علموهم .. كي لا يصبحوا فقراء!
يعيش واحد من كل عشرة أشخاص في سويسرا، قرب أو تحت خط الفقر، والسبب في الغالب كما تشير دراسة حديثة فهو قلة التعليم.
هذه النتائج التي توصلت إليها منظمة كاريتاس الخيرية (غير الحكومية) دفعتها إلى مطالبة الدولة بتوفير مساعدات تُصمم خصيصاً لعلاج جذور المشكلة.
“الفقر فضيحة في دولة بمثل غنى سويسرا”. هكذا صرح رئيس منظمة كاريتاس الخيرية يورج كروميناخر.
ولا يبدو الرجل مبالغاً في غضبه. فقد أظهرت الإحصائيات الحديثة أن نحو 850 آلف شخص، من بينهم 220 آلف طفل، يعانون من الفقر في سويسرا.
لكن الإحصائية لم تضف جديداً إلى ما هو معروف عن الفقر في سويسرا، تماماً كما أن دراسة كاريتاس، والتي نشرت نتائجها يوم الاثنين 24 مايو الماضي، لم تقدم معلومة ثورية عن أسباب الفقر.
فقلة المهارات التعليمية هي من أحد العوامل المؤدية إلى الفقر، هذا أمر معروف. ما أضافته الدراسة هو أنها أسست هذه المعلومة على بيانات موثقة، وتقدمت بناء عليها بتوصيات تهدف إلى علاج المرض من جذوره.
تأثيرات تمتد طوال الحياة..
وفقا لإحصائيات البطالة المتوفرة، سيجد 86% من الأشخاص ممن تتراوح أعمارهم بين 30-64 ممن حصلوا على تعليم أساسي، وظيفة أو عملاً على الأرجح. لكن هذه النسبة ترتفع إلى نحو 93% في حال حصولهم على شهادة البكالوريا( أي الثانوية العامة).
وتقول منظمة كاريتاس الخيرية إن الأشخاص الذين يحوزون على حد أدني من التعليم يواجهون خطر الفقر مدى الحياة، ويشرح السيد كروميناخر قائلاً: “الأشخاص من ذوي المؤهلات القليلة أو المعدومة سيعانون على الأرجح من الفقر”.
ومن المؤكد أن تدني المستوى التعليمي تؤثر على مختلف أوجه حياة الفرد، فهي تقلل من فرص الترقية، وتزيد من خطر الفصل من العمل. كما أنها غالباً ما تحدد اختيار الفرد لشريك حياته، تماماً كما أن مؤهلات الوالدين ومركزهما الاجتماعي يؤثران على مستوى تعليم أطفالهما.
إصلاحات .. فاشلة!
في هذا السياق يجدر التذكير بأن الإصلاحات، التي أدخلت على الأنظمة التعليمية في سويسرا في فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كانت تهدف أساساً إلى توفير فرص أفضل للأطفال الذين يتحدرون من عائلات فقيرة.
لكن، ووفقا للسيد كارلو كنوبفل من “كاريتاس”، فإن هذا الهدف السخي لم يتحقق. ويقول: “هناك علاقة ارتباط بين الخلفية الاجتماعية للفرد وبين احتمالات حصوله على تعليم أعلى”.
وتحذر دراسة كاريتاس من أن هناك أيضاً علاقات ارتباط قوية بين الصحة وطول العمر والمؤهلات التعليمية التي حصل عليها الفرد. فالأشخاص الذين تحصلوا على الحد الأدنى من التعليم هم أكثر تعرضاً للمشاكل الصحية والإعاقة.
كما نبهت إلى أن الفئات الأكثر تعرضاً للفقر هي النساء الأجنبيات، اللواتي لم يحصلن على تعليم أساسي، والعائلات الشابة التي تضم طفلين أو أكثر، وكذلك الرجال العزاب.
مقترحات “كاريتاس”
من هذا المنطلق، دعت كاريتاس إلى إتاحة التعليم للجميع بهدف مكافحة الفقر. وطالبت بعمل سياسي لتأمين الفرص المتساوية للكل، لكنها أقرت في الوقت ذاته أن الإصلاحات التعليمية وحدها لن تحل المشكلة.
فالسيد كروميناخر يقول “علينا أن نعالج المشكلة من مرحلة عمرية مبكرة”، ويضيف أنه يتوجب توفير مؤسسات تعليم تمهيدية كدور الحضانة والروضة والألعاب.
وتعتقد كاريتاس أنه يتوجب دعم الأطفال الذين يعانون من صعوبات دراسية في مرحلة التعليم الابتدائية، وزيادة ساعات التعليم الإضافية المخصصة لهم، وتضيف بأن “هذا الإجراء سيكون فعالاً أكثر للأطفال الأجانب خاصة عند تعليمهم اللغات”.
أخيراً، لفتت منظمة كاريتاس الخيرية الأنظار إلى أن البطالة تتضاعف نسبتها لدى الشباب مقارنة بنسبتها على المستوى الوطني، وطالبت تبعا لذلك بتخصيص منح أكثر للطلاب الشبان، وزيادة عدد مراكز التدريب المهني المتاحة أمامهم.
سويس إنفو
في سويسرا، يصنف الأفراد والجماعات على أنهم يعيشون تحت مستوى خط الفقر كالتالي:
بالنسبة للفرد الواحد إذا كان دخله الصافي بعد خصم الضرائب يقل عن 2200 فرنك سويسري.
بالنسبة للعائلة مع طفلين إذا كان دخلها الصافي بعد خصم الضرائب يقل عن 4300.
وفقا لإحصائيات منظمة كاريتاس، يعيش 850 ألف شخص مقيم في سويسرا، منهم 220 آلف طفل، تحت مستوى خط الفقر.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.