منظمة الصحة العالمية ترى من السابق لأوانه إصدار انذار عالمي!
رغم تسجيل 88 حالة إصابة بمرض متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، التي يتسبب فيها فيروس كورونا المستجد ووفاة 45 منهم، تؤجل منظمة الصحة العالمية، بعد اجتماع خبرائها، رفع مستوى الإنذار العالمي. في نفس الوقت، اتخذت المملكة العربية السعودية بعض الإجراءات للحد من توافد الحجاج هذا العام تجنبا لتفاقم الوضع الصحي.
تعرف منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد منطقة الخليج منذ منتصف عام 2012، ظهور إصابات بمرض فيروس كورونا الذي يتسبب عند الإنسان بمرض يتراوح في حدّته ما بين نزلة برد إلى الإصابة بالمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة، المعروفة باختصار بـ “السارس”.
لكن منظمة الصحة العالمية أدخلت تعبير “متلازمة الشرق الأوسط التنفسية” (MERS)، للتعبير عن المرض المتطور في منطقة الخليج والشرق الأوسط، والذي يتسبب فيه فيروس كورونا المستجد.
أغلب الحالات في السعودية
كانت المملكة العربية السعودية أول مَن أعلن عن حدوث إصابات بهذا المرض، والذي يتسبب فيه فيروس يصيب الإنسان والحيوان، وكان ذلك في شهر يونيو 2012. لكن المملكة سجلت لحد يوم الجمعة 19 يوليو 2013، 67 حالة إصابة مؤكدة مخبريا، ووفاة 36 منهم.
كما سجّلت دول أخرى في المنطقة إصابات بفيروس كورونا المستجد، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، وقطر والأردن، إضافة الى 3 دول أوروبية وهي فرنسا، وألمانيا والمملكة المتحدة، التى عرفت إصابات لأشخاص، إما زاروا منطقة الشرق الأوسط او كانوا على صلة بأشخاص كانوا في الشرق الأوسط.
دفعت المخاوف من انتشار فيروس كورونا بين المعتمرين والحجاج في السعودية وأعمال التوسعة الضخمة القائمة في الحرمين المكي والنبوي السلطات السعودية الى فرض قيود على الحج الى مكة المكرمة التي يزورها ملايين المسلمين من جميع انحاء العالم.
وحضت الوزارة السبت الماضي كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة على تجنب اداء مناسك العمرة والحج في اطار الاجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا الذي ادى الى وفاة 38 شخصا واصابة 65 اخرين في المملكة منذ ايلول/سبتمبر الماضي.
ووضعت شروطا تتضمن “التوصية بتأجيل مناسك العمرة والحج لكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة خصوصا”. وسرعان ما استجابت السلطات الصحية في فرنسا لهذا الامر.
وأكدت المديرية العامة للصحة الثلاثاء الماضي في رسالة عاجلة وجهتها الى الهيئات الطبية المعنية ان وزارة الصحة السعودية “اتخذت قرارا يقيد الحصول على تاشيرة بغرض الحج والعمرة”.
وأضافت أن “كبار السن (من دون تحديد العمر) والحوامل والاطفال والمصابين بأمراض مزمنة وخصوصا القلب والسكري أو الذين يعانون من مشاكل في التنفس او الكلى وضعف المناعة لا يستطيعون الحصول على تأشيرة هذ السنة”.
واشارت الى ان ابلاغها بقرار المنع تم “عبر قنوات دبلوماسية”. ومع ذلك، قال زياد ميمش وكيل وزارة الصحة للطب الوقائي لوكالة فرانس برس “لم نتخذ اي احترازات خاصة بفيروس كورونا في المطارات.
وردا على سؤال حول فحوصات طبية خاصة بمواطني دول ينتشر فيها كورونا، اجاب ميمش “لا يوجد حتى الان. نتبع اشتراطات منظمة الصحة العالمية، واذا كانت هناك اشتراطات جديدة سنستخدمها”.
كما تضمنت اشتراطات الوزارة “مجموعة من النصائح والارشادات الصحية التوعوية للمواطنين والمقيمين والمعتمرين والحجاج” واكدت “اهمية التطعيم ضد الانفلونزا” خصوصا المصابين بأمراض مزمنة.
ومعظم الإصابات بهذا الفيروس القريب من الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) قد سجلت في السعودية، وخصوصا في منطقة الاحساء. كما سجلت حالات اخرى في قطر والاردن والامارات العربية المتحدة والمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا.
وقبل عشرة اعوام، تسبب فيروس سارس الذي انطلق من الصين، بوفاة أكثر من 800 شخص واثار القلق في العالم. لكن الفيروس الجديد مختلف عن سارس خصوصا لانه يؤدي بسرعة الى اصابة المريض بالفشل الكلوي.
من جهتها، تترك اعمال التوسعة في الحرمين المكي والنبوي التي تبلغ كلفتها مليارات الدولارات اثرها الكبير ايضا على اعداد المعتمرين والحجاج. وقال سعد القرشي عضو مجلس ادارة غرفة تجارة مكة لفرانس برس “تم السماح للشركات والمؤسسات بنصف مليون معتمر من جميع انحاء العالم خلال رمضان” حيث ترتفع وتيرة المشاركة في العشر الاواخر خصوصا.
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية بتاريخ 24 يوليو 2013)
مرض مازال يحتفظ بأسراره
تشير مصادر منظمة الصحة العالمية إلى أن هذا المرض يتسبب في أعراض ضيق تنفس حاد، تصحبه حمى وسعال، وقد يظهر في بعض الحالات التهاب رئوي، وفشل كلوي ما زال الكثير غير معروف عن طرق انتقاله من الحيوان إلى البشر، وكيفية انتقاله ما بين البشر. لذلك، تشدد هذه المنظمة العالمية على ضرورة تكثيف الرقابة وتسجيل الحالات الجديدة والإشعار بها. كما ناشدت المخابر الدولية التسريع بتحليل العيِّـنات المتوفرة.
وحسب منظمة الصحة العالمية، المعروف عن انتقال المرض من خلال الحالات المسجلة أنها “وقعت في مرفق من مرافق الرعاية الصحية أو بين أفراد الأسرة المقربين”. لكن المنظمة تعترف أيضا بعدم توفر معرفة دقيقة بالآليات التي حدث بها انتقال الفيروس في جميع هذه الحالات، هل هو عن طريق التنفس (مثل السعال والعطاس) أو المخالطة (تلويث المريض للبيئة).
الوقاية في غياب العلاج
ترى منظمة الصحة العالمية، ومعها الأوساط العلمية في الدول المعنية، أنه من الصعب إصدار توصيات محددة في الوقت الحاضر لأنها مازالت تجهل الكثير عن هذا المرض وعن طريقة انتقاله.
لذلك تشدّد منظمة الصحة العالمية على أهمية الإجراءات الوقائية، التي عادة ما يُنصَح بها بالنسبة للأمراض التنفسية، مثل “تجنب المخالطة الحميمية قدر المستطاع مع أي شخص يُـبدي أعراض الإصابة بالمرض (كالسعال والعطاس)، والحفاظ على نظافة اليدين وتجنب تناول اللحوم غير المطهية أو غير المطبوخة جيّدا، والفواكه أو الخضار غير المغسولة والمشروبات المُحضّرة من مياه غير معقَّـمة.
أما بالنسبة للمريض أو مَن يشعر بأنه كذلك، فتوصي المنظمة “بتجنب مخالطة الآخرين بشكل حميم والحفاظ على نظافة الجهاز التنفسي بواسطة العطس والسعال في الكمّ او في الكوع المثني، أو وضع قناع طبي أو منديل ورقي، وإلقاء المناديل الورقية المستخدمة فورا في سلة مهملات مغلقة”.
مراقبة مستمرة ولا إنذار في الوقت الحالي
تواصل منظمة الصحة العالمية مراقبة الأوضاع بالتعاون مع الدول المعنية والمخابر الدولية. فقد عقدت جلستين للجنة الخبراء المعنية بالحالات الطارئة، الأولى في 9 يوليو والثانية في 17 يوليو 2013.
وقد أصدرت في الاجتماع الأخير، بيانا تشير فيه إلى “قرار أعضاء اللجنة بالإجماع، وعلى ضوء ما هو متوفر من معلومات وباستخدام معايير قياس الخطر، بأن شروط إصدار إنذار عالمي، غير متوفرة في الوقت الحالي”.
لكن المنظمة أصدرت جُملة من التوصيات للدول الأعضاء: مثل تعزيز المراقبة وتعزيز الوقاية من انتقال العدوى وتوفير التوصيات بالنسبة للمسافرين وتكثيف الأبحاث المخبرية، سواء بالنسبة للحالات الخاصة بالإنسان او تلك الخاصة بالحيوان، وتعزيز توثيق الحالات والتسريع بإشعار منظمة الصحة العالمية بذلك”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.