عقوبة الإعدام إلى أدراج التاريخ!
دخل الفاتحُ من يوليو 2003 التاريخَ السويسري باعتباره اليوم الذي ألغت فيه الكنفدرالية عقوبة الإعدام بصورة نهائية.
البرتوكول الثالث عشر للميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان دخل حيز التطبيق، وسيؤدي قانوناً إلى منع اللجوء إلى هذه العقوبة أثناء فترة الحروب.
“من خلال البرتوكول الثالث عشر أثرْت سويسرا القانون الدولي بما كان متواجدا في دستورها أصلاً”.
قد يبدو في هذه العبارة، التي صرح بها ارثر ماتلي مدير إدارة حقوق الإنسان والقانون الدولي بوزارة الخارجية السويسرية إلى سويس إنفو، قدرا من المبالغة.
لكن الأمر ليس كذلك. فدخول البرتوكول الثالث عشر للميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان حيز التنفيذ سيعني عملياً أن أوروبا بدأت فعلاً في إلغاء عقوبة الإعدام في كل صورها … وحالات تطبيقها.
إلغاء عقوبة الإعدام في كل الحالات!
ما معنى هذا بالتحديد؟ الرد يكمن في فحوى البرتوكول نفسه. فهو يلزم الدول التي صادقت عليه أن لا تلجأ إلى عقوبة الإعدام حتى خلال فترة الحرب أو في حال بروز خطر التهديد بوقوعها.
نجح هذا الإلزام في سد الثغرات التي تواجدت في البرتوكول السادس للميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان.
إذ رغم نص هذا الأخير على إزالة عقوبة الإعدام، إلا أنه ترك المجال مفتوحا للجوء إليها في حال انتهاك القانون خلال فترة الحرب أو أثناء بروز خطر وشيك يهدد أمن الدولة.
دعم سويسري مباشر..
رغم ذلك، قد يحلو للمرء التساؤل عن مبرر التنويه بدور سويسرا في هذا الشأن، لاسيما وأن الحديث يتعلق ببرتوكول أوروبي عام.
يعود ذلك إلى قوة الزخم التي وفرتها الكونفدرالية لإخراجه إلى حيز الوجود.
فسويسرا هي أول دولة في العالم صادقت على البرتوكول ( في مايو 2002). والأهم من ذلك، هو أنها كانت السباقة إلى النص على ذلك المبدأ في دستورها عام 1999، وأنها شنت منذ ذلك الحين حملة دبلوماسية قوية لإدراجه في القانون الدولي.
ضمن هذه الحملة، طالب وزير الخارجية السويسري (آنذاك) جوزيف دايس، في خطاب له أمام المفوضية الأممية لحقوق الإنسان في مارس 2002، المجتمع الدولي بالقضاء نهائيا على هذه العقوبة.
وناشد خصوصا في خطابه كلا من الولايات المتحدة والصين والمملكة العربية السعودية التوقف عن استخدامهن المتكرر لهذا النمط من العقوبات.
أخر مرة.. في سويسرا!
امتنعت المحاكم السويسرية منذ عام 1942 عن اللجوء إلى عقوبة الموت في القضايا المدنية.
ودخل هانز فوليندفيدر من كانتون أوبفالدين، الذي أدين بثلاث جرائم قتل، التاريخ عام 1940 لأنه كان أخر شخص نُفذ فيه حكم الإعدام بواسطة المقصلة.
لكن هذا لم يمنع من اللجوء إلى هذه العقوبة في الجرائم العسكرية. ومن هذا المنطلق، تم إعدام 17 شخصاً بتهمة الخيانة العظمى خلال فترة الحرب العالمية الثانية.
فقط في عام 1992، أي بعد خمسين عاماً من تلك الحرب، ألغيت تلك العقوبة من القانون الجنائي العسكري، ثم أُدرج رسميا النص على إلغائه في بنود الدستور عام 1999.
دعوة للعودة إلى الماضي.. ولكن
هذا لا يعني أن هذه المسألة محسومة في الكونفدرالية. فمن الناحية الجدلية على الأقل، لازالت هناك العديد من الأصوات، لاسيما المحافظة منها بالتحديد، التي تدعو إلى العودة إلى تطبيق هذه العقوبة.
على سبيل المثال، طالب حزب الحرية عام 1994 بالنص على عقوبة الموت في جرائم المتاجرة بالمخدرات. كما حاول عضوان من حزب الشعب السويسري عام 1997 حشد الدعم لمبادرةٍ تدعو إلى العودة إلى تطبيقها.
إلا أن هذه المحاولات تظل تدور في حلقة مفرغة. فالرأي الشعبي العام يُدين لجوء الدولة إلى “القتل” كوسيلة عقابية. ليس فقط بسبب مفهوم قدسية الحياة، وإمكانية إنزال العقاب بالمجرم بطرق ووسائل فعالة.
بل لأن هناك قناعة شعبية بأن النظام القضائي فيه من أوجه القصور العديدة التي تجعل من اللجوء إلى الإعدام أمراً تحف به الكثير من المحاذير. فكم من مرة أدُين فيها شخص، ونُفذ فيه الحكم، ليكتشف العالم فيما بعد أنه لم يكن الجاني الحقيقي.
سويس إنفو
وفقا لمنظمة العفو الدولية:
75 دولة ألغت الحكم بالإعدام كوسيلة عقابية.
14 دولة تلجأ إليها في حالات الحرب أو لأسباب استثنائية.
20 دولة ألغتها بصورة كاملة.
109 ألغت النص عليها في نصوصها القانونية، أو لا تطبقها في حال وجودها.
86 دولة لا زالت تستخدم هذه العقوبة.
في عام 2001 أعدمت 31 دولة 3048 شخصاً.
90% من عمليات الإعدام تمت في الصين، إيران، المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.