مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“إنها ثـورةٌ على منظومة الدولة الحديثة التي لم تُبنَ على أسُس تعاقديّة”

أعوان من الشرطة يعتقلون أحد مؤيدي الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي خلال مظاهرة شبابية نظمت يوم 25 يناير 2014 في القاهرة. Keystone

شارك البروفسور خالد فهمي، الخبير المصري ورئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية في القاهرة في ندوة عقدت في بازل تم التطرق خلالها إلى تحليل الوضع المصري، وما آلت إليه ثورة 25 يناير بعد مرور 3 سنوات على اندلاعها. وفي لقائه الذي خص به swissinfo.ch أكد على أنه "لا مناص إلا باستمرار الثورة، لأن الأمر يتعلق بتغيير جِـذري في بناء الدولة المصرية، وهو تغيير قد يستغرق الوقت الطويل"، حسب رأيه.

عندما التقت swissinfo.ch بالسيد خالد فهمي، الأستاذ الجامعي ورئيس قسم التاريخ بكلية العلوم الإنسانية والإجتماعية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، قبل سُويعات من تقديم محاضرته يوم 17 فبراير 2014 في مدينة بازل شمال سويسرا رفقة خبراء ودبلوماسيين ضمن ندوة اهتمت بـ “مصر إلى أين بعد 3 سنوات من الثورة؟”، حرص على أن يضع النقاط فوق الحروف وقال: “إنني كالآلاف، بل الملايين من المصريين، شاركتُ في هذه الثورة منذ بدايتها وانخرطتُ في مواجهات ومعارك كثيرة. لذلك، أتكلمُ بصفتي مشاركا وأيضا كمحلل ومؤرخ. ولا زال لديّ قدر كبير من الأمل واليقين، في أن هذه الثورة ستنتصر، ولكنها سوف لن تنتصر هذا الأسبوع أو الشهر المقبل ولا حتى السنة المقبلة”.

swissinfo.ch

“نحن أمام تحول لم يسبق له مثيل”

ما حدث في مصر منذ ثورة 25 يناير 2011، التي أدّت الى إسقاط نظام الرئيس محمد حسني مبارك وتولي المجلس العسكري حكم البلاد، وما تبعها من انتخابات أوصلت الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم وزعيمهم محمد مرسي إلى منصب الرئاسة، ثم ما تلاها من عودة العسكر إلى السلطة بــ “تفويض شعبي” بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي يجعل من الصعب تقييم المسار لمعرفة ما إذا كان البلد مستمرا في إطار الثورة، أم أن الأمور آلت إلى ثورة مضادة. ومع دخول مصر دوامة العنف المسلح، تُطرح عدة تساؤلات حول ما يخبؤه المستقبل وما تبقّـى من مبادئ الثورة التي أطلقهتا الأجيال الشابة ذات شتاء.

رغم كل هذه التطورات المتلاحقة، يرى البروفسور خالد فهمي أننا “إزاء تحول عميق وعميق جدا في مصر وفي العالم العربي. فما تشهده المنطقة، هو إعادة رسم لآليات العمل فيها ولكيفية رسم سياساتها وبناء أسس الحكم فيها وتوزيع ثرواتها. وهذه اللحظة، تساوي في أهميتها لحظة رسم خارطة المنطقة، كما شهدناها في أعقاب الحرب العالمية الأولى عام 1919 وانهيار الدولة العثمانية. نحن نتكلم عن ثورة، ليس فقط ضد إرث 30 عاما من حكم مبارك أو 60 عاما من حكم العسكر، بل إننا نثور على منظومة الدولة المصرية الحديثة، التي أسِّست في أوائل القرن التاسع عشر والتي بُنِيت على أسس غير ديمقراطية، أي أنها لم تُبنَ على أسس تعاقدية بين الحاكم والمحكوم”، على حد تعبيره. 

ونظرا لأهمية الحدث وللتعقيد الذي تتسم به التحديات التي تُواجهها المنطقة اليوم، لا يتوقع الأستاذ خالد فهمي “نهاية سريعة أو نظيفة لهذه الثورات”، بل “قد لا أشهد أنا شخصيا نتائج هذه الثورات، لأننا أمام تحوّل قد يستغرق عقودا”، أما ما يحدث هذه الأيام في مصر، فيُوجزه بالقول: “نحن اليوم أمام ثورة مضادة، كانت متوقّعة منذ البداية”، وتتحمل المسؤولية عنها برأيه – وإن بأشكال متفاوتة – “جميع الفئات التي أثّـرت وتأثرت بالتطوّرات المصرية منذ 25 يناير 2011”.

في أجوبته على أسئلة swissinfo.ch، اعتبر البروفسور ماوروس راينوفسكي، أستاذ الدراسات الشرق أوسطية والإسلامية وعميد قسم العلوم الإجتماعية في جامعة بازل الذي شارك أيضا في ندوة 17 فبراير 2014 التقييمية أن “ما حدث في مصر منذ عام 2011 في مصر من تطورات، أمر يهمنا كأكاديميين حتى ولو أننا كمؤرخين نهتم بالدرجة الأولى بالتاريخ القديم. وأكيد أن وصف ما حدث في مصر بالإنقلاب العسكري، قد أثار جدلا بعد تصريحات وزير الخارجية الألماني. فقد نظرت له أوساط واسعة في مصر على أنه أمر عدائي. ولكن عندما نتطرق للموضوع كأكاديميين ومن زاوية علمية، فيمكن القول أن مصر عرفت خلال الثلاث سنوات الماضية مرحلتين انقلابيتين: انقلاب عسكري ضد الرئيس مبارك في عام 2011، وانقلاب عسكري في عام 2013 ضد الرئيس مرسي، ولو أنه يمكن القول بأن هناك فوارق جوهرية بين العمليتين الإنقلابيتين”.

الأستاذ ماوروس راينوفسكي أضاف أن “انقلاب عام 2011 ضد مبارك، كان انقلابا داخل عائلة الجيش، نظرا لكون مبارك كان عسكريا في الأساس، ثم إن هذا الإنقلاب قُوبل بإجماع وتم تصويره على انه انقلاب قام به الجيش لحماية الدولة ومنعها من الإنهيار، ولم يرَ فيه كثيرون أنه انقلاب، بل عملية تحرير. وقد سمح للجيش باسترجاع الكثير من الصلاحيات بعد الإطاحة بمبارك. أما الإنقلاب الثاني ضد الرئيس مرسي، فكان أكثر أهمية ووضوحا ونظرت له حركة الإخوان المسلمين على أنه انقلاب على الشرعية، في حين اعتبره جانب من المجتمع المصري بمثابة تحرير من تهديدات الدولة الإسلامية”.

رئيس قسم العلوم الإجتماعية في جامعة بازل اعتبر أيضا أن “معضلة الدول الغربية، تتمثل في أنها كانت تأمل في رؤية تيار إسلامي يحكم مصر على الطريقة التركية، ولكن هذا لم يحدث. ونظرا للدور الريادي الذي تقوم به مصر في العالم العربي والمنطقة، أبدت هذه الدول الغربية ارتياحا لرؤية الجيش يستعيد السلطة لفرض الإستقرار والأمن. ولكن هذه الدول الغربية التي كثيرا ما دعت إلى انتهاج الأسلوب الديمقراطي واحترام حكم صناديق الإقتراع، وجدت نفسها في مأزق دعم هذا الإنقلاب أو على الأقل السكوت عنه. لذلك وجدت نفسها رهينة فخ الإختيار بين اتّباع الواقعية السياسية أو احترام المعايير الأخلاقية”.  

مسؤولية الجميع

في معرض تحليله للأسباب التي قادت مصر إلى الأوضاع التي أصبحت عليها اليوم، يرى الأستاذ خالد فهمي أن “مسؤولية ما يحدث، يتحمّلها الجميع، وكل فئة لها إخفاقاتها التي تعود إما إلى خطإ في الرؤى أو في اختيار الشخصيات أو بسبب مساومات وتكتلات وحسابات سياسية خاطئة، وأمام كل منها تحديات عليها مواجهتها”، على حد قوله.

بداية، هناك “الدولة العميقة”، التي يُصنّف ضمنها، حسب الأهمية، “الجيش، ثم الشرطة، فالقضاء، وأخيرا البيروقراطية العتيدة”. وبخصوص الجيش، يقول فهمي: “هو نتيجة هذه الدولة غير الديمقراطية، وهو جيش مهزوم عسكريا، بسبب كل هذا الإرث التاريخي وبسبب التوازنات في القوى الإقليمية، إذ بعد هزيمة 1967، حاول استعادة الإنتصار وحقق انتصارا كبيرا في حرب 1973، ولكن كما يُجمع أغلب المؤرِّخين، قامت القيادة السياسية الممثلة في الرئيس السادات ورئيس أركانه ووزير خارجيته أحمد إسماعيل علي، بخيانة الجيش. وهناك كثيرون ممّن يقولون أن اغتيال السادات في 1981 كان من داخل الجيش. لذلك، فإن الجيش اليوم يحاول إعادة تملك زمام الأمور، بعد تحييده وإخراجه من المعادلة السياسية… وتحييد الجيش وإخراجه من معادلة الصراع العربي – الإسرائيلي، بواسطة معاهدة السلام عام 1979، جاء عن طريق رشوته بمعونة، إما عينية أو نقدية، يقدمها دافع الضرائب الأمريكي (حوالي 66 مليار دولار على مدار الـ 35 عاما الماضية). وما دام هذا الجيش لا يُحارب، فقد أنشأ إمبراطورية اقتصادية مكّنته من أن يتحول إلى فاعل قوي في الإقتصاد المصري وأن يستقل استقلالا كبيرا عن السياسيين وعن المجتمع”، لذلك يؤكد الأستاذ خالد فهمي على أنه “لا يُمكن فهم دور الجيش في الثورة الأخيرة إلا من خلال هذه الخلفية”.

وبخصوص دور الجيش في الثورة وفي الإطاحة بالرئيس مبارك، يرى الخبير المصري أن لذلك علاقة بمحاولات نجله جمال مبارك تولي السلطة بعد والده، وهو المعروف بميولاته الليبرالية واعتماده على رجال المال والأعمال من القطاع الخاص، ويذهب الأستاذ خالد فهمي إلى أن “نزول الجيش للشارع، لم يكن من أجل الثورة، ولكن خوفا من جمال مبارك وحفاظا وغَـيْـرة على مصالحه افقتصادية المترامية، بالإضافة في نفس الوقت، لخوفه من هذه الجموع الجرارة التي نزلت إلى الشارع لأول مرة في التاريخ المصري، بوعي سياسي وبمطالب كثير منها مُوجّه ضد الجيش، وهو ما أدّى بقيادة هذا الجيش، إلى مواجهة الجمهور بعنف، سواء في الثورة الأولى أو الثانية… والإحتماء بترسانة من القوانين التي تحمي الجيش من أي ملاحقة قانونية ومحاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية، بأعداد فاقت ما تم تقديمه حتى خلال الثلاثين عاما من حُكم مبارك”، أما الحصيلة فهي من وجهة نظره “دور رِجعي للجيش وضد الثورة بفصيلها المدني وفصيلها الإسلامي”.    

ثانيا، هناك الإسلاميون (بشتى أطيافهم من إخوان مسلمين وسلفيين) الذين ارتكبوا حسب رأيه “أخطاء جوهرية وتاريخية، مثل أخطاء الجيش. فتنظيم الإخوان المسلمين، تنظيم عتيد وعريق وحافظ على وجوده طوال الثمانين عاما الماضية، رغم كل محاولات القضاء عليه، سواء في عهد عبد الناصر أو السادات أو مبارك. لكن مشكلته، تكمن في كونه كتنظيم، لم يُنتج فكرا جديدا ولم يُنتج مفكرا قويا جديدا من طراز سيد قُـطب. وهذا التنظيم، حتى ولو أنه استطاع بلورة آلة انتخابية بعد الإطاحة بمبارك، فإنه لم يُـبلوِر حلولا للمجتمع المصري ولم يكن له تفاعل مع المجتمع المصري على المستوى الإنساني، والرُّؤى التي قدّمها كانت مُبهمة وعبارة عن وعود برّاقة، مثل شعار “الإسلام هو الحل”. ومَـن صوّتوا لصالح التيار، إنما فعلوا ذلك رغبة في التخلص من النظام القديم”.

ومع أن الإخوان لم يكونوا يعتزمون في بداية الأمر تقديم مرشّح عنهم لخوض سباق الرئاسيات، إلا أن ما غيّر رأيهم حسب رأي الأستاذ خالد فهمي تمثل في “ظهور السلفيين الذين أصبحوا ينافسونهم في استمالة عناصر تنظيم الإخوان الذين كان يُغريهم الحل السلفي المدعم من قبل التمويل السعودي. يُضاف الى ذلك، حدوث انشقاق داخل صفوف الإخوان بظهور تيار عبد المنعم أبو الفتوح، ذي التوجه المتسامح والمنفتح على المرأة والأقباط والمستعد لعقد تحالفات مع المجتمع المصري بفصائله المختلفة، بما في ذلك العلمانيين والليبراليين، والمُواجه لاستبداد الدولة العميقة، وهو ما دفع إلى بروز تيار إخواني متشدّد يمثله خيْرت الشاطر ومصطفى بديع”.  

ثالثا، الفصائل التي يُمكن تصنيفها في خانة “قوى الثورة” من شباب او ليبيراليين ومثقفين. هنا يرى الخبير المصري أن هذه الفئة ايضا “ارتكبت أخطاء هيكلية، نتيجة لغياب السياسة لمدة ستين عاما”، ويشرح قائلا: “هؤلاء الشباب الذين قادوا الثورة، هم من خارج التنظيمات التقليدية من أحزاب ونقابات وينتمون إلى جيل الفيسبوك ويقدمون من حركة حقوق الإنسان المستقلة عن الأحزاب وعن الدولة، ولديهم هم أفكار خلاقة ورغبة في إعادة بناء الدولة على أسس صحيحة، ولكنهم لا يملكون تنظيما محكما، إذ بعد تفجيرهم لهذه الثورة، وجدوا أنفسهم في وضعية تختلف عن وضع ثورات أوروبا الشرقية، التي كانت أسهل بكثير، نظرا لأن الثورة في مصر، طُرح معها موضوع التساؤل بخصوص الهوية والإسلام السياسي، بالإضافة الى الصراع مع العسكر والشرطة والقضاء. لذلك، وجدت القوى الثورية نفسها بين شقيْ الرّحى: قمع الدولة القديمة من جهة، واستبداد الإخوان المسلمين من جهة أخرى، بعد أن وصلوا إلى الحكم”.

في معرض التقييم للموقف الغربي من التطورات الجارية في مصر، يقول البروفسور خالد فهمي، رئيس قسم التاريخ  بالجامعة الأمريكية في القاهرة: “الغرب يُلام على عدم إدراكه لعمق المشاكل في مصر ولتصوره لنمط من أنماط التحول الديمقراطي المُبسّط، سواء كان نمط جنوب إفريقيا أو شرق أوروبا أو أمريكا اللاتينية. وألوم الغرب في استعجاله للحلول وعدم تصدّيه بشكل قوي للإنتهاكات الخطيرة للمبادئ التي يُفترض أنه متمسك بها، والتي يرتكبها الجيش والشرطة في مصر. وفي النهاية، هذه مشاكلنا أكثر مما هي مشاكل الغرب”.

“استمرار الثورة”.. هو الحل!

بعد هذا التحليل المستفيض لما حصل في السنوات الثلاث الماضية، تُطرح اليوم أسئلة متعددة حول الوضع الحالي، فهل لا زالت مصر في مرحلة الثورة، أم أنها تعيش ثورة مضادة يقودها العسكر وتستند إلى جزء من المجتمع المدني؟ وهل تناسى الغرب في مواقفه المتعلقة بالحُكم على إطاحة العسكر بأول رئيس مدني مُـنتخب في مصر قدسية الخيار الديمقراطي (الذي كثيرا ما طالب به) المتأتي عبر صناديق الإقتراع، ثم ما الذي تبقى اليوم من مبادئ ثورة 25 يناير؟

تساؤلات لم يتردّد الخبير المصري الأستاذ خالد فهمي في التطرق إليها أولا بأول، مشيرا إلى أن “الأمور قد تبدو من الإنطباع الأول، وكأننا عدنا الى نقطة الصفر، ولكن مع ذلك، يمكن القول بأن هناك إنجازات كبرى قد تحقّـقت فعلا ولا تراجع عنها”، لعل أولها الهزيمة التي مُني بها الإخوان المسلمون، حيث يشير فهمي إلى أن “الإخوان المسلمين كتنظيم، أصيبوا بهزيمة عميقة، ليس فقط بسبب الضربات الأمنية، بل لما هو أخطر وأعمق، أي تحول المصريين ضدّهم، وهذا تحول تاريخي”، على حد قوله. أما “الأمر الثاني والحاسم، فهو انتهاء فترة هيمنة مؤسسة الرئاسة، حتى في حالة قدوم السيسي أو غيره كرئيس، وهذا نتيجة لظهور فاعلين سياسيين في الساحة، لا يمكن تجاهلهم”.

العامل الثالث والمهم حسب تقدير خالد فهمي، هو “تسييس ملايين من المصريين وخروجهم إلى الشارع. وهناك فئة مهمة سُيِّـست لأول مرة في مقتبل سِن العشرين، وهؤلاء أمامهم مستقبل طويل كشباب ثوري خرج للشارع للمطالبة بمطالب ثورة 25 يناير، وهذا تحوّل نوعي في قيم المجتمع الذي كان يعرف خلال العقود الماضية تسييس الشباب فقط عبْـر التوجهات الدينية أو الجهادية. وهذا التوجه الجديد لدى الشباب، هو في مرحلة البلورة، في الوقت الذي بدأ فيه التوجّه الإسلامي والجهادي في التراجع والإنزواء”، حسب رأيه.

هذا لا يعني بالضرورة أن تراجع نفوذ التيارات الإسلامية في مصر سيتم بدون عنف، ولعل التطورات الأخيرة التي بدأت تستهدف السياح الأجانب، بعد أن كانت مقتصرة على قوات الأمن والجيش، توفر دليلا على ذلك، وهو ما يؤكده الخبير المصري خالد فهمي لكنه يُقلل من تأثيره المرتقب على كِـيان الدولة المصرية، ويقول: “لا أعتقد أن هذا العنف قد يهدد وجود الدولة، ولو أنه سيستمر بشكل يُضر بالأمن ويخلق قلاقل بالنسبة للعملية السياسية. ولن يعود هذا العنف إلى مستوى استهداف السياح الذي عرفته فترة التسعينات، نظرا لأن الدعم الشعبي لهذه الحركات انتهى، وبالتالي، لن تستطيع تحويل الرأي الشعبي ضد الدولة”.  

مع ذلك، يذهب الخبير والأكاديمي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة إلى أن الحل بالنسبة لمصر يتمثل في استمرارية الثورة، ويقول: “نحن نفتقر للحل ونفتقر للشخصية القادرة على تقديم هذا الحل، لذلك علينا الإستمرار في الثورة والتأكيد على المطالب الأساسية المتمثلة في تفكيك الدولة المصرية وإعادة بنائها على أسس سليمة وبدون حرق للمراحل، مع التأكيد على قدسية الدولة وعلى مصرية كل المصريين وعلى عدم جواز استبعاد أي فئة، حتى وإن كنتُ أختلف مع الإخوان جملة وتفصيلا، إلا ان هؤلاء إخواني في الوطن ولا يجوز إقصاؤهم”.

وينتهي الأستاذ خالد فهمي إلى  خاتمة “حتى ولو أن ما حدث في تونس شيء ملهم، إلا ان الوضع المصري والمكونات المصرية، تختلف بشكل كبير عن واقع تونس”.   

كانت السيدة كلوديا مارتي، المسؤولة عن برنامج شمال إفريقيا بقسم الأمن الانساني بوزارة الخارجية السويسرية من بين المشاركين في ندوة بازل، وتركزت مساهمتها على التذكير بأن “الحكومة السويسرية قررت عند بداية الإنتفاضات العربية في مارس 2011، الشروع في تطبيق برنامج في بلدان شمال إفريقيا، يهدف للإهتمام بثلاثة ميادين: الإنتقال الديمقراطي ودعم احترام حقوق الإنسان، ودعم الإقتصاد وخلق فرص الشغل، والهجرة وحماية الفئات السكانية الأكثر عرضة للضرر”.

وبالفعل، تم إطلاق عدد من المشاريع في القطاعات الثلاث في مصر حيث “اهتمت سويسرا فيما يتعلق بالميدان الأول (الإنتقال الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان)، بالدرجة الأولى، بالتحسيس في مجال الوقاية من التعذيب وتعزيز الحوار. ولا تتدخل سويسرا في الشؤون الداخلية لمصر، بل تكتفي بتقديم الدعم في القطاعات التي تتطلب ذلك، وهي تعمل بنوع من الضغط على جلب انتباه السلطات المصرية لارتفاع حالات الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان أو عندما يتم استخدام القوة بشكل مفرط ضد المدنيين”، مثلما ورد في إجابات السيدة مارتي عن أسئلة swissinfo.ch.

المسؤولة في الخارجية السويسرية أكدت أيضا أن برن تُراجع دوريا تلك المشاريع مع مواصلة تطبيقها ومتابعة التطورات في مصر، كما تواصل التعاون مع السلطات في القاهرة “من أجل إعادة سريعة للأموال المهربة” للرئيس المخلوع حسني مبارك والمقربين منه.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية