أول تقرير مستقل يُحدّد المسؤوليات في الصّراعات المسلحة
في عام 2012، "شهد العالم نحو 38 صراع مسلح، من بينها 8 في المنطقة العربية، وكانت حصيلتها 95 ألف قتيل، سقط 55 ألف منهم في سوريا لوحدها". هذا مقتطف من التقرير الأول الذي نشرته مؤسسات جامعية وأكاديمية في جنيف في محاولة منها لسدّ فراغ قانوني ومن أجل تشديد الخناق على مُرتكبي الجرائم وعدم السماح بإفلاتهم من العقاب.
في خطوة جديدة، بدأت أكاديمية حقوق الإنسان التابعة لجامعة جنيف ومعهد الدراسات الدولية العليا في جنيف، في إصدار تقرير سنوي حول حجم وطبيعة الصراعات الدولية من وجهة نظر القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وفي مناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من شهر ديسمبر الجاري، نُشر التقرير الأول في جنيف تحت عنوان “تحديد المسؤولية في الجرائم الدولية المرتكبة في الصراعات المسلحة”، وأورد الساهرون على إعداده في أكاديمية جنيف لحقوق الانسان أن “عام 2012 شهد 38 صراعا مسلحا في 24 دولة ومناطق ترابية، وسجل سقوط 95 الف قتيل أغلبيتهم من المدنيين والعديد من الجرحى”.
الصراع السوري في الصدارة
وبناء على التصنيف الدقيق لهذه الصراعات المسلحة من منظور القانون الدولي، توصل التقرير إلى أن “35000 شخص قتلوا باستخدام أسلحة بطريقة غير مميزة في مناطق آهلة بالسكان”، وإلى أن “90% من هؤلاء يُعتقد أنهم مدنيون”.
ومثلما كان متوقعا، جاءت سوريا في مقدمة ترتيب الصراعات التي خلفت أكبر عدد من الضحايا بحوالي 55 الف ضحية في عام 2012 لوحده، متبوعة بالمكسيك (9000 ضحية)، ثم أفغانستان (75 ألف ضحية).
أكاديمية حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في جنيف
تأسست في عام 2002 كبرنامج تدريس مشترك بين جامعة جنيف ومعهد الدراسات الدولية العليا في جنيف. تقدم الأكاديمية دروسا باللغتين الفرنسية والإنجليزية، كما تسهر على إعداد دراسات وبحوث، وتنظيم دورات تدريب لمن يهمّهم الأمر. إضافة إلى ذلك، تقدم مشورة وخبرة قانونية في مجالات القانون الدولي ذات العلاقة بالصراعات المسلحة.
معهد جنيف للدراسات الدولية والتنمية
تأسس منذ عام 1927 لتدريس التخصصات المرتبطة بقطاع الأعمال مع تركيز خاص على مجالات العلاقات الدولية وقضايا التنمية عموما.
جامعة جنيف
تأسست نواتها الأولى في عام 1559 من طرف جون كالفان. توجد فيها الآن فروع متعددة وتضم حوالي 16000 طالب من أكثر من 140 جنسية، وتعتبر ثاني أكبر جامعة في سويسرا.
تصنيف يُشدد الخناق
من أهم خصوصيات التقرير الجديد الصادر عن أكاديمية حقوق الإنسان بجامعة جنيف، تصنيفه للصراعات الجارية في شتى أنحاء العالم وفقا للتعريف الوارد في القانون الدولي والقانون الانساني الدولي وما يُعرف باتفاقيات جنيف، وهو ما قد تترتب عنه لاحقا تبعات بخصوص ملاحقة مرتكبي الجرائم أمام محاكم دولية حيث أن ذلك لا يمكن أن يحصل إلا إذا تم تصنيف الصراع ضمن “الصراعات المسلحة”.
التقرير الذي اهتم بعام 2012، أحصى حوالي 38 صراع مسلح في 24 دولة. وفي هذا الصدد، أشار أندرو كلابام، مدير أكاديمية حقوق الإنسان في جنيف أن “تصنيف صراع ما على أنه (صراع مسلح) بموجب القانون الدولي يتم وفق معايير قانونية وليس عبر قرار يُترك للحكومات أو لأي منظمة أممية ولا حتى لمجلس الأمن الدولي”.
وفي معرض التوضيح، شدّد كلابام، الخبير في القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي على أهمية هذه المسألة لأنه “من غير السهل دوما تحديد ما إذا كان من المُمكن أم لا إطلاق صبغة (الصراع المسلح) على صراع ما، للشروع في إجراءات لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب. لذلك يرغب هذا التقرير في وضع حد لهذا الغموض، والتشديد على ملاحقة مرتكبي الجرائم وتقديمهم للمحاكمة لارتكابهم جرائم حرب”.
صراعات غير دولية خمسة منها في العالم العربي
الصراع المسلح الدولي الوحيد الذي تطرق له التقرير بشكل رسمي هو الصراع الجاري بين جمهوريتي السودان وجنوب السودان، ومع أنه تناول أيضا الصراع الذي تخوضه الولايات المتحدة ضد تنظيم طالبان في بعض المناطق الباكستانية إلا أنه لم يُضف عليه صفة “صراع دولي”.
من الصراعات التي استمرت قائمة خلال عام 2012، عدد التقرير 27 صراعا مسلحا غير دولي في كل من أفغانستان وجمهورية افريقيا الوسطى وكولمبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وقطاع غزة ومالي والمكسيك وميانمار (بورما سابقا) والفليبين والصومال والسودان وسوريا وتايلاندا وتركيا واليمن.
في الأثناء، استعرض التقرير الصراعات التي تدخل في إطار الإحتلال حيث بلغ تعدادها تسعة (9) خلال عام 2012. وفي هذه الفئة، اتضح أن أربعة منها تتعلق بصراعات تدور فوق أراض عربية محتلة (لبنان وفلسطين وسوريا والصحراء الغربية حسب التقرير)، إضافة الى نزاعات مستمرة في كل من آذربيجان وقبرص وأريتريا وجورجيا ومولدافيا.
العنف الجنسي من الجرائم المتعاظمة
التقرير اهتم أيضا بالجرائم المرتكبة في الصراعات التي عددها حيث أشار بالخصوص إلى الأصناف التي سجلت ارتفاعا في المواجهات التي شهدها العالم سنة 2012، وهي تتعلق أساسا بالعنف الجنسي وعمليات الإغتصاب المرتكبة في حق النساء والأطفال بل حتى الرجال.
وفي هذا السياق، تشير أليس بريدي، الباحثة في أكاديمية حقوق الإنسان في جنيف إلى أن “العنف الجنسي واصل ارتفاعه في صراعات عام 2012. وفي الوقت الذي بقي فيه الضحايا والناجون يُعانون من التأثيرات النفسية لتلك الإعتداءات، استمر مرتكبو تلك الجرائم بدون محاسبة وفي إفلات تام من المساءلة والعقاب”.
من بين الدول العربية التي اعتبر التقرير أنها شهدت ارتفاعا في نسبة العنف الجنسي خلال صراعات عام 2012، نجد كلا من ليبيا والسودان وسوريا واليمن والصومال، إضافة الى دول أخرى غير عربية مثل جنوب السودان وأفغانستان وجمهورية وسط إفريقيا وكولمبيا وكوت ديفوار وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي وميانمار وأوغندا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.