المجموعة الدولية مدعُـوّة للتخفيف من أعباء الدول المجاورة لسوريا
أعرب المفوض السامي لشؤون اللاجئين عن بعض التفاؤل بخصوص تخفيف العبء على بلدان الجوار المحتضنة لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين إثر تعهد 17 دولة باستقبال حصص منهم. من جهته، أكد منسّق برنامج الغذاء العالمي في سوريا ودول الجوار أن الوضع الإنساني يسير من "سيء الى أسوأ".
في الأثناء، تمخض الإجتماع الذي عقدته اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في جنيف يومي 30 سبتمبر وأول أكتوبر 2013، عن إصدار الدول المشاركة فيه (حضر بعضها على مستوى الوزراء)، لتعهد يدعو لـ “الإسهام في التخفيف من الأعباء التي تتحملها دول الجوار” بسبب توافد أكثر من مليوني لاجئ سوري على اراضيها.
المجموعة الدولية أشادت في نفس البيان بـ “التضامن المثالي وحُسن الضيافة” من طرف دول الجوار لدى استقبالها لهؤلاء اللاجئين، واعترفت أيضا بـ “مدى تأثير العبء الذي تتحمله المجتمعات المستقبلة لهؤلاء اللاجئين سواء على المستوى الإقتصادي والإجتماعي أو على مستوى الخدمات والبنية التحتية والبيئة والأمن”. وهي مسائل شدد عليها وزراء الدول المعنية كالأردن ولبنان والعراق أثناء النقاش الذي حضره ممثلون عن 135 دولة.
الإجتماع توجّه أيضا للمجموعة الدولية التي “تتحمل بدورها مسؤولية الإستجابة للوضع الإنساني المترتب عن الأزمة السورية” ليُذكرها بأن ذلك “ليس من مسؤولية دول الجوار وحدها”. كما دعا بقية الدول الأخرى إلى الإيفاء بتعهداتها المالية لتمويل المجهود الانساني، وحث على “ضرورة تخفيف إجراءات الدخول والإقامة لمن ينزح لأسباب إنسانية، وتسهيل إجراءات لمّ الشمل العائلي بالنسبة لمن هو مقيم في دول غير دول الإستقبال المجاورة لسوريا”.
المزيد
ظروف قاسية في الصحراء الأردنية
استجابة 17 دولة
في الندوة الصحفية التي عقدها بعد نهاية الإجتماع، أوضح المفوض السامي لشؤون للاجئين السيد انطونيو غوتيريس أن “هناك 17 دولة أخرى قبلت استقبال حصص من اللاجئين السوريين، إما في إطار لمّ الشمل العائلي، أو بتقديم رخص إقامة إنسانية”.
غوتيريس أوضح أن هذه الدول “تشمل دولا تقليدية معروفة باستقبال اللاجئين في أوروبا وأمريكا اللاتينية، وأخرى جديدة مثل المكسيك”، هذا بالإضافة إلى ألمانيا والسويد اللتان أعلنتا من قبل عن استعدادهما لقبول لاجئين من سوريا. وسبق لسويسرا أن أعلنت قبل أسابيع عن قبولها لاستقبال حوالي 500 لاجئ سوري إضافي في إطار لم الشمل العائلي.
وبحسب ما هو معروف لحد اليوم، ولما أعلنت عنه الدول المتعهدة بقبول الحصص، فقد يصل عدد اللاجئين السوريين الذين سيحظون بالإستقبال في بلدان أخرى غير مُجاورة إلى حدود 17000 شخص، وهو رقم يرى فيه مراقبون أنه “دون مستوى الأزمة التي تعاني منها دول الجوار”.
مع ذلك، يتمسك المُفوض السامي لشؤون اللاجئين بالتفاؤل، ويذهب إلى أن “ريح السلام بدأت تهب على سوريا”، مُنوها إلى أن “وضع العلاقات الدولية اليوم غير ما كان عليه قبل أشهر”. في هذا السياق، يعدد غوتيريس أن “خطوة صغيرة تم اتخاذها في مجال الأسلحة الكيماوية، وهناك خطوة صغيرة قد تم تحقيقها لبناء الثقة وتمهيد الطريق في اتجاه عقد اجتماع جنيف 2 (المبرمج لمنتصف شهر نوفمبر القادم)، كما أن المفاوضات الجارية اليوم في مجلس الأمن قد تُسفر عن خطوة صغيرة في مجال تسهيل وصول المساعدات الإنسانية”. وهي تطورات تشكل مجتمعة “عدة قطع لفسيفساء واحدة”، على حد قوله.
حسب إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، خلّف الصراع الذي بدأ في سوريا في شهر مارس 2011:
4.25 مليون نازح داخل الأراضي السورية.
2.124 مليون لاجئ مسجل أو بصدد التسجيل في دول الجوار المباشر (الأردن ولبنان وتركيا ومصر والعراق).
تشير آخر الإحصائيات إلى أن عدد ضحايا الصراع تجاوز 115 ألف قتيل (في موفى سبتمبر 2013).
تشكو مفوضية اللاجئين من أن النداء الإقليمي لعام 2013 لم يجد استجابة من طرف المُمولين إلا في حدود 47%..
في يونيو 2013، أصدرت منظمة الأمم المتحدة نداء بحوالي 5.2 مليار لفائدة ضحايا الصراع السوري، مقدرة بأن عدد السوريين الذين سيحتاجون للمساعدة في غضون العام الجاري قد يصل إلى عشرة ملايين شخص.
بعد الإجتماع الذي عقد في الكويت في يناير 2013 وصدرت خلاله وعود من الدول الممولة في حدود 1.5 مليار دولار، نقلت وكالة الأنباء الكويتية أن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة السيد بان كي مون أعرب عن الأمل في عودة الإمارة الخليجية إلى” تنظيم اجتماع ثان” للممولين من أجل دعم العمل الإنساني في سوريا.
من سيء الى أسوأ
في معرض توصيفه للأوضاع الإنسانية في سوريا ودول الجوار، اعتبر مهند هادي، منسق برنامج الغذاء العالمي في سوريا ودول الجوار أنها “تسير من سيء إلى أسوأ في غياب حل سياسي لهذه الأزمة”.
ومن المؤكد أن صورة هذه المأساة تتضح أكثر عندما يُقرّ مسؤول أممي بأن “ثلث السكان السوريين هم اليوم في حاجة إلى مساعدة إنسانية سواء في داخل سوريا أو في دول الجوار”.
في هذا السياق، يحتاج برنامج الغذاء العالمي لوحده يوميا إلى حوالي 30 مليون دولار لتقديم مساعدات غذائية لأكثر من 3 ملايين نازح داخل سوريا، بالإضافة إلى أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ متوزعين على دول الجوار.
الوصول إلى الضحايا لا زال تحديا
رغم مرور ثلاث سنوات على بداية الصراع في سوريا، لا زالت المنظمات الإنسانية على اختلاف أصنافها واهتماماتها تعاني من عدم القدرة على الوصول إلى الضحايا، حيث أشار ممثل برنامج الغذاء العالمي إلى وجود “مناطق لم نتمكن من الوصول إليها على الرغم من كونها لا تبعد كثيرا عن أماكن تواجدنا”، ملفتا إلى وجود منطقة (قرب درعا) لم تتمكن أيّ منظمة إنسانية من الوصول إليها منذ بداية الأزمة وحتى اليوم.
الأسباب التي أدت إلى هذه الوضعية ليست أمنية فحسب، بل تُعزى أيضا إلى جهل أو تجاهل لقواعد احترام العمل الإنساني من قبل مختلف الأطراف. يُضاف الى ذلك الجدل الدائر داخل مجلس الأمن الدولي بخصوص مشروع قرار يسمح بوصول المساعدات الإنسانية وما طرأ من تعقيد على النقاش إثر لجوء روسيا والصين إلى استخدام الفيتو ثلاث مرات ضد قرارات تهدف لاتخاذ إجراءات صارمة ضد سوريا.
في الأثناء، يبدو من سير المفاوضات الجارية في نيويورك، وبعد الإنفراج الذي طرأ على ملف الأسلحة الكيماوية إثر التهديد الأمريكي بتوجيه ضربة إلى سوريا، أن مشروع القرار الرامي لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية قد يجد تجاوبا هذه المرة، خصوصا وأن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة في نيويورك عبّر عن قبول موسكو لمشروع القرار.
يبقى الآن معرفة ما إذا كان مشروع القرار سيبقى على صيغته الأصلية التي تقدم بها رئيس المجلس (مندوب أستراليا) التي تنص على “السماح بتقديم المساعدات حتى عبر الحدود مع دول الجوار”، وهي الصيغة التي رفضتها سوريا إلى حد اليوم بهدف إخضاع أي مساعدات خارجية للمرور إما عبر مطار دمشق أو ميناء اللاذقية، مما يتسبب في مضايقات شتى وتكاليف باهظة من أجل إيصالها تاليا إلى المناطق القريبة من الحدود مع تركيا والأردن ولبنان، حيث تتركز أكبر الأعداد من النازحين السوريين.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.