ظاهرة النازحين والـمـُرحّـلـيـن تتفاقم.. ولا حماية دولية في الأفق!
أفاد تقرير صادر عن مركز مراقبة المرحلين داخليا التابع للمجلس النرويجي للاجئين أن عدد النازحين في العالم جاوز حاجز الـ 26 مليون مرحل، في ظل زيادة معتبرة لهذه الظاهرة في كل من العراق والكونغو الديمقراطية والصومال.
ومع أن هذه الفئة من المتضررين من الحروب والنزاعات والمجاعات، تتلقى مساعدات محدودة وبعض العناية من عدد من المنظمات الإنسانية،إلا أنها – وعلى عكس اللاجئين – تعاني من الإفتقار لقوانين دولية واضحة تتيح حمايتها.
تعرف أوضاع المرحلين الداخليين في العالم تأزما مثيرا للإنشغال بعد أن تعدى عددهم في عام 2007 حاجز الـ 26 مليون مرحل في 52 دولة، حسبما توصل إليه التقرير الذي نشره مركز مراقبة المرحلين داخليا التابع للمجلس النرويجي للاجئين يوم 17 أبريل 2008 في جنيف.
ويذهب التقرير الذي جرى الإعلان عنه في ندوة صحفية بحضور الأمينة العامة للمجلس النرويجي اليزابيت راسموسن والمفوض السامي لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريس إلى أنه “على الرغم من الجهود التي تبدلها المجموعة الدولية، لم يُتمكن من الحد من ارتفاع عدد المرحّلين ولا من تحسين ظروف عيشهم”.
واعتبر التقرير أن أزمة المرحلين داخليا تعرف اليوم “أتعس وضعية منذ التسعينات” مع تصدر السودان القائمة بـ 5،8 مليون مرحل داخلي، متبوعا بكولمبيا بـ 4 مليون مرحل ثم العراق فالصومال.
الفئة الأكثر عرضة للانتهاكات
تعتبر فئة المرحلين داخليا من الفئات الأكثر عرضة للانتهاكات الخطيرة في مجال حقوق الإنسان. فهي عرضة للهجمات المتكررة مثلما يحدث في إقليم دارفور غرب السودان، أو للعيش في ظروف جد صعبة مثلما هو الحال في الصومال حيث يفتقرون في بعض الأحيان إلى المأوى والمياه الصالحة للشرب بل للمواد الغذائية أصلا.
وما دام القسم الأكبر من المرحلين هم من النساء والأطفال، فإنهم يشكلون الفئة الأكثر عرضة لأخطر الانتهاكات مثل العنف الجنسي. وفي بعض المناطق يتعرض الأطفال للتجنيد القسري مثلما هو الحال في جمهورية إفريقيا الوسطى وكولمبيا والسودان وميانمار (بورما سابقا) وسريلانكا وتشاد، مثلما جاء في التقرير.
ويرى السيد انطونيو غوتيريس، المفوض السامي لشؤون اللاجئين أن فئة المرحلين داخليا “هي الفئة التي تعرضت أكثر من غيرها للضرر بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية” في الفترة الأخيرة.
مرحلون قدامى وجدد في العالم العربي
يصنف التقرير نازحي منطقة الشرق الأوسط إلى نازحين قدامى وجدد. ومن بين هؤلاء المرحلين من لا يقدر على العودة الى موطنه الأصلي لعدة اسباب منها الاحتلال ومصادرة الملكية وما شابه ذلك.
ويقدر التقرير عدد المرحلين الداخليين في منطقة الشرق الأوسط في عام 2007 بحوالي 3،5 مليون مرحل، من بينهم 2،48 مليون في العراق، و 430 الف في سوريا، و 390 الف في لبنان، و115 الف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، و 35 الف في اليمن، وما بين 150 الف و 420 الف في إسرائيل.
وقد شهد عام 2007 إضافة 900 الف مرحل جديد إلى هذه الأرقام من بينهم 700 ألف في العراق لوحده بسبب العنف الطائفي. ومع أن السلطات العراقية أعلنت عن عودة 6000 عائلة من المرحلين الى مواطنها الأصلية، إلا أن الدوافع الحقيقية لهذه العودة لا زالت غير معلومة بدقة وما إذا كانت مرتبطة بتعرض المناطق التي كانت مختلطة عرقيا إلى عملية تطهير طائفي، أم نتيجة لشح الموارد المادية التي كانت تسمح لهذه العوائل بالعيش بعيدا عن بؤر الصراع؟
كما أشار التقرير الى أن العراق عرف نزوحا من نوع خاص يُعتبر رد فعل معاكس على عملي الترحيل التي انتهجها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين. وتتمثل هذه العملية في عودة أعداد كبيرة من الأكراد إلى مناطق كان النظام العراقي السابق يشجع على توطين العرب فيها مثل مدينة كركوك والمناطق المحيطة بها.
وأفاد التقرير أيضا بأن حملات التوغل العسكرية التركية في المناطق الكردية شمال العراق أدت بدورها إلى نزوح حوالي 4500 من السكان الأكراد من محافظة دهوك.
كما أن الصراع القائم بين الحكومة اليمينة وأنصار الشيخ بدر الدين الحوثي أدى الى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص في محافظة صعدة الشمالية، قدرت منظمة الأمم المتحدة عددهم ما بين 25 ألف و 27 ألف مرحل.
من جهة أخرى، أدى قتال الجيش اللبناني ضد أنصار فتح الإسلام في مخيم النهر البارد إلى نزوح حوالي 30 ألف من سكان المخيم إلى مخيمات فلسطينية أخرى مجاورة. وذلك في الوقت الذي لا زال فيه أكثر من 100 ألف من سكان الجنوب نازحين بسبب الحرب التي خاضتها إسرائيل ضد حزب الله في صيف 2006.
وفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أدت قذائف الفلسطينيين المنطلقة من قطاع غزة ضد مدن إسرائيلية إلى نزوح مؤقت لحوالي 10 آلاف إسرائيلي إلى ميناء إيلات.
أما السياسة التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين، فقد أدت من جهة الى تهديد نصف البدو القاطنين في النقب والبالغ عددهم حوالي 140 الف ساكن بالترحيل بسبب عدم الاعتراف بقراهم.
وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تمارس فيها إسرائيل سياسة الإغلاق ومنع التنقل، يقول التقرير إن عدد المرحلين غير محدد بالضبط ولو ان آخر إحصاء أجري عام 2006 يشير الى أن 44% ممن وجه لهم السؤال يعتبرون مرحلين. وقد أدى بناء الجدار العازل لوحده الى ترحيل 15 الف فلسطيني من منطق إقامتهم منذ مايو 2005.
أما السودان فيبقى البلد الذي يؤوي أكبر عدد من المرحلين الداخليين في العالم بحوالي 5،8 مليون مرحل. وقد شهد إقليم دارفور لوحده فرار حوالي 280 الف شخص في عام 2007 بسبب تجدد القتال بين القوات الحكومية والمتمردين.
وعن مرحلي الجزائر بسبب الصراع الداخلي، يقول التقرير إن المعلومات الحكومية تشير الى عودة كل المرحلين الى مناطقهم أو اختيارهم أماكن إقامة جديدة في ضواحي المدن الكبرى. وينتهي التقرير الى أنه في غياب تحقيق من قبل السلطات الوطنية أو الدولية يبقى من الصعب الوقوف على حقيقة الأعداد المتبقية من المرحلين.
خارج حماية القانون
إذا كانت المجموعة الدولية قد حددت قوانين تضبط حماية اللاجئين، فإن رعاية المرحلين داخليا تتوقف على حسن إرادة الدولة التي أوكلت لها رعايتهم مع أنها في أغلب الأحيان جزء من المشكلة. كما أن تدخل المجموعة الدولية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين لا يستند إلا على مجرد “إعلان نوايا” نُشر أثناء النقاشات المتعلقة بإعادة تحديد معايير العمل الإنساني في عام 2005.
وتقول السيدة إليزابيت راسموسن “لقد اتضح أن وضعية المرحلين داخليا مشتتة بين كل الجهات لذلك تمت الدعوة لوجود تنسيق في عملية حمايتهم. وقد عرضت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تولي عملية التنسيق بين مختلف الشركاء الإنسانيين”.
هذا التوجه أكده المفوض السامي لشئون اللاجئين أنطونيو غوتيريس بقوله “صحيح أنه لم توكل لمفوضية اللاجئين مهمة واضحة لحماية المرحلين داخليا مثل التي تهتم باللاجئين، ولكن هذه المشاركة للمفوضية ضمن فريق إنساني يُعنى بمساعدة المرحلين داخليا معترف به دوليا، ويسمح في بعض الأحيان بوجود تعاون مع الدولة المعنية وفي بعض الأحيان الأخرى يتعذر ذلك”.
وفي رد على سؤال لسويس إنفو حول ما إذا كان التفاقم المستمر لظاهرة المرحلين داخليا في شتى أنحاء العالم يستوجب الدفع من أجل إقرار معاهدة دولية واضحة المعالم لحماية هذه الفئة من البشر، أجاب أنطونيو غوتيريس بقوله “إن الأمل آت من القارة الإفريقية إذ تعمل لجنة بالاتحاد الإفريقي على إعداد مشروع معاهدة إفريقية سيعرض على القمة الإفريقية التي ستخصص لموضوع المرحلين في غضون هذا العام”.
وأضاف المفوض السامي لشؤون اللاجئين: “إننا نرحب بارتياح كبير بهذه المبادرة التي نتمنى أن تكلل بالنجاح لتصبح أول نص قانوني دولي يسمح بالتدخل لحماية المرحلين بعيدا عن التبريرات السياسية التي كثيرا ما يتم ترديدها للحيلولة دون ذلك”.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
يقدر عدد النازحين في البلدان العربية حسب الإحصائيات الواردة في التقرير الصادر عن “مركز مراقبة النازحين” التابع للمجلس النرويجي للاجئين:
السودان: 5،8 مليون
العراق: 2،48 مليون
إسرائيل: ما بين 150 و 420 ألف
لبنان: ما بين 90 ألف و 390 ألف
الأراضي الفلسطينية المحتلة: ما بين 25 و 115 الف
الصومال: مليون شخص
سوريا: 430 ألف
اليمن: ما بين 25 و 35 ألف شخص.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.