في انتظار نظام عالمي أكثر عدلا!
في جنيف، أطلق رؤساء البرازيل وفرنسا والشيلي والأمين العام للأمم المتحدة مبادرة تدعو إلى إنشاء صندوق لمحاربة المجاعة والفقر في العالم.
ومن بين الأفكار الأولية المطروحة للنقاش لتمويل هذا الصندوق، فرض رسوم على المبادلات المالية او على بعض صفقات الأسلحة.
لا أحد يشك في حسن نوايا الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي يرغب في تحريك حملة دولية جديدة ضد الفقر والمجاعة التي اعتبرها “سلاحا من أسلحة الدمار الشامل” نظرا لكونها تقضي على 24 ألف شخص يوميا وعلى 11 طفل في كل دقيقة.
فقد استطاع الرئيس البرازيلي إقناع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، ورئيس الشيلي ريكاردو لاغوس، والأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كوفي أنان بالانضمام إليه في نهاية الأسبوع الماضي في جنيف من أجل إطلاق “إعلان جنيف” الرامي الى تأسيس صندوق لتمويل عمليات محاربة الفقر والمجاعة في العالم.
ويمثل الإعلان تجسيدا أوليا لنفس الفكرة التي كان قد طرحها لُـولا لأول مرة في قمة الدول الثمانية في منتجع أيفيان في شهر يونيو 2003.
فضيحة مستمرة
وفي انتقاد مقنع للتركيز المبالغ فيه بخصوص تسليط كل الأضواء على محاربة الإرهاب، عبر الرئيس البرازيلي أثناء حفل إطلاق هذه المبادرة في جنيف الذي حضره حوالي 800 مدعو من دبلوماسيين وسياسيين ورجال أعمال وممثلي منظمات المجتمع المدني ورجال الإعلام، عن انشغاله وقلقه “للاهتمام المبالغ فيه بالقضايا الأمنية مثل محاربة الإرهاب”.
أما الرئيس الفرنسي جاك شيراك فقد أشار إلى فضحية “استمرار المجاعة في العالم”، مشيرا بالاستناد إلى تقارير البنك العالمي، إلى أن العالم يحتاج إلى خمسين مليار دولار إضافية لكي يتمكن من تحقيق طموح قمة الألفية الرامي إلى تخفيض نسبة الفقر في العالم إلى النصف مع مطلع عام 2015.
وأوضح الرئيس الفرنسي بأن الخمسين مليار التي يجب أن تضاف إلى حصيلة ما يقدم سنويا في مجال التنمية (تقدر بستين مليار دولار حاليا)، لا تمثل الكثير مقارنة مع إجمالي الناتج القومي العام في العالم الذي يفوق 33000 مليار دولار!.
ويتمثل “الجديد” في فكرة الرئيس البرازيلي إشارته إلى إمكانية فرض رسوم على بعض المبادلات المالية وحتى على بعض صفقات الأسلحة. فلا استغراب أن تعكس أفكار رئيس كان مقربا من منتدى بورتو أليغري، بعضا مما كانت تطالب به تيارات الحركة المناهضة للعولمة، وبالأخص فكرة فرض رسوم على المبادلات المالية الدولية المعروفة ب “Taxe Tobin”.
في المقابل، سارع الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى التوضيح بأن الأمر لا يتعلق بتبني فكرة “ضريبة توبين” لأنها “فكرة غير قابلة للتطبيق” على حد قوله، إلا أنه ترك الباب مفتوحا أمام كل الاحتمالات بما في ذلك فرض “رسوم مشابهة”، أو حتى فرض رسوم على صفقات أسلحة بما في ذلك “صادرات الأسلحة الفرنسية” على حد تعبيره.
ومن المنتظر أن ينكب فريق خبراء برازيلي- فرنسي على بحث هذا الموضوع وتقديم مقترحات عملية بشأنه في شهر سبتمبر المقبل.
في انتظار نظام عالمي جديد
وفي الندوة الصحفية التي عقدها الرؤساء الثلاثة والأمين العام للأمم المتحدة مساء الجمعة 30 يناير في جنيف، طرحت بعض التساؤلات حول الجدوى من إنشاء صندوق جديد في الوقت الذي لم تنجح فيه الصناديق والمؤسسات الأممية الحالية، في الحد من انتشار الفقر والمجاعة في العالم.
وقد كشفت الردود على هذه التساؤلات عن وجود بعض الخلافات في الرؤى بين الشركاء في إعلان جنيف حيث اعترف الرئيس الفرنسي بأن مسألة الدعم المقدم لمزارعي الدول المتقدمة منم طرف حكوماتهم يشكل “نقطة الخلاف الوحيدة تقريبا مع الرئيس البرازيلي”. وهي نفس النقطة التي أثارها الأمين العام للأمم المتحدة في تدخله عندما دعا الدول الغنية إلى “فتح أسواقها أمام كل منتجات الدول النامية، وإلغاء كل الدعم المقدم لمزارعيها”.
وفيما يتعلق بالجدوى من مضاعفة عدد المؤسسات المعنية بمحاربة الفقر والمجاعة في العالم، عبر الرئيس الفرنسي مرارا عن اقتناعه بأن الحل يكمن في “الإصلاحات التي على الأمين العام إدخالها على النظام الأممي”. ومن المفترض أن تتجاوز الإصلاحات التي يتحدث عنها جاك شيراك تلك التغييرات السطحية التي أدخلها كوفي أنان على الهياكل الإدارية للمنظمة الأممية، وأن تسعى إلى إقامة أسس لنظام عالمي أكثر عدالة.
وفي هذا السياق، أوضح الرئيس البرازيلي أنه “لا يمكن تحقيق أي سلام بدون تنمية اقتصادية، ولا يمكن تحقيق أي سلام وأي تنمية اقتصادية بدون عدالة اجتماعية”. لذلك قد لا تشكل المبادرة الحالية، في ظل الإفتقار إلى نظام عالمي قائم على أساس العدالة الاجتماعية، أكثر من حلم عسير المنال!!
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
تقضي المجاعة يوميا على 24 الف شخص في العالم
يموت 11 طفل من الجوع في كل دقيقة
يهدف الصندوق المقترح الى جمع 50 مليار دولار سنويا عن طريق فرض رسوم على مبيعات الأسلحة وعلى المبادلات المالية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.