركة الخدمات التجارية التي أدارها لسنوات محمد رشيد مستشار عرفات الاقتصادي، إلى إدارة عامة.
بيد أن الإصلاح الذي سمح به الزعيم الفلسطيني، لم يكن كافيا لإقناع الإدارة الأميركية ومعها المجموعة الدولية وإسرائيل بالتحول عن معارضته، وعادت مطالب الإصلاح تتقدمها الدعوة لإعداد دستور وتعيين رئيس وزراء وتغيير نظام الانتخابات، تدق بقوة باب القيادة الفلسطينية المتصدع.
هشام عبد الله – الضفة الغربية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.