مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“سويسرا نموذج حـيّ للتعايش والتنوع الثقافي واللغوي”

مدينة مونترو السياحية السويسرية ستستضيف القمة 13 لمنظمة الفرانكفونية ما بين 22 و 24 أكتوبر 2010 Keystone

أزيح الستار يوم 27 مايو عن جانب هام من فعاليات القمة الثالثة عشرة للفرنكفونية التي ستعقد في مدينة مونترو غرب سويسرا من 22 إلى 24 أكتوبر القادم. جاء ذلك في سياق ندوة صحفية عقدتها وزيرة الخارجية ميشلين كالمي ري للغرض رفقة ممثلين عن السلطات المحلية في كانتون فو ومدينتي مونترو ولوزان.

ومن المنتظر أن تعرف القمة التي تلتئم للمرة الأولى في سويسرا مشاركة حوالي 70 رئيس دولة، وقرابة 3000 مندوب، وأكثر من 600 صحفي، وهذا ما دفع المسؤولين إلى التأكيد على أن “الحدث سيكون في مستوى القمة”.

وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي ري ذكرت بالظروف التي استلمت فيها سويسرا مهمة استضافة القمة بعد أن حالت الأوضاع السياسية في مدغشقر في العام الماضي دون تنظيمها هناك. وقالت: “لقد استلمت سويسرا مهمة تنظيم القمة بدون استعداد مُسبق… وكانت التحضيرات بمثابة سباق مع الزمن”.

وبعد أن نوهت بمتانة العلاقات القائمة بين الكنفدرالية والسلطات المحلية في كانتون فو وبلديتي مونترو ولوزان، أعربت الوزيرة عن اقتناعها بأن القمة ستكون “ممتازة “، على حد تعبيرها.

كل شئ على أحسن ما يُرام!

في السياق نفسه، يبدو أن مشكلة التمويل قد تم تجاوزها رغم قرار البرلمان الفدرالي بتخفيض الميزانية المرصودة للقمة من 35 مليون إلى 30 مليون فرنك، ولكن يبدو أن الأمور تم التحكم فيها بفضل إجراءات تقشفية والتوجه للبحث عن مصادر تمويل جديدة سواء كانت عمومية أو خاصة.

أما فيما يتعلق بالإجراء الأمنية فيبدو أنها هي الأخرى تحت السيطرة نظرا لمشاركة الجيش وقوات الشرطة في السهر على ضمان أمن المشاركين في القمة. وفيما تجنب باسكال بروليس، رئيس حكومة كانتون فو ووزيرة الخارجية تقديم التفاصيل عن نوعية التهديدات المفترضة أو الإجراءات الأمنية التي سيتم اتخاذها، فضل السيد بروليس تركيز كلامه على إشعاع سيسمح لسويسرا بـ “الخروج شامخة من هذه القمة”، على حد قوله.

مع ذلك، يعترف الجميع بأن الطبيعة التقنية المعقدة للحدث أمر واقع، وأن العديد من الأسئلة ما زالت تنتظر أجوبة، وهناك شبه إجماع على اختصار أهداف القمة الثالثة عشرة للفرانكفونية في “تحقيق التعايش” سواء في اتجاه المشاركين فيها أو في اتجاه الجمهور السويسري. إذ سيتم إقامة قرية للفرنكفونية في وسط مدينة مونترو وتنظيم العديد من التظاهرات الثقافية قبيل وأثناء فترة انعقاد المؤتمر بمشاركة المهرجانات المحلية والمكتبات والمدارس والجامعات.

جدول أعمال القمة

جرت العادة أن يختار البلد المضيف، موضوعا أو محورا يكون شعارا للقمة. وقد وقع اختيار سويسرا على شعار “تحديات ورؤى مستقبلية بالنسبة للفرنكفونية”، الذي يشتمل بدوره على ثلاثة مواضيع فرعية وهي: “الإدارة العالمية والديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان”، و”التنمية المستدامة والأمن الغذائي والتغيرات المناخية”، و”اللغة الفرنسية والتعددية الثقافية والتجديد”.

وزيرة الخارجية ذكرت أنها تود اعتماد منهج “تفاعلي” بين المشاركين في القمة، وقالت: “نرغب في تشجيع ضيوفنا على التخلي عن الخطب المُعدة سلفا والتي تمنع أي تواصل وأية توضيحات عملية”. في المقابل، يثير الشعار الذي اختارته سويسرا والذي يشمل معظم التحديات القائمة بوجه الحركة الفرنكفونية، المخاوف من أن يؤدي توسيع رقعة النقاش إلى انتهاء أشغال القمة دون التوصل فعلا إلى تحقيق نتائج عملية.

وزيرة الخارجية السويسرية أشارت في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch إلى أنه “ليست هناك مواضيع متعددة”، مذكرة بأن اختيار المواضيع لم يكن بمبادرة من البلد المضيف وحده. فمسألة الإدارة الحكيمة للعالم كانت “بطلب ملح من المنظمة العالمية للفرانكفونية” مثلا.

وأضافت كالمي ري “إن حياة منظمة دولية مرتبطة بالصورة المعطاة عنها وبالنفوذ الذي يوجد لديها، إذ لا يتعلق الأمر فقط بعقد قمة جميلة في مكان رائع، بل إن من بين طموحات منظمة الفرانكفونية التوصل إلى إقرار دولة القانون والديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والتنمية في هذا المجال الجغرافي”.

ونوهت السيدة كالمي ري إلى أن إدراج ملف الأمن الغذائي “لم يكن بمحض الصدفة، بل يدخل في إطار الإعداد للقمة القادمة التي ستلتئم في كينشاسا بجمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2012”. ونظرا لأن سويسرا ستترأس منظمة الفرانكفونية لسنتين، وأن الكونغو هي التي ستستضيف القمة القادمة، فقد أدرج هذا الموضوع “بطلب من هذا البلد الذي يعتبر من أفقر بلدان العالم”، مثلما تؤكد الوزيرة.

أما فيما يتعلق باللغة الفرنسية، فهي مسألة لا يمكن تجنب الخوض فيها في قمة من هذا القبيل خصوصا وأن لغة موليير تشهد “تراجعا على الساحة الدولية” في المرحلة الحالية. ومهما يكن من أمر، فإن البرنامج المطروح على المشاركين في قمة مونترو متشعب وواسع ستتم مناقشته في ثلاث جلسات عامة ينتظر أن تسفر عن صدور إعلان ختامي سيحمل عنوان “بيان مونترو”.

مشاركة الرومانديين.. أم سويسرا بأكملها؟

في بعض الأحيان، يغفل البعض عن واقع أن مشاركة سويسرا في منظمة الفرانكفونية ليست مسألة خاصة بالأنحاء السويسرية الناطقة بالفرنسية بل تشمل المناطق المتحدثة بالألمانية والإيطالية.

ولدى سؤالها عن كيفية حشد اهتمام سكان المناطق اللغوية الأخرى والناطقة بالألمانية خصوصا لهذا الحدث الدولي، تجيب وزيرة الخارجية مبتسمة “أعتقد بأن أحسن تعبئة ستتم من خلال رئيسة الكنفدرالية، المنحدرة هذا العام ، لحسن الحظ، من مناطق ناطقة بالألمانية”، وأضافت أنها “هي التي ستستقبل رؤساء الدول والحكومات هنا في مونترو، وهذا سيعمل على جلب اهتمام وسائل الإعلام لهذا الحدث”.

كما أشارت كالمي ري إلى أن “النقاش الذي شهده البرلمان (الفدرالي) بخصوص تنظيم القمة في مونترو، كان بمثابة تمرين جيد بخصوص الوعي بموضوع الفرانكفونية الذي أصبحت تتميز به مناطق سويسرا الناطقة بالألمانية”.

وفيما يُشبه الخلاصة، قالت وزيرة الخارجية السويسرية “إنه في وقت من الأوقات، قد يتوصل السويسريون الناطقون بالألمانية إلى الإقتناع بضرورة الإظهار لضيوف القمة بأن سويسرا ليست فقط ناطقة بالفرنسية، وأن الرسالة المهمة التي يجب توجيهها تكمن في أننا عبارة عن نموذج حي للتعايش والتنوع الثقافي واللغوي”.

بيرنار ليشو- مونترو – swissinfo.ch

(نقله إلى العربية وعالجه: محمد شريف)

تضم المنظمة 70 عضوا متكونين من دول وحكومات (منهم 14 عضوا بصفة ملاحظ) ويتوزعون على القارات الخمس.

نشأت الفرنكوفونية الدولية (بين الحكومات) في 20 مارس سنة 1970 في مدينة نيامي (عاصمة دولة النيجر) بإحداث وكالة التعاون الثقافي والفني. وإثر اعتمادها لميثاق فرانكوفونية جديد سنة 2005 ، أصبحت تسمى المنظمة الدولية للفرانكوفونية.

يقدّرعدد الناطقين بالفرنسية في جميع أنحاء العالم بـ 200 مليون منهم 72 مليون ينطقونها بصفة جزئية.

في عام 2008 بلغ عدد السكان في السبعين دولة وحكومة 870 مليون شخص أي 13% من إجمالي عدد السكان في العالم.

التحقت سويسرا بالمنظمة عام 1989.

تساهم الكنفدرالية سنويا بـستة ملايين فرنك لتمويل النشاطات الفرنكوفونية لتحتل بذلك المرتبة الرابعة على لائحة الدول المانحة بعد فرنسا وبلجيكا ومقاطعة الكيبيك الكندية.

منذ عام 2002، يدير المنظمة أمينها العام عبدو ضيوف، الرئيس السابق للسنغال وقد خلف في المنصب المصري بطرس غالي، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة.

القمة: وهي مؤتمر ينعقد كل سنتين ويجمع قادة الدول الأعضاء التي تستخدم اللغة الفرنسية كليا أو جزئيا.

الإجتماع الوزاري: مؤتمر وزراء الخارجية أو الوزراء المكلفين بالفرانكفونية في الدول الأعضاء والذي ينعقد سنويا ويعتبر بمثابة الآلية التي تواصل الإشراف على النشاط السياسي للمنظمة ما بين قمتين.

المجلس الدائم: يترأسه الأمين العام للمنظمة ويتكون من ممثلين خاصين عن الدول يتم اعتمادهم من قبل مؤتمر القمة ويتولى المجلس مهمة متابعة تنفيذ قرارات القمم.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية