فلنؤجل الحديث عن التمييز تجاه المسلمين..
أعربت السلطات السويسرية عن عدم رغبتها في استقبال السيد عمر أرهون، الممثل الشخصي للرئيس المباشر لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لمكافحة عدم التسامح والتمييز تجاه المسلمين.
وأشارت صحيفة سونتاغس تسايتونغ، التي أوردت الخبر، إلى أن وزارة الخارجية بررت القرار، بالخشية من نشوب جدل سياسي عشية الانتخابات العامة، وهو تبرير أثار انتقادات البعض.
في تصريحات نقلتها عنه صحيفة سونتاغس تسايتونغ يوم الأحد 3 يونيو، قال عمر أرهون “إنني مستغرب من التطورات الأخيرة بشأن المسلمين (في سويسرا)، ومن المبادرة حول المآذن بشكل خاص”.
هذه المبادرة الشعبية أطلِـقت في بداية شهر مايو الماضي من طرف أوساط تنتمي إلى اليمين المتشدد إلى جانب مسيحيين أصوليين، وهي تسعى إلى إضافة فصل جديد في الدستور الفدرالي ينص على حظر بناء المآذن في سويسرا.
وقال الممثل الشخصي للرئيس المباشر لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا للصحيفة “بودي أن أنصح الناس باستغلال وقتهم وطاقتهم للقيام بنقاشات مثمرة وإيجابية، بدلا من الجدل حول المآذن… التي تتبع المساجد، مثلما تتبع الصوامع الكنائس”.
من الواضح إذن، أن ممثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المكلفة بمكافحة عدم التسامح والتمييز تجاه المسلمين يشعر بالقلق، لكن من الناحية العملية، لا يُـمكن له أن يقدُم إلى سويسرا بشكل رسمي، دون استدعاء من طرف السلطات.
ويشير الرجل، الذي كان شغل منصب رئيس البعثة التركية لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من عام 2000 إلى 2004 في حواره مع الصحيفة، إلى أن “الحكومة السويسرية قد اعتبرت – في ردها على طلبي – أن زيارتي قد تثير الجدل في فترة تسبق الانتخابات البرلمانية (المقرر إجراؤها في شهر أكتوبر المقبل)”، وأوضح أن “الحكومة السويسرية أعلمتني (عن طريق سفارتها في تركيا) أن زيارتي يمكن أن تتم بعد الانتخابات”.
السيدة كارين كاري، المتحدثة باسم وزارة الخارجية، صرحت لصحيفة سونتاغس تسايتونغ أن الوزارة قد درست المسألة جيدا وأجرت مشاورات بشأنها، وقالت “إننا نرى أن آخر السنة هو الوقت الأفضل للقيام بهذه الزيارة”.
“ليس هناك ما نخفيه”
هذا القرار تعرض للانتقاد من طرف العديد من رجال السياسة السويسريين، من اليمين واليسار على حد السواء. النائبة الراديكالية كريستا ماركفالدر قالت، إنها “لا ترى أي سبب لعدم توجيه الدعوة” لممثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
أما بوريس بانغا، العمدة الاشتراكي لمدينة غرانج وعضو لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الفدرالي، فقد أكد أن “سويسرا ليس لديها ما تُـخفيه”.
من جهته، عبّـر النائب كريستوف مورغلي، من حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) عن استغرابه لقرار وزارة الخارجية، لكنه شدد على أنه “لا يرغب في أن يتدخل (ممثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا) في نقاشاتنا”.
انتقادات أخرى
رئيس اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية جورج كرايس لم يكن متحمسا بدوره للقرار، الذي اتخذته وزارة الخارجية، وقال في تصريحات لسويس انفو “على المدى القصير، يمكن أن تحصل وزارة الخارجية السويسرية على نتيجة محدودة، أما على المدى البعيد، فإننا نقطع الجذع الذي نجلس عليه”، أي أن هناك ضررا قد يلحق بسمعة وصورة الكنفدرالية في المستقبل، حسب رأي السيد كرايس، الذي يعمل أستاذا جامعيا في بازل.
في سياق متصل، يذكِّـر هذا القرار بالجدل الذي اندلع العام الماضي حول قدوم المقرر الخاص للأمم المتحدة حول العنصرية إلى سويسرا، وكان السيد دودو ديان قد أشار في التقرير، الذي أعده بعد زيارته، إلى وجود نوع من استغلال المسألة العنصرية في النقاش السياسي داخل سويسرا، وهي نتيجة قوبلت بالاستنكار الشديد من طرف عدد من ممثلي اليمين المتشدد في الكنفدرالية.
سويس انفو
عيّـنت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ثلاث ممثلين شخصيين للرئيس المباشر لها.
منذ ثلاثة أعوام، يُـخصص السفير عمر أرهون جزءً من وقته لمكافحة عدم التسامح والتمييز ضد المسلمين في البلدان الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ويعمل بقية الوقت في وزارة الشؤون الخارجية التركية.
يتمثل دور السفير التركي – الذي يعمل بتعاون وثيق مع الرئيس المباشر للمنظمة – في العمل على إيجاد تنسيق أفضل بين الجهود، التي تبذلها الدول الأعضاء في المنظمة لتطبيق قرارات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا حول التسامح وعدم التمييز.
منذ سنة تقريبا، يوجه السفير عمر أرهون انتقادات إلى ألمانيا بخصوص اختبارات التجنس المفروضة فيها على المسلمين، وفي العام الجاري، هاجم الحكومة الدنمركية وإجراءات التمييز المطبقة في هذا البلد، على حدّ قوله.
تضم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا جميع البلدان الـ 56 في القارة الأوروبية، وتعتبر أهم منظمات الأمن الإقليمي، كما تغطي أنشطتها الكثيفة الأبعاد الثلاثة للأمن، وهي: الأمن الإنساني والأمن السياسي – العسكري والأمن الاقتصادي – البيئي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.