في جنيف.. وجهان لصراع الصحراء الغربية
تلخص الناشطة الصحراوية أميناتو حيدر ومدافعون عن حقوق الإنسان، تصرف المغرب في صراع الصحراء الغربية في "الاختطافات، والاعتقال التعسفي والتعذيب ومضايقات الأهل والأقارب من قبل البوليس المغربي".
في المقابل، يفضل العضو السابق في جبهة البوليساريو مصطفى بوه،الذي انضم إلى المغرب، واتهم جبهة بوليساريو والجزائر بمحاصرة الصحراويين في مخيمات تيندوف، التمسك بمغربيته مع مقاومة الانتهاكات المرتكبة أمام العدالة وعبر العمل الجمعوي.
حضرت أميناتو حيدر، المدافعة عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية الى جنيف في إطار حملة للتحسيس بالقضية الصحراوية. هذه القضية، التي تعتبر من الصراعات المزمنة في القارة الإفريقية، والتي تعرقل قيام مغرب عربي موحد منذ تحولها من مستعمرة إسبانية الى منطقة متنازع عليها بين المغرب وسكان الإقليم المنخرطين تحت راية جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، المختصرة تحت شعار “بوليساريو”.
وصلت السيدة اميناتو حيدر إلى جنيف، حيث تنعقد الدورة الثانية لمجلس حقوق الإنسان، في إطار حملة دولية قادتها الى كل من السويد وإسبانيا وبلجيكا والبرلمان الأوروبي وإيطاليا وجنوب إفريقيا والولايات المتحدة.
ويتمثل الهدف من هذه الحملة في الاتصال بالمسؤولين والمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم لشرح “ما يعاني منه الصحراويون على أيدي قوات الاحتلال المغربية”، وذلك، من خلال عرض المتاعب التي تعرضت لها السيدة أميناتو من “اختطاف وحبس تعسفي وتعذيب وتهديد بالاغتصاب وضغوط نفسية على افراد عائلتها”، وفقا لما صرحت به في شهادتها أمام بعض ممثلي وسائل الإعلام.
تضييق على النشطاء
وصفت السيدة أميناتو حيدر في لقاء مع الصحافة يوم الأربعاء 27 سبتمبر في جنيف، حضره ممثلون عن منظمات حقوقية وجمعيات سويسرية تدعم القضية الصحراوية، أوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية بـ “المقلقة جدا”، إذ ترى أن “المغرب أقام منذ غزوه للإقليم في عام 1975 جهازا بوليسيا وعسكريا ضخما من اجل طمس حرياتنا ومنعنا من التظاهر والتعبير عن آرائنا بحرية”، على حد تعبيرها.
وقد عرضت تجربتها مع قوات الأمن المغربية كمثال لما يتعرض له باقي المدافعين عن حقوق الإنسان، وقالت: “لقد عشت بنفسي وفي ذاتي مآسي لا تُـصور في السجون السرية، وتعرضت للتعذيب النفسي والجسدي”.
فقد تم اختطافها من قبل قوات الأمن المغربية ولم يتجاوز عمرها العشرين سنة، وقضت في المنفى أكثر من 3 سنوات وسبعة أشهر ما بين عامي 1987 و1991. وتقول في هذا السياق: “لقد قضيت تلك الفترة معصوبة العينين بدون أي رعاية صحية وبدون إتاحة فرصة للإغتسال، وبتناول وجبات سيئة مليئة بالحشرات، ومهددة في كل مرة بالتعرض للاغتصاب، وفي عزلة تامة عن العالم الخارجي ودون أن يعلم أهلي مكان تواجدي”.
بعد الإفراج عنها، وفي محاولة “لإسكات صوتها”، مثلما تقول، مُـنعـت من الحصول على جواز سفر، كما تم تجميد راتبها في شهر أبريل من عام 2005.
السجن الأسود في العيون
في شهر يونيو 2005 وأثناء مشاركتها في مظاهرة “للتعبير عن المطالبة باحترام حرياتها واستقلال شعبها، وللتنديد بالانتهاكات المرتكبة من قِـبل الدولة المغربية في حق الشعب الصحراوي، تم إلقاء القبض عليها من جديد بعد تعرضها للضرب المبرح أمام مرأى ومسمع من الجميع، مما تسبب في إصابتها بجروح في الرأس وفي القفص الصدري.
ورغم تقديم محضر مزوّر، لم توقعه، وبعد تعريضها للتحقيق لمدة ثلاثة أيام، تم الحكم عليها بالسجن لمدة سبعة أشهر، وهي المدة التي قضتها برفقة تسعة من المدافعين عن حقوق الإنسان وعشرات السجناء السياسيين في السجن المعروف “بالسجن الأسود في العيون”.
التزامها مع باقي السجناء بإضراب عن الطعام لمدة 51 يوما، سمح بانطلاق حملة تضامن دولية انتهت بإطلاق سراحها وإعادة جواز السفر لها، وهو ما قالت إنها تحاول اليوم استغلاله لحشد الدعم لقضيتها ولكشف النقاب عن الانتهاكات المرتكبة في حق المدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وفي حق المدنيين الصحراويين، بعيدا عن أنظار العالم”.
القائمة طويلة
وتشير السيدة أميناتو حيدر إلى أن ما تعرضت له ليس حكرا عليها “بل هو نصيب ألاف الصحراويين والصحراويات من كل الأعمار، بل حتى الأطفال”، على حد قولها.
ومن بين الانتهاكات التي عددتها السيدة أميناتو أيضا “المتابعة البوليسية والمضايقات اليومية والتوقيف والاختطاف والتعذيب”. وعن وسائل الضغط لإسكات أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان، تقول السيدة حيدر “إن السلطات تعمد الى سحب جواز السفر لمنع المدافعين عن حقوق الإنسان من المشاركة في المحافل الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك محافل حقوق الإنسان في جنيف”.
كما تلجأ السلطات المغربية، حسب السيدة أميناتو حيدر، إلى “فصل نشطاء حقوق الإنسان من وظائفهم أو نفيهم الى مدن بداخل الأراضي المغربية”. وأفادت بأن العشرات من هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان “يشنون إضرابا عن الطعام منذ يوم 4 سبتمبر 2006 للاحتجاج على ظروف الاعتقال في السجن الأسود في الأراضي المحتلة أو في سجون مغربية، مثل ايت ملول وإنزغان وأغادير والقنيطرة”، حسب تعبيرها.
وشددت السيدة أميناتو على أن زيارتها إلى جنيف هي عبارة عن “نداء للضغط على المغرب، العضو في مجلس حقوق الإنسان، من أجل وضع حد للانتهاكات التي يمارسها ضد الشعب الصحراوي وتوضيح مصير حوالي 500 من المفقودين”.
كما دعت إلى إلى إقامة آلية لحماية حقوق الإنسان الصحراوي ووجهت نداءً إلى المجموعة الدولية من أجل تطبيق قرارات الأمم المتحدة بدون تأخير، وخاصة القرارات الرامية الى تمكين الشعب الصحراوي من التعبير بحرية عن رأيه عبر استفتاء شعبي حول تقرير المصير.
انفصال بسبب الانحراف
في جنيف أيضا، نظمت جمعيات أهلية مغربية بدورها جلسة نقاش يوم الخميس 28 سبتمبر على هامش دورة مجلس حقوق الإنسان استضافت فيه العضو السابق في جبهة بوليساريو السيد مصطفى بوه، الملقب بالبرزاني، والسيدة حجبوهة الزبير رئيسة اتحاد النساء المقاولات وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشئون الصحراوية.
وفي اللقاء استعرض السيد مصطفى بوه المشوار الذي قطعه تأسيس جبهة بوليساريو “أولا كحركة ولدت في الرباط لمقاومة الاحتلال الإسباني من قبل شبان يساريين ينتمون الى عائلات قدماء المحاربين، والتي تولت ليبيا فيما بعد تحريفها عن أهدافها قبل أن تتولى الجزائر توجيهها إيديولوجيا منذ عام 1975” على حد قوله.
وأشار السيد مصطفى بوه إلى أن من بين الأسباب التي دفعته الى الانفصال عن الجبهة والالتحاق بالمغرب هو أن “بوليساريو البداية انحرف عن أهدافه واتجه نحو الخط الانفصالي”.
وبعد ان استعرض في عجالة مسار التسوية الأممية وتعثره حتى اليوم، ركز جل تدخله على أوضاع اللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف مؤكدا أن “68% من الصحراويين يوجدون خارج المخيمات”.
“مغرب اليوم ليس مغرب الأمس”
العضو السابق في جبهة بوليساريو، شن حملة على مصداقية قيادة جبهة بوليساريو بالاعتماد على ما عاينه من الداخل باعتباره قياديا في الجبهة “كتزوير الواقع” بتقديم أرقام مضخمة عن أعداد اللاجئين في مخيمات تندوف.
وقد استشهد السيد “البرزاني” بأن قيادة بوليساريو تتحايل على الوفود الزائرة للمخيمات بعرض سكان المخيمات أربع مرات لتضخيم العدد، وهو ما جعله ينتهي الى أن إحصائيات الأمم المتحدة حددت عدد الصحراويين بـ 75 الف شخص بينما تدعي جبهة بوليساريو أن مخيمات تندوف يوجد بها 165 الف صحراوي.
من جانبها وصفت السيدة حجبوهة الزبير في مداخلتها مأساوية الأوضاع القائمة في مخيمات تندوف، مشيرة الى “عدم وجود عدالة” وأكدت أن “الصحافة لا تنقل ما يتم هناك من اضطرابات أو مظاهرات”. كما تحدثت عن الشبان الذين أرسلتهم جبهة بوليساريو الى كوبا للتكوين قائلة “إنهم 500 شاب تم ترحيلهم بالقوة”.
كما تساءلت السيدة الزبير عن “مصير الإجراء الذي قامت به مفوضية الأمم المتحدة للاجئين للسماح للعائلات الصحراوية من الطرفين بتبادل الزيارات والتي توقف من قبل بوليساريو منذ مارس 2006” على حد قولها.
وفي معرض الإنتقاد لمنظمات المجتمع المدني التي تناصر جبهة بوليساريو في صراعها من أجل الاستقلال، قال السيد مصطفى بوه “استغرب أن منظمات غير حكومية دولية تدعي ان الأوضاع في مخيمات تندوف لا تستدعي الأولوية”.
وفي ختام مداخلته قال السيد مصطفى بوه: “لا أحد بإمكانه أن يقدم لي دروسا لأنني عايشت واقع بوليساريو من الداخل… وأنا أفضل أن أكون مغربيا قادرا على مواجهة انتهاكات الشرطة أمام العدالة وعبر العمل الجمعوي بدل أن ابقى حبيسا في تندوف تحت تأثير بوليساريو والجزائر”.
وفي رد على سؤال توجهت به سويس إنفو إليه بخصوص السيدة الصحرواية التي أفادت يوم 27 سبتمبر في جنيف بأنها تعرضت في مدينة العيون على يد الشرطة المغربية للحبس التعسفي والتعذيب لأنها مدافعة عن حقوق الإنسان، وهل أن العدالة تطبق على الصحراويين بشكل متفاوت، أجاب السيد مصطفى بوه قائلا: “لقد عرضت تلك النشطة السياسية وقائع، بعضها حقيقي وبعضها الآخر مبالغ فيه. ولا أقول إن كل الحقوق مضمونة، لكن هناك عدالة تتسم بالنزاهة حسب اعتراف مراقبين أجانب، ومغرب اليوم ليس مغرب الأمس”.
وانتهى العضو القيادي سابقا في جبهة بوليساريو الى القول “هي ترى المغرب بأعين غير أعيني أنا”.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
1884-1885، مؤتمر برلين يعترف لإسبانيا كقوة مستعمرة لما يعرف اليوم بالصحراء الغربية.
1963، تعترف الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة محو الاستعمار من الإقليم.
1966، طلبت الأمم المتحدة من إسبانيا تنظيم استفتاء حول تقرير مصير سكان الإقليم.
1973، تم تأسيس جبهة بوليساريو في الزويرات من أجل العمل على استقلال الإقليم.
1973، 10 مايو أول عملية عسكرية للبوليساريو ضد القوات الإسبانية.
1974، ديسمبر إحصاء إسباني، تحضيرا للاستفتاء يقدر عدد سكان الصحراء بـ 74497 ساكن.
1975، 16 أكتوبر محكمة العدل الدولية تصدر رأيا استشاريا تقر فيه بأنها لم تعثر على أية علاقات قبل الاحتلال الإسباني، من شأنها أن تقف عائقا في وجه تنظيم الاستفتاء وفقا للقرار 1514.
1975، 6 نوفمبر ينظم المغرب المسيرة الخضراء بدخول حوالي 350 الف مغربي تراب الصحراء الغربية.
1975، 14 نوفمبر، اسبانيا والمغرب وموريتانيا يوقعون على اتفاق يقضي بتسليم ثلثي الإقليم للمغرب وثلث لموريتانيا.
1975، 11 ديسمبر، وصول القوات المغربية لمدينة العيون وبداية الصراع المسلح مع جبهة بوليساريو.
1976، 27-29 يناير، معركة أمغالا بين القوات المغربية وقوات بوليساريو (التي يقول المغرب إنها كانت مدعومة من الجزائر، والجزائر تنفي ذلك).
1976، 26 فبراير ، اسبانيا تنسحب رسميا من الصحراء الغربية
1976، 27 فبراير، يعلن بوليساريو قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وفي بئر لحلو، المناطق الواقعة تحت السيطرة المغربية، جماعة شيوخ القبائل التي أعيد تشكيلها، تصَـوت لصالح انضمام الإقليم للمغرب.
1979، 17-20 يوليو منظمة الوحدة الإفريقية تشرع في وساطة لوقف إطلاق النار وتقترح تنظيم استفتاء، رفضه المغرب.
1981، المغرب يشرع في بناء الجدار.
1981، الملك الحسن الثاني يقبل تنظيم استفتاء في قمة نيروبي، على أساس المطالبة التاريخية بتبعية الإقليم للمغرب.
1982، فبراير منظمة الوحدة الإفريقية تقبل عضوية الجمهورية العربية الصحراوية.
1984، 12 نوفمبر، المغرب ينسحب رسميا من منظمة الوحدة الإفريقية.
1989، اكتوبر، يشن البوليساريو هجوما على القوات المغربية في غلتا زمور او ما عرف بـ “امغالا 2”.
1991، 9 ابريل، يقر مجلس الأمن ارسال بعثة الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية وتنظيم الاستفتاء “مينورسو”.
(مصدر المعلومات: الموقع الرسمي لبعثة الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية وتنظيم الإستفتاء، مينورسو).
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.