عُطارد لم يكسف الشمس!
في السابعة وثلاث عشرة دقيقة بتوقيت وسط أوروبا صبيحة يوم الأربعاء، بدأ كوكب عُطارد يعبر أمام قرص الشمس، ولم يغادر هذه الخلفية المتوهجة إلا في الثانية عشرة و32 دقيقة بعد الظهر
مرور أصغر الكواكب السيارة أمام الشمس لا يؤدي لكسوف النجم، بما أن رقعته لا تغطي أكثر من %0.004 من القرص.
كان علماء الفلك في سويسرا والخارج في انتظار يوم الأربعاء 7 مايو على أحر من الجمر، لمشاهدة أصغر الكواكب السيارة عُطارد يمر أمام القرص الشمسي للمرة الأولى منذ ثلاثين عاما.
فلا غرابة في هذه المناسبة أن تفتح المراصد الفلكية أبوابها لتمكين عامّة الناس أيضا من ملاحظة هذه الظاهرة الفلكية النادرة التي تحدث حوالي 13 مرة خلال القرن الواحد، وسوف لا تتكرر قبل عام 2016 .
وهذا ما قام به عدد من المراصد الفلكية السويسرية، خاصة مرصد Urania الخاص بجامعة زيوريخ الذي سمح لهواة الفلك بمتابعة الظاهرة طيلة صبيحة الأربعاء عبر عدسة المقربة الخاصة، أو عبر عدسة القمر الصناعي الأوروبي الأمريكي Soho الذي بث الحدث على الشاشة الصغيرة عبر الإنترنت.
ونظرا لصِغر حجم عُطارد الذي لا يزيد على 0.055 من حجم الكرة الأرضية، ولأن مداره يقع على بعد 55 مليون كيلومتر من الشمس وعلى مسافة 90 مليون كيلومتر تقريبا من مدار الكرة الأرضية، تستحيل مشاهدة هذه الظاهرة بالعين المجردة ودون مقربة من المقربات الفلكية الحِرفية المزودة بوسائل وقاية البصر من الأشعة الشمسية الضارّة.
وقد قارن أحد الفلكيين محاولة البحث عن عُطارد خلال عبوره لقرص الشمس وبين الكُلف أي البقع الشمسية التي تكبره بكثير أحيانا، كالبحث عن قطعة نقدية بالعين المجردة في الشارع من قمة إحدى ناطحات السحاب العالية.
عُطارد هو أصغر الكواكب السيارة وأقربها إلى الشمس بحيث يدور حولها دورة واحدة كل 88 يوما مقابل 365 يوما تقريبا بالنسبة للكرة الأرضية.
أما دوران عطارد حول مِحوره فهو بطيء للغاية، إذ يقوم بدورة واحدة حول ذاته كل 59 يوما مقابل يوم واحد لدوران الأرض حول نفسها. وبسبب هذا البطء والاقتراب من الشمس، قد تزيد الحرارة على وجهه المقابل للشمس على 430 درجة مئوية، وقد تبلغ على الوجه الآخر 175 درجة مئوية تحت الصفر أو أقل.
حدث فلكي أندر بعد عام!
يعتبر عالم الفلك والرياضيات الألماني المعروف يوهانِس كِبلير J.Kepler أول مَن أثبت نظريا وجود كوكب سيّار على مدار بين الشمس والكرة الأرضية، وعالم الفلك الفرنسي بيير غاسّوندي P.Gassendi أول من تتبّع مسار ذلك الكوكب الخفيّ حول الشمس في أواخر عام 1631 .
لكن صِغر حجم عُطارد بقي عائقا كبيرا في سبيل استطلاع هذا الكوكب حتى أواسط السبعينات من القرن الماضي، حينما أثبتت الملاحظات بالمراكب الفضائية والأقمار الصناعية، أنه ذو غلاف جويّ رقيق جدا بالمقارنة مع الغلاف الجويّ الأرضي، وأن الضغط الجوي على سطحه يقلّ عن جزء من ألف من الضغط الجوي على سطح الكوكب الأزرق على سبيل المثال.
وبسبب هذه الخصائص جميعا وبفضل جواره المباشر للشمس، كان لعُطارد دور هام في التدقيق في سرعة الضوء أو في حجم الشمس، لا بل وفي بعض تفاصيل النظرية النسبية لألبرت أنشتاين.
وتجدر الإشارة إلى أن علماء الفلك ينتظرون بفارغ الصبر حدثا فلكيا آخر في يونيو من العام المقبل، أندر من حدث مرور عُطارد أمام الشمس. ويتعلق ذلك الحدث النادر للغاية بجارنا الخارجي، أي كوكب الزهرة الذي اتخذ من القرص الشمسي خلفية مشعّة لمساره في كبد السماء في عام 1882، آخر مرّة.
جورج أنضوني – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.