في انتـظـار منتــدى دافـــوس
تستعدّ منظمات المجتمع المدني السويسرية المناهضة للعولمة بطريقتها الخاصة للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي سينعقد في منتجع دافوس من 21 إلى 26 يناير 2004.
وكالعادة، تختلف المواقف ما بين تركيز البعض على المظاهرات والاحتجاجات، وتوجّـه البعض الآخر إلى الحوار الهادف والبناء.
“تحالف أولتن” و”عين الرأي العام على دافوس” هما اكبر تجمعين سويسريين للمنظمات غير الحكومية المناهضة للعولمة وللمنتدى الاقتصادي العالمي. وهما عادة ما يتحركان في الفترات التي تسبق وتلي موعد انعقاد فعاليات المنتدى في منتجع دافوس، أي في الأسابيع الأولى من كل عام.
إلا أن جديد هذه السنة يتمثل في الوضوح الذي تتسم به الخطة المعلنة من طرف منظمة “عين الرأي العام على دافوس” وبروز اختلافات بين المنظمات التي يتشكل منها ما يُـعرف بـ “تحالف أولتن”، إلى جانب عدم توصل المنظمتين إلى اتفاق حول برنامج موحّـد للتعبير عن وجهات النظر المعارضة لتوجّـهات المنتدى الاقتصادي العالمي.
فتحالف أولتن، الذي يضم نقابات عمالية ومهنية، وجمعيات مسيحية، وأحزابا يسارية، يرى ضرورة توضيح مواقفه للرأي العام من خلال تنظيم مظاهرات في أغلب المدن السويسرية الرئيسية أثناء انعقاد أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي، عِـوضا عن القيام بمظاهرة وحيدة في منتجع دافوس.
وتُـشير المعطيات الحالية إلى أنه من المحتمل جدا ألاّ تُـنجز هذه الخظّـة، نظرا لعدم وجود التنسيق المطلوب بين أعضاء التحالف حتى الآن. ومن المنتظر أن تقتصر عمليات الاحتجاج على مظاهرات تقرر أن تُـنظّـم في 17 يناير الجاري في كل من برن وفريبورغ وبورغدورف تحت شعار “إنزعوا سلاح المنتدى”.
تـضاف إليها محاولة لعرقلة سير المواصلات على الطرق المؤدية إلى مقر اجتماعات المنتدى في دافوس في 21 من الشهر نفسه، ومظاهرتان في 24 يناير في مدينة خور، لم تحصلا بعدُ على التصريح الرسمي من السلطات.
وجهة نظر أخرى
في المقابل، أعربت منظمة “عين الرأي العام على دافوس”، وهي تحالف من عشر منظمات غير حكومية سويسرية مناهضة للعولمة، في بيان أصدرته يوم 7 يناير الجاري أن “المنتدى ليس محايدا ولا يصلح أن يكون ساحة للحوار البناء”.
فالمنتدى، حسب رأيهم، يسعى لرعاية مصالح الشركات الدولية الكبرى، وهذا ليس بمستغرب لأنه يُـمَـوّل من طرف أكثر من 1000 شركة دولية عملاقة تعمل في أنشطة اقتصادية مختلفة في شتى أنحاء العالم.
ويقول ماتياس هيرفيلد من منظمة “إعلان برن” غير الحكومية إن الانتقادات الموجهة إلى المنتدى الاقتصادي العالمي متواصلة منذ سنوات، نظرا لالتزامه بطرح وجهة نظر الشركات الدولية الكبرى، ولتحمّـله مسؤولية الترويج لليبرالية الاقتصادية من أوسع أبوابها، حسب قوله.
هذه الانتقادات لا تعني أن التحالف الذي يتشكّـل منه “إعلان برن” المناهض لأعمال منتدى دافوس سيُـحجـم عن تقديم مقترحات جديدة هذا العام. فقد طالبت “عين الرأي العام على دافوس” الحكومة السويسرية بعدم دعم لقاء غير رسمي لوزراء التجارة المشاركين في المنتدى، وتفويض الرأي العام القيام بتلك المهمة.
واعتبرت المنظمة السويسرية بأن ما تعهّـد به المنتدى في السنوات السابقة من ترتيب حضور رسمي للمنظمات غير الحكومية المناهضة للعولمة في دافوس لم يكن على الشكل المطلوب، فضلا عمّّـا اتسم به من عدم الحياد. وتطالب “عين الرأي العام على دافوس” بأن تتمّ المواجهة بين المؤيدين والمعارضين للعولمة في إطار “المنتدى المفتوح” الذي يجمع بين السياسة والاقتصاد.
مقــاربـتـان
على صعيد آخر، اتهمت ميريام بيهرنيز من منظمة “برو ناتورا” إدارة المنتدى الاقتصادي العالمي بعدم الالتزام بالشفافية التامة بسبب إصرارها على عدم الإعلان عن أسماء الشركات المساهمة في تمويل فعالياته، ومع تثمينها لموافقة إدارة المنتدى على انعقاد “المنتدى المفتوح” باعتبارها خطوة إيجابية، إلا أنها قالت إنها “أحادية الجانب”.
من جانبه، يًُـشير ماتياس هيرفيلد من منظمة “إعلان برن” إلى أن المنظمات غير الحكومية لا تتمتع بنفس الفرص المتاحة للشركات الكبرى للتعبير عن وجهات نظرها أو مناقشة المقترحات المقدمة لتلافي الآثار السلبية الناجمة عن العولمة، والليبرالية الاقتصادية المطلقة.
وفي ندوة صحفية عقدتها يوم 7 يناير 2004 في برن استعرضت منظمة “عين الرأي العام على دافوس” عددا من مقترحاتها البناءة، ومن بينها اعتزامها تنظيم ست حلقات نقاش في دافوس حول سلبيات العولمة، ومسؤولية الشركات الكبرى تجاه المتضررين منها.
وفي المحصّـلة، يُمكن القول أن البون يزداد اتساعا يوما بعد يوم بين مقاربة منظمة “عين الرأي العام على دافوس” وأسلوب عمل “تحالف اولتن”. ففيما تسعى الأولى إلى وضع أطُـر منطقية للاحتجاج على توجهات المنتدى الاقتصادي العالمي، لا زال الثاني متمسّـكا بالاحتجاج من خلال المظاهرات.
وفيما تكتسب منظمة “عين الرأي العام على دافوس” المزيد من التقدير والاحترام، تتعرض النقابات والجمعيات التي يتشكل منها “تحالف أولتن” لانتقادات دورية من جانب السلطات وجزء من الرأي العام بسبب ما تُـخلّـفه المواجهات العنيفة مع قوات الأمن من انطباعات سيئة وخسائر مادية.
تامر أبو العينين – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.