إصلاح الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.. ضرورة ملحة!
توصل تقرير أعده "المجلس الأكاديمي" بطلب من الأمم المتحدة إلى ضرورة قيام الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بإدخال إصلاحات على طريقة عملها كي تتجنب تكرار الأخطاء في ما تنشره من أبحاث ولكن دون التشكيك في النتائج التي توصلت إليها بشأن حقيقة التغيرات المناخية في العالم.
فقد أصدر المجلس الأكاديمي (IAC) الذي يتشكل من 15 خبيرا يمثلون العديد من الأكاديميات في العالم، يوم الاثنين 30 أغسطس 2010 نتائج تقريره التي جاء فيها أن الهيئة الحكومية الأممية المعنية بتغير المناخ (IPCC) في حاجة الى تعزيز إجراءات المراجعة وإلى إدخال “إصلاحات هامة” على طريقة عملها لتفادي تكرار نشر بعض الأخطاء.
وقال السويسري توماس شتوكر، نائب رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ: “إن تطبيق التوصيات الواردة في هذا التقييم المنتقد، سيعمل على تعزيز الثقة في تحاليل الهيئة المستقبلية المتعلقة بواقع التغيرات المناخية في العالم”.
الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون رحّب بالنتائج التي تم التوصل إليها وشكر الخبراء على تقييمهم المستقل مشددا على أن “ضخامة تحديات التغيرات المناخية تتطلب أن يزود العالم بتوقعات مجلس علمي حول المناخ لا تشوبها شبهات قدر الإمكان لا في المهنية ولا في الموضوعية ولا في الشفافية”.
أخطاء كبرى يجب ألا تتكرر
وكانت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قد تعرضت لموجة من الإنتقادات بعد أن اعترفت في شهر يناير الماضي بأن تقريرها حول التغيرات المناخية في العالم لعام 2007 “تضمن مع الأسف بعض الأخطاء”.
وسبق للهيئة التي تقاسمت في عام 2007 جائزة نوبل للسلام مع نائب الرئيس الأمريكي الأسبق أل غور، أن بالغت في تقديراتها المتشائمة حيث اعتبرت أن “الجبال الثلجية في مرتفعات الهيمالايا قد تذوب من هنا حتى العام 2035”. وكان الأمر يتعلق في الواقع بخطأ مطبعي بحيث كان المقصود العام 2350 وهو الخطأ الذي ظل بدون تصحيح لعدة أعوام إلى أن أقرت به الهيئة في بداية عام 2010.
كما اعترفت الهيئة بخطأ آخر ورد في نفس التقرير حيث جاء فيه أن 55% من مساحة هولندا تقع تحت سطح البحر في الوقت الذي تقول فيه الحكومة الهولندية إن النسبة لا تزيد عن 26%.
وبما أن تحاليل هذه الهيئة تعتبر مرجعية بالنسبة لدول العالم في مجال التغيرات المناخية، فقد أدى تكرار تلك الأخطاء إلى زعزعة مصداقيتها أثناء انعقاد قمة كوبنهاجن في شهر ديسمبر 2009 حول التغيرات المناخية. ويُذكر أن الإجتماع الدولي الضخم لم يتوصل الى نتائج عملية مُلزمة للحكومات بخصوص التخفيض من نسبة الإصدارات الغازية أو ما يُعرف بغازات الدفيئة.
ضرورة الإلتزام بالدقة العلمية
ومع أن خبراء المجلس الأكاديمي لم يُشككوا في تقريرهم بالنتائج التي توصلت إليها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وأكدوا في تقريرهم بأن “الطريقة المستخدمة من قبل الهيئة لإصدار التوصيات الدورية كانت مكللة بالنجاح”، فإنهم طالبوا مع ذلك بإدخال إصلاحات على إدارتها.
ومن بين ما يقترحونه في هذا الإطار “تعيين لجنة تنفيذية تضم عناصر من خارج الهيئة” لتفادي التضارب في المصالح نظرا لأن المدير الحالي الهندي راجندرا باشوري عرضة لانتقادات شتى بخصوص علاقاته التجارية بقطاعات حماية البيئة الى جانب توليه منصب رئاسة الهيئة.
كما شدد خبراء المجلس الأكاديمي على ضرورة التزام الهيئة بالمعطيات العلمية أثناء إصدار تقييم لحالة التغيرات المناخية في العالم، وجاء في تقريرهم أنه “يجب توظيف التقييم النسبي لتعزيز دقة نتيجة من النتائج فقط عندما تكون هناك دلائل كافية”. ومن توصيات المجلس أيضا ضرورة “تخفيض المدة القصوى لتولي رئاسة الهيئة” والمقدرة حاليا باثنى عشر سنة.
وبما أن الرئيس الحالي الهندي راجندرا باشوري اعتبر نفسه مستهدفا، ردّ في ندوة صحفية عقدت في جنيف على أنه “يجب مناقشة هذه التوصيات أولا من قبل الدول الأعضاء أثناء الإجتماع الذي سيُعقد في شهر أكتوبر في كوريا الجنوبية”.
ولدى سؤاله عما إذا كان يعتزم الإستقالة من منصبه، رد السيد باشوري بأنه “انتُخب لفترة ستة أعوام من أجل إنهاء المراجعة الخامسة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والتي من المقرر نشر نتائجها في عام 2013”.
swissinfo.ch مع الوكالات
أسست هيئة الخبراء الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عام 1988 في جنيف من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
تشتمل الهيئة على ثلاثة فرق عمل تتولى كل منها مهام محددة: “تأسيس بنك معلومات عن التغيرات المناخية، تحليل مدى تأثير هذه التغيرات المناخية على الطبيعة وعلى الإنسان، ودراسة كيفية تخفيض نسبة الإصدارات الغازية المؤثرة في درجة حرارة الكرة الأرضية أو ما يعرف بالغازات الدفيئة.
ساهمت الدراسات الأولية التي أنجزتها الهيئة في إقناع المجموعة الدولية الى اعتماد معاهدة الأمم المتحدة حول المناخ لعام 1992 وبروتوكول كيوتو لعام 1997.
وفي عام 2007 تقاسمت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ جائزة نوبل للسلام مع نائب الرئيس الأمريكي الأسبق أل غور.
كشفت حادثة نشر معلومات خاطئة مفادها أن الجبال الجليدية قد تذوب من الآن وحتى عام 2035 عن وجود ثغرات في طريقة تأكد الهيئة مما ينشر في تقاريرها.
كما ساهم في تلطيخ هذه السمعة، نشر محتوى مراسلات بالبريد الالكتروني لأعضائها وظهور تضارب في المصالح لدى بعضهم.
في المقابل، استغلت الأطراف التي تعارض مبدئيا أن يكون الإنسان أو نشاطاته سببا في ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية هذه الأخطاء للتشكيك في نظرية الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.