مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في جنيف.. معهد يُساعد الدول النامية على إتقان آليات المفاوضات التجارية

الدكتور حكيم بن حمودة، مدير معهد التكوين والتعاون التقني بمنظمة التجارة العالمية في مكتبه في جنيف. swissinfo.ch

أسست منظمة التجارة العالمية التي تتخذ من جنيف مقرا لها معهد التكوين والمساعدة التقنية، لتمكين الدول النامية من امتلاك تقنيات التفاوض وفهم النظام التجاري العالمي والاستفادة منه على أحسن وجه.

في حديث خص به سويسر إنفو، يشرح مدير المعهد السيد حكيم بن حمودة الخدمات التي يقدمها للبلدان النامية والقطاعات التي يعتني بها، وكيفية الاستفادة من الدورات التدريبية التي ينظمها على مستويات عالمية وإقليمية ووطنية.

يُعدّ معهد التكوين والتعاون التقني من المؤسسات التابعة لمنظمة التجارة العالمية. وقد تم تأسيسه في عام 2002 لدعم القدرات التقنية والفنية للبلدان النامية لكي تستفيد بأكبر قدر ممكن من النظام التجاري العالمي وتستوعب خصوصياته وتتمكن من الإسهام فيه بشكل فعال.

ويكتسي هذا المعهد أهمية خاصة بعد أن ركز النظام التجاري العالمي المتعدد الأطراف منذ مفاوضات جولة الدوحة في عام 2001 على ضرورة الإنفتاح على الجميع حتى تتعزز مساهمة البلدان النامية فيه. وهو المسار الذي لازال متواصلا حيث تختضن جنيف هذا الأسبوع اجتماعا وزاريا مصغرا لإخراجه من المأزق الذي تردى فيه منذ سبعة أعوام تقريبا.

ويذكّـر السيد حكيم بن حمودة أن “إقامة المعهد ترجع لكوننا توصلنا إلى أن البلدان النامية كانت مهمشة في هذا النظام التجاري العالمي، وهذا التهميش راجع لكونها غير قادرة على الاستفادة بشكل فعال من هذا النظام، ولكونها لا تمتلك القدرات الفنية”.

مساعدة تقنية حسب الطلب

ويتبع معهد التكوين والتعاون التقني التابع لمنظمة التجارة العالمية عدة مناهج في سياق تعاونه مع الدول النامية، ويشير مديره السيد حكيم بن حمودة إلى أن دوراته التي عادة ما تنظم في جنيف “تأخذ شكل دورات دولية يشارك فيها خبير أو أكثر من كل بلد من الوزارات المعنية مثل التجارة والصناعة والاقتصاد والبنك المركزي ومصالح الجمارك وحتى من القطاع الخاص”.

وهناك دورات أخرى يتم تنظيمها على مستوى إقليمي إما لجمع بلدان معينة أو لتسهيل عملية التخاطب بلغة معينة (كتنظيم دورة افريقية للناطقين بالفرنسية وأخرى للناطقين بالانجليزية)، بالإضافة إلى تنظيم دورات على المستوى الوطني.

ويشير السيد حكيم بن حمودة إلى أن المواضيع التي يتطرق لها المعهد في الدورات التكوينية التي ينظمها عادة ما “تلبي طلبات الدول وأغلبها له علاقة بالنظام التجاري إما في قطاع الزراعة أو الخدمات أو الصناعة. وهناك طلبات تتعلق بفهم إجراءات تسهيل التجارة مثل النظام الجمركي وما يرتبط به. كما هناك من البلدان من يرغب في فهم مشاكل البيئة وانعكاساتها على التجارة”.

وللمشاركة، توجه منظمة التجارة العالمية الدعوة للدولة المعنية التي عليها ترشيح الموظفين والخبراء الذين بإمكانهم الإستفادة من التكوين المقترح. ويعود الأمر في نهاية المطاف إلى منظمة التجارة العالمية لاختيار المرشح المناسب والأقرب لموضوع الدورة.

ويقول السيد حكيم بن حمودة “إن المفاوضات التجارية وصلت اليوم إلى مرحلة دقيقة وحساسة وهذا يتطلب تخصصا كبيرا، لاسيما وأننا بصدد إنهاء جولة الدوحة التي لنا أمل كبير في أن يسهم الاجتماع الوزاري الحالي في جنيف في إنهائها للإيفاء بتطلعات البلدان النامية”.

النجاعة والمردودية

وبعد أن بلور المعهد برامج تكوين على مدى السنوات الماضية تلبي حاجيات البلدان الأعضاء، سيتركز اهتمام المشرفين عليه خلال عامي 2008 و2009 على “تعزيز كيفية الاستفادة من تلك الدورات التكوينية في الحياة العملية في البلدان المستفيدة”.

كما سيتم الإهتمام بتطوير التعاون مع باقي المؤسسات الدولية المعنية بالتكوين في مجال التجارة مثل البنك الدولي ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” لتفادي التكرار أو الازدواجية في البرامج والدورات.

وفي هذا السياق، تم الإنتهاء مؤخرا من إعداد قاعدة بيانات (أو بنك معلومات) تشتمل على برامج الدورات السابقة لتفادي التجاوزات وتعميم الإستفادة على أوسع نطاق ممكن. ويقول السيد حكيم بن حمودة: “يكفي أن نشير الى أن عام 2007 عرف تنظيم 540 دورة تدريبية ما بين وطنية وإقليمية ودولية”. وكانت القارة الإفريقية أكثر الجهات استفادة من هذه الدورات حيث استحوذت على حوالي 31% من مجموع الحصص التدريبية.

إهتمام تدريجي في العالم العربي

ويرى مدير معهد التكوين والتعاون التقني بمنظمة التجارة العالمية السيد حكيم بن حمودة أن اهتمام العالم العربي بمجال التكوين في المجال التجاري “بدأ يعرف تحسنا منذ سنوات”. وعلى الرغم من أن عدد الدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية لم يتجاوز الإحدى عشر (مصر والمغرب وتونس والسعودية وعُمان والأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين وجيبوتي وموريتانيا)، إلا أن دولا مثل مصر والمغرب أصبح “لها نشاط معتبر في منظمة التجارة العالمية” على حد تأكيد السيد بن حمودة.

ويضيف مدير المعهد أن “الأزمة الاقتصادية العالمية أدت الى اللجوء الى صناديق سيادية في المنطقة العربية لتمويل بنوك ومؤسسات (غربية) مشرفة على الإفلاس (…) يضاف إلى ذلك أن دولا نامية ومن المنطقة العربية أصبح لها نشاط على المستوى التجاري العالمي مثل مصر والمغرب وتونس والإمارات والسعودية”.

ويقول السيد بن حمودة إن المعهد يرغب – من خلال برامج التكوين التي يقوم بها (بعضها باللغة العربية) – في “توسيع الاستفادة لباقي البلدان العربية بمن فيها تلك التي لا زالت في طور الانضمام الى منظمة التجارة العالمية”.

وفي هذا الإطار، تم تنظيم دورة للبرلمانيين العرب في شهر مايو الماضي في أبو ظبي لتحسيسهم بمشاكل المفاوضات التجارية و”من أجل توضيح أين هي المصالح العربية في هذه المفاوضات التجارية خصوصا وأن كل المفاوضات ستعرض على البرلمانيين للنظر فيها”، كما يقول السيد بن حمودة.

وأفاد مدير المعهد أيضا بأن هناك “حلقة تكوين ستنظم في اليمن حول مسائل التنمية تتبعها في شهر نوفمبر القادم حلقة تكوين تنظم في الإمارات بالتعاون مع صندوق النقد العربي تخصص لكبار المفاوضين العرب”.

البلدان غير الأعضاء أيضا

ونظرا لأن معهد التكوين والتعاون التقني يعنى بتدريب وتأهيل الإطارات المختصة، فقد حرص على إقامة تعاون مع عدد من الجامعات العربية مثل جامعة محمد الخامس في الرباط (التي تعنى بتنظيم دروس سنوية لمدة ثلاثة أشهر)، كما يحتفظ بعلاقات مع جامعة السلطان قابوس في مسقط وجامعة الدوحة بقطر.

وبخصوص الصعوبات التي تعترض عملية التكوين في المجال التجاري، نوه السيد بن حمودة إلى أن “أكبر المشاكل التي تعرفها البلدان النامية تتمثل في قلة المختصين وعدم إلمام المسؤولين بتفاصيل النظام التجاري العالمي ومدى تأثيره على اقتصاديات تلك البلدان”.

وعما إذا كان بإمكان البلدان الراغبة في الإنضمام إلى منظمة التجارة العالمية الاستفادة من هذا التكوين (خصوصا وأنها مقبلة على حلقات تفاوض معقدة وتتطلب تخصصا كبيرا في شتى قطاعات التجارة)، يجيب السيد حكيم بن حمودة، بأن “هذه البلدان هي التي في أشد الحاجة إلى مثل هذا التكوين”. وأشار بهذا الخصوص إلى المشاورات التي يجريها المعهد حاليا مع بعثة اليمن من أجل مساعدة صنعاء على تكوين الإطارات الساهرة على إعداد ملف العضوية في المنظمة.

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

يتولى السيد حكيم بن حمودة، التونسي الجنسية، حاليا منصب مدير معهد التكوين والتعاون التقني بمنظمة التجارة العالمية.

وكان قد شغل من قبل منصب رئيس الخبراء الاقتصاديين ومدير قسم التجارة والمالية والتنمية الاقتصادية للجنة الاقتصادية لمنظمة الأمم المتحدة في إفريقيا.

وشغل منصب مدير قسم التجارة والاندماج الاقليمي ما بين عامي 2003 و2006، كما تولى الإشراف على مكتب لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية للبلدان الإفريقية في جمهورية وسط إفريقيا ما بين عامي 2001 و2003.

متحصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد الدولي من جامعة غرونوبل بفرنسا، وحائز على درجة أستاذ باحث من نفس الجامعة وله تجارب عديدة في التدريس.

كما له العديد من المؤلفات نذكر منها:
كيفية تحسين وصول إفريقيا الى الأسواق
إفريقيا ومنظمة التجارة العالمية من خلال 100 كلمة معبرة
إفريقيا ومنظمة التجارة العالمية والتنمية
إفريقيا والمفاوضات الزراعية
قرار ياموسوكورو والنقل الجوي في إفريقيا.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية