مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“مُحاربة الإرهاب في كنف القانون”.. أولوية سويسرية

وسيلة من وسائل التوعية لمحاربة الإرهاب بعد اعتداء بوسطن بالولايات المتحدة Keystone

بمناسبة احتضان جنيف للمؤتمر الثاني لمحاربة الإرهاب، شدّد وزير الخارجية السويسري، الى جانب كل من المفوضة السامية لحقوق الإنسان وعدد من المتدخلين، على ضرورة خوض هذه المعركة في احترام تام لمعايير حقوق الإنسان والقواعد القانونية.

هذا المؤتمر الذي انعقد يوم 13 يونيو 2013 شكل فرصة لاستعراض الجهود الدولية المبذولة في مجال محاربة الإرهاب، كما كان مناسبة بالنسبة لوزير الخارجية السويسري ديديي بوركهالتر لعرض الخطوط العريضة التي تتبعها سويسرا في هذا المجال.

وأوضح الوزير السويسري أن “محاربة الإرهاب تشكل إحدى التحديات العالمية التي تتطلب ردودا يجب أن يشترك الجميع في صياغتها وتطبيقها”. وحتى يمكن توحيد الجهود في هذا المجال لابد أوّلا من ضبط تعريف للإرهاب المراد محاربته. وهذا ما تفتقر له المجموعة الدولية على الرغم من وجود عدة تعريفات يتم الاعتماد عليها، كما توجد تقارير أممية تقدم عدة توصيات في هذا المجال.

نحو إطار دولي لمكافحة الإرهاب

يشكل تقرير الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة لعام 2006، الأرضية المشتركة لمحاربة الإرهاب على المستوى العالمي. وهذا ما ذكّر به وزير الخارجية السويسري أمام المؤتمرين حيث قال: “إن الاستراتيجية الدولية لمحاربة الإرهاب التي تتبعها منظمة الأمم المتحدة ترتكز على اربعة دعائم: محاربة الأسباب  التي تشجع على الإرهاب، واستخدام الوسائل غير العسكرية، ومراعاة احترام القانون وحقوق الإنسان، وتعزيز القدرات الوطنية لدى الدول لتمكينها من محاربة اهذه الظاهرة”.

اما المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة نافي بيلاي فتطرقت خلال كلمتها لشرح العوامل التي تساعد على لجوء البعض للإرهاب، والتي مردها في النهاية عدم احترام حقوق الإنسان مثل الانتهاكات المترتبة عن أزمات مزمنة، أو التمييز العرقي أو القومي او الديني، أو الإقصاء السياسي، أو التهميش الاقتصادي او الاجتماعي، أوالفشل في تحقيق إدارة حسنة لأشؤون البلاد”.

وبعد إشارتها لتوصّل مكتبها بالعديد من الشكاوى بخصوص انتهاكات ارتكبت في إطار عمليات محاربة الإرهاب، عددت البعض من تلك الإنتهاكات مشيرة إلى القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال في أماكن سرية، والاختفاء القسري، والتعذيب الوحشي، واستخدام البعض لهذه الوسائل القمعية لإسكات أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والاقليات والشعوب الأصلية.

وأضافت المفوضة السامية بان معالجة حالات الإرهاب “يجب أن تتم في إطار عدالة جنائية توفي بمعايير حقوق الإنسان”. وبعبارة مختصرة أضافت: “إن احترام معايير حقوق الإنسان هو السبيل العملي الوحيد لمحاربة الإرهاب”.

في إطار الجهود الدولية لتعزيز محاربة الإرهاب، نظمت سويسرا يوم 13 يونيو 2013 في جنيف هذا المؤتمر الثاني لتحديد الأرضية التي تصلح كمنطلق لمحاربة الإرهاب. وقد جمعت ممثلين عن أكثر من 140 دولة، وحوالي خمسين منظمة أممية ومنظمات حكومية وغير حكومية.

كانت سويسرا من بين الدول التي أطلقت في عام 2007 مبادرة إيجاد إطار دولي في مجال محاربة الإرهاب بغرض التوصل الى استراتيجية دولية في هذا المجال.

في عام 2009، نظمت سويسرا بالاشتراك مع النمسا وتركيا والنرويج ومنظمة الأمم المتحدة، أول مؤتمر دولي لتبادل خبرات الدول في مجال محاربة الإرهاب. وقد نتج عن ذلك اقرار تنظيم اجتماعات اقليمية  تمت في كل اندونيسيا، وإثيوبيا، وناميبيان وبنغلاديش. وستحتضن نيجيريا الاجتماع القادم.

في شهر أكتوبر 2013، تسهر سويسرا في تعاون مع منظمة الأمم المتحدة على إطلاق مبادرة من جنيف ترمي إلى تحديد قواعد التحقيق ومطاردة الإرهابيين تكون مطابقة لقواعد احترام القانون وحقوق الإنسان.

   

في سياق ترؤسها لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في عام 2014، تعتزم سويسرا تنظيم مؤتمر حول محاربة الإرهاب لدراسة سبل التعاون بين منظمة الأمن والتعاون في أوربا، ومنظمة الأمم المتحدة، والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.

عبرت سويسرا عن دعمها لاقتراح الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة الرامي إلى تعيين منسق أممي معني بمحاربة الإرهاب او أية آلية أخرى تقوم بعملية التنسيق في هذا المجال، لأنها ترى ان ذلك سيساعد على تعزيز التعاون الدولي وإدماج كل المكونات المعنية.

تحذير من المبالغة في عمليات التصنت

بعد تكاثر الحديث واللغط حول عمليات تنصت سرية تمارسها كبريات الدول الديمقراطية  للتجسس على مواطنيها بدعوى محاربة الإرهاب، بدأت الأصوات ترتفع للتنديد بهذه الممارسات التي تنتهك الحياة الخاصة للأفراد في داخل تلك البلدان وخارجها.

وقد كان هذا الموضوع من بين النقاط التي اشار إليها العديد من المتدخلين في هذا المؤتمر. بحيث قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة نافي بيلاي “إن هناك قلقا بخصوص  نظم المراقبة التي تقوم بها بعض الدول بدون تحديد ضوابط لحماية حق الفرد في  حياة خاصة”.

استراتيجية تقرن ما بين الليونة والقوة

في عرضه للاستراتيجية التي تنتهجها سويسرا  في مجال محاربة الإرهاب، أوضح وزير الخارجية بأنها استراتيجية تتميّز أوّلا بالليونة ويشمل ذلك “المشاركة في جهود الحد من الفقر في العالم، ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة والرفاهية للجميع”. وهو ما يجعل سويسرا تحتل المرتبة الحادية عشرة في ترتيب الدول المانحة على المستوى العالمي  في انتظار رفع مستوى مساهماتها في  مجال المساعدة على التنمية لحدود  0،5% من إجمالي الناتج المحلّي بحلول عام 2015.

ومن الإجراءات اللينة كذلك دعم جهود السلام في العالم انطلاقا من قناعة سويسرا “بأن  تحول الصراعات المسلحة الى صراعات مزمنة يشكل ارضية خصبة لتغذية الإرهاب، وان المساعدة على حل هذه النزاعات بطرق سلمية  يعزز جهود مكافحة الإرهاب”.  

اما بالنسبة للإجراءات المستخدمة للقوة، ترى سويسرا أن محاربة الإرهاب يجب أن  تكون في إطار احترام دولة القانون، واحترام القانون الانساني الدولي الذي تعتبر جنيف الراعية له. وأوضح وزير الخارجية السويسري بهذا الخصوص أن “محاربة الإرهاب يجب أن ترافقها الإجراءات الاحتياطية اللازمة لتفادي سقوط الضحايا الأبرياء. وإن استهداف الإرهابيين سواء بوسائل بشرية أو طائرات بدون طيار او بأجهزة آلية  يجب أن يتم وفقا للمعايير القانونية”.

وبما أن سويسرا من بين الساحات المالية العالمية، فإن محاربة تمويل الإرهاب كان من بين النقاط التي أولتها سويسرا عناية كبرى، حيث قال وزير الخارجية ديديي بوركهالتر أمام المؤتمرين: “إن سويسرا ترغب في أن تكون ساحتها المالية قوية، ولا شكوك تحوم حولها، وبإمكانها حماية نفسها من أي استخدام لصالح تمويل الإرهاب والعمليات الإجرامية”.

وقد عبر الوزير السويسري عن “الأمل في توصل المجموعة الدولية الى استصدار معايير تخدم محاربة الإرهاب بدون الانحراف نحو الشك الدائم في المؤسسات المالية او المنظمات غير الربحية”.  كما عبر عن دعم سويسرا لقرارات مجلس الأمن الدولي الهادفة “لتجميد حسابات الإرهابين ولمنع المنظمات الخيرية وغير الربحية  من التحول الى وسائل لتمويل الإرهاب”.

صرامة في وجه خاطفي الرهائن

وبخصوص الإرهاب المتمثل في اختطاف الرهائن  والذي عرف تطورا خطيرا في السنوات الأخيرة مصحوبا بالمطالبة بدفع فدية، ابدت سويسرا قلقها على لسان وزير الخارجية الذي اعاد التذكير “بأن سويسرا تقول بصراحة: إنها ترفض تقديم فدية للخاطفين، وتدعو كل الدول للتمسك بذلك”.

كما يرى وزير الخارجية السويسري بأن على المجموعة الدولية أن “تعمل على رفع الوعي لدى الفئات الضعيفة التي تدعم خاطفي الرهائن من أن ذلك يسير عكس حماية مصالها ولن يخرجها من الفقر والتخلف وأنه سراب ووهم”.

ويشدّد المسؤول السويسري على أهمية دور منظمات المجتمع المدني في هذا المجال، كما أنه يدعو الدول إلى الإسهام بفعالية في هذه الجهود.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية