سويسرا تتجند للإسهام في مكافحة الجوع في العالم
تعتزم سويسرا الإستمرار في حشد طاقاتها من أجل "تحسين الأمن الزراعي في العالم"، وهو الشعار الذي اختير للمؤتمر السنوي للوكالة السويسرية للتنمية والتعاون الذي انعقد يوم الجمعة 20 أوت 2010 في مدينة بازل شمال سويسرا.
ولدى حديثها عن الكفاح ضد المجاعة في العالم وعن ضرورة تعزيز الإنتاج الزراعي من أجل إطعام ما بين 9 الى 10 مليار نسمة سيشكلون سكان المعمورة في حدود عام 2050، وصفت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي- ري ذلك “بالعمل الجبار”.
ولدى مخاطبتها لوسائل الإعلام قبل افتتاح المؤتمر السنوي للوكالة السويسرية للتنمية والتعاون المنعقد في مدينة بازل بمشاركة 2100 شخص، الذي عقد تحت شعار “سبل الوصول الى نظام غذائي عالمي مستدام”، قالت الوزيرة “بأن الجوع لم يتراجع في العالم بل العكس هو الصحيح”.
وبالفعل، هناك أسباب متعددة تجعل أكثر من مليار نسمة من سكان العالم يعانون اليوم من سوء التغذية، من بينها “التغيرات المناخية، والصراعات المسلحة، وفقدان المساحات الزراعية والمضاربة في أسعار المواد الأولية”، مثلما عددت الوزيرة السويسرية.
إلى جانب فرنسا وفنلندا
وإذا كانت الوزيرة قد أقرت بـ “أننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق الأمن الغذائي”، فإنها أوضحت في الوقت نفسه بأن “سويسرا تعد من بين الدول التي تنفق الكثير في هذا الميدان الى جانب فرنسا وفنلندا”.
ومثلما ذكر مارتين داهيندن، مدير الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون فإن سويسرا “تعتبر من بين الدول القلائل التي لم تخفض في السنوات الأخيرة من حجم الدعم المقدم للقطاع الزراعي في الدول النامية”، حيث تساهم في هذا المجال بحوالي 200 مليون فرنك سنويا.
ويمثل هذا المبلغ، كما أوضح السيد داهيندن، “1% من مجموع مساعدات التنمية الزراعية في بلدان الجنوب، لذلك لا يمكن أن تظهر جدواه إلا في إطار تدخل متعدد الأطراف”.
ويبلغ مجموع ما تقدمه سويسرا كمساعدات تنموية، مثلما أوضح دانيال غيربر، مدير كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية “ما بين 1،2 و 1،3 مليار فرنك سويسري”، وفيما تتكفل كتابة الدولة للاقتصاد بتسديد ربع هذا المبلغ، تتولى الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون دفع البقية.
بطاطس مقاومة للأمراض
وكما أوضح، كاتب الدولة السويسري للشؤون الإقتصادية، “تنشط سويسرا على عدة أصعدة، إذ لا يتعلق الأمر فقط بزيادة حجم الإنتاج بعصرنة وسائل الإنتاج والبنية التحتية، بل أيضا بخلق قيمة مضافة عن طريق دعم التجارة، والسماح بالوصول الى القروض وتحسين وسائل تخزين المحاصيل حتى باللجوء الى وسائل التخزين لدى الخواص”.
وتعتبر سويسرا أنها استطاعت مساعدة مئات الآلاف من صغار المزارعين في العالم. ومن الأمثلة التي يمكن إيرادها في هذا الصدد “التمكن من تطوير نوع من البطاطس أكثر مقاومة للأمراض في منغوليا. وهو ما سمح بزيادة حجم المحاصيل بحوالي 30%”، لكن “هذه العائلات أصبحت اليوم مهددة من جديد” وذلك “بسبب نقص المياه الصالحة للشرب، والتغيرات المناخية، التي أصبحت تهدد أوضاعهم من جديد”، كما أوضح السيد داهيندن.
تناقضات جزئية
وقد التزمت سويسرا، وفقا لمخططات العمل الدولية، بدعم قطاع زراعي متعدد الوظائف ونظام غذائي دولي مستدام. وفي هذا السياق، يرى السيد جون دانيال غيربر أن الاختيار الطوعي لمعايير الزراعة المستدامة ينمي فرص المنتجين في الحصول على أسواق لبيع منتجاتهم.
في المقابل، يعترف كاتب الدولة للشؤون الإقتصادية بأن “هناك تناقضا جزئيا على كل. فالدعم المقدم لفلاحي الدول النامية يتعارض مع كون سويسرا تعتبر من الدول الأكثر فرضا لإجراءات وقائية في العالم في الميدان الزراعي”، مضيفا “سنضطر لتقديم بعض التنازلات في الميدان الفلاحي”.
ولكن سويسرا تعد أيضا من أكبر المصدرين للمنتجات الزراعية. يضاف الى ذلك أنها بطل العالم في استهلاك المنتجات التي تسوق عبر مسالك التجارة العادلة إذ تستهلك ما يعادل 35 فرنك لكل مواطن. مع ذلك، لا تمثل التجارة العادلة في الميدان الزراعي سوى أقل من 0،1% من المبادلات التجارية الزراعية الحقيقية في العالم. ومن هذا المنطلق “لا يمكن أن تُعتمد كمعيار”، مثلما نشرت ذلك كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية في أحد مقالات مجلتها الدورية “الحياة الاقتصادية”.
بادرة أمل
ومن بوادر الأمل التي ظهرت في هذا المؤتمر، ما أورده أوسايني ساليفو مدير قسم الزراعة والبيئة والموارد المائية في اتحاد دول غرب إفريقيا عندما أوضح في مداخلته بأن “12 بلدا من بين الدول الأعضاء الخمسة عشر في الإتحاد اعتمدوا مخططات عمل مفصلة في هذا المجال”.
يتمثل والهدف من اعتماد “هذا الإطار الموحد بالنسبة لكل المبادرات في القطاع الزراعي” في التقليل من التبعية للأسواق العالمية. وقال الخبير القادم من النيجر “إن القطاع الزراعي يشغل 65% من القوى العاملة ولكن الفقر يمسّ 30 % من مجموع السكان”.
وقد شدد السيد أوساني ساليفو على ضرورة “التشبث بالأمل لأن حوالي 10 % فقط من الأراضي المروية هي اليوم صالحة للزراعة. ولا تزال أمامنا فرص كبرى غير مُستغلة”.
وبالمناسبة، وجه السيد أوساني ساليفو نداءا إلى سويسرا لكي تدعم هذه المبادرة والتوقيع على معاهدة تمويل السياسة الفلاحية لدول غرب افريقيا التي تم اعتمادها في شهر نوفمبر 2009.
آريان جيغون – swissinfo.ch – بازل
(نقله من الفرنسية وعالجه: محمد شريف)
خصصت الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في العام الماضي 221 مليون فرنك لقطاع الأمن الغذائي.
108 مليون فرنك للإجراءات الثنائية ( مشاريع الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، دعم منظمات المساعدة).
55 مليون فرنك لدعم منظمات التنمية المتعددة الأطراف.
45 مليون فرنك لفائدة برنامج الغذاء العالمي.
13 مليون فرنك للأبحاث العالمية المتعددة الأطراف في مجال الزراعة.
يعاني أكثر من مليار نسمة من المجاعة في العالم، أي واحد من ستة .
80% من الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية هم من صغار الفلاحين، والعمال في الأرياف، ومربي الماشية والصيادين. 20% يقطنون المدن.
من أولى أهداف الألفية، التخفيض للنصف من عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية في العالم مع حلول العام 2015. ولكن هذا الهدف قد لا يمكن تحقيقه في كل بقاع العالم.
ومع ذلك تعرضت المساعدات المقدمة للقطاع الزراعي لتراجع مفاجئ في مجموع الدعم المقدم لغرض التنمية بحيث انتقلت من 17% في عام 1983 الى 3% في عام 2007 أي بتراجع يقدر بأربعة مليار دولار أمريكي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.