معرض السيارات انعكاس لتأثيرات الأزمة ومتطلبات حماية البيئة
تفتتح في جنيف الدورة التاسعة والسبعون للمعرض الدولي للسيارات وسط أجواء يمتزج فيها التوجس في أوساط صناعة السيارات من تأثيرات الأزمة المالية التي تهدد العديد من المصانع بإعلان الإفلاس، وتطلعات الجمهور لسيارة مقتصدة ونظيفة ومراعية لمتطلبات حماية البيئة.
ومن تتاح له فرصة زيارة معرض السيارات الدولي في جنيف الذي يتواصل هذا العام من 5 إلى 15 مارس الجاري، قد ينسى حقيقة أن العديد من الشركات العارضة فيه مهددة بالإفلاس إذا لم تنجح في الحصول على مساعدات حكومية.
ومما يساعد على إغفال التهديد الناجم عن مخاطر التأثر بالأزمة المالية، نجاح دورة هذا العام في استقطاب عارضين من حوالي 30 بلدا جلبوا معهم أكثر من 850 نوع من السيارات الممتدة من الصيغة الجديدة لسيارة فيات 500 الصغيرة التي تعود لخمسينيات القرن الماضي، حتى آخر طراز من سيارة رولس رويس التي قد تسوق في العام 2012.
ولكن إذا كانت لغة الأرقام تعيد الى الأذهان واقع صناعة السيارات التي تعاني اليوم من تراجع في المبيعات (حيث شهدت فرنسا مثلا انخفاضا في تسجيل السيارات الجديدة بحوالي 13،1 % في شهر فبراير لوحده)، فإن معرض جنيف يقدم لزواره أكثر من 120 موديل جديد في أول عرض عالمي أو أوروبي.
وفي معرض تفسير الظاهرة قال أحد المختصين لسويس انفو: “إن التباطؤ الاقتصادي لا يعني التباطؤ في الأفكار وفي الإبداع، لأن صناعة السيارات مرغمة على المضي قدما في عرض أنواع أكثر تطورا وإبداعا”.
50 نموذجا تعرض للمرة الأولى
ويتمثل جديد معرض جنيف الدولي للسيارات في عرض أكثر من 50 نموذج لأول مرة على المستوى العالمي. وهي تجمع بين أصناف تشيد بالجديد على مستوى القوة والأداء وأخرى تجعل من مراعاة حماية البيئة والتقليل من الاستهلاك أولى أولوياتها.
وفي هذا الإطار نجد شركة الفا روميو بنوعين لسيارة 159 بيريرا سبايدر والفا روميو السيارة الرياضية، وشركة رينو باربع موديلات جديدة من بينها ميغان غران تور العائلية، وسينيك غران سينيك. أما شركة مرسيدس فقدمت 12 موديلا جديدا من طراز E250 , E350 و E500.
وإذا كانت الأزمة المالية والاقتصادية قد أثرت في صانعي السيارات الشعبية أو سيارات الطبقة المتوسطة فإن شركة رولس رويس تمكنت في عام 2008 من بيع أكثر من 1212 سيارة، أي بزيادة تقدر بحوالي 20 % عن مبيعات العام السابق. وهي تعرض اليوم في جنيف آخر ابتكاراتها في نموذج رولس رويس 200EX التي ستكون جاهزة للتسويق في بداية العام 2010. وإذا كانت تعكس في ملامحها الخارجية الذوق الملكي البريطاني وفي تفاصيلها وتقنياتها جدية وجودة شركة BMW الألمانية التي استولت على الشركة منذ العام 2003، فإن سعرها جاء جامعا للإثنين وهو “لا يزيد” عن 250 الف يورو.
وفي نفس السياق يمكن ذكر نموذج مايباخ تسيبلين الفاخرة التي تعود بالذاكرة إلى حقبة ما قبل الحرب العالمية الثانية عبر نموذج يجسد القوة والعظمة والذي لن يُصنّع بأكثر من 100 وحدة لمن يقوى على دفع 406 الف يورو للسيارة الواحدة بطبيعة الحال.
مُراعاة البيئة
في الدورات السابقة، خصص معرض جنيف جناحا خارجيا تُقدم فيه نماذج تجريبية بدائية لسيارات كهربائية، لكن دورة هذا العام أفردت للسيارات المحافظة على البيئة، ومن ضمنها السيارات الكهربائية أو التي تعمل بالغاز، جناحا خاصا أطلقت عليه اسم “الجناح الأخضر”.
في الوقت نفسه، تنافست معظم الأجنحة الأخرى في الإشارة إلى حرصها على مراعاة البيئة والحفاظ عليها إما بالتقليل من الاستهلاك أو باللجوء الى المحركات الهجينة المعتمدة على البنزين والكهرباء، أو البنزين والغاز.
وفي هذا الاطار أيضا أزال معرض جنيف الستار في عرض عالمي أولي، عن نماذج نذكر منها C30 متعددة الوقود التي طورتها شركة فولفو والتي يمكن استخدامها إما بالغاز الطبيعي، اوالبيو غاز، أو البيو إيتانول،او البنزين. أو نموذج شركة هوندا “هوندا إينسايت” العائلي والمقتصد في استهلاك البنزين أو الكهرباء في ظروف استخدام عادية.
بل إن النماذج المحافظة على البيئة امتدت لتشمل السيارات الرياضية مثل نموذج شركة “سبورتيك SP550” التي تم تصميمها انطلاقا من نموذج “بورش 997 تيربو” بمحرك بقوة 550 حصان يستخدم الغاز والبنزين.
اهتمام سويسري بالمحركات الهجينة
في سياق متصل، أبدت سويسرا التي لا تتوفر على تقاليد في مجال صناعة السيارات اهتماما بتطوير نماذج مستخدمة لمحركات هجينة إما في مجال الإبتكار والتصنيع أو في مجال الإستخدام.
وفي إطار الابتكارات الجديدة، تقدم المدرسة التقنية العليا في رابرسفيل (قرب زيورخ) في أول ظهور عالمي نموذجا لسيارة كهربائية صغيرة ملائمة للإستخدام داخل المدن وتتسع لثلاثة افراد. كما تشارك شركة “بروتوسكار” من كانتون تيتشينو بنموذج “بورتوسكار لامبو” ذات قوة 268 حصان والمزودة بمحركين كهربائيين.
وعلى غرار السنوات الماضية، يساهم مجمع شركات الغاز بسويسرا في معرض جنيف الدولي لسيارات بجناح “غاز موبايل” الذي يهدف من ورائه للترويج لاستخدام نماذج السيارات الهجينة المستعملة للغاز الطبيعي. ويعرض هذا الجناح بداخله أيضا نموذج فولفو C30 في أول ظهور عالمي وهي سيارة تستخدم محركا متعدد الوقود، إضافة الى نماذج من بيجو وفولكسفاجن وأوبيل تستخدم لأول مرة محركات هجينة “بنزين – غاز”.
ويرى أوليفيي ماتيل من مجمع شركات الغاز في سويسرا أن عدد السيارات المستخدمة لمحركات هجينة تستخدم الغاز الطبيعي يفوق 7500 في الوقت الحالي، وأن الهدف يتمثل في الوصول بهذا العدد إلى 30 ألف سيارة في حدود عام 2012.
أما عن إمكانية التزود بالغاز الطبيعي من طرف أصحاب السيارا فيقول السيد أوليفي ماتيل “إن عدد المحطات المتوفرة على إمكانية شحن الغاز تفوق حاليا 110 محطة عبر التراب السويسري. يضاف الى ذلك أن الأشخاص المرتبطين بشبكة الغاز الطبيعي في منازلهم بإمكانهم الشحن مباشرة من الشبكة العادية عبر محطة ضغط متوفرة للتسويق حاليا”.
وتتوفر السوق السويسرية حاليا على حوالي 27 نموذج للسيارات العاملة بالغاز الطبيعي إضافة الى 7 سيارات نقل وحافلات صغيرة.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
ليست المفاجأة أن تعثر في معرض السيارات الدولي في جنيف على جناح يعرض سيارة إيرانية الصنع فحسب، بل أن تكون ضمن الجناح المخصص لحماية البيئة.
تشارك شركة “إيران خودرو” بجناح خاص تعرض فيه عدة موديلات لسيارة “سمند” التي تشتغل بمحرك هجين يعمل بالبنزين والغاز.
ويقول محمد زاده ناصر إن هذه السيارة “أصبحت تسوق في السوق السويسرية منذ شهر نوفمبر 2008” كما أن “عددا من موظفي الأمم المتحدة في جنيف يقبلون على شرائها”.
كما أشار إلى أنه يتم تسويق هذه السيارة حاليا في كل من الجزائر وسوريا والسعودية.
وطبقا لموقع شركة “إيران خودرو”، فقد بأن الشركة قامت منذ مفتتح السنة الإيرانية الجديدة (الموافق لـ 21 مارس 2008) بانتاج 534 الف سيارة ركوب أي بزيادة قدرها 43 الف سيارة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.