على ظهور البغال إلى كشمير…
تميز تدخل فرق المساعدات الإنسانية السويسرية في كشمير باستعمال البغال لإيصال المساعدات للمناطق الجبلية الوعرة وبناء ملاجئ من الإسمنت بدل الخيام التقليدية.
ومن الأمثلة العملية للمساعدات السويسرية في المناطق التي ضربها زلزال 8 أكتوبر الماضي تجربة طبيب جراح من جنيف أجرى أكثر من 200 عملية في ظروف صعبة للغاية.
نشرت صحيفة “تريبون دو جنيف” (نسخة 31 اكتوبر 2005) تقريراً مطولاً عن عمل فرق المساعدة الإنسانية السويسرية في المناطق المتضررة من زلزال الشهر الماضي في كشمير، تناولت فيه الأساليب التقليدية والمبتكرة التي لجأ إليها خبراء المساعدة الإنسانية السويسريون في أوضاع الكوارث، والذين وإن كان حجم المساعدات التي يقدمونها لا يساوى نظيراتها من دول أخرى، إلا أنهم يحاولون تقديمها بشكل أكثر نجاعة وفائدة.
البغال أنجع وسيلة نقل
أمام هول الكارثة التي أصابت منطقة كشمير في الثامن من الشهر الماضي، وتعذر الوصول إلى بعض المناطق الجبلية بوسائل النقل التقليدية البرية والجوية، اختار قسم المساعدات الإنسانية السويسري استعمال البغال لنقل المساعدات الغذائية إلى القرى المعزولة التي تقع في مناطق يصل ارتفاعها إلى 3000 متر.
وتقدر الأوساط الأممية أن حوالي ثلث المتضررين لم يتلقوا بعد أية إغاثة، أي حوالي مليون شخص. ومع قرب قدوم فصل الشتاء المعروف بضراوته في المنطقة، تتعاظم المخاوف بشأن احتمال وفاة أعداد من الجرحى والمصابين نتيجة لنقص أو انعدام تلقيهم العلاج.
كحل بديل، اشترت فرق الإغاثة السويسرية 36 بغلا من منطقة “بيشاور” الباكستانية لنقل مواد الإغاثة والأدوية إلى المناطق الجبلية.
ويقول مسؤول التنسيق كارل فريدريش جلومبيتزا “لقد دفعنا ثمنا أغلى من الثمن العادي، أي حوالي 1000 دولار لكل بغل بدلا من 300 دولار”. ويعود السبب في ذلك إلى كون المنطقة القريبة من أفغانستان تستعمل البغال في عمليات تهريب الأفيون وهو ما يفسر غلاء أسعارها، خصوصا في ظل الظروف الطارئة التي تعرفها المنطقة.
“عُدة الملجأ” حل بديل للخيام
أمام تعذر الحصول في الوقت المناسب على الخيام الضرورية، والتي يقدر عددها ما بين 200 ألف و450 ألف خيمة، بدأ فريق الإغاثة الإنسانية السويسري في البحث عن بدائل.
ومن الخيارات التي اهتدى إليها وشرع في تطبيقها، تقديم لوازم البناء الضرورية لمساعدة العائلات المتضررة على بناء على الأقل غرفة واحدة من الحجر والإسمنت. وهو ما أُطلق عليه عبارة “عدة الملجأ”.
وصرح منسق فريق الإغاثة السويسري في منطقة مونسيرا إيدوين برونر “إننا ندافع عن فكرة تقديم عدة الملجأ لأننا ندرك بأن حتى الخيام الأكثر تجهيزا بأرضيتها البلاستيكية ومدفئتها، لن يكون بإمكانها مقاومة فصل الشتاء الصعب في المنطقة”.
وهذه المساعدة المتمثلة في لوازم البناء والإسمنت، تسمح في ظرف أسبوع من الزمن لعائلة ببناء غرفة واحدة على الأقل، تمكنها من اجتياز فصل الشتاء في ظروف اقل قسوة من حياة الخيام، وبتكلفة أقل بكثير من تكلفة الخيام المجهزة.
وقد بدأت السلطات الباكستانية وكذلك العائلات المتضررة في منطقة مونسيرا تولي بالاهتمام فكرة “عدة الملجأ” السويسرية.
شهادة طبيب سويسري شاب
من أعضاء فريق الإغاثة السويسري المشارك في عمليات الإغاثة في منطقة كشمير الجراح المختص في جراحة الأطراف، دانيال بيتيك من مستشفى جنيف، الذي وصل للمنطقة بعد خمسة أيام من وقوع الزلزال.
وقد ساهم هذا الجراح البالغ من العمر 32 سنة في علاج ما بين 200 و300 جريح في مستشفى الطوارئ الذي أقيم في ثانوية مونسيرا، والذي يعتبر أكبر مستشفى طوارئ في البلاد، وتمكن من استقبال ما بين 13 و27 أكتوبر حوالي 1800 مريض.
ويقول دانيال باتيك “رغم صعوبة الظروف وقلة الموارد والأجهزة لم نفقد أي مريض”. وعن التجهيزات المستعملة يقول “كل ما أستعمله هو سكين الجراحة وملقط ومقص والماء”، حتى الأدوية الضرورية لا يتوفر منها سوى أربعة أدوية.
وعن الجِراح التي يعاني منها أغلب المرضى يقول الطبيب السويسري “إن 90% من المرضى يعانون من كسور أو جراح في الأطراف”. لكنه يتساءل عن “مصير هؤلاء الأشخاص” بعد تقديم العلاج الضروري، و”هل سيكون بإمكانهم الحصول على العناية الصحية الضرورية لمتابعة علاج جراحهم لفترة قد تصل إلى 3 أشهر؟”.
سؤال حيوي وهام خاصة وأنه لا يستبعد “ضرورة بتر أطرافهم في وقت من الأوقات”.
في كل الأحوال، فإن تجربة فريق الإغاثة السويسري تشير إلى أن تقديم المساعدات الإنسانية في المناطق المنكوبة ليست عملية آلية، بل تحتاج إلى قدر كبير من المرونة والابتكار، كي يمكن إيصال تلك المساعدات إلى المتضررين بأفضل الطرق الممكنة.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.