عين العاصفة الفلسطينية
ربّما دخل الفلسطينيون عين العاصفة، التي تجتاحهم منذ عام، وخرجوا منها إلى أخرى دون أدنى شعور بالتغيير.
فعشرات الآلاف الذين انتظروا طويلا وكبّـروا وهلّـلوا، ورئيس الوزراء إسماعيل هنية يتحدّث عن محاولة اغتياله على معبر رفح، ليسوا غريبين عن أولئك الذين انتظروا طويلا ليستمعوا إلى خطاب الرئيس حول حالتهم الراهنة، وليستبشروا خيرا بدعوته إلى إجراء انتخابات مبكّـرة.
لكن، ثمة فرق بين خطاب الرئيس وخطاب رئيس وزرائه، وهو فرق كبير. ففي حين تحدّث إسماعيل هنية، رئيس الوزراء كزعيم تنظيم وفصيل، كان عباس يتحدّث كرئيس للفلسطينيين، يسرد بصراحة وراحة مسيرة العام الأخير من التأزّم والحوار والشجار الفلسطيني الفلسطيني، أما هنية، فإنه استفاض كثيرا في التأكيد على “المكر” الذي يدور ليل نهار ضد الحكومة الفلسطينية وحركة حماس التي تقودها، ولم يغفل هنية عن الإشارة أن حكومته، حكومة ذات منهج ربّـاني وأن من يُـعاديها، كمن يعادي الرب.
وفي خطابه، لم يغفل الرئيس عباس، الذي أبقى باب الحوار مفتوحا أمام حركة حماس من أجل تشكيل حكومة وحدة أو حكومة كفاءات، عن التذكير أن الحديث عن “مؤامرات” للتخلّـص من حكومة حماس، إنما هو “عيب”، وأن المطلوب هو الانصراف إلى إيجاد حل سياسي يُـنهي الحصار المفروض على الفلسطينيين وحكومتهم.
ركّـاب السفينة
قال عباس كلمته التي انتظرها الفلسطينيون طويلا، لكن ردّ حماس عليها لم يفاجئ أحدا أيضا، فقد سارعت الحركة، وعلى لسان مختلف مسؤوليها، في الداخل والخارج، إلى رفضها واعتبار الدّعوة بمثابة التفاف على إرادة الشعب الفلسطيني، وعلى أنها انقلاب على الديمقراطية، التي تجلّـت في الانتخابات الأخيرة في بداية العام الجاري الذي يستعد للرحيل.
وفي المقابل، خرج آلاف آخرون في مختلف مدن الضفة الغربية وقطاع غزة لتأييد دعوة عباس بإجراء انتخابات مبكّـرة، وسارعت كل من فتح وحماس إلى دعوة أنصارهما إلى الشوارع، في محاولات جديدة لاستعراض القوة بين الحركتين، اللتين تتنازعان قيادة الفلسطينيين في سابقة لم تشهدها الساحة الفلسطينية.
هكذا، كان الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، منقسما على نفسه إزاء مسألة الدعوة إلى إجراء انتخابات، وسيظل على الأغلب، على هذا المنوال، حتى تقول حماس لا فصلا في المسألة، فإما أن تعود إلى طاولة الحوار مع الرئيس لتشكيل حكومة وطنية، وإما أن يمضى الرئيس قُـدما في قراره، وتكون مواجهة لا أحد يستطيع التنبُّـؤ بنتائجها.
غير أن حالات القتل الأخيرة في غزة، لاسيما حادثة قتل أطفال الضابط بهاء بعلوسة الثلاثة، ربما تكون قد دفعت باتجاه التوافق، فضلا عن الأوضاع الاقتصادية الصّـعبة، حيث تراجعت الإيرادات الحكومية بنسبة 61% وتوقّـفت كامل المصاريف التشغيلية وتأخرت الرواتب 9 شهور، وبلغت الديون للبنوك 642 مليون دولار، والأموال المُـحتجزة لدى إسرائيل 600 مليون دولار في ذات الفترة.
في انتظار التنفيذ
الحكومة الفلسطينية، التي اختارها عباس تهدف، حسب مقرّبين منه، إلى دفع حماس باتّـجاه العودة إلى طاولة الحوار الوطني، ولأنه لا زال يعتقد أن الطريق الأكثر أمنا للخروج من المأزق الحالي، تتمثل في الدخول مُـجددا في مفاوضات حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، دون استبعاده إجراء انتخابات في ذات الوقت.
ويقول المحلل السياسي، محمد هواش، إن دعوة عباس “هي دعوة إلى الحوار بديلا من الحرب الأهلية، الذي يُـخيّـم شبحها على الفلسطينيين منذ اغتيال أطفال الضابط بهاء بعلوشة الثلاثة في غزة قبل أيام، وما تبعها من اغتيالات في غزة واشتباكات في رام الله”، وأضاف “الانتخابات كانت دائما خيارا بعيدا وما يزال، ولكن ما جعلها اليوم خيارا واقعيا وقريبا، هو ارتباط الحوار لتأليف حكومة وحدة وطنية بسقف زمني لم يعلن”، في حين تشير المصادر أنه لن يتجاوز منتصف عام 2007.
واعتبر هواش أن “ما جعل الانتخابات خيارا واقعيا أيضا، أنه لم يعد في مقدور الرئيس عباس، كما قال، هو القفز عن “320 ضحية للفلتان الأمني”، وهي نقطة استند إليها الرئيس في إشارته إلى أن التغيير المطلوب “هو سياسي” و “أن الحرب الأهلية والحلول العسكرية، ليست حلا” لهذه الأوضاع”.
هشام عبدالله – رام الله
قتل مسلحون ملثمون ضابطا في قوة خاصة موالية للرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الاحد 17 ديسمبر 2006 بعد يوم واحد من دعوة عباس الى اجراء انتخابات جديدة وسط توترات متصاعدة مع حركة المقاومة الاسلامية (حماس).
ووقع الهجوم فجر يوم الاحد على معسكر تدريب في مدينة غزة يستخدمه حرس الرئاسة الفلسطيني.
ونفى ابو عبيدة وهو احد المتحدثين باسم الجناح المسلح لحماس تورط الحركة في هذا الهجوم وهو الاول من نوعه ضد تلك القوة الفلسطينية الخاصة المدعومة من امريكا والمؤلفة من نحو 3500 فرد.
وقال لرويترز ان هذا اتهام خطأ وغير مسؤول.
واتهمت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) الرئيس الفلسطيني بالقيام بانقلاب بعد اعلانه خطة لاجراء انتخابات مبكرة في محاولة للخروج من مأزق سياسي ورفع العقوبات الدولية.
وقال ضابط كبير من حرس الرئاسة لرويترز ان عشرات المسلحين الملثمين الذين كانوا يرتدون زيا مشابها للزي الذي يرتديه ناشطو حماس أطلقوا النار وأصابوا حارسا عند مدخل المعسكر في مدينة غزة ثم قتلوه باطلاق النار عليه من مسافة قريبة.
واضاف الضابط ومصدر امني فلسطيني ان المسلحين اقتحموا بعد ذلك المعسكر واشعلوا النار في عشرات الخيام وتبادلوا اطلاق النار مع العديد من حرس الرئاسة الموجودين في الداخل واصابوا خمسة منهم على الاقل.
وبعد اشهر من العنف الفئوي الذي اثار مخاوف نشوب حرب أهلية قال عباس زعيم حركة فتح انه لابد من اجراءانتخابات برلمانية ورئاسية بأسرع ما يمكن ولكنه اضاف انه يجب استمرار الجهود الرامية لتشكيل حكومة وحدة.
وقالت حماس انه ليس من سلطة الرئيس الدعوة الى انتخابات مبكرة.
من جهة أخرى، قال شهود ان اشتباكات وقعت في غزة بين مسلحين من حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وحركة فتح التي ينتمي لها الرئيس الفلسطيني بعد ساعات من خطاب عباس وان ستة اشخاص على الاقل اصيبوا بجروح. وأضاف الشهود ان الجانبين تبادلا اطلاق النار باستخدام الاسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية.
وزادت حدة التوتر الداخلي الى اعلى مستوى منذ عشر سنوات وذلك بعد انهيار محادثات استمرت شهورا بين حركة حماس الحاكمة وحركة فتح التي يتزعمها عباس بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية.
(المصدر: تقرير إخباري لوكالة رويترز بتاريخ 17 ديسمبر 2006)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.